لا تعتمد على صفقات الجمعة السوداء؛ ففي موسم الأعياد الجديد، لن تتنافس المتاجر بالأسعار، ستكون المعركة حول توفُّر المنتجات. مع ازدهار المتسوقين (في الوقت الحالي)؛ ليست هناك حاجة كبيرة لتحفيز الطلب، في حين سيدفع نقص العرض، وارتفاع تكاليف الشحن والعمالة بتجار التجزئة إلى حماية الهوامش.
هناك دليل فعلي على أنَّ الصفقات لن تكون كثيرة. تتتبَّع ستايسي ويدليتز من "إس دبليو ريتيل أدفايزرز" (SW Retail Advisors) 60 سلسلة متاجر عبر الولايات المتحدة وأوروبا. تراجعت العروض الترويجية مقارنة بعام 2020 في أكثر من 90% من المتاجر عندما كان الوباء يكبح جماحهم بالفعل. و لا تُظهر البيانات الواردة من "آي آر آي" (IRI) عدداً أقل من العروض الخاصة عبر معظم الفئات غير الغذائية الرئيسية في الولايات المتحدة فقط، مقارنة بعام 2019، مع خصومات أقل بكثير أيضاً.
طلبات الإنترنت
مايزال هناك المزيد من الوقت كي تصل أجهزة التلفاز، ومناشف الحمام إلى الرفوف قبل عيد الشكر، لكن في الولايات المتحدة؛ ما تزال وفرة الفئات المطلوبة بشدَّة، مثل الإلكترونيات والألعاب غير مكتملة تماماً. ويمثِّل نقص الألعاب مشكلة مهمة في بريطانيا أيضاً، بسبب الاختناقات في ميناء "فيليكستو" المزدحم.
يعدُّ تجار التجزئة الكبار مثل "ولمارت"، و"تارغيت" الأفضل في مواجهة أزمة الإمداد، نظراً لاستطاعتهم وضع طلبات ضخمة في وقت أبكر من المتاجر الأخرى، وحتى استئجار سفن الشحن الخاصة بهم؛ لكنَّ السلاسل الأصغر قد تكافح لتأمين مخزون كافٍ. وهو أمر لا يبشّر بالخير من ناحية الخيارات، أو جنون العروض الخاصة.
حتى من دون خطوط الإمداد المسدودة؛ هناك سبب وجيه آخر يدفع البائعين لتقليص عروض الجمعة السوداء، ويتمثَّل في تجنُّب تراكم الطلبات عبر الإنترنت.
بالرغم من تراجع الطلب الرقمي مع إعادة فتح مراكز التسوق والشوارع الرئيسية؛ إلا أنَّه ما يزال أعلى مما كان عليه قبل الوباء. و من المتوقَّع أن ترتفع مبيعات التجزئة عبر الإنترنت في الولايات المتحدة بنسبة 60% تقريباً من الآن حتى عشية عيد الميلاد، مقارنة بعام 2019، وفقاً لـ"سبينديغ بلس" من "ماستركارد".
ستؤدي زيادة عمليات البحث عن الصفقات على أجهزة الحاسوب المحمولة، والهواتف المحمولة إلى ضغوط هائلة على المستودعات وشبكات التوصيل، حتى قبل أن يتمَّ أخذ نقص العمالة بعين الاعتبار. وهناك طريقة واحدة للتكيّف مع ذلك؛ وهي تقديم المزيد من خدمات الاستلام على الرصيف؛ والطريقة الأخرى، هي توزيع الطلب على امتداد فترة أطول.
لحسن حظ المتاجر، يبدو أنَّ المستهلكين يتأقلمون بالفعل. و يلتزم الناس بنصائح سلاسل المتاجر بالشراء مبكراً لتجنُّب خيبة الأمل. و يخطط حوالي 51% من الأمريكيين الذين شملهم استطلاع أجرته مجموعة "إن بي دي" (NPD) لبدء تسوُّقهم للعطلة قبل عيد الشكر.
