بلومبرغ
تُقدِّم شركة "ويسترن ديجيتال كورب" (Western Digital) عرضاً جديداً للاستحواذ على شركة "كيوكسيا هولدينغز كورب" (Kioxia Holdings) بعد أربع سنوات من خسارتها في محاولة سابقة للاستحواذ على وحدة الرقائق التابعة لـ"توشيبا كورب" آنذاك، إلا أنَّ عرض الشركة الأمريكية يواجه عقبات مألوفة.
تشمل التحديات المطروحة تفضيل الإدارة العليا لشركة "كيوكسيا" طرح أسهم الشركة للاكتتاب العام، كما يشعر المسؤولون في الحكومة اليابانية بالقلق إزاء فقدان السيطرة على شركة تصنيع الرقائق، ومن المرجح أن يمنع المنظِّمون الصينيون عملية الاستحواذ الأمريكية، وفقاً لأشخاص مطَّلعين. وبحسب أحد المصادر المطَّلعة، الذي طلب عدم ذكر اسمه، لأنَّ الأمر خاص؛ فإنَّ شركة "كيوكسيا" تخطط لتقديم طلب لطرح أسهمها للاكتتاب العام الأولي في الشهر المقبل للاستفادة من طلب المستثمرين القوي على أسهم الرقائق.
علاوةً على ذلك، قال الأشخاص، إنَّ شركة "ويسترن ديجيتال" ومصارفها كانوا جريئين في الترويج للصفقة، وتقديم عرض سعر مرتفع، ووصف العملية بأنَّها اندماج؛ إذ قال أحد الأشخاص، إنَّ شركة "باين كابيتال" (Bain Capital)، التي تسيطر على "كيوكسيا" جنباً إلى جنب مع "توشيبا"، منفتحة على الدمج.
المعارضة السياسية
قد تكون المعارضة السياسية أكبر عقبة. وكثيراً ما كانت الحكومة اليابانية حريصة على حماية شركاتها عالية التقنية، كما ساعدت وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة القوية في اتخاذ قرار بشأن حرب العطاءات قبل أربع سنوات، وذلك عندما باعت "توشيبا" حصة مسيطرة في وحدة الرقائق إلى تحالف اقتصادي تقوده شركة "باين".
في هذا الصدد، قال أحد الأشخاص، إنَّ أحد الأقسام في وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة منفتح على مناقشة صفقة "ويسترن ديجيتال"، إلا أنَّ قسماً آخر يعارض البيع. وقد كانت الحكومة اليابانية تخطط لاستثمار مليارات الدولارات في تعزيز صناعة أشباه الموصِّلات المحلية، لذا يبدو أنَّ فقدان السيطرة على الشركة الصانعة للرقائق الأبرز فيها، يتعارض مع هذا الهدف.
تقرير: أزمة الرقائق تقلص إنتاج السيارات بـ7.1 مليون وحدة في 2021
تجدر الإشارة إلى أنَّ وزارة الاقتصاد والتجارة والصناعة لم تُقرّر ما إذا كانت ستوافق على الصفقة؛ إذ قال أحد الأشخاص، إن رئيس الوزراء يوشيهيدي سوغا، والسياسي المدافع عن الاستثمار المحلي في أشباه الموصِّلات، أكيرا أماري، من المرجح أن يتخذا القرار النهائي.
علاوةً على ذلك، تُشكِّل الصين عقبة أكبر. إذ قاومت بكين بشكل متزايد الموافقة على عمليات الاستحواذ من قبل الشركات الأمريكية مع تصاعد التوترات مع حكومة الولايات المتحدة. ولم يوافق المنظِّمون الصينيون بعد على الاستحواذ المقترح لشركة "نفيديا" (Nvidia) على شركة "آرم ليمتد" (Arm Ltd) التابعة لمجموعة "سوفت بنك غروب"، كما اعتبر العديد من المحللين أنَّ الصفقة قد ماتت فعلياً.
