بلومبرغ
يتعرَّض رئيس الوزراء بوريس جونسون لضغوط متزايدة لبذل المزيد من الجهد لتخفيف أزمة سلاسل التوريد في بريطانيا بعد نفاد الوقود في بعض محطات البنزين بسبب الذعر الشرائي.
مع تزايد احتمال اتساع تعطّل تسليم المواد الغذائية، والوقود في الأسابيع المقبلة بسبب نقص سائقي الشاحنات، تحرَّكت الحكومة في وقت متأخر يوم الأحد لتعليق قواعد المنافسة مؤقتاً، والسماح للشركات بتنسيق إمدادات الوقود إلى المناطق الأكثر تضرراً.
جاء ذلك بعد إعلان جونسون عن إجراءات تشمل تغيير قواعد الهجرة لسائقي الشاحنات وعمال الدواجن الأجانب، واستدعاء الفاحصين العسكريين للمساعدة في تكثيف اختبارات قيادة مركبات البضائع الثقيلة. ذكرت صحيفة "فاينانشيال تايمز"، نقلاً عن مسؤولين لم تحدد هويتهم، أنَّ رئيس الوزراء يدرس خطط الاستعانة بالجنود في قيادة الناقلات بجميع أنحاء البلاد.
قال وزير الأعمال كواسي كوارتينغ: "لدينا خطط طوارئ طويلة الأمد للعمل مع الصناعة للحفاظ على إمدادات الوقود، وإتمام عمليات التسليم حتى في حالة حدوث خلل خطير".
من ناحية أخرى، قال رجال الأعمال، والسياسيون المعارضون، إنَّ التأشيرات الجديدة لساق الشاحنات البالغ عددها 5000 حتى عيد الميلاد تغطي بصعوبة النقص البالغ 100 ألف، و المتفاقم منذ مغادرة بريطانيا الاتحاد الأوروبي. شبَّهت روبي ماكغريغور سميث، رئيس غرف التجارة البريطانية، التأشيرات بأنَّها "إعلان يهدف إلى التغطية على الأوضاع المشتعلة".
برغم معاناة بعض البلدان في جميع أنحاء أوروبا من ارتفاع أسعار الطاقة، ونقص العمالة في بعض المواقع، تواجه بريطانيا شتاءً صعباً خصوصاً مع تعافيها من الوباء. شهدت الأسابيع الأخيرة معاناة المستشفيات من تراكم المرضى، و الرفوف الفارغة في فروع السوبر ماركت، والطوابير في محطات البنزين حالياً.
ألقى كير ستارمر، زعيم حزب العمال المعارض، باللوم على حكومة جونسون لفشلها في الاستعداد لعواقب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، بعد تصويتها لتلك المغادرة في العام 2016، وانتهاء اتفاقية الانتقال بعد المغادرة في بداية هذا العام. قال ستارمر: "لدينا أزمة مطلقة في هذا البلد بسبب افتقار الحكومة إلى التخطيط".
العثور على سائقي الشاحنات
كشفت شركة "بي بي"، ثاني أكبر شركة لبيع الوقود بالتجزئة في بريطانيا، عن نفاد الدرجات الرئيسية للوقود فيما يقرب من ثلث محطاتها. كما نفد الوقود في نصف المحطات خارج شبكة الطرق السريعة يوم الأحد، وفقاً لصحيفة "فاينانشيال تايمز"، نقلاً عن برايان مادرسون، رئيس اتحاد تجار تجزئة للبترول.
سعى وزير النقل غرانت شابس يوم الأحد إلى تهدئة المخاوف بقوله لتلفزيون "بي بي سي": "تنتشر كمية كبيرة من الوقود فعلياً، ويبلغ النقص في عدد السائقين حوالي مئة، ومئتين، وثلاثمئة". مع ذلك؛ ترك شابس الباب مفتوحاً أمام احتمالية إيكال مهمة تزويد محطات الوقود إلى الجيش، قائلاً: "إنَّنا سنفعل كل ما هو مطلوب".
