هل تغيِّر تعيينات بايدن في "الاحتياطي الفيدرالي" المسار المتشدد للبنك؟

time reading iconدقائق القراءة - 13
كل التركيز ينصب على جيروم باول ولايل برينارد لمعرفة التوجهات المستقبلية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي - المصدر: بلومبرغ
كل التركيز ينصب على جيروم باول ولايل برينارد لمعرفة التوجهات المستقبلية للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

يستعدّ الرئيس الأمريكي جو بايدن لإعادة تشكيل بنك الاحتياطي الفيدرالي خلال السنة الحالية، في وقت يذهب فيه البنك المركزي في اتجاه أكثر تشدداً من أجل التصدي لأعلى مستوى بلغه التضخم في أربعة عقود. عقد كاتبا مقالات الرأي في "بلومبرغ"، دانيال موس وبريان تشاباتا، لقاء عبر الإنترنت بهدف إجراء نقاش حول طريقة تأثير التشكيل الحديث لمجلس بنك الاحتياطي الفيدرالي في السياسة النقدية في هذا الظرف الحيوي، وذلك قُبيل جلسة إعادة تعيين رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في مجلس الشيوخ الأمريكي خلال الأسبوع الجاري.

اقرأ أيضاً: باول: الاقتصاد الأمريكي يمكنه الصمود أمام تشديد السياسة النقدية

بريان تشاباتا: القصة الكبيرة والمهمة بالنسبة إلى الأسواق والاقتصاد الأمريكي خلال سنة 2022 هي أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لديه قلق بطريقة جلية بشأن التضخم، الذي ثبت أنه أكثر استمرارية مما كان متوقعاً داخل أروقة "مبنى إكليس" (مبنى البنك المركزي) قبل أشهر عدة. ارتكز باول في إفادته أمام اللجنة المصرفية بمجلس الشيوخ الأمريكي في 30 نوفمبر الماضي على نقطة محورية، مشيراً إلى أن "الوقت بات ملائماً للتخلي عن كلمة (مؤقت)". اتسم اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة عقب أسبوعين بأنه متشدد للغاية، لدرجة أن ما جاء في محضر تسجيل النقاش أسفر عن تراجع الأسواق المالية خلال الأسبوع المنقضي.

اقرأ المزيد: برينارد "منفتحة" على رفع أسعار الفائدة في مارس المقبل

خيارات بايدن

يلتزم باول، الذي ينتمي إلى الحزب الجمهوري، النهج الذي جابهَ به سريعاً بداية تفشي وباء "كوفيد-19". ويُعَدّ هو الخيار البديهي بالنسبة إلى رئاسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، وليس من المفترض أن يتعرض لمشكلة في نيل أصوات كافية في مجلس الشيوخ للفوز بفترة ولاية ثانية. تُعَدّ محافِظة بنك الاحتياطي الفيدرالي لايل برينارد، التي تنتمي إلى الحزب الديمقراطي، خيار بايدن لكي تخلف ريتشارد كلاريدا في منصب نائب رئيس البنك المركزي. قد لا تنال دعماً كبيراً من قبل الجمهوريين، بيد أنه من المنتظر اعتماد تعيينها أيضاً في نهاية الأمر.

يقودنا هذا إلى أعضاء مجلس بنك الاحتياطي الفيدرالي المستجدين، المحتمل تعيينهم.

تتردد أقالويل عن أن بايدن يدرس تعيين سارة بلوم راسكين، العضو السابق في مجلس بنك الاحتياطي الفيدرالي والمسؤولة في وزارة الخزانة الأمريكية، في منصب نائب الرئيس لشؤون الإشراف. سينضم معها إلى مجلس البنك خبيرا الاقتصاد ليزا كوك وفيليب جيفرسون. القراءة الأولية لاختيار الثلاثي، الذي سيشارك أعضاؤه جميعاً في التصويت على كل القرارات الصادرة عن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، هي أنهم أقل تشدداً على نحو أكبر بالمقارنة ببعض قادة البنك المركزي الآخرين.

