تركنا "تسلا" تتلاعب بالواقع، فهل تُعد شركة "نيكولا" مفاجأة؟

time reading iconدقائق القراءة - 23
إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا في برلين، ألمانيا - المصدر: بلومبرغ
إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة تسلا في برلين، ألمانيا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

حضر ميلتون جلسة التصوير التجارية وحصل على مقطع فيديو خام صُوِّر في ذلك اليوم؛ لاحقاً قدَّم اللقطات لموظف الوسائط الرقمية في شركة "نيكولا"، وطلب منه إنشاء مقطع قصير يُظهر شاحنة "نيكولا وان" وهي تتحرَّك بغرض نشر المقطع على وسائل التواصل الاجتماعي. وبالفعل أنشأ الموظف المقطع وعرضه على ميلتون، الذي وجَّهه بإجراء بعض التعديلات، ومن ثمَّ وافق على النسخة النهائية من المقطع، الذي جرى تسريعه مرتين إلى ثلاث مرات، وكان لهذا التسريع تأثير جعل شاحنة "نيكولا وان" تبدو كأنَّها تتحرَّك أسرع مما هي عليه.

في المحصلة، وجد تريفور ميلتون، مؤسس شركة "نيكولا كورب" (Nikola Corp) لتطوير الشاحنات الكهربائية، نفسه يواجه تهم الاحتيال بسبب المبالغة أو حتى تسريع قدرات شركته وتقنيتها أمام المستثمرين الفعليين. والجدير بالذكر أنَّ "نيكولا" شقَّت طريقها إلى السوق العامة قبل عام من خلال شركة استحواذ ذات أغراض خاصة، وبلغت قيمتها في وقت ما 19 مليار دولار، في حين تقارب قيمتها اليوم 5 مليارات دولار.

بالطبع سنرى ما سيحدث مع ميلتون الذي ينفي التهم. ولكن في غضون ذلك،

لايسعني إلا أن أتذكَّر بعض الأحداث التي تخص رائد أعمال آخر في مجال المركبات الكهربائية، ألا وهو إيلون ماسك.

التمويل المضمون

وفي الحقيقة، يصطدم أحياناً تشويه ماسك للواقع مع الواقع الفعلي بشكل أكثر نجاحاً بطريقة واضحة جداً. ومن المحتمل أن يكون المثال الأكثر شهرة عندما ادَّعى على تويتر أنَّه يملك "التمويل المضمون" لتحويل "تسلا" إلى شركة خاصة بعلاوة كبيرة. فقد كان الأمر أشبه بالوقوف في وسط الجادة الخامسة، والتظاهر أنَّك حصلت على شيك لشرائها. وفي ذلك الوقت، رفعت هيئة الأوراق المالية والبورصات دعوى قضائية لمنع ماسك من أن يكون موظفاً في شركة عامة، إلا أنَّها سرعان ما قبلت تنحيه عن منصب رئيس مجلس الإدارة لبضع سنوات، ودفعه للغرامة، واتخاذه للخطوة المألوفة المتمثِّلة في عدم الاعتراف بالادِّعاءات أو إنكارها.

سولار سيتي كورب

في هذه الأثناء، يقرر قاض في ولاية ديلاوير حالياً نتيجة دعوى قضائية ضد ماسك، التي تدَّعي أنَّه دفع "تسلا" إلى الاستحواذ على جزء آخر من إمبراطوريته، وهي شركة "سولار سيتي كورب" (SolarCity Corp) في عام 2016. فبهدف تأمين موافقة المساهمين على هذه الصفقة، التي كانت تعاني من نزاعات تزيد على نزاعات أوروبا في العصور الوسطى، نظَّم ماسك حدثاً في استوديو في لوس أنجلوس لعرض منتج جديد، ألا وهو السقف الشمسي. إذ تُمثِّل هذه الألواح الملساء مزيجاً من الطاقة المتجددة المتطورة والجماليات الجذابة؛ كما تُجسِّد أسلوب الحياة الذي تستيقظ فيه في منزلك المجهز بشكل جميل والصديق للكوكب، ثم تنطلق في سيارتك الخالية من الانبعاثات.

ولكن لم تعمل هذه التقنية على أرض الواقع في ذلك الوقت. إلا أنَّ هذا لم يمنع ماسك من إخبار المتفرجين المجتمعين بأنَّ "المنازل التي ترونها من حولكم كلها منازل شمسية" – وهي عبارة لا معنى لها عندما تجلس وتفكِّر في الأمر لمدة دقيقة. من ناحية أخرى، إذا كنتُ في حدث يتمحور حول منتج يسمى "السقف الشمسي"، وأحمل في يدي كأساً من الشمبانيا وكروستيني نصف مأكولة، فقد أعتبر أنَّ المنازل المزيفة تُحوِّل ضوء الشمس إلى كهرباء قابلة للاستخدام.

على أي حال، تمَّ التصويت على صفقة "سولار سيتي" البالغة قيمتها 4.9 مليار دولار بعد فترة وجيزة. وفي السنوات التي تلت ذلك، حقَّقت ذراع الطاقة المحصَّنة في "تسلا" إجمالي مجمل ربح أقل من 600 مليون دولار. وبعد ثلاث سنوات من عرض لوس أنجلوس، قال ماسك في مؤتمر أرباح، إنَّ الإصدار الثالث القادم من السقف الشمسي كان، بحسب اعتقاده، "جاهزاً أخيراً للإنجاز الكبير". وقد تراجعت التطلُّعات المبكِّرة لتثبيت الآلاف سنوياً من هذه الأسقف الشمسية في وجه تحديثات ضبابية مثل هذه التي ذُكرت في الإعلان عن نتائج الأعمال ربع السنوية.

