إنذار مهم للغاية بعد أسبوع عاصف على العملات المشفرة

time reading iconدقائق القراءة - 14
شعار \"بتكوين\" داخل بورصة العملات المشفرة في برشلونة، إسبانيا. - المصدر: بلومبرغ
شعار "بتكوين" داخل بورصة العملات المشفرة في برشلونة، إسبانيا. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

لقد كان أسبوعاً عنيفاً على عالم العملات المشفرة.

تبخرت مئات المليارات من الدولارات من الثروة سريعة الزوال مع تدهور سعر "بتكوين" إلى أدنى مستوى منذ عام 2020، بانخفاض تجاوز 50% في نحو 6 أشهر. وهوت بورصة "كوين بيس" (Coinbase) إلى نحو خمس سعر طرحها الأولي للاكتتاب في العام الماضي. وانهارت عملة مستقرة خوارزمية تسمى "تيرا دولار" (TerraUSD)، وهي من الرموز الرقمية التي تزعم أنَّها تعادل الدولار الأمريكي، بالتوازي مع الثقة العمياء التي اعتمدت عليها.

قد ترتد سوق الرموز المشفَّرة إلى الصعود مرة أخرى. لكنَّ الرسالة أصبحت واضحة؛ فهذه الأشياء ليست جاهزة لوقت الذروة.

جذب الشغف

أولئك الذين تسمح أوضاعهم بجني المكاسب من الرموز المشفَّرة كانوا يبذلون جهوداً كبيرة من أجل ترويج وشرعنة ما يسمونه بالفئة الجديدة من الأصول. وأعادوا تسمية الملاعب، واستأجروا المشاهير لإشعال الخوف في قلوب الناس من أن تفوتهم الفرصة. وحثّوا حكومات الولايات والحكومات المحلية على تقديم حوافز ضريبية بل جعل العملة المشفَّرة "عملة قانونية" أيضاً.

أطلقت المؤسسات المالية الراسخة صناديق مؤشرات متداولة تركز على العقود الآجلة لـ"بتكوين" وتطرح تداولها خارج المقصورة للعملاء الأثرياء.

في الشهر الماضي، قالت شركة "فيداليتي إنفستمنتس" (Fidelity Investments)، إنَّها ستتيح قريباً لعملائها استثمار ما يصل إلى خُمس مدخراتهم التقاعدية في "بتكوين".

مع ذلك، يقوم كل هذا النشاط على أسس تقنية، وبرغم كل روعتها الإبداعية، لم تجد لها استخداماً عملياً ذا شأن.

تعد "بتكوين"، وهي أكبر العملات المشفَّرة إلى حد بعيد، بديلاً فظيعاً للعملة التي تصدرها الحكومة. كما أنَّ قيمتها متقلبة جداً، وبطيئة في تعاملاتها وعالية التكلفة في أغلب الأوقات، وليس هناك من حل يمكن اللجوء إليه عند ضياع هذه الرموز أو سرقتها كما يحدث كثيراً.

تستهلك العمليات الحسابية التي يجريها الكمبيوتر، والضرورية لضمان تأمينها، موارد الطاقة – وبالتالي؛ تتسبب في زيادة البصمة الكربونية – لبلاد متوسطة الحجم.

مازالت الجهود التي تهدف إلى علاج هذه العيوب في مرحلة جنينية وقد لا تؤتي ثمارها أبداً.

المستفيدون

هكذا تعد الرموز المشفَّرة مجرد أداة للمضاربة بصورة غير عادية من دون أي أغراض ترتبط بالعالم الحقيقي أو التدفقات النقدية التي تميل الأصول التقليدية للاستناد إليها، وهي لا تستحق إلا ما سيدفعه شخص شديد الحماقة.

إنَّ أكثر المكاسب الحقيقية منها ما يذهب إلى الوسطاء – مثل البورصات، وبنوك الاستثمار، وتطبيقات الدفع، والرعاة، فضلاً عن المعدنين الذين يحصلون على نسبة في كل مرة يجري أحدهم معاملة. وكذلك بالنسبة إلى النصابين الذين يروّجون للمنتجات الجديدة إلى أن يخطفوا النقود، وبعد ذلك يهربون.

تتجاوز المخاطر كثيراً مجرد احتمال أن يخسر المستثمرون غير المحنّكين ملابسهم. فبقدر ما تنمو الرموز المشفَّرة – وبقدر ما تتسرب وتتخلل أرجاء النظام المالي، وتجذب إليها عدّة مستثمرين يعتمدون على القروض – بقدر ما تتعاظم فرص أن تتسبّب الأزمة القادمة في عدوى أوسع نطاقاً. فحتى بعد تدهورها الأسبوع الماضي؛ يتجاوز إجمالي قيمة الأموال التي تُستثمر في العملات المشفَّرة والتمويل غير المركزي تريليون دولار، وهي أكثر من كافية حتى تتسبّب في المتاعب والأزمات.

تحرك واجب

وضعت إدارة الرئيس جو بايدن إطاراً معقولاً لتنظيمها. غير أنَّه ينبغي على المسؤولين وأعضاء المجالس التشريعية التحرك. فمن بين أمور أخرى، عليهم أن يشترطوا على الرموز الرقمية التي تزعم أنَّها تعادل الدولار في القيمة أن تكون مدعومة فعلاً بالدولار؛ وأن يضمنوا ألا تتعرّض المؤسسات المالية المهمة بدرجة كبيرة إلى مخاطر الرموز المشفَّرة، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة؛ وأن يطالبوا أن تجمع كل المؤسسات الوسيطة ذات الصلة معلومات عن العملاء بما يكفي لتطبيق العقوبات المالية وقوانين مكافحة غسل الأموال.

بلا شك، تمتلك الرموز المشفَّرة القدرة على تحسين نظام مالي متقلب ومرتفع التكلفة بشكل غير ضروري – على سبيل المثال؛ عن طريق تخفيض تكلفة سداد المدفوعات، وأن تكون أسهل في الوصول إليها وأقل عرضة للخطر في أوقات الأزمة. وبرغم ذلك؛ فإنَّ الازدهار القائم على المضاربة حالياً ليس مفيداً. فمن دون آلية للضبط وبعض القواعد المنظمة الراسخة، قد ينتهي كل ذلك إلى كارثة.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان
الآراء الأكثر قراءة