بلومبرغ
تحوَّلت سوق العقارات البريطانية إلى هدف رئيسي لغسيل الأموال، وذلك في ظلِّ الإقبال على شراء عقارات لندن باهظة الثمن، الجاذبة للراغبين في إخفاء أموالهم المشبوهة.
وقالت الحكومة البريطانية في تقرير رسمي صدر هذا الشهر عن أنشطة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب خلال العام الجاري، إنَّ احتمال شراء العقارات البريطانية بهدف إخفاء الأنشطة المشبوهة يتزايد، ووصلت إلى مستوى "مرتفع" مقارنة بتقييم الاحتمال عند مستوى "متوسط" منذ ثلاثة أعوام مضت. وأظهرت نتائج التقرير أيضاً ارتفاع تقييم المخاطر التي تتعرَّض لها الوكالات العقارية من متوسطة إلى مرتفعة.
وذكر التقرير :" يبدو أنَّ الأحياء المليئة بالعقارات الفاخرة هي الأكثر جاذبية لهؤلاء المجرمين مثل لندن، وإدنبرة، أو المدن الجامعية، وتعدُّ لندن على وجه الخصوص الأكثر جذباً لأنشطة الشركات الأجنبية التي تستثمر في العقارات السكنية والتجارية".
ثلاثة أرباع العقارات المرتبطة بعمليات فساد مملوكة لشركات مسجلة في دول تمثل ملاذات ضريبية
وزادت جائحة كورونا من تعرض القطاع العقاري للأموال المشبوهة، التي استغلت تراجع الطلب، وخاصة على العقارات الفارهة وشرائها بأسعار منخفضة، واقتناص فرص عرض الشركات المتعثرة لعقاراتها للبيع بسبب الإفلاس، أو انعدام الثقة في بيئة الأعمال أيضاً، وخاصة أنَّ العقارات السكنية تحمل مخاطرة أعلى من التجارية التي يسهل معها عقد صفقات سهلة وسريعة.
وتذكر منظمة الشفافية الدولية أنَّ هناك صعوبة في تتبع تلك الممارسات في ظلِّ لجوء الشركات إلى عمليات إعادة الهيكلة، وتأسيس مقرات لها في الملاذات الضريبية، مثل جزر كايمان؛ إذ تشير المنظمة إلى أنَّ ثلاثة أرباع العقارات المرتبطة بعمليات فساد مملوكة لشركات مسجَّلة في تلك الملاذات.
وقالت المنظمة غير الحكومية، إنَّه قد تمَّ شراء أكثر من 500 عقار في بريطانيا بقيمة تزيد عن 5 مليارات جنيه استرليني (6.6 مليار دولار) بأموال مشبوهة، وهو ما قد يمثِّل نسبة ضئيلة من إجمالي تلك الأموال التي يتمُّ إخفاؤها في العقارات البريطانية.
تجميد وتسليم
في حملة على الفساد من خارج البلاد، قضت المحكمة العليا بإجبار زوجة مصرفي أذربيجاني على الإفصاح عن ممتلكاتها للسلطات البريطانية التي اتهمتها بتكوين ثروة بشكل غير مبرر. إذ تمَّ تجميد ممتلكات زاميرا هاجييفا الممثِّلة في نادي "غولف" خارج لندن، ومنزلها بالقرب من متجر هارودز الفاخر، فقد قدرت وكالة مكافحة الجرائم الوطنية قيمتها بنحو 22 مليون جنيه استرليني.
وحقَّقت بريطانيا خلال أكتوبر الماضي إنجازاً جديداً في إطار سعيها للقضاء على الأموال المشبوهة، بعدما توصَّلت وكالة مكافحة الجرائم الوطنية إلى تسوية بقيمة 9.8 مليون جنيه استرليني مع رجل أعمال مثير للجدل، ومتهم بجرائم مرتبطة بمحفظة استثمار عقاري في ليدز. وقام منصور "ماني" محمود حسين بتسليم السلطات أكثر من 45 عقاراً منتشرة في جميع أرجاء البلاد، بالإضافة إلى شقتين في حي نايتسبريدغ الفاخر في لندن.