بايدن يطلب من الكونغرس تعليق ضريبة البنزين لتخفيف الضغط على العائلات

دعا الرئيس الأميركي جو بايدن الكونغرس إلى تعليق العمل بضريبة البنزين الفيدرالية، في خطوة رمزية إلى حد كبير من الرئيس الذي تنفد خياراته بشأن الحد من ارتفاع الأسعار، ما يؤثر في الآفاق السياسية لمستقبل حزبه.

قال بايدن يوم الأربعاء في البيت الأبيض: "بتعليق ضريبة البنزين الفيدرالية البالغة 18 سنتاً لمدة 90 يوماً مقبلة، يمكننا خفض السعر وتخفيف الضغط عن الأسر".

طالع أيضاً: بايدن: قرار وشيك بتعليق ضريبة البنزين الفيدرالية

أشار بايدن إلى ضرورة تعليق ضرائب البنزين الخاصة بالولايات، التي يتمتع كثير منها بفوائض في الميزانية، بفضل حزم التحفيز الفيدرالي في أثناء الجائحة، كما دعا مصافي تكرير البنزين وتجار التجزئة إلى التأكد من أن كل سنت يجري توفيره نتيجة تعليق الضريبة يذهب إلى المستهلكين.

أضاف: "عملاؤك هم الشعب الأميركي الذين هم بحاجة إلى الدعم الآن، عليك خفض السعر في محطات الوقود حتى يعكس التكلفة التي تدفعها مقابل المنتج. افعلها الآن، افعلها اليوم".

انتقادات الجمهوريين

دحض بايدن انتقادات الجمهوريين بشأن طريقة تعامله مع أسعار البنزين، وألقى باللوم على الغزو الروسي لأوكرانيا الذي تسبب في ارتفاع الأسعار مؤخراً.

اقرأ المزيد: أسعار البنزين في أميركا تقفز إلى أعلى مستوى على الإطلاق والغالون يتخطى 5 دولارات

بايدن أضاف: "بالنسبة إلى كل من ينتقدني اليوم من الجمهوريين في الكونغرس بسبب ارتفاع أسعار البنزين في الولايات المتحدة، هل تقولون الآن إننا كنا مخطئين بشأن دعم أوكرانيا؟ هل تقولون إننا كنا مخطئين في الوقوف ضد بوتين؟ هل تقولون إننا نفضل خفض أسعار البنزين في الولايات المتحدة على القبضة الحديدية لبوتين في أوروبا؟".

ارتفع متوسط ​​سعر البنزين الخالي من الرصاص في الولايات المتحدة بنحو 38% منذ غزو روسيا لأوكرانيا في 24 فبراير الماضي، وفقاً لبيانات "الرابطة الأميركية للسيارات" (AAA)، التي جمعتها وكالة "بلومبرغ".

أضاف بايدن: "أعلم جيداً التداعيات السياسية البسيطة للغزو، والحقيقة ببساطة أن أسعار البنزين ارتفعت بنحو دولارين للغالون، بسبب هجوم فلاديمير بوتين القاسي على أوكرانيا، ولن ندعه يفلت من العقاب".

لم يردّ بايدن على الأسئلة بعد الانتهاء من تصريحاته.

ضغط الرئيس

يضغط الرئيس لخفض تكلفة الوقود، التي تسببت في مشكلات سياسية كبيرة قبل انتخابات التجديد النصفي المقرر عقدها في شهر نوفمبر المقبل. أمر الرئيس قبل ذلك بتحرير ملايين البراميل من النفط من احتياطي النفط الاستراتيجي، كما طالب عمالقة النفط في الداخل والخارج بزيادة الإنتاج، دون تأثير ملحوظ في الأسعار بمحطات الوقود.

طالع المزيد: بايدن منفتح على استخدام قانون "حقبة الحرب" لزيادة إنتاج البنزين

رغم عدم جدوى مناشدة الرئيس للكونغرس يوم الأربعاء، فإنها تعكس حدود سلطاته. فهناك رغبة ضئيلة في الكونغرس -حتى بين الديمقراطيين- لوقف عمليات تحصيل الضرائب على البنزين بشكل مؤقت، ومن غير المرجح أن تدفع معدلات الموافقة المنخفضة لبايدن الولايات إلى اتخاذ إجراء إذا لم تقُم هي بذلك.

قالت ليبي كانتريل، رئيسة السياسة العامة في شركة "باسيفيك إنفستمنت مانجمنت" يوم الأربعاء لتليفزيون بلومبرغ: "الهدف من ذلك مجرد خطاب دعائي جديد للبيت الأبيض لإظهار أنهم يفعلون كل ما في وسعهم بشأن التضخم".

