بلومبرغ
أعرب صندوق النقد الدولي عن قلقه من أن التعافي الاقتصادي العالمي فقد زخمه وأصبح منقسماً بشكل متزايد، حتى في الوقت الذي أبقى فيه على توقعه بحدوث انتعاش قوي من الركود الناجم عن تفشي فيروس كوفيد-19.
يتوقع الصندوق ومقره واشنطن، أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 5.9% خلال 2021، بانخفاض قدره 0.1 نقطة مئوية مقارنة بتوقعاته الصادرة في يوليو، ليرتد بذلك من انكماش قدره 3.1% في 2020. وأبقى الصندوق على توقعاته لمعدل نمو الاقتصاد العالمي عند 4.9% في عام 2022، حسبما قال اليوم الثلاثاء في أحدث تقرير له عن آفاق الاقتصاد العالمي.
حذر الصندوق من تزايد التهديدات على النمو، مثل سلالة دلتا المتحولة، وتوتر سلاسل التوريد وتسارع التضخم وارتفاع تكاليف الغذاء والوقود.
يخفي الرقم الإجمالي لمعدل النمو الاقتصادي المتوقع أيضاً انخفاضاً كبيراً لمعدلات نمو بعض البلدان، ولا سيما الدول ذات الدخل المنخفض، حيث لا يزال الحصول على اللقاحات فيها محدوداً.
قالت جيتا غوبيناث، مديرة البحوث الاقتصادية بالصندوق، في مقدمة التقرير: "بشكل عام، زادت المخاطر بالنسبة للآفاق الاقتصادية، وأصبحت المقايضات بين السياسات أكثر تعقيداً.. لا يزال الاختلاف الخطير في الآفاق الاقتصادية بين البلدان يمثل مصدر قلق كبير".
التضخم
مع تزايد قلق المستثمرين بشأن خطر الركود التضخمي، قدم صندوق النقد الدولي بعض الطمأنينة بعد أن أوضح أن التضخم سينخفض إلى 2% في الاقتصادات المتقدمة بحلول منتصف عام 2022 بعد أن يبلغ ذروته في الأشهر الأخيرة من 2021.
إنفوغراف... التضخّم يصيب العالم
لكن يرى الصندوق أن أسعار المستهلكين ستواصل الصعود في الاقتصادات الناشئة والنامية بنسبة 4.9% في العام المقبل بعد أن تسجل 5.5% في 2021.
بشكل عام، حذر الصندوق من أن مخاطر التضخم "تميل للتزايد"، وأن مخاطر النمو "تميل إلى الهبوط".
النمو
من بين أكبر الاقتصادات في العالم، خفض صندوق النقد الدولي توقعاته في عام 2021 لنمو الولايات المتحدة الأمريكية بنقطة مئوية كاملة إلى 6%، ويرجع ذلك أساساً إلى قيود العرض، لكنه رفع تقديراته لعام 2022 إلى 5.2% من 4.9%.
توقع الصندوق أن ينمو اقتصاد الصين بمعدل 8% خلال 2021 و5.6% في عام 2022، بانخفاض 0.1 نقطة عن تقديرات يوليو. على الناحية الأخرى، رفع الصندوق توقعاته لمنطقة اليورو إلى 5% العام الجاري من 4.6%، وأبقى على تقديراته لعام 2022 عند 4.3%.
وبرغم تخفيض توقعاته حيال معدلات النمو في اليابان وبريطانيا وألمانيا وكندا خلال 2021، إلا أن صندوق النقد الدولي رفع توقعاته لعام 2022.
وقدر الصندوق أن تنمو البلدان منخفضة الدخل بنسبة 3% فقط هذا العام، بانخفاض قدره 0.9 نقطة عن توقعاته الصادرة في شهر يوليو.
توقع صندوق النقد الدولي أن يعود الناتج المحلي الإجمالي للاقتصادات المتقدمة لمستواه قبل انتشار الوباء في عام 2022 بل ويتجاوزه بنسبة 0.9% في عام 2024. لكن يرى أن ثلثي الاقتصادات فقط بصدد استعادة مستويات التوظيف السابقة. في المقابل، اعتبر الصندوق أن الأسواق الناشئة والنامية ستظل أقل من توقعاتها السابقة للوباء بنسبة 5.5% في عام 2024.
اللقاح
يستند التفاوت بشكل رئيسي إلى الاختلافات في الحصول على اللقاح ودعم السياسات. وقال الصندوق إن حوالي 60% من الأشخاص تم تطعيمهم ضد كوفيد-19 في الدول الغنية، لكن تقل النسبة عن 5% في الدول منخفضة الدخل. كما تقوم الاقتصادات الناشئة بسحب سياسات الدعم بشكل أسرع وتواجه متاعب ضخمة بسبب ارتفاع تكلفة الغذاء.
دعا الصندوق البنوك المركزية إلى "دراسة" التضخم المؤقت وتجنب تشديد السياسة النقدية قبل وضوح الرؤية، لكنها يجب أن تكون مستعدة للتصرف سريعاً إذ نمت اقتصاداتها بشكل أسرع من المتوقع أو إذا زادت توقعات التضخم.
فيما يتعلق بالأسواق المالية، قال صندوق النقد الدولي إن "التقييمات المرتفعة للأصول" تعني أن معنويات المستثمرين يمكن أن تتحول بسرعة بسبب الأخبار السلبية عن الوباء أو السياسة.
ويضاف إلى المخاوف الملحة، حالة جمود بشأن سقف الديون في الولايات المتحدة، والضعف المحتمل في قطاع العقارات بالصين.
مع اقتراب اجتماع حكومات العالم بشأن مكافحة تغير المناخ في نهاية أكتوبر، قال الصندوق إن هناك حاجة إلى "التزامات ملموسة بشكل أقوى"، بما في ذلك تحديد السعر الأدنى للكربون دولياً وتوفير 100 مليار دولار لدعم الدول النامية.
كما دعا التقرير مجدداً الدول الغنية إلى توجيه مبالغ الدعم التي تمت الموافقة عليها من موارد صندوق النقد الدولي في الآونة الأخيرة إلى الدول الأكثر احتياجاً.
وبنظرة مستقبلية، قال الصندوق إنه إذا كان لـ كوفيد-19 تأثير طويل الأمد، فقد يخفض الناتج المحلي الإجمالي العالمي بـ 5.3 تريليون دولار على مدى السنوات الخمس المقبلة مقارنة بالتوقعات الحالية. ومن الممكن تعويض تلك الخسارة إذا كثفت الحكومات جهودها لتحقيق المساواة في الحصول على اللقاح.