بلومبرغ
بدأت دول شمال أوروبا بعد خروجها من الوباء، تتمركز في طليعة اقتصادات العالم إلى حدِّ كبير، والتي تسعى لجعل الأغنياء يدفعون ضرائب أكبر للمالية العامة في أعقاب المحنة.
يريد حزب العمال الذي فاز بانتخابات النرويج الشهر الماضي إلغاء تخفيضات على ضريبة الثروة التي أقرَّتها الحكومة الائتلافية السابقة بقيادة حزب المحافظين. كما تقترح الدنمارك زيادة ما يدفعه أغنى 1% من سكانها من ضرائب على الأرباح الموزَّعة، وعلى الأرباح الرأسمالية من تداول الأسهم. كما تستعد حكومة فنلندا لفرض ضريبة خروج تستهدف المهاجرين الأثرياء.
ليست دول شمال أوروبا وحدها التي تركِّز على الأثرياء بعد أزمة عالمية كان وقعها أشد بكثير على العمال أصحاب الدخل المنخفض، فيما كانت أسواق الأسهم والعقارات تجمح. تحاول إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن زيادة الضرائب على الأمريكيين الذين يكسبون أكثر من 400 ألف دولار سنوياً.
حنين لمال الأغنياء
يؤشر هذا التحوُّل في المنطقة بعد إرث عدم المساواة الذي تمخَّضت عنه الجائحة إلى حنين لأسس تحقيق مساواة أكبر عبر تمويل تقليدي يعتمد على نموذج ضرائب مرتفعة، كانت الحكومات قد بدأت بإلغائها، كما هو حال الكثير من الاقتصادات المتقدِّمة.
تقول سارة باريت، وهي اقتصادية لدى "مركز السياسة الضريبية والإدارة" (Centre for Tax Policy and Administration) الذي يتبع "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" : "كثيراً ما رأينا هبوط الضرائب التي تُفرض بشكل رئيسي على الأثرياء... أما في الوقت الراهن؛ فإنَّنا نرى اهتماماً متزايداً لدى الحكومات بفرض الضرائب على أصحاب الدخول العالية والثروات الكبيرة".
اكتسبت دول شمال أوروبا خبرة تفوق سواها باستهداف الأغنياء، وبات لديها تاريخ من السجال بعد أن سعى بعض أغنى مواطنيها للهجرة كبديل عن دفع مبالغ كبيرة.
قالت سنّا كورونن، وهي اقتصادية لدى "منتدى إيفا للسياسة والتجارة" (Business and Policy Forum EVA) في هيلسنكي عبر اتصال هاتفي: "الآن بعد تولي حكومات يسارية السلطة، علينا أن نتوقَّع مزيداً من السياسات اليسارية".
أصبحت قضية فرض ضرائب على الأثرياء مجدداً قضية سياسية في كل بلدان المنطقة، حتى لو لم تتجه جميعها لزيادة الأعباء الضريبية في الوقت الحاضر.
[object Promise]العلاج الفنلندي
ستلزم فنلندا الأشخاص الذين يريدون هجر البلاد ابتداءً من 2023، بسداد ضريبة على الأرباح الرأسمالية غير المتحقِّقة التي راكموها إبان وجودهم في البلاد، إن تصرفوا بأي أصول. قالت وزيرة المالية أنيكا ساريكو هذا الشهر، إنَّها قد تجمع إيرادات بنحو 25 مليون يورو (28.9 مليون دولار) عبر هذه الضريبة.
نصح تقرير لوزارة المالية في 2020 بعدم فرض هذه الضريبة بسبب صعوبة تطبيقها، ولما تضيفه من تعقيدات على النظام الضريبي، كما اعتبر أنَّها ستؤول لاستهداف عدد قليل جداً من الأفراد.
مكاسب الدنمارك
ترغب إدارة رئيس الوزراء ميت فريدريكسن في استهداف المواطنين الأكثر ثراءً بغرض تمويل خطة تحفِّز العمال من كبار السن على الاستمرار في وظائفهم لزيادة معروض الأيدي العاملة.
سوف يكون على الدنماركيين أن يدفعوا 45% من أرباح الأسهم التي تتجاوز قيمتها 56500 كرونة (نحو 9000 دولار) سنوياً، بدلاً من 42% حالياً. في حين يستمر مستوى الضريبة على الأرباح التي تقل عن هذا عند 27% المعمول به في الوقت الراهن.
قال وزير المالية نيكولاي وامن للصحفيين في كوبنهاغن الشهر الماضي: "في وقت الارتفاع الكبير في مكاسب أسواق الأسهم، نطلب منك أن تدفع مبلغاً إضافياً صغيراً على شكل ضرائب، إذا جنيت أرباحاً كثيرة جداً".
أكبر وأصغر اقتصادين
ألغت السويد، وهي أكبر اقتصاد إسكندنافي، ضريبة الثروة في 2007 بعدما تبيَّن لها أنَّ الضريبة لم تحقق هدفها. كما تخلَّت الحكومة العام الماضي عن إجراءات كانت تستهدف أصحاب الدخول العليا بعد ضغوط من الأحزاب الليبرالية.
تسعى وزيرة المالية ماجدالينا أندرسون من الحزب الديمقراطي الاجتماعي، التي يتوقَّع كثيرون أن تخلُف رئيس الوزراء المنتهية ولايته ستيفان لوفين في نوفمبر، لفرض ضرائب إضافية على المليونيرات، غير أنَّ مشروعها لا يحظى بتأييد كبير في البرلمان.
في أيسلندا، شهد الديمقراطيون الاجتماعيون أكبر خسائرهم في انتخابات الأسبوع الماضي بعد دفاعهم عن فرض ضريبة الثروة. كما كانت رئيسة الوزراء كاترين ياكوبسدوتير تسعى إلى فرض ضرائب تصاعدية على الأرباح الرأسمالية، فتراجع حزبها "حركة الخضر اليسارية" أيضاً في الانتخابات الأخيرة.