نوفمبر الجديد
قد يفسر ذلك سبب رؤيتنا لبعض العروض الترويجية التكتيكية الآن. إن لم تكن قد لاحظت؛ فقد أصبح أكتوبر هو نوفمبر الجديد. إذا كان كبار تجار التجزئة قد حصلوا بالفعل على ما يكفي من المخزون للبيع بسعر منخفض لافت للنظر، فلماذا
لا يستبقون المنافسين، خاصة إذا كانت شحناتهم عالقة في المحيط الهادئ؟.
بدأت "أمازون" بتحريك الأمور في عام 2020، وأقامت يوم الصفقات المميز في أكتوبر. في هذا العام نُقلت عطلة التسوق إلى يونيو، لكنَّ عملاق التوصيل عبر الإنترنت ما يزال يقدِّم ما يصفه بأنَّها "صفقات جديرة بالجمعة السوداء" قبل نوفمبر. يشمل ذلك قرابة شهر من العروض الترويجية على منتجات التجميل، لإبعاد المشترين الذين يتوجهون عادةً إلى المتاجر الكبرى للحصول على هدايا مستحضرات التجميل والعناية بالبشرة.
كما أقامت شركة "تارغيت" أيام عروض مبكرة. ويوم الأحد الماضي؛ شاركت أكثر من 30 شركة تجارة بالتجزئة، بما في ذلك "ماسي"، و"غاس" في عطلة تسوُّق جديدة بتاريخ 10/10. ربما كنوع من تذوق ما هو قادم، واضطر بعض المشاركين إلى الانسحاب من فعالية البث المباشر في اللحظة الأخيرة بسبب نقص المخزون.
يُعدُّ المضي قدماً خطوة حكيمة، لأنَّ هناك خطراً حقيقياً يتمثَّل في تبخر طلب المستهلك من الآن حتى عيد الشكر. في بريطانيا، يلقي احتمال ارتفاع فواتير الغذاء والوقود بظلاله على الثقة بالفعل. يمكننا أن نرى هشاشة بين المتسوِّقين الأمريكيين أيضاً مع تصاعد التضخم في الولايات المتحدة، وتراجع فوائد التحفيز.
لكن قد يوفِّر التراجع عن يوم الجمعة السوداء جانباً إيجابياً آخر لتجار التجزئة الذين يتعاملون مع سلاسل الإمداد الحالية. إذا تمكَّنوا من جعل المستهلكين يتوقَّعون صفقات أقل في المستقبل؛ فستكون النتيجة النهائية عبر هوامش أكبر. في حين أنَّ بعض المتسوِّقين سيصمدون في انتظار الصفقات، إلا أنَّ الكثيرين منهم اعتاد بالفعل على دفع المزيد مقابل ما يريدون. يجب على الشركات الاستفادة من هذه البيئة لإعادة ضبط عقليات عملائها وأرباحها الخاصة.
لقد جادلت منذ فترة طويلة بأنَّه لا يوجد سبب وجيه لوجود عطلة التسوق التي وُلدت ونشأت في أمريكا، لكي تكون موجودة في أوروبا، لأنَّ كل ما تفعله هو تحصيل أرباح ضئيلة، إذ يتمُّ تخفيض سعر المنتجات التي كان من الممكن بيعها بالسعر الكامل دون داع. سيكون من الصعب جداً إزاحتها عبر المحيط الأطلسي، إذ تعدُّ هذه الفعالية جزءاً لا يتجزأ من الحمض النووي للمستهلك الأمريكي.
في الوقت الحالي، تعاني مجموعات مثل "نايكي" (Nike)، و"بيد باث آند بيوند" (Bed Bath & Beyond) من تأخير ونقص. لكن في النهاية، سيتدفَّق كل شيء من الأحذية الرياضية، والمستحضرات إلى الدمى والفساتين عبر طرق التجارة مرة أخرى. ستكون القدرة على بيع المزيد من هذا المخزون بالسعر الكامل طريقة محظوظة للشركات لتترك وراءها الانهيار الكبير في سلسلة التوريد في عام 2021.