مشروع الرقائق الهندي الأخير أكثر من حبر على ورق بقليل

مما يكشف أن مشروع إنتاج الرقائق الإلكترونية ليس كظاهره هو تفاهة المبالغ الموجهة إليه

time reading iconدقائق القراءة - 12
قرص رقائق إلكترونية - المصدر: بلومبرغ
قرص رقائق إلكترونية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

لقي إعلان تحالف مجموعة "فيدانتا" الهندية (Vedanta)، ومجموعة "فوكسكون تكنولوجي" التايوانية (Foxconn Technology) لصناعة الرقائق الإلكترونية هذا الأسبوع ترحيباً كمؤشر على أنَّ نية نيودلهي لإقامة صناعة هندية لأشباه الموصلات بدأت تتجسد واقعاً، لكنَّ الأمر بعيد عن هذا.

ينبغي على من يأمل بأن تستطيع الهند أن تحظى بموطئ قدم في هذا القطاع تخفيض سقف توقُّعاتهم، وأن يركزوا على متابعة حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي بحثاً عن دليل على أنَّه يسعى حقاً إلى متابعة تنفيذ خطته الكبيرة باهظة التكلفة لإقامة صناعة محلية لإنتاج الرقائق الإلكترونية.

لا يعدو ما أعلنته "فيدانتا"، و "فوكسكون" في 14 فبراير ورقة، فقد وقَّعتا مذكرة تفاهم غير ملزمة بأي شيء، كما أنَّ مبلغ 118.7 مليون دولار الذي طرحته "فوكسكون"، أكبر شركة تعاقد لتصنيع الإلكترونيات في العالم، مقابل 40% في المشروع المشترك بين الشركتين هو مجرد رقم. كما أنَّ "فيدانتا" ليست اختياراً متوقَّعاً كشريك بسبب خلفيتها التي تتركز في التعدين، والسلع الأولية، ومحدودية خبرتها في التقنية.

إنَّ المشترك بينهما يتمثل في بحثهما عن فرصة.

دعم حكوي مزمع

خصصت حكومة الهند نحو 7 مليارات دولار لتشجيع تنمية تصنيع الإلكترونيات، تتضمن الخطة برنامجاً لحوافز مرتبطة بالإنتاج، ورغبة قوية بالتقدم في سلسلة إنتاج القيمة من مجرد التجميع البسيط لإنتاج أشباه الموصلات الأكثر تقدماً تقنياً.

لا شيء يجذب مسؤولي الشركات مثل المال المجاني. ربما تبحث "فيدانتا" أيضاً عن دعم وقوة دافعة. نُشر أنَّ رئيس الشركة أنيل أغراوال كان يدرس دمج "فيدانتا ريسورسيز" (Vedanta Resources)، وهي شركة قابضة مديونة تملك امبراطورية السلع الأولية التابعة له، مع "فيدانتا" (Vedanta)، الشركة المدرجة بالبورصة والغنية بالسيولة النقدية.

ألغت المحكمة العليا بالهند العام الماضي قراراً صدر في 2018 يلزم "فيدانتا" بوقف أعمال تعدين خام الحديد في ولاية "غوا" الساحلية بسبب خرق قواعد تنظيمية ومعايير بيئية. ينتظر أن تنظر نفس المحكمة في التماسات في القضية هذا الأسبوع الحالي.

الهند تطالب "تسلا" بشراء مدخلات إنتاج محلية بقيمة 500 مليون دولار

قد لا تكون إعادة الهيكلة على هذا النحو مطروحة في نهاية المطاف. أعلنت "فيدانتا" الأسبوع الماضي أنَّها ستبقي تركيبتها المؤسسة الحالية، فيما تتطلع لفتح أنشطة في مجالات أخرى، من بينها استثمار نحو 500 مليون دولار على مدى عامين أو ثلاثة في صناعة المادة الزجاجية لشاشات الكريستال السائلة المستخدمة في شاشات الأجهزة الإلكترونية. يثير هذا الاختيار الفضول؛ لأنَّ هذه الأنشطة ينبغي إقامتها قرب المصانع التي تصنع فيها الشاشات، والهند لا توجد أصلاً على خارطة الإنتاج في هذه الصناعة.