نوّاب الوزراء

دانيال.. أنتَ أدرت فريق شركة "بلومبرغ نيوز" الاقتصادي فيما كانت بلوم راسكين عضوة في مجلس البنك في الفترة من سنة 2010 إلى سنة 2014، فما انطباعاتك عنها على أساس أنها أحد الاختيارات المطروحة؟ وهل لديك اعتقاد بأن قائمة مرشحي الرئيس بايدن من الممكن أن تسفر عن تعديل تجاه سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي خلال السنة الجارية؟

دانيال موس: في الوقت الذي كانت فيه بلوم راسكين محافِظة في بنك الاحتياطي الفيدرالي، كانت لها تعليقات نقدية خاصة بها محدودة إلى حد ما. صبّت تركيزها بطريقة جوهرية على القضايا المتعلقة بالأمور التنظيمية. لا أذكر لها ملاحظة نقدية واحدة صرّحت بها. في وزارة الخزانة تقلّدت منصب النائبة وكانت تؤدي عملها بأمانة لكنها غير بارزة. بذلت جهوداً كبيرة للعمل على مشكلة القروض الطلابية. مما سبق يتبين أنه من الصعب على الذين يعملون نواباً للوزراء أن يكونوا بارزين فعلاً، كما أن نهاية فترة حكم إدارة أوباما كانت وشيكة.

لديّ اعتقاد بأن التأثير الناجم عن وجود شخصية متشددة أو غير متشددة حسب تلك المزاعم يُعتبر أمراً مبالغاً فيه من الناحية الفردية. تشتهر رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في مدينة كانساس سيتي، إستر جورج، بأنها متشددة، كما كانت الحال بالنسبة إلى سلفها توم هونيغ، ولم يكن لديه (ولا لديها) نفوذ كبير. هل تذكر الرئيس السابق لبنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس، ريتشارد فيشر؟ في الأغلب كان يُنظر إليه على أنه من المتشددين، وقد تعرّض لكثير من الضغوط، بيد أنه تمتع بنفوذ محدود تماماً داخل اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة.

القادة الثلاثة

الذي يهم هو القيادة الثلاثية وأعضاء المجلس، لا سيما في قسم الشؤون النقدية. يُحدِث الموظفون البارزون ضجة في أروقة صناديق التحوط والبنوك الاستثمارية، وهذا سبب وجود غرفة صدى قوية ومجموعة من المدققين. أحياناً يتمتع بعض الأفراد بقدر من الأهمية، إذ إن برينارد أكد مثلاً بصفته محافظاً بالبنك المركزي وجود أهمية متنامية لتأثير التطورات الدولية في سياسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. وتبرز هذه السيدة كاستثناء. يُعَدّ الصخب المصاحب لاختيار من لهم حق التصويت كل عام مسألة في غير محلها.

تقود الظروف المحيطة بطريقة كبيرة إلى تشكيل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، والمجموعة الثلاثية المتمثلة في رئيس البنك، ونائبه، ورئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك الذي يتقلد أيضاً منصب نائب رئيس اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة. لا يمكنني أن أتذكر الوقت الذي شوهدت فيه فوارق حقيقة بين الأشخاص الثلاثة.

تشاباتا: نعم، المضاربون في السندات والخبراء الاستراتيجيون الذين تناقشت معهم يعطون تصريحات هؤلاء الثلاثة وزناً أكبر. لدي اعتقاد بأن المقطع الذي تحدّث فيه باول خلال المؤتمر الصحفي في شهر ديسمبر الماضي كان كاشفاً لذلك. كما تعرّض لسؤال حول ما إذا كان تمركزه حول السياسة المتشددة مسألة مرتبطة بإعادة ترشيحه للمنصب من قِبل الرئيس بايدن. يؤكد ذلك صحة وجهة نظرك، ويوضح نهج الإدارة من أعلى إلى أسفل داخل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي (يؤكد وجهة النظر الخاصة بي):