صندوق تابع لــ"أرامكو" السعودية يستثمر بشركة تخزين سحابي أمريكية ناشئة
كما قد تكون الموافقة الصينية على بيع شركة "كيوكسيا" مشكلة أيضاً؛ ففي حال وقعت الشركة المصنِّعة لرقائق الذاكرة في أيدي شركة أمريكية، فستخضع مباشرة لأية قيود على المبيعات قد تحدِّدها إدارة الرئيس جو بايدن. وبالتالي ستُخاطر إدارة "كيوكسيا" بالتورط في صفقة اندماج يمكن للصين مراجعتها لمدَّة عام أو عامين، ثم يتمُّ رفضها.
صفقة بيع شركة لإنتاج أشباه الموصلات إلى الصين تثير أزمة في بريطانيا
في هذا الصدد، قال أكيرا ميناميكاوا، المحلل في شركة "أومديا" (Omdia): "ليس للصفقة أية ميزة لشركة "كيوكسيا".
دفة الأعمال
أشار ميناميكاوا إلى أنَّ "كيوكسيا"، و"ويسترن ديجيتال" تتعاونان بالفعل في إنتاج ذاكرة فلاش "ناند" (NAND). ومن المرجح أن تستخدم الشركة الأمريكية سيطرتها لتحويل التوازن نحو رقائق الذاكرة لأجهزة الكمبيوتر الشخصية، بدلاً من الهواتف الذكية كما تُفضِّل "كيوكسيا".
وأضاف: "من خلال شراء "كيوكسيا"، تريد "ويسترن ديجيتال" تغيير تخصيص الإنتاج لتحقيق أكبر فائدة للشركة الأمريكية".
في الحقيقة، تعدُّ الصفقة بالفعل امتداداً مالياً لشركة "ويسترن ديجيتال". إذ قال شخص مطَّلع، إنَّ عملية الاستحواذ المقترحة، التي ستتمُّ بالنقد والأسهم، ستقدِّر الشركة المستهدفة بأكثر من 20 مليار دولار؛ مع الإشارة إلى أنَّ القيمة السوقية لـ "ويسترن ديجيتال" هي أقل بقليل من هذا المستوى.
شركة "TSMC" تدفع من أرباحها ثمن "دراما" الرقائق العالمية
ما من شكٍّ في أنَّ بعض العوامل تغيَّرت لصالح الصفقة منذ أن فشلت "ويسترن ديجيتال" في عرضها قبل أربع سنوات. فالرئيس التنفيذي ستيف ميليغان، الذي قاد المهمة في ذلك الوقت، وأثار غضب كبار المسؤولين التنفيذيين في شركة "توشيبا"، ترك منصبه العام الماضي. كما توفي العام الماضي ياسو ناروكي، الرئيس التنفيذي السابق لشركة "توشيبا ميموري" (Toshiba Memory) الذي حارب بقوة الاستحواذ.
كذلك؛ فإنَّ العلاقات بين الشركتين أقل مرارة، إلا أنَّها ليست دافئة. وتجدر الإشارة إلى أنَّ بديل ميليغان هو ديفيد جويكلر، الذي تمَّ طرحه كمرشَّح محتمل لإدارة الشركة المندمجة.
علاوةً على ذلك، قال أحد الأشخاص، إنَّ شركة "كيوكسيا" لم تتفق بعد على مَن سيتولى منصب الرئيس التنفيذي، أو مَن مِن كبار المسؤولين التنفيذيين سيقود الإدارة. كما لم يتم تحديد الهيكل.
أضاف المصدر أنَّ المؤسسات المالية اليابانية، التي من المحتمل أن تكون ضرورية لتمويل العملية، لم تنخرط في الصفقة بعد؛ ويجب أن يتمَّ حل مسألة التمويل بعد الانتهاء من هيكل الصفقة.