بلومبرغ
تعتبر كلير سميث (Clare Smyth) واحدة من أفضل الطهاة في العالم، فمما تتكون قائمة الطعام في مطعمها الحائز على نجمتي ميشلان؟
إنها البطاطا
تُطهى البطاطا من نوع "شارلوت" (Charlotte) ببطء في خلطة من الزبدة والأعشاب البحرية، ثم تُترك فيه لمدة 24 ساعة قبل أن تُزيّن ببيض السلمون المرقط وسمك الرنكة من اسكتلندا وتُقدّم إلى جانبه صلصة الزبدة المُبهّرة. وترافق البطاطا مقرمشات صغيرة بالملح والخل تضفي لمسة مميزة على نكهة الزبدة الغنية وتمنح الطبق قوامًا مقرمشًا.
الطهاة الآخرون يعبرون عن آرائهم بهذا الطبق
يقول بريت غراهام، الذي يحمل مطعمه "ليدبوري" (Ledbury) في نوتنغ هيل (NottingHill) نجمتي ميشلان: "تصنع كلير أطباقًا رائعةً بمكونات بسيطة للغاية، يحتاج الأمر إلى طاهٍ بمهارات حقيقية ليتمكن من تحويل مُكون بسيط جدًا كالبطاطا إلى طبق لذيذ للغاية. لقد تفوقت كلير في الطهي لعدة سنوات، وأشعر بالروعة عندما أرى مطعمها يحتل مكانة مميزة وحصولها على التقدير الذي تستحق".
إنها تحصل على قدر كبير من التقدير بالفعل، فقد حصدت تقديرات عديدة منها فوزها بنجمتي ميشلان مرة واحدة العام الماضي، رغم أن العادة جرت بمَنح نجمة واحدة أولًا ليُضاف عليها بعد ذلك. وحصلت أيضًا على لقب أفضل طاهية في العالم من قائمة "أفضل 50 مطعمًا حول العالم" (World’s 50 Best Restaurants).
ترعرعت سميث (Smyth) في مزرعة على الساحل الشمالي لأيرلندا الشمالية، ورغم أنها لا تبعد سوى 800 كيلومتر تقريبًا عن لندن، إلا أنها تختلف تمامًا عن مطعمها الفاخر، حيث تكلف قائمة التذوق الكلاسيكية 115 يورو (150 دولارًا أمريكيًا) ويصل ثمن إضافة النبيذ إلى 105 يورو.
وتقول سميث متحدثةً عن طفولتها التي عاشتها في قرية باشميلز (Bushmills) الواقعة في مقاطعة أنتريم (County Antrim): "لقد كبرت وأنا آكل البطاطا في كل وجبة، بحكم أنني إيرلندية. وبعدها، وعندما كنّا نُعدّ في المطابخ طبق البطاطا المهروسة أو غيرها، كنت آكل حبة من البطاطا المسلوقة مع الملح والفلفل قبل تقديم الوجبات.
وتضيف: "في إحدى المرات، قال لي رئيس الطهاة جوني بون (Jonny Bone)، أتعلمين أن علينا البدء بتقديم طبق بطاطا؟ وهكذا بدأنا بتطوير الطبق". ولم تكن الأعشاب البحرية غريبةً عن مطبخ العائلة أثناء طفولتها، فقد مزجت الأرض القريبة من المياه التي تمتلكها العائلة نكهة المحيط بالمحاصيل التي تحصدها.
وتصف سميث طبقها قائلة "اخترنا استخدام بيض سمك الرنجة والسلمون المرقط بدلًا من الكافيار، لأننا رغبنا، مرة أخرى، بالابتعاد عن المكونات الفاخرة. كما أنها لذيذة وتضفي نكهة مميزة تتناسب مع قوام البطاطا. لذا فإن الطبق كلاسيكي نوعًا ما، ولكنه مشبع ويشعرك وكأنك في منزلك. إنه يعبر عني إنه طبق بسيط".
