بلومبرغ
قبل أيام من انعقاد الجزء الأول من مؤتمر الأمم المتحدة للتنوع البيولوجي في مدينة "كونمينغ" جنوب غرب الصين، تبدو الاجتماعات المرتقبة في مواجهة قيود بشأن الطموحات والتقدم المطلوب.
بعد تأخير دام 17 شهراً بسبب تفشي فيروس كورونا، ستبدأ المفاوضات العالمية التي تشرف عليها الصين حول كيفية وقف الدمار البيئي خلال العقد المقبل بعقد اجتماعات افتراضية في الغالب.
يشكو أصحاب المصلحة الدوليون من انعدام الحضور، وتظل المشاركة العامة غير مرئية، ولا تتضمن مسودة الإعلان التي من المحتمل أن تنبثق عن القمة أي أهداف محددة.
يعد المؤتمر أكبر فرصة للصين لترسيخ قيادة المناخ عالمياً التي سعى إليها الرئيس شي جين بينغ، وفاجأ قادة العالم خلال عام 2020، عندما أعلن أن أكبر دولة تطلق الغازات المسببة للاحتباس الحراري في العالم ستصل إلى صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2060. سيكون هذا أول اجتماع رئيسي للأمم المتحدة بالصين منذ أن استضافت المؤتمرات العالمية للمرأة في عام 1995، وقد قارنته وسائل الإعلام الحكومية باجتماع المناخ لعام 2015 في باريس، والذي شهد التوصل لصفقة تاريخية للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى درجتين مئويتين من مستويات ما قبل الثورة الصناعية.
قال أليكس وانغ، الأستاذ بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس والمدير المشارك لمعهد إيميت لتغير المناخ والبيئة: "البيئة مجال مهم حقاً للقادة الصينيين... إنهم يعتقدون أن هناك مشكلة حقيقية، وهذا يساعد على خلق إحساس في الخارج بأن الصين لا تفعل الأشياء لنفسها فحسب، بل تقدم أيضاً منفعة عالمية".
من غير المحتمل أن تحقق الصين تقدماً كبيراً، ففي حين أن الجهود المبذولة لخفض انبعاثات الاحتباس الحراري قد اكتسبت دعماً غير مسبوق في السنوات الأخيرة لدى الرأي العام، فقد تباطأ الاهتمام بالتنوع البيولوجي.
أهداف غير مُحققة
وليس لدى اتفاقية الأمم المتحدة بشأن التنوع البيولوجي، التي تدعم عقد اجتماع كونمينغ، هدفاً رفيع المستوى مثل هدف اتفاقية باريس بشأن درجة الحرارة، كما أنها لم تتحقق أي من أهدافها العشرين المحددة بحلول نهاية عام 2020. و يهدف الاجتماع المقرر انعقاده الأسبوع المقبل إلى تحديد ما يجب على الدول القيام به خلال العقد الجاري للحفاظ على الموارد الطبيعية، والحد من النفايات البلاستيكية والمبيدات الحشرية، وجمع الأموال لمساعدة الدول النامية على حماية النظم البيئية.
على الرغم من أن الصين أعلنت عن سياساتها وأهدافها الخاصة بالتنوع البيولوجي، إلا أنها تهدف من وراء استضافة قمة دولية عموماً إلى وضع أهداف لجميع الدول المشاركة. ولم تبذل الصين الكثير علانية في طريقة التفاوض أو العمل الأساسي.
قالت جورجينا تشاندلر، المسؤولة العليا عن السياسات في الجمعية الملكية البريطانية لحماية الطيور: "يتعين على الصين أن تبذل الجهود الدبلوماسية مع مختلف البلدان بشأن العديد من القضايا الشائكة على وجه التحديد، التي سيتم طرحها على جدول أعمال المفاوضات، مثل تعبئة الموارد وآلية التنفيذ والتمويل".
جعلت الجغرافيا السياسية النهج على النمط الفرنسي صعباً بالنسبة للصين. فمنذ عام 2016، عندما أُعلن أن الصين ستستضيف المؤتمر المقرر الأسبوع المقبل، تدهورت علاقتها مع الغرب بشأن قضايا عديدة تشمل التجارة وحقوق الإنسان.
