بلومبرغ
تسبَّبت العودة المحتملة للنفط الإيراني في إثارة توقُّعاتٍ ببدء معركة عدوانية لإمدادات أحد أهم المنتجات المطلوبة في السوق الآسيوية؛ ألا وهي المكثّفات، فإيران تعتبر منتجاً رئيسياً للمكثّفات، أي النفط الخفيف جداً الذي يعدُّ منتجاً ثانوياً من حقول الغاز الطبيعي، فيما تعدُّ كوريا الجنوبية أكبر مشغِّل آسيوي للمكثّفات المصممة للتحويل إلى بتروكيماويات تستخدم في صناعة البلاستيك.
اعتادت شركات "إس كيه إنوفيشين"SK Innovation Co، و"هانهوا توتال بتروكيميكال "Hanwha Total Petrochemical Co، و"هايونداي أويل بنك" Hyundai Oilbank Co، تفضيل مكثّفات فارس الجنوبية الإيرانية بسبب وفرة العرض والأسعار المنخفضة نسبياً، إلا أنَّ العقوبات الأمريكية أدت إلى جفاف هذه التدفُّقات اعتباراً من عام 2019. تحوَّلت المصافي الكورية الجنوبية بعد ذلك إلى المكثّفات القطرية والأسترالية، وكذلك خام غرب تكساس الخفيف والنافثا من أوروبا وأفريقيا.
ومع احتمال إحياء الاتفاق النووي الإيراني بحلول شهر أغسطس، ستكون طهران حريصة على استعادة عملائها السابقين. وفي حين ستتركَّز معركة الحصول على حصة سوقية على العملاء الكوريين المشترين للمكثفات، إلا أنَّها ستنتشر أيضاً في الأسواق الآسيوية للخامات الخفيفة والنافثا.
قال أرمان أشرف، المحلل في شركة "إف جي إي" FGE للاستشارات الصناعية في سنغافورة: "إنَّ المعركة في سوق المكثّفات ستكون شرسة. سوف تحتاج إيران إلى عرض إنتاجها من جنوب فارس بخصم لتحفيز المشترين، وهذا سيحلُّ محلَّ حجم كبير من مكثّفات المراجحة والنافثا في جميع أنحاء آسيا، وسيؤدي أيضاً إلى انخفاض الأسعار نسبةً إلى المعايير القياسية.
رفع العقوبات
سيؤثِّر الرفع المحتمل للعقوبات على النفط الإيراني على أسواق المكثّفات بشكل أقوى بكثير من النفط الخام بسبب الأهمية النسبية للإمدادات من الدولة المطلَّة على الخليج العربي. وتمَّ احتجاز أكثر من 100 مليون برميل من إنتاج حقل جنوب فارس على اليابسة في إيران، أو في مخازن عائمة ومترابطة بالخارج، بحسب تقديرات شركة استشارات الطاقة "إف جي إي".
وقالت الشركة الاستشارية، إنَّ صادرات جنوب فارس خلال مرحلة إزالة المخزون، التي قد تستمر أكثر من عام، يمكن أن تُشكِّل أكثر من ثلث سوق شرق السويس للمكثّفات المتداولة، مشيرةً إلى أنَّه من المرجَّح أن تشحن إيران حوالي 300 ألف برميل يومياً من جنوب فارس، بمجرد انتهاء هذه المرحلة.
وماتزال المفاوضات بشأن الاتفاق النووي تواجه عقبات في ظلِّ تأجيل المحادثات في فيينا حتى الأسبوع المقبل. وقال إنريكي مورا، نائب رئيس السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي يوم الأربعاء الماضي، إنَّ واشنطن وطهران ستحتاجان إلى اتخاذ "قرارات صعبة" يمكن أن تزعج الدوائر السياسية المحلية.
وبعيداً عن كوريا الجنوبية، كانت الإمارات العربية المتحدة، والصين، واليابان من بين أكبر مشترٍ لإنتاج حقل جنوب فارس قبل العقوبات، إذ كان يُباع النوع بحوالي دولارين للبرميل أو أكثر، وهو ما يقلُّ عن سعر مكثّفات الحقول القطرية التي لا تحتوى رائحة، مما يجعلها واحدة من أرخص المواد الأولية، على حدِّ قول التجار.
توجد أكبر قدرة لتقسيم المكثّفات عالمياً بكوريا الجنوبية، والشرق الأوسط، والولايات المتحدة، وهذا يعني أنَّ هؤلاء المشترين توقَّفوا عن الشراء من إيران أثناء تطبيق العقوبات. كما لا تعدُّ الصين، التي واصلت شراء كميات محدودة من الخام الإيراني برغم العقوبات، سوقاً رئيسياً للمكثّفات.