بلومبرغ
قالت شركة "بي بي" (BP) إنها ستنظر مرة أخرى في خططها بالمملكة المتحدة، مما أثار تساؤلات حول ما إذا كانت ضريبة الأرباح المفاجئة على أرباح النفط والغاز بقيمة 5 مليارات جنيه إسترليني، والتي أعلنت عنها الحكومة تتضمن حوافز كافية للحفاظ على الاستثمار.
في هذا الصدد، يطرح البيان إمكانية التراجع من قبل شركة النفط الكبرى التي تتخذ من لندن مقراً لها، والتي قالت سابقاً إن الاستثمارات المخطط لها البالغة 18 مليار جنيه إسترليني (23 مليار دولار) في البلاد بحلول عام 2030 لا تتوقف على ما إذا كانت الحكومة سترفع الضرائب أم لا.
كذلك قالت "بي بي" في بيان أرسل عبر البريد الإلكتروني: "إعلان اليوم ليس لفرض ضريبة لمرة واحدة– بل هو اقتراح متعدد السنوات؛ وسنحتاج الآن إلى النظر في تأثير كل من الضريبة الجديدة والإعفاءات الضريبية على خططنا الاستثمارية في بحر الشمال".
يُشار إلى أن حكومة المملكة المتحدة أعلنت يوم الخميس أنها ستفرض ضريبة الأرباح المفاجئة بنسبة 25% على شركات النفط والغاز، لتخضع بذلك الحكومة للضغوط المتزايدة لدعم البريطانيين الذين يواجهون ضغطاً قياسياً على مستويات المعيشة.
ويبدو أن وزير المالية ريشي سوناك يحاول تفادي الانتقادات القائلة بأن هذا الإجراء كان معادياً للأعمال، بما في ذلك اقتراح بدل استثمار جديد بنسبة 80% مما يعني أنه يمكن لشركات الطاقة تقليل المبلغ الذي تدفعه إذا التزمت بنفقات رأسمالية جديدة.
وفي الواقع، يتمثّل الخطر الرئيسي الذي يواجه صناعة النفط والغاز في بحر الشمال في المملكة المتحدة في أن الشركات الدولية مثل "بي بي" و"شل" (Shell)، التي تقلص استثماراتها في الوقود الأحفوري لصالح الطاقة منخفضة الكربون، ترى المملكة المتحدة أقل جاذبية بعد هذا الإعلان، وذلك بحسب ما قاله كريستيان مالك، المدير الإداري للطاقة العالمية في "جيه بي مورغان" خلال مقابلة أُجريت معه، حيث أضاف أن ضريبة الأرباح غير المتوقعة "تخلق عدم القدرة على التنبؤ بالمشاريع التي تستغرق سنوات لتطويرها".
خطوة للخلف
بينما أقرت معظم الشركات بأن سوناك كان يستجيب لأزمة تكلفة معيشية حقيقية ملحة، كان رد فعل الصناعة بمزيج من الحذر وخيبة الأمل.
حيث قالت شركة "شل"، أقرب نظير لشركة "بي بي"، إن "البيئة المستقرة للاستثمار طويل الأجل" كانت أساسية لخطتها لاستثمار ما يصل إلى 25 مليار جنيه إسترليني في نظام الطاقة في المملكة المتحدة خلال العقد المقبل.
وقال متحدث باسم "شل": "يُعدّ اقتراح وزير المالية حول الإعفاء الضريبي على الاستثمارات في مستقبل الطاقة في بريطانيا مبدأً حاسماً في الضريبة الجديدة".
كذلك قال مالك إن شركات التنقيب الأصغر التي تُركّز بشكل أكبر على المملكة المتحدة ولديها تدفقات إيرادات أقل ستتضرر بشدة من الضريبة.
من جانبه كتب كريس ويتون المحلل في "ستيفل" (Stifel) بمذكرة بحثية، إن الشركات مثل "سيريكا إنرجي" (Serica Energy)، التي لديها نسبة منخفضة من الإنفاق الرأسمالي مقارنة بالأرباح قبل الفوائد والاستهلاك والإطفاء والاستكشاف، ستشعر أيضاً بتأثير أكبر من معظم الشركات.
وامتنعت شركة "سيريكا إنرجي" عن التعليق.
في حين قالت شركة "إنكويست" (EnQuest)، التي تنتج أكثر من 90% من نفطها وغازها في المملكة المتحدة، إنها "تشعر بخيبة أمل من آليات تنفيذ" الضريبة الجديدة. وكانت مجموعة اللوبي الصناعية أكثر مباشرة في انتقاداتها.
كذلك قالت شركة "أوفشور إنرجيز يو كيه" (Offshore Energies UK) في بيان لها: "الضرائب الجديدة المفروضة على مشغلي النفط والغاز البحريين في المملكة المتحدة هي خطوة إلى الوراء من قبل حكومة كانت قد تعهدت قبل أسابيع فقط ببناء دولة أكثر خضرة واستقلالية في مجال الطاقة؛ وهذا هو عكس ما وعدت به إستراتيجية أمن الطاقة البريطانية التي نُشِرت الشهر الماضي فحسب".
يُشار إلى أنه قد تراجعت أسهم "إنكويست" بنسبة 7.1% خلال اليوم بينما أغلق سهم "سيريكا" منخفضاً بنسبة 14%. ويقارن ذلك بمؤشر "ستوكس يوروب 600" (StoxxEurope 600) للنفط والغاز، الذي ارتفع بنسبة 1%، في حين ارتفعت أسهم "بي بي" و"شل" أيضاً بنسبة 1.7% و0.9% على التوالي.
الضرورة السياسية
في حين أن ظهور التأثير طويل المدى قد يستغرق سنوات، إلا أن الضرورة السياسية لضريبة الأرباح المفاجئة وحيوية الهدف هما مسألتان واضحتان.
حيث أصبحت مطالب التدخل في أزمة تكلفة المعيشة ساحقة، مع زيادة شعبية ضريبة الأرباح المفاجئة بين البريطانيين.
وتخلف حزب المحافظين الحاكم وراء حزب العمال في استطلاعات "يوغوف" (YouGov) منذ ديسمبر. كما تأتي خطوة سوناك أيضاً في الوقت الذي تحاول فيه الحكومة إبعاد الأنظار عن الفضيحة المحيطة بالحفلات غير القانونية في داونينغ ستريت أثناء الجائحة.
في غضون ذلك، تُحقِّق شركات النفط الكبرى أرباحاً ضخمة، ويُعزى ذلك إلى حد كبير إلى ارتفاع أسعار الطاقة بسبب الغزو الروسي لأوكرانيا. حيث سجلت "شل" أعلى أرباح على الإطلاق في الربع الأول.
وسيتم تطبيق الضريبة فقط على الأرباح المتولدة في المملكة المتحدة. حيث يأتي الجزء الأكبر من أرباح "بي بي" و"شل" من العمليات في بلدان أخرى، ونادراً ما تدفع الشركتان أية ضرائب على الشركات في بريطانيا منذ عام 2015 بسبب الخسائر المرتبطة بالاستثمارات في حقول بحر الشمال، أو تفكيك المنصات القديمة في البحر. ولن تسمح الضريبة الجديدة للشركات بتعويض هذه النفقات مقابل فاتورتها الضريبية.