مسيرة حافلة في عالم الطهي
تثير مسيرة سميث المهنية الإعجاب، فقد عملت تحت إشراف آلان دوكاس (Alain Ducasse) في مطعم "لويس الخامس عشر" (Louis XV) في موناكو الحائز على ثلاث نجوم ميشلان، وحافظت على نجوم ميشلان الثلاث التي حاز عليها مطعم غوردون رامزي (GordonRamsay) لمدة عقد من الزمان، وكانت أول امرأة تحصل على ثلاث نجوم في المملكة المتحدة. وأصبحت رئيسة الطهاة في واحد من أعتى المطابخ في لندن وهي في عمر الـ 28 ومُنحت منصب مساعد شيف في "مطعم غوردون رامزي" (Restaurant Gordon Ramsay) عام 2012.
وتشير الكثير من التوقعات بين العاملين في المجال إلى أن حصول سميث على نجمة ميشلان الثالثة - وهو التقييم الأهم للجودة والرقي في عالم المطاعم عالميًا- ما هو إلا مسألة وقت، حتى أنها قد تحصل عليها هذا العام.
"لقد كان أمرًا شاقًا، شاقًا جدًا. ولكن هذا ما أردته."
يقول سات بينز (Sat Bains) الذي يمتلك مطعمًا مُسمّى باسمه، يقع في نوتنغهام (Nottingham ) ويحمل نجمتي ميشلان: "إنها واحدة من أفضل الطهاة في العالم. ولن يمر وقت طويل حتى تعود إلى حيث كانت أثناء عملها في مطعم غوردون رامزي (Gordon Ramsay) في شارع "رويال هوسبيتال رود" (Royal Hospital Road) من ناحية التقدير- أي أن يصبح مطعمها من أفضل مطاعم العالم ويحصل على ثلاث نجوم ميشلان، دون أدنى شك. هذا ما يُتوقع منها.
يذكر أن بينز (Bains) قد ابتكر طبق بطاطا في قائمة مطعمه وحاز على الكثير من الإعجاب.
تعتمد سميث في أطباقها المميزة على بعض المكونات البريطانية البسيطة، مع وجبات خفيفية كالأنقليس الهلامي (ثعبان البحر) والأعشاب البحرية المُحمصة وخل الشعير، والطبق الرئيسي المكون من لحم الضأن المطهو ببطء مع الجزر ولبن النعاج.
وحقق مطعمها كور (Core) علامة 10 من أصل 10 في "دليل الطعام اللذيذ" (Good Food Guide) مما يجعله خامس مطعم في لندن يحصل على هذه العلامة. (كانت المطاعم الأخرى "شي نيرو" (Chez Nico) و"لا تانت كلير" (La Tante Claire) و"ماركو بيير وايت" (Marco Pierre White) و"مطعم غوردون رامزي" (Restaurant Gordon Ramsay).
قائمة طعام حفل زفاف الأمير هاري وميغان ماركل
وحضّرت سميث (Smyth) قائمة الطعام في الزفاف الملكي للأمير هاري (PrinceHarry) وميغان ماركل (MeghanMarkle) عام 2017.
إنها كتومة جدًا ولن تتحدث عن تلك التجربة أبدًا، فلن تُفصح عن المأكولات التي طهتها، إلا أنها تبتسم عند سماع التقارير التي أفادت بتقديم شطائر الهمبرغر الفاخرة وتقول: "عندما أفكّر بالأطباق التي أُعدّها عادةً، لا أعتقد أن الكثير من الناس قد توقعوا أنني سأحضّر شطائر الهمبرغر".
ولكنها بالتأكيد لم تعش حياة ملكية. وتقول سميث إنها أثناء فترة المراهقة، عملت بدوام جزئي في مطعم محلي، واكتشفت شغفها بالطعام الذي دفعها إلى مغادرة المنزل بسن الـ16 للسفر إلى لندن لتتمكن من متابعة شغفها. (لا تذكر حتى أنها تصورت مع ميغان ماركل منذ أن انتهى الزفاف).