الأمم المتحدة
قال تشو جينفينغ، الأمين العام للمؤسسة الصينية لحفظ التنوع البيولوجي والتنمية الخضراء، وهي منظمة غير حكومية، إنه بدلاً من "دفع الدول للاتفاق على جداول الأعمال، كانت الصين تتوخى الحذر- وببساطة – تبني منصة للدول للتعبير عن الأفكار والمخاوف".
أضاف "تشو": "تريد الصين أيضاً منح الدور القيادي للأمم المتحدة... يتماشى هذا مع مواقف الصين إزاء الشؤون الدولية الأخرى، لتشارك بدور غير جوهري".
قبل أسبوعين من انطلاق الاجتماع، أصدرت قيادة اتفاقية التنوع البيولوجي ومقرها مونتريال المسودة النهائية لإعلان "كونمينغ" ليتم الاتفاق عليها الأسبوع المقبل. و يقول دعاة الحفاظ على البيئة إن المسودة تفتقر إلى الخصوصية وتخفق في إلزام أي دولة بأهداف جديدة.
قال لي شو، أحد النشطاء في منظمة السلام الأخضر (غرينبيس) ومقرها بكين: "إنها (المسودة) تُفوّت أو تُضيع فرصة لإحراز قفزة أو تقدم بالنسبة للعملية المتعددة الأطراف المتوقفة، كما أنها تعكس رغبة الصين في عدم الحكم مسبقاً على نتيجة اجتماع كونمينغ".
و لدى الصين خبرة كبير في هذا الشأن، بداية من حملة استمرت عقوداً خلقت عشرات الملايين من الهكتارات من الغابات، إلي حماية الأنواع المهددة بالانقراض، و نظرية "شي" عن "الحضارة البيئية" التي تؤكد على العيش في وئام مع الطبيعة.
قالت "تشاندلر" إن الدولة تعتبر مؤتمر كونمينغ "فرصة لمناصرة بعض القضايا البيئية وطرق التفكير التي يهتمون بها ويريدون إظهارها للعالم".
بسبب تفشي الوباء، تم تأجيل المؤتمر مرتين بالفعل وهذه المرة يعتبر الحل الوسط في تقسيمه إلى قسمين. و يعقد القسم الأول من الاجتماع الأول افتراضياً في أكتوبر باعتباره "اجتماعاً رفيع المستوى"، لكن المفاوضات الحقيقية لن تعقد حتى أبريل 2022.
بارقة أمل
جعلت القيود المفروضة لمواجهة "كوفيد" المشاركة العامة شبه مستحيلة في العامين الماضيين، الأمر الذي كان من الممكن أن يرفع الوعي.
قالت بعض المنظمات غير الحكومية إنها وجدت صعوبة في الحصول على معلومات واضحة حول ترتيبات الاجتماع - أو حتى حول المنصات الافتراضية التي سيتم استخدامها. وقال تشو :" عدم المشاركة العامة يعني أنه سيكون من الصعب حقاً عقد اجتماع ناجح للغاية... إنها مهمة تتطلب مشاركة المجتمع بأسره".
على الرغم من مشاعر الإحباط، قد يعطي عقد المؤتمر على مرحلتين، بارقة أمل. ويمكن أن تمنح الأشهر الستة بين أكتوبر 2021 والمرحلة الثانية في أبريل 2022 الصين الوقت لإقناع الدول بالموافقة على أهداف مثل حماية 30% من أراضي ومحيطات العالم بحلول عام 2030، وكذلك بناء آلية لتنفيذ الأهداف في كل الدول الأعضاء.
في ضوء انعقاد مؤتمر "كونمينغ" قبل ثلاثة أسابيع فقط من مؤتمر المناخ الرئيسي للأمم المتحدة في جلاسكو بإسكتلندا، فمن المأمول أيضاً أن يعلن الرئيس الصيني "شي" عن أمر أو موقف يتناول كلا من المناخ وحماية الطبيعة في حفل الافتتاح.
وفقاً لـ"تشاندلر" فإنه: "سيكون من المثير للاهتمام بالنسبة لنا أن نرى ما إذا كانت الصين ستشارك بشكل أكبر في الأشهر المقبلة، حيث تتولى الرئاسة، لا سيما ما إذا كانت ستسعى إلى التواصل بشكل أكبر مع أصحاب المصلحة ووسائل الإعلام... في الوقت الحالي، أصبح كل هذا محدوداً وأحياناً غير واضح".