بلومبرغ
أضاف قرار شركة "بلاك روك" (BlackRock) بمنح بعض أكبر عملائها سلطة أكبر للتصويت في اجتماعات المساهمين، تطوراً جديداً إلي الجدل المُحتدم حول جوهر الاستثمارات البيئية والاجتماعية والحوكمة (ESG).
كشفت أكبر شركة إدارة أصول في العالم، الخميس الماضي، أن بعض العملاء المؤسسيين سيتمكنون من لعب دور أكبر في أصوات المساهمين اعتباراً من العام القادم. ستنطبق هذه الخطوة على حوالي 40% من أصل 4.8 تريليون دولار من أصول أسهم المؤشرات التي تديرها "بلاك روك",
يأتي قرار منح مستثمري المؤشر نفوذاً أكبر في الوقت الذي تتوقع فيه الشركة "إعادة تخصيص واسعة" لرأس المال في الاستراتيجيات البيئية والاجتماعية والحوكمة. ولكن في وسط هذه الطفرة، لا تزال هناك أسئلة كبيرة حول ما الذي سيُشكل النهج الفعال للحوكمة البيئية والاجتماعية.
يتمثل جوهر المعضلة الحالية في الإجابة على سؤال مفاده، هل من الأفضل معاقبة الشركات التي لا تحقق هذه الأهداف ببيع أسهمها، أم أن تبقى الاستثمارات فيها مع محاولة إحداث تحسينات من خلال الملكية النشطة؟.
ربما لأنه خيار أسهل، فقد تطورت الكثير من استراتيجيات الاستثمارات البيئية والاجتماعية والحوكمة في "وول ستريت" من النهج السابق. و تُعدّ "بلاك روك" نفسها أكبر مُصدِر لصناديق الاستثمارات البيئية والاجتماعية والحوكمة المتداولة في البورصة، والتي يتم تسويقها للمستثمرين كطريقة لتوجيه الأموال نحو الشركات الجيدة والابتعاد عن الشركات السيئة.
ومع ذلك، فقد أحدث المستثمرون النشطون بعض التغييرات اللافتة للنظر في الشركات، مثل فوز "إينجن 1 " (Engine No. 1) في معركة الحصول على مقاعد في مجلس إدارة شركة "إكسون موبيل" (ExxonMobil)، وهي واحدة من أكبر الشركات المسببة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم.
تكاليف التتبع
تساعد الأبحاث الحديثة في تفسير سبب فوز الاستراتيجية الأخيرة بأتباع جدد. و حتى مع تحويل مليارات الدولارات نحو الشركات التي تسجل درجات أعلى في المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة، فإن تكاليف التمويل للجهات الفاعلة السيئة بالكاد تتزحزح، وفقاً لدراسة بحثية، والتي أشارت إلى أن تخصيص المحفظة في النهاية لا يفعل الكثير لتصحيح السلوك غير الأخلاقي في عالم الشركات.
و كتب مؤلفا الدراسة، جوناثان بيرك، وجولز فان بينسبرغن، في أغسطس: "هناك حاجة إلى زيادة كبيرة في مقدار رأس المال الواعي اجتماعياً حتى تؤثر الاستراتيجية على سياسة الشركة. نظراً للمستويات الحالية لرأس المال الواعي، فإن اتباع سياسة المشاركة هي الاستراتيجية الأكثر فعالية لاستخدام ذلك الرأس مال".
بدأ "بيرك وفان بينسبرغن" - من كلية ستانفورد للدراسات العليا في إدارة الأعمال وكلية وارتون، على التوالي – بفرضية أن التصفية الفعالة يجب أن تؤدي إلى ارتفاع تكاليف رأس مال الشركة المُباعة.
ومن خلال تتبع مقدار "رأس المال الواعي اجتماعياً" والشركات المستهدفة وعلاقتها ببقية السوق، وجد الباحثان أن التأثير على تكلفة رأس المال كان "صغيراً جداً بحيث لا يؤثر بفعالية على قرارات الاستثمار الحقيقية".
زيادة الملوثين
تشير الدلائل المتداولة بالتأكيد إلى أن السوق لن تعاقب الشركات الأقل مراعاة للاستثمارات البيئية والاجتماعية والحوكمة.
تمتعت بعض أكبر الشركات المُسببة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم بمكاسب كبيرة في أسعار الأسهم هذا العام، بما في ذلك "إكسون" (Exxon) و"شيفرون" (Chevron) و"كونوكو فيليبس" (ConocoPhillips). ارتفعت أسهم شركة "غلينكور" (Glencore)، التي أدرجها صندوق الثروة السيادية النرويجي على القائمة السوداء منذ مايو 2020 بسبب استثماراتها في الفحم، بأكثر من 50%.
في الوقت الذي ترسم فيه شركة "بلاك روك" كيفية جعل مشاركة عدد أكبر من عملائها أسهل، في إشارة إلي أن ذلك الاتجاه قد بدأ في الارتفاع.
اقترحت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية الأسبوع الماضي قواعد جديدة من شأنها جعل الصناديق أكثر شفافية حول كيفية التصويت في اجتماعات المساهمين، ما قد يمنح المستثمرين المزيد من التأثير لتشكيل طريقة التصويت في شركات إدارة الأموال.
في "إينجن 1" (Engine No. 1)، أطلقت الشركة صندوقاً متداولاً في البورصة وتعهدت باستخدام حقوق المساهمين لإحداث التغيير، بدلاً من سحب الاستثمارات. وحمل الصندوق اسم "تصويت" (VOTE).
خلُص "بيرك وفان بينسبرغن" في البحث الذي حمل عنوان "تأثير الاستثمار المؤثر" إلى أنه من غير المرجح أن يكون للتخلص من الاستثمارات تأثير ملموس في المستقبل لأن رأس المال المسؤول اجتماعياً لا يمثل إلا جزءاً صغيراً من الإجمالي.
وكتبا في نتائج البحث: "تشير نتائجنا إلى أنه من أجل إحداث تأثير، يجب على المستثمرين الواعين اجتماعياً الاستثمار وممارسة حقوقهم في السيطرة لتغيير سياسة الشركة، بدلاً من نزع الاستثمار منها".