خفض برنامج التحفيز

"حصلنا على بيانات مؤشر التجارة الإلكترونية قُبيل اجتماع شهر نوفمبر الماضي مباشرة. وحصلنا على تقرير سوق العمل بعد مرور يومين على انعقاد الاجتماع. ثم بعد ذلك بأسبوع، أظن في 12 نوفمبر الماضي، حصلنا على بيانات مؤشر أسعار المستهلك. جاءت بيانات مؤشر أسعار المستهلك بالفعل مواكبة لهذين الاثنين، وترسخت لدي فقط وجهة نظر خلال عطلة نهاية الأسبوع، تقوم على أننا نحتاج إلى الإسراع بعملية الخفض التدريجي لبرنامج التحفيز المالي. وشرعنا في القيام بذلك. جاء ذلك بنحو 10 أيام كاملة تقريباً قُبيل اتخاذ الرئيس قراراً بإعادة تعييني. نظراً إلى هذا الأمر، بوضوح، لا يوجد لهذا الأمر علاقة مطلقاً. اعتقدت أن ذلك ما يتوجب علينا أن نفعله. تحدث زملائي في الخارج عن خفض تدريجي لبرنامج التحفيز المالي بوتيرة أسرع. ولا يحدث ذلك الأمر من قبيل المصادفة".

لا يعني ذلك في الوقت الحالي أن كل أعضاء مجلس بنك الاحتياطي الفيدرالي أو رؤساء فروع بنك الاحتياطي الفيدرالي الإقليميين سيلتزمون نهج الحزب حتى يعطي باول الضوء الأخضر. مثلاً، كان محافظ البنك كريستوفر والر مناهضاً لإجراءات البنك المركزي طوال سنة 2021، كما مهد الطريق لسنة 2022 بنفس الأسلوب، مشيراً إلى أن شهر مارس القادم سيشهد اجتماعاً عبر البث المباشر من أجل زيادة أسعار الفائدة الأساسية، وأنه يرغب في أن تبدأ جولة الميزانية العمومية الحاسمة بحلول منتصف السنة الحالية.

إجماع الآراء

لكن فكري يذهب إلى شخص على غرار ماري دالي، رئيسة بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في سان فرانسيسكو، التي تميل إلى الفريق غير المتشدد. سبقت بنحو أسبوع كامل فريق باول قائلة بطريقة مفاجئة إنها ستدعم الخفض التدريجي لبرنامج التحفيز للمالي بوتيرة أسرع. في أعقاب ذلك بيومين، إعاد رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا رافائيل بوستيك ترديد ذلك القول. كما كرر نفس الكلام باول، وهذا أمر لا يحدث مصادفة. نتيجة لذلك، حتى لو كان لدى كوك وجيفرسون بعض الشكوك حول وجود حاجة إلى تشديد السياسة النقدية للقضاء على التضخم، فيبدو كما لو أن الطبيعة المدفوعة بإجماع الآراء لدى البنك الاحتياطي الفيدرالي الذي يقوده باول ستجعل البنك المركزي يستمر في نهجه الحالي خلال السنة الجارية على أقل تقدير.

على ذكر ذلك، هل لديك اعتقاد بأن تعيينات بايدن في بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي هي فعلاً تشمل كل ذلك التشدد في ما يتعلق بالسياسة النقدية؟ يوجد لدي اعتقاد بأن أغلب ذلك التصور نابع من بعض الأولويات الخاصة بهم. بالنسبة إلى بلوم راسكين، يعود الأمر إلى التنظيم المتعلق بتغير المناخ، وتأتي قضيتا الفقر وعدم المساواة بالنسبة إلى جيفرسون، وتنصبّ أبحاث كوك حول نقص التنوع في الاقتصاد والقضايا الأخرى التي تدور حول العرق.

التشدد ضروري

موس: تغمرني السعادة لأنك ذكرت دالي. لسان فرانسيسكو مكانة مرتفعة نسبياً، على أساس أنها منطقة ذات عضوية في بنك الاحتياطي الفيدرالي. اتجه أسلاف دالي السابقون مباشرة، جون ويليامز وجانيت يلين، إلى أشياء أكبر، لذلك توجد أهمية للانتباه لما يصدر عنك من أقوال. فكر بايدن في اختيار دالي من أجل شغل إحدى الوظائف الشاغرة في مجلس بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن، بيد أنه ترددت أقاويل حول رفضها الفكرة.

في الوقت الحالي، وفي ما يتصل بفريق العمل الجديد، لدي شك في أن معايير ترشحهم على أساس أنهم أقل تشدداً ستخلق فارقاً ضخماً في المرحلة الراهنة. وضعت القيادة فقط محوراً لبناء موقف أشد مناهضة لارتفاع معدلات التضخم. هناك شيء واحد يجعلك أقل تشدداً، هو عندما يكون التضخم حول المعدل المستهدف 2%. تخطى بكثير ذلك المستوى في الوقت الحالي.

الأمر الذي يُعَدّ أهم من ذلك هو عدم وجود معارضة بشأن السياسة النقدية وسط مجلس المحافظين للبنك المركزي منذ سنة 2005. يُعَدّ ترابط المجموعة أمراً له قيمته. سأكون مندهشاً في حال كان يوجد محافظون جدد لديهم رغبة في أن يبدؤوا فترة ولايتهم بحالة من التمرد. تقلّد جيفرسون مناصب عدة في مجلس بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي. يثمن الديناميات التنظيمية. في النهاية، لم يُعتمَد كل مرشحي مجلس بنك الاحتياطي الفيدرالي. قد لا يجري تعيين واحد أو أكثر من بين الترشيحات من قِبل مجلس الشيوخ الأمريكي، بصرف النظر عمّا لديهم من مؤهلات.

جلسات الاستماع المرتقبة

من ناحية السياسة، يُعَدّ من الأمور الهامة أن هناك جلسات استماع لاعتماد التعيينات خلال الأسبوع الحالي. هناك عامل مؤثر يتمثل في إخبار أعضاء مجلس الشيوخ بما يرغبون في الاستماع إليه وعملية انتقال معدلات التضخم من صفحات الأعمال الداخلية إلى الصفحات الأولى. تُعتبر هذه السنة أيضاً سنة انتخابات. هل يوجد لدى المستثمرين استعداد لحدوث مواجهات أكثر؟

تشاباتا: من المؤكد أن التداعيات السياسية الناجمة عن أعلى معدل للتضخم خلال عقود، لم يهملها المضاربون. كانت واحدة من بين نقاط البيانات الأكثر جدلاً في الذاكرة الحديثة، خصوصاً في جامعة ميشيغان. وأظهر المسح الخاص بها أن ثقة المستهلك تراجعت خلال شهر نوفمبر الماضي إلى المستوى الأدنى لها خلال عقد من الزمان. ووسط الأشخاص الذين قدموا أنفسهم على أنهم جمهوريون، كان الموقف أكثر سوءاً مما كان عليه بعد الأزمة المالية عام 2008، في وقت سجلت فيه البطالة نسبة 10%، مقارنة بنسبة أقل حالياً من 4%.

بات جلياً أن بايدن يتلقى ضربات من خصومه السياسيين في ما يتعلق بمعدلات التضخم. وفي حين يدعو إلى استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، يكفي القول إنه ليس لديه مانع أيضاً في حال عثر البنك المركزي الأمريكي على طريقة من أجل الحد من معدل نمو الأسعار على مهل. وسيكون الأمر مثالياً مع حلول 8 نوفمبر. يُعَدّ ذلك سبباً آخر أنه يوجد لدي اعتقاد بأننا نتوافق معاً حول أن المرشحين في قائمته لعضوية مجلس بنك الاحتياطي الفيدرالي سيظلون، بصرف النظر عمن يكونون في نهاية الأمر، قريبين من التوقعات في الوقت الراهن المتعلقة بالبنك المركزي.

تقديرات متفائلة

حسب تقديرات صادرة عن مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، يتعين أن تخفض تدابيرهم مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسية إلى 2.7% مع حلول نهاية السنة الجارية، من 4.7% سجلها في شهر نوفمبر الماضي، في حين من المنتظر أن يبقى النمو الاقتصادي الحقيقي قوياً ليحقق نسبة 4% خلال السنة الجارية. ويتعين أن تتراجع ​​معدلات البطالة إلى 3.5%. على صعيد الظروف الاقتصادية تُعتبر هذه مجموعة بيانات شبه مثالية. إذا كان هذا السيناريو الخاص بأداء الاقتصاد المعتدل سيتحقق فعلاً، فهذا تخمين موجود أصلاً لدى أي فرد، ومن المستبعد أن يفسد الوافدون الجدد الأمر بأنفسهم.

(هذا مقال مشترك كتبه بريان تشاباتا ودانيال موس)

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

واشنطن

5 دقائق

1°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى /
16.7 كم/س
71%
الآراء الأكثر قراءة