حتى نهاية عطلة نهاية الأسبوع؛ أصرَّت الحكومة على أنَّه يتعيّن على شركات النقل تدريب السكان المحليين، ودفع المزيد من الأموال لهم. وتستمر التغييرات في قواعد الهجرة لمدة 12 أسبوعاً، وتضيف أيضاً 5500 تأشيرة لعمال الدواجن.
تحدَّث جونسون عن "البريكست" باعتباره فرصة لإعادة تشكيل الاقتصاد البريطاني، بعيداً عن قواعد الاتحاد الأوروبي، وتجمّع العمالة فيه، بحجة تسبُّب العمال الأجانب في تدني الأجور المحلية، وتثبيط التوظيف والتدريب. لكن تجادل الشركات على الطرف الآخر بأنَّها تحتاج لفترة أطول قبل التحوّل بعيداً عن الاعتماد على عمال الاتحاد الأوروبي.
إنهاء الإجازة
يضاف نقص الغذاء والوقود إلى كومة من التحديات الهائلة التي يواجهها جونسون، بسبب تعرُّض البريطانيين إلى ارتفاع في أسعار الكهرباء والغاز، في الوقت الذي يتمُّ فيه إلغاء بعض الإجراءات الرئيسية لدعم الوباء.
تشمل تلك الإجراءات إنهاء برنامج الإجازة الرئيسي بتاريخ 30 سبتمبر، وهو الذي دفعت الحكومة بموجبه الأجور لأكثر من 11 مليون وظيفة خلال الوباء. أصدر حزب العمال تحليلاً في وقت متأخر يوم الأحد، أظهر أنَّ حوالي 81 ألف عامل في قطاع طيران سيكونون من بين المعرَّضين لفقدان الوظائف بعد إغلاق برنامج الإجازة.
بتاريخ 6 أكتوبر، تنتهي الزيادة الأسبوعية البالغة 20 جنيهاً إسترلينياً (27 دولاراً) في مدفوعات الضمان الاجتماعي، المعروف باسم "يونيفيرسال كريديت"، وهو القرار الذي تسبَّب في قلق بين صفوف المحافظين بسبب تأثيره على الفقراء.
كما بدأت الصحف بالإشارة إلى العبارة المشحونة سياسياً، "شتاء الغضب"، التي تستحضر ذكريات 1978-1979 عندما خضع الاقتصاد البريطاني إلى الإضرابات والطقس القاسي، التي أدت إلى إسقاط حكومة حزب العمال، وتولي حزب المحافظين بقيادة مارجريت ثاتشر.
"المحافظون الأوباش"
قال ستارمر من حزب العمال: "لدينا أزمة في الطاقة، وهناك نقص في المنتجات في محال السوبر ماركت، و ارتفاع في الأسعار. لقد رفعنا الضرائب على الأسر العاملة، وحصلنا على حكومة تأخذ ألف جنيه من أولئك الذين هم في أمس الحاجة إليها".
وبشكل أكثر صراحة، وصفت نائب الزعيم أنجيلا راينر، المحافظين بأنَّهم "أوباش" أثناء فعالية بالمؤتمر السنوي لحزب العمال، مما أثار نزاعاً جديداً داخل الحزب في الوقت الذي كان يهدف فيه إلى الظهور أمام الناخبين على أنَّه موحَّد، ومستعد للحكم.
رفضت راينر الاعتذار عن استخدام تلك الكلمة يوم الأحد قائلة، إنَّها "لغة الشارع" التي تستخدمها الطبقة العاملة الإنجليزية الشمالية، وإنَّها كانت تشير فقط إلى أعضاء مجلس الوزراء، مضيفة : "كنت أتحدَّث إلى مجموعة من النشطاء لأقول، إنَّه يتعيّن عليكم أن تتمتَّعوا برغبة شديدة لفعل شيء".