نمت عمليات نشر السقف الشمسي بشكل كبير في الربع الثاني على أساس سنوي وربعي.

القيادة الذاتية الكاملة

المصدر الآخر الواضح لعدم الاتساق يتعلَّق بترقيات "تسلا" لخدمة مساعدة السائق في سياراتها، التي تحمل أسماء متواضعة، مثل "الطيار الآلي"، و"القيادة الذاتية الكاملة"؛ في حين أنَّه يجب التأكيد على أنَّ السيارات ليست قريبة حتى من القيادة الذاتية، كما اعترف أحد مهندسي "تسلا" الخاصين أمام هيئات التنظيم في كاليفورنيا في وقت سابق من هذا العام.

في أوائل عام 2019، نظَّم ماسك حدثاً يروِّج للسيارات الذاتية القيادة من "تسلا"، مع استبعاد المنافسين، والتأكيد على أنَّ مليون سيارة أجرة ذاتية القيادة من "تسلا" ستكون جاهزة في الشوارع بحلول عام 2020، وأنَّ مجرد تحديث برمجي هو ما يفصل كل سيارة عن جني أرباح تقدَّر بحوالي 30 ألف دولار سنوياً. وربما كانت الجائحة وراء ذلك، إلا أنَّني لم أقرأ بعد عن الأسطول المليوني القوي من سيارات الأجرة ذاتية القيادة التي تحمل طابع "تسلا"، وتجوب الشوارع لتحقيق الربح لأصحابها. من ناحية أخرى، سمعتُ من الرجل نفسه تأييده الرنان لخدمة الاشتراك بالقيادة الذاتية الكاملة الجديدة من "تسلا"، وذلك خلال كلمة له في مؤتمر الإعلان عن الأرباح هذا الأسبوع.

نحتاج إلى أن نجعل القيادة الذاتية الكاملة تعمل، لكي تكوِّن عرضاً ذا قيمة مقنعة. وبخلاف ذلك، يراهن الناس على المستقبل نوعاً ما. مثل الآن، هل من المنطقي أن يقوم شخص ما بالاشتراك بالقيادة الذاتية الكاملة؟ أعتقد أنَّ الموضوع قابل للنقاش.

انظر، نعلم جميعاً أنَّه لا يمكن إعداد شريحة لحم بدون أزيز الشواء، خاصة عندما يتعلَّق الأمر بشريحة لحم تعمل بالكهرباء، ومزوَّدة بتقنية الذكاء الاصطناعي. وبطبيعتها، تحاول الشركات الناشئة التخلي عمَّا هو قديم، وتميل إلى دفع حدود الحقيقة معه. فقد أعرب ماسك عن جميع أنواع التطلُّعات، والأهداف، والجداول الزمنية على مر السنين، ولم يتم الوفاء بالعديد منها. وكذلك الأمر بالنسبة للمديرين التنفيذيين في العديد من الشركات الأخرى، وإن كان ذلك ربما باتساق أقل مع تناقضاتهم.

مكاسب وحقائق

من ناحية أخرى، حقَّق ماسك أيضاً الكثير؛ فقد أحدثت شركة "تسلا" تغييراً في صناعة السيارات العالمية، وقدَّم مؤتمر أرباح هذا الأسبوع من شركة "فورد" أحدث دليل على ذلك.

ومما لا شكَّ فيه أنَّ الناس يحبون طرازات "إس"، و"3"، وغيرها، حتى لو لم تكن سيارات أجرة ذاتية القيادة، وحتى لو كانت سلسلة من المنتجات الجديدة – التي تشمل "سيمي"، و"سايبر ترك"، و"رودستر" المحدثة – ما زالت "قيد التطوير"، أحياناً بعد سنوات من التاريخ الذي من المفترض أن تجوب فيه الشوارع. في غضون ذلك، تمتَّع المساهمون القدامى بمكاسب ضخمة، وهم يملكون الآن جزءاً من شركة عملاقة تبلغ قيمتها 670 مليار دولار.

ولكن من ناحية أخرى؛ فإنَّ هذا النجاح لا صلة له عندما يتعلَّق الأمر بالحفاظ على القواعد التصويرية للطريق. وبيت القصيد من الحفاظ على تفاؤل الشركات ضمن حدود معقولة هو أنَّه يسمح بالأزيز الضروري دون حرق المستثمرين بشكل عام. كما أنَّ القول بأنَّ هذا السلوك أو ذاك هو مقبول لأنَّ الشركة سعت إلى تحقيق أشياء أعظم، مثل قول: "سعر السهم، فخامتك".

يمكن النظر إلى العديد من قفزات الإيمان التي يقوم بها ماسك على أنَّها جزء من اللعبة. فبعضها، مثل حلقة "التمويل المضمون"، كانت مجرد مقامرة واضحة تسخر من قانون الأوراق المالية. ولا أستطيع الجزم بأنَّ تساهل هيئة الأوراق المالية والبورصات مع تلك القصة أوجد مساحة شعر فيها ميلتون من شركة "نيكولا" أنَّه من المقبول أن ينغمس في مهاراته كمحرر (كما يُزعم). لكن أستطيع القول، إنَّ ذلك ربما لم يساعد.

هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

النشرة البريدية
تعرف على أحدث الأخبار والتحليلات من اقتصاد الشرق مع بلومبرغ
سجل الان

California City

7 دقائق

8°C
سماء صافية
العظمى / الصغرى /10°
14.8 كم/س
21%
الآراء الأكثر قراءة