واستكملت: "كنت عنيدة جدًا وساذجة أثناء طفولتي؛ فقد كنت أطمح لأن أكون طاهية وليس أي شيء آخر"، وتضيف بنبرة حادة: "لقد قرأت الكثير من الكتب ولدي بعض الأصدقاء هنا، لذا أتيت لقضاء العطلة وبحثتُ عن بعض الجامعات وغيرها أثناء وجودي، ومن ثم حصلت على فرصة للتدريب وبدأت على الفور. لم أستطع الانتظار أكثر".
حصلت على التدريب وعملت في منتجع "غرايشوت هول" (Grayshott Hall) في ريف مقاطعة سري (Surrey)، وعندما أصبحت في الـ17 من العمر انتقلت إلى لندن للعمل تحت إشراف سايمون هوبكنسون (Simon Hopkinson) في واحد من أفضل المطاعم في المدينة، ألا وهو "بيبندوم" (Bibendum).
اعتقد رامزي (Ramsay) أنها لن تصمد أسبوعًا عند انضمامها إلى مطعم غوردون رامزي (Restaurant Gordon Ramsay) عام 2002، إلا أنها شقّت طريقها إلى منصب كبير مساعدي رئيس الطهاة قبل أن تسافر إلى الخارج لاكتساب المزيد من الخبرة من خلال العمل مع دوكاس (Ducasse).
تقول عن العمل في مطعم رامزي (Ramsay ): "الحقيقة هي أن معظم الناس لا يصمدون لمدة أسبوع، وخاصةً النساء، كما تعلم، بطبيعة الحال، لقد كان أمرًا شاقًا، شاقًا جدًا. ولكن هذا ما أردته". وأضافت: "كان الجميع يرغب في العمل هناك في ذلك الوقت، لذا عليك أن تكون ماهرًا بما فيه الكفاية وإلا فإنك سترحل".
الخوف ينتاب الكثيرين من المطاعم الراقية وهي قد تسبب بعضًا من الرهبة
عادت سميث (Smyth) للعمل في مطعم رامزي عام 2007 الذي بدوره قدم لها الدعم عندما تركت المطعم عام 2016 لافتتاح مطعمها "كور" (Core). ومن بين جميع الجوائز التي حصدتها، كانت جائزة أفضل طاهية في العالم الأكثر إثارةً للجدل. فقد تساءل الكثيرون عما إن كان من الضروري تخصيص فئة منفصلة للنساء في مجال الطبخ. حتى أن سميث (Smyth) نفسها قالت في الكلمة التي ألقتها عند تلقي الجائزة، إن عمل الطاهي ليس متحيزًا من ناحية الجنس. فلماذا قبلت هذه الجائزة؟
أجابت: "كان أمرًا إيجابيًا، فإن أردت أن أكون قدوة أو ملهمة للآخرين، فإن هذا أمر رائع حقًا ،ما زال أمامنا شوط طويل في بريطانيا بلا شك. ولكن الأمور تتغير، فقبل حوالي 10 سنوات، كنت المرأة الوحيدة في مطابخ المطاعم الراقية. والآن، هناك توازن بمقدار الثلث، لذا فإن الأمور تسير في الاتجاه الصحيح".
تنتهي المقابلة، وتتجه سميث (Smyth) لتحضير طبقها المميز. قد يكون هذا طبق البطاطا الراقي الأكثر شهرة على الإطلاق، ويأتي بعد طبق البطاطا المهروسة الذي قدمه جويل روبوشون (Joel Robuchon)، أو ما يعرف بالبطاطا المهروسة المثالية. والذي تقول إنها لم تتوقع نجاحه.
تضيف: "عليّ أن أسمعها 20 مرة كلما أقدم طبقًا. قد ينتاب الناس الخوف من المطاعم الراقية وهي قد تسبب بعضًا من الرهبة. ولكن عندما تقدم طبقًا مثل هذا، فإنه يُشعر الناس بالثقة للاستمتاع بالطبق وتناوله".
وعن رأي مدربها آلان دوكاس (Alain Ducasse) في مطعم "كور" (Core)؟ يقول وهو يضحك: "لقد ذهبت إلى المطعم ورأيت أنها قد خضعت لتدريب جيد، لقد تدربت معنا والآن أصبحت منافسةً لنا".