بلومبرغ
بدأت أوروبا في نشر أكبر صندوق لرأس المال المغامر تم إنشاؤه في المنطقة على الإطلاق، وذلك ضمن أحدث محاولاتها لتأسيس شركات ناشئة بقطاعات الصحة والتكنولوجيا، لكي تنافس آسيا والولايات المتحدة.
واستثمر الصندوق البالغ قيمته 3 مليارات يورو (5.3 مليار دولار)، والذي يديره مجلس الابتكار الأوروبي، وتم إطلاقه رسمياً الأسبوع الماضي، في شركة "كور ويف" (Cor Wave) الفرنسية الناشئة التي تطور مضخة القلب القابلة للزرع وفقاً لأحدث التقنيات.
وقدم صندوق مجلس الابتكار الأوروبي مبلغاً قدره 15 مليون يورو من الـ 35 مليون يورو التي جمعها الصندوق في شهر يناير.
وقال لوي دي ليلير، الرئيس التنفيذي لشركة "كور ويف"، في حفل الإطلاق، إن المستثمرين من القطاع الخاص الأوروبي لا يقومون عادة باستثمار 15 مليون يورو في الشركات المتخصصة في المراحل ما قبل السريرية.
وأضاف، في إشارة إلى مستثمري القطاع الخاص: "إنهم يحتفظون باستثماراتهم حتى المرحلة اللاحقة من التجارب السريرية أو لمرحلة الإيرادات. لقد ملأ صندوق مجلس الابتكار الأوروبي هذه الفجوة حقاً".
اللحاق بركب غوغل وفيسبوك
ولطالما أعرب القادة الأوروبيون عن أسفهم لعدم تمكن أي شركة تقنية ناشئة محلية من التوسع إلى حجم "غوغل"، و"آبل"، و"فيسبوك"، و"أمازون"، وهي المجموعة التي يشار إليها باسم "جي إيه إف إيه" (GAFA).
ويريد الأوروبيون الوصول إلى نتيجة مختلفة خلال الموجة التالية من التقنيات المتقدمة مثل الحوسبة الكمية، وتقنية البلوكتشين، والذكاء الاصطناعي.
وقال جان ديفيد مالو، مدير مجلس الابتكار الأوروبي المسؤول عن الصندوق، في مقابلة: "يجب أن نتحمل المخاطر من أجل تهيئة الظروف، لكي تقود بعض شركاتنا سوق المستقبل".
وقال إن الهدف من الاستثمار المباشر في الشركات الناشئة هو معالجة "وديان الموت" الرئيسة، في إشارة إلى نقاط ضعف رواد الأعمال الأوروبيين في بعض الأمور، مثلما قال الاتحاد الأوروبي.
ويتمثل هذا الضعف في تحول الأبحاث المعملية إلى تعهدات تجارية، وتوسيع نطاق الشركات الناشئة ذات المخاطر العالية بقطاع التكنولوجيا العميقة في مجالات مثل الرعاية الصحية، والاستدامة، والتصنيع المتقدم.
مساعدة الشركات الناشئة
وكجزء من صندوق مجلس الابتكار الأوروبي بقيمة 3 مليارات يورو، سيمتلك الاتحاد الأوروبي ما بين 10- 25% من الشركة التي سيتم الاستثمار فيها بشكل مباشر، بمبالغ قد تصل إلى 15 مليون يورو. وسيتم توفير 7 مليارات يورو أخرى للشركات الناشئة على شكل منح بشكل أساسي.
واستثمرت أوروبا سابقاً في شركات ناشئة من خلال مثل هذه المخصصات المالية، أو بشكل غير مباشر من خلال الاستثمار في صناديق رأس المال المغامر عبر صندوق الاستثمار الأوروبي.
وقال المسؤولون إنه لن يتم تحويل التمويل بعيداً عن شركات رأس المال المغامر بموجب ميزانيته الجديدة.
ويريد مجلس الابتكار الأوروبي تحقيق عائد على الاستثمارات، ولكنه يقول إن مساعدة الشركات على النمو أمر بالغ الأهمية، وهو على استعداد للاستمرار في الاستثمار لفترات أطول من غيره أيضاً، بهدف التخفيف من مخاوفهم حيال شركات التكنولوجيا العميقة التي يُنظر إليها على أنها استثمارات محفوفة بالمخاطر، ولهذا تتضاءل فرص حصولها على تمويل خاص مبكر وحاسم.
وقال مالو: "نتواجد هناك كمستثمر يصبر على رأس ماله، بينما يرى الآخرون الاستثمار على أنه عامل أمان إضافي لهم، وكذلك بالنسبة للشركة". مضيفًا أن تمويل المجلس يهدف إلى حشد الاستثمار الخاص وليس استبداله.
تحديات الحصول على التمويل
ولا تقتنع كافة الشركات المتخصصة في الاستثمار بