بلومبرغ
تشعر جحافل المستثمرين الأفراد المشاغبين عبر "ريديت" و"ستوك تويتس" و"تويتر" بسعادة غامرة من إحساسهم بأنهم أثبتوا أنهم كانوا على حق.
لطالما طالب هؤلاء المستثمرون الأفراد السلطات بكبح جماح صناديق التحوط - التي يرون أنها جزء من منظومة وول ستريت التي تراهن ضد الشركات في سعيها الجشع لتحقيق الأرباح. وتعالت أصواتهم بشكل خاص بعد أن جن جنون أسهم "الميم" مثل "غيم ستوب" و"إيه إم سي انترتيمنت هولدينغز" هذا العام.
وأخيراً، باتوا يعتقدون الآن أن كلماتهم يتم الاستماع لها. إذ قيل إن وزارة العدل الأمريكية بدأت تحقيقاً جنائياً موسعاً بشأن بيع صناديق التحوط وشركات الأبحاث على المكشوف، في مسعى لفحص علاقاتها التكافلية والبحث عن علامات تدل على أنهم نسقوا الصفقات بشكل غير ملائم أو خالفت قوانين أخرى لتحقيق الربح.
صناديق التحوط
يقول براندون فيكي، الذي كان يتاجر بأسهم "الميم"، ويشارك في المناقشات عبر الإنترنت ويشاهد قنوات "يوتيوب" منذ العام الماضي "أنا متحمس جداً لهذه الأخبار". ويضيف فيكي الذي يعيش في الفلبين وهو مدرس اللغة الإنجليزية ومحارب قديم في البحرية الأمريكية: "لقد حان الوقت لأن يقوم أحد بفعل شيء ما بشأن صناديق التحوط – لقد كان الناس يناقشون كثيراً البيع على المكشوف والفساد في هذا العام ويجب اتخاذ إجراءات هادفة".
في وقت سابق من هذا العام، استهدف متداولو أسهم "الميم" الحانقين صناديق التحوط بشكل جماعي، مما أجبر العديد من كبار المستثمرين على التراجع عن رهاناتهم بأن شركات مثل "غيم ستوب" ستفلس. يرى السرد السائد بين حشد الأفراد أن صناديق التحوط لديها إمكانية وصول غير عادلة إلى المعلومات حول الشركات، كما أنها قادرة على إبقاء الأسعار منخفضة.
يقول جيف روبنسون، وهو مستثمر فرد يبلغ من العمر 40 عاماً من مدينة بيكرسفيلد: "تم الضغط والسيطرة على الكثير من الأسهم، أو أن الكثير من الشركات التي لديها العناصر الأساسية عملياً لا تتحرك... لديك الكثير من المستثمرين الأفراد الذين أوقفوا نشاطهم ويرون أن هذه السوق لن تتحرك حتى يصححوا البيع على المكشوف".
وعانت سوق أسهم "الميم" في الآونة الأخيرة. إذ تراجعت مجموعة من الـ 50 سهماً الأكثر رواجاً لدى المتداولين الأفراد بـ 7.8% الأسبوع الماضي - متخلفةً عن مجموعة أخرى مليئة بالشركات الأكثر رواجاً لدى صناديق الاستثمار بنسبة 5.8%. يعد ذلك أكبر تراجع على الإطلاق، وفقاً لبيانات من "غولدمان ساكس". ويرى غالبية المحللين هذا الاتجاه الهبوطي على أنه رد فعل على التحول المحتمل الأكثر تشدداً من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بالإضافة إلى التقلبات الإضافية التي تسببت بها سلالة "أوميكرون".
وعود زائفة
علاوة على ذلك، لم تفِ بعض الشركات التي كانت محببة للمستثمرين الأفراد في مطلع العام بوعودها السابقة بشأن النمو. هذا الأسبوع، على سبيل المثال، أعلنت "غيم ستوب" عن تكبدها خسارة في الربع الثالث أكثر مما توقعه المحللون. كما توقع العديد من المستثمرين إعادة تشكيل عمليات الشركة المتعثرة بشكل قوي. انضم رايان كوهين، المؤسس المشارك لشركة "تشيو" (Chewy) لتوريد الحيوانات المنزلية ومستلزماتها، إلى مجلس إدارة "غيم ستوب" في وقت سابق من هذا العام برؤية لتحويل الشركة إلى منافس لـ "أمازون".
مع ذلك، كان الشعور بالرضا قوياً بين المتداولين الذين كانوا يتساءلون منذ فترة طويلة عن سبب عدم قيام "هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية" بلعب دور أكثر قوة في استهداف البيع على المكشوف.
بعد خسائر 23%.. أسهم "الميم" تُودع "وول ستريت"
يقول جوردان ثاير، متداول أسهم "الميم" من ولاية ويسكونسن والذي يعمل في مجال تأجير السيارات: "لدينا هيئة الأوراق المالية والبورصات التي يجب أن تكون مسؤولة عن الإشراف على هذا الأمر، ويجب أن تكون مسؤولة عن إدارة أسواقنا والتأكد من أن كل شيء عادل وحر، لكن هذا ليس هو الحال، ولهذا السبب دخلت وزارة العدل على الخط".
في أكتوبر، نشرت "هيئة الأوراق المالية والبورصات" تقريراً من 44 صفحة عن جنون تداول "غيم ستوب" الذي حدث في شهر يناير. لم يقدم مسؤولو الوكالة توصيات محددة بشأن السياسات، لكنهم قالوا إن تلك المرحلة تستدعي إلقاء نظرة فاحصة على العوامل التي تدفع الوسطاء إلى تقييد تداول العملاء، وميزات تشبه ألعاب الفيديو المنتشرة من خلال منصات التداول عبر الإنترنت، والبيع على المكشوف، والدفع مقابل تدفق الأوامر .
كل هذه مجالات قال رئيس "هيئة الأوراق المالية والبورصات"، غاري غينسلر، إن الجهة التنظيمية قد تضطر إلى تعزيز قواعدها كجزء من أجندة قوية من المرجح أن توقع من خلالها بصناديق التحوط، وشركة الوساطة الشهيرة "روبن هود"، و"سيتاديل سيكيوريتيز" (Citadel Securities) وغيرها من الشركات.
يقول مايكل أريفالو، تاجر مضارب يبلغ من العمر 31 عاماً من مدينة نيويورك: "لقد كنا مجانين في محاولتنا لجذب انتباه غاري غينسلر... التقرير لا يساعدنا على الإطلاق... لقد قادونا من خلال تلويحهم بهذه الفاكهة الصغيرة المتدلية أمامنا، وعندما وصلنا إلى الفاكهة لم يأت منها شيء".
سمعة طيبة
قد يشعر المستثمرون باطمئنان أكبر كون وحدة وزارة العدل هي التي تتولى التحقيق، لأنها تتمتع بسمعة طيبة في وول ستريت. إذ كانت قد رفعت مؤخراً عدة قضايا ضد البنوك العالمية والتجار بتهمة الانتحال غير القانوني للمعادن الثمينة والعقود الآجلة للخزانة. كجزء من هذا التحقيق، دفعت "جي بي مورغان" أكثر من 900 مليون دولار كغرامات بعد أن قام المتداولون التابعون لها بتقديم طلبات للسلع وإلغائها لصالح المراكز التي يحتفظ بها البنك أو عملاء صناديق التحوط المفضلين.
لكن مازال بعض التجار متشككين. تقول ميلاني ليكس، البالغة من العمر 28 عاماً من مدينة دالاس: "أعتقد أنها خطوة في الاتجاه الصحيح إذا تم فعلياً اتخاذ إجراء". وأضافت أن صناديق التحوط "ستجد دائماً ثغرات. للأسف، هذا جزء من النظام البيئي في سوق الأسهم.. فهكذا يربحون.. وهذه هي الطريقة التي يمتلكون بها مليارات الدولارات".