تعكس خطوة بايدن تناقضات في سياساته، فقد تحرك قبل ذلك لتقليص إنتاج النفط الأميركي، قبل أن يطالب الآن بزيادته، وقد يشجع خفض سعر البنزين على زيادة الاستهلاك، ما يتعارض مع جهوده لتقليل اعتماد الولايات المتحدة على الوقود الأحفوري.

اقرأ أيضاً: بعد ارتفاع البنزين إلى أعلى مستوى في 7 سنوات.. هل يفقد "بايدن" شعبيته؟

نتائج عكسية

في الواقع، قد يؤدي تعليق الضرائب على البنزين إلى نتائج عكسية، فهناك احتمال أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. وقد أقرّ أحد مساعدي بايدن أنه لم يكن هناك خيار مطروح قيد الدراسة لولا الحرب في أوكرانيا.

قال جين سبيرلينغ، مستشار بايدن، في أثناء حديثه إلى راديو "بلومبرغ" يوم الأربعاء: "إنه ليس اقتراحاً يمكن المطالبة به في كل الأوقات، وأعتقد أن هناك أوقات عديدة كنت سأقول فيها: مهلاً، لسنا بحاجة إلى القيام بذلك، ولكن دعونا نفكر إذا كان قد حان الوقت المناسب الآن".

لكن تلك المطالبة تأتي ضمن خطاب سياسي ثابت من بايدن لإلقاء اللوم على الجمهوريين في تقاعس الكونغرس، وسط تصعيده للتناقضات قبل انتخابات التجديد النصفي.

ضريبة الديزل

دعا بايدن الكونغرس إلى تعليق كل من الضريبة الفيدرالية على البنزين، والضريبة الفيدرالية على الديزل، التي تبلغ 24 سنتاً على الغالون، وذلك لمدة ثلاثة أشهر خلال فصل الصيف، بالإضافة إلى أي تعليق على مستوى الولاية. ويرى المؤيدون للقرار أن إجمالي التعليقات سوف يخفض سعر الوقود في المحطات 50 سنتاً للغالون.

يتراوح متوسط ​​الأسعار على مستوى الولايات المتحدة حول مستويات قياسية تبلغ نحو 5 دولارات للغالون.

تُظهِر التحركات على مستوى الولايات احتمال ارتفاع الأسعار، إذ علّق بعض الولايات ضرائب الوقود الخاصة بها، لكن الأسعار عادت للارتفاع ووصلت إلى مستويات أعلى مما كانت عليه قبل التعليق، وفقاً لدراسة أجرتها كلية وارتون بجامعة بنسلفانيا.

يتشكك الاقتصاديون بشكل عامّ من تحقيق قرار تعليق ضريبة البنزين الهدف منه، فقد يؤدي خفض السعر إلى زيادة الطلب وسط ارتفاع الأسعار نتيجة نقص المعروض، ما قد يؤدي إلى ارتفاع الأسعار.

قال جيسون فورمان، الأستاذ في جامعة هارفارد، الذي قاد مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس باراك أوباما، على "تويتر"، إن معظم الفوائد من التخفيض الضريبي سيذهب إلى الموردين بدلاً من المستهلكين.

طالع أيضاً: بايدن يوقف تصاريح النفط في ظل ارتفاع أسعار البنزين بسبب أزمة أوكرانيا

أزمة في العرض

كتب توبين ماركوس، كبير استراتيجي السياسة الأميركية في "إيفركور آي إس آي"، في مذكرة بحثية يوم الأربعاء: "القضية الجوهرية لتلك السياسة أضعف من أي وقت مضى". وأضاف ماركوس: "دعم الطلب وسط أزمة في العرض سيكون له نتائج عكسية، وإن حجم التخفيض الضريبي يبقى طفيفاً بالنسبة إلى الأسعار في محطات الوقود، كما أن ارتفاع إنتاج المصفاة يعني أن المنتجين سيحصلون على مزيد من الفوائد بدلاً من المستهلكين".

قال ماركوس أيضاً إن قضاء شهور من أجل اتخاذ قرار بدعم خطة طرحها بعض النواب في وقت سابق من العام الجاري "يشير ذلك إلى أن قليلاً من الأفكار الجديدة قد تأتي في المستقبل".

أكدت كلوديا سام، الخبيرة الاقتصادية السابقة في الاحتياطي الفيدرالي، في مدونة حديثة، أن مسار خفض أسعار البنزين يحدث بزيادة العرض وخفض الطلب، فيما علقت على الإعفاء الضريبي على البنزين قائلة: "إنه أمر دخيل إلى حدٍّ ما، وسيكون له تأثير محدود في أسعار البنزين، وسيزيد الطلب بنسبة طفيفة".

وقالت سام: "لكن على الأقل سوف تؤدي العطلة إلى انخفاض أسعار البنزين في محطات الوقود بشكل طفيف، وكل 10 سنتات سيكون لها تأثير واضح".