بلومبرغ
أدت الإجراءات التنظيمية الصارمة، التي اتخذتها الصين العام الماضي، إلى تقليص حصة القطاع الخاص من الشركات الكبرى في البلاد للمرّة الأولى منذ سبع سنوات، إلا أنَّ هذا التراجع لن يكون كافياً على الأرجح لانحسار القطاع تماماً.
من بين أكبر 100 شركة مدرجة في الصين من ناحية القيمة السوقية نهاية عام 2021؛ كانت 49 شركة ذات ملكية خاصة، بانخفاض عن 53 شركة في العام السابق، وفقاً لتقرير صادر عن معهد "بيترسون" للاقتصاد الدولي. وتعدّ هذه المرة الأولى التي ينخفض فيها العدد منذ عام 2014.
كانت شركات القطاع الخاص تعرضت في العام الماضي لحزمة من الإجراءات التنظيمية الصارمة استهدفت قطاعات متنوعة، من منصات الإنترنت والتعليم إلى العقارات، فقد تسببت الإصلاحات الشاملة بعمليات بيع في السوق، أدت في ذروتها إلى محو 1.5 تريليون دولار من الأسهم الصينية.
وقال معدّو التقرير، إنَّ تراجع الحصة السوقية "مرتبط مباشرة" بالحملة الصارمة، وأشاروا إلى الهبوط الكبير في قيمة عدد من الشركات المعروفة مثل "ديدي" (DiDi Chuxing)، عملاقة النقل تحت الطلب، التي خضعت للتحقيق من قبل الهيئات التنظيمية المتخصصة بالأمن السيبراني، وتم حذفها من متاجر التطبيقات الصينية بعد فترة وجيزة من طرحها العام الأولي بقيمة 4.4 مليار دولار في الولايات المتحدة في يونيو.
وأضاف معدّو التقرير أنَّ " النظرة إلى المخاطر المتنامية بشكل كبير والناجمة عن السياسات؛ أدت إلى انخفاض حاد في أسعار الأسهم الصينية".
مع ذلك، وعلى الرغم من هذه الحملة الأخيرة؛ يظهر التوجه على المدى الطويل أنَّ تأثير الشركات الخاصة الكبرى في الصين ربما لم يتراجع كثيراً، بحسب معدّي التقرير.
حين استلم شي جينبينغ السلطة عام 2012، كان هناك 17 شركة خاصة فقط بين الشركات الـ 100 الأولى من ناحية القيمة السوقية، أي ما يوازي ثلث عدد العام الماضي.
وعلّق نيكولاس فيرون، الزميل رفيع المستوى في المؤسسة التي تتخذ من واشنطن مركزاً لها، والذي شارك في إعداد التقرير، قائلاً إنَّه "من الصعب توقُّع ما إذا كانت حصة القطاع الخاص ستستمر بالانخفاض. لكنَّكم لن تروا القطاع ينهار".
وأسهم القطاع الخاص بـ54% من إجمالي القيمة السوقية لأكبر 100 شركة مدرجة في الصين عام 2020، بارتفاع بنسبة 10% بالمقارنة مع عام 2010، وقال تيانلي هوانغ، الذي شارك في إعداد التقرير، إنَّ الانخفاض بنسبة 48% في العام الماضي جاء "أقلّ ممّا كنّا نتوقَّعه".
وأضاف: "تقول الرواية الشعبية إنَّ الدولة عادت إلى الواجهة في عهد شي جينبينغ، لكن حين ننظر إلى الشركات الأكبر، يظهر أنَّ الشركات الخاصة تحقق تقدّماً سريعاً".
لاحظ معدّو التقرير ارتفاعاً مشابهاً في القطاع الخاص في الصين، عند النظر إلى قائمة "فورتشن 500"، التي تتضمّن شركات غير مدرجة في أسواق الأسهم العامة، إذ شكّلت الشركات ذات الملكية الخاصة 25% من الشركات الصينية المدرجة على قائمة "فورتشن 2021"، مقارنة بـ 7% قبل عقد من الزمن.
بحسب التقرير؛ ارتفعت حصة القطاع الخاص من إيرادات أكبر الشركات في الصين، مع ذلك؛ ما تزال هذه الإيرادات أقل بأشواط ممّا تحصل عليها الشركات المملوكة من الدولة، سواء تلك المدرجة أو غير المدرجة على قائمة "فورتشن 500". ينسجم ذلك، على الأرجح، مع تركيز الشركات المملوكة من الدولة على قطاعات الصناعة الثقيلة والمرافق والقطاع المالي، إذ غالباً ما تكون الشركات محتكرة، أو هي جزء من ثنائي احتكاري.
وتتضمّن الشركات الصينية ذات الملكية الخاصة شركات منصات الإنترنت مثل "علي بابا" و"تينسنت" (Tencent)، إلى جانب شركات أدوية، وشركات خدمة الزبائن، وشركات صناعة الأجهزة الالكترونية واللوجستيات، وفق التقرير.
وكان الحزب الشيوعي الحاكم في الصين أعلن، في وثيقة بالغة الأهمية العام الماضي، أنَّ لديه التزامات "لا تتزعزع" لتطوير الشركات المملوكة من الدولة، ودعم القطاع الخاص وقيادته. وبحسب الإحصاءات الرسمية؛ تسهم الشركات ذات الملكية الخاصة بأكثر من 60% من الناتج الإجمالي المحلي في الصين.
أوضح تقرير معهد "بيترسون" أنَّ الشركات الصينية المملوكة من الدولة تحصل على مجموعة من المزايا، من بينها سهولة الحصول على القروض المصرفية. وقال "فيرون": "تفسيرنا لذلك أنَّه على الرغم من كل السياسات المتخذة في ظلّ شي جينبينغ؛ فإنَّ ديناميكية القطاع الخاص تُعوّض عن تحيّز السياسات ضده".