فيما تعرف "فوكسكون" الكثير عن الشاشات المسطحة، إذ إنَّ شركة "إنولوكس" (Innolux) التابعة لها هي إحدى أكبر شركات العالم في هذا المجال. حين رتب مؤسسها تيري غو بترتيب الاستحواذ في 2016 على شركة "شارب" (Sharp) محولاً حظوظ الشركة اليابانية المأزومة حينها في سنوات قليلة.

تفاهة المرصود

لكنَّ شاشات الكمبيوتر والهواتف الذكية ليست من أشباه الموصلات، ولا ينبغي أن ينخدع المرء فيعتقد أنَّ الاستثمار في أحد المجالين يمهد للانتقال إلى الآخر.

مما يكشف أنَّ هذا المشروع المتعلق بإنتاج الرقائق ليس كما يبدو في تفاهة المبالغ الموجهة إليه. إنَّ مبلغ 118.7 مليون دولار الذي أعلنته "فوكسكون" لا يكفي لتشكيل فريق التصميم، ناهيك عن إقامة منشأة إنتاج. قد توفر "فيدانتا" عشرة أضعاف هذا المبلغ، لكن حتى مليار دولار لن يكفي لإطلاق صناعة لأشباه الموصلات من الصفر.

لنأتي إلى الرقائق التي ستنتجها هذه الشركة. سيكون أمامها خياران: إما التصنيع بالطلب لعملاء خارجها، أو تصنيع منتجات من تصميمها. الخيار الأول مشكلة صعبة.

إنَّ صعود شركة "تايوان سيميكوندكتر مانيفكتشرينغ" (Taiwan Semiconductor Manufacturing) المتخصصة في صناعة أشباه الموصلات، وهي الآن إحدى كبريات الشركات عالمياً، قد يدفع للاعتقاد أنَّ هذا المجال مربح ونشط. لكنَّ حقيقة أنَّ ثالث أكبر شركة في العالم تعمل في هذا النشاط مع استثناء "سامسونغ" لاختلاف نموذج عملها، وهي شركة "غلوبال-فاوندريز" (GlobalFoundries)، لم تحقق أرباحاً في فصول عديدة متوالية تسلط الضوء على الصعوبات والمخاطر التي تواجه حتى الشركات التي تعمل في القطاع منذ سنوات.

من ناحية أخرى، إذا كانت هذه الشركة المنتظرة ستصنع الرقائق الخاصة بها؛ فإنَّها ستحتاج لتأسيس قسمين أحدهما يضم من يعرف كيفية تصميم مكونات تستطيع المنافسة عالمياً، وآخر يضم من يستطيع تصنيعها بكفاءة وبكميات كبيرة. في هذا الإطار، تكون "فوكسكون" خياراً جيداً، وهو ما يفسر لماذا يحصل الشريك التايواني على نسبة 40%، التي ربما لا تتناسب مع استثماره في الشركة الجديدة.

يعتبر غياب التفاصيل علامة على القوة الحقيقية للصفقة التي تم الإعلان عنها. ما نراه فعلاً يتحدد في شركتين تتفقان على المشاركة في التماس مزايا وأموال من الحكومة تقول نيودلهي إنَّها مستعدة لتوجيهها نحو إنجاز أهداف سياسية جريئة. عندما تقدّم الشركتان الطلب، ستكون الكرة في ملعب رئيس الوزراء مودي ليدفع المال المطلوب.

من المؤكد أنَّ علاقات "فيدانتا" المحلية مع المزايا التقنية التي تتمتع بها "فوكسكون" تؤهلانهما لتأسيس شراكة مغرية. غير أنَّها ما تزال مجرد مشروع على ورق حتى الآن.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات
النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

نيودلهي

8 دقائق

18°C
دخان
العظمى / الصغرى 18°/18°
7.4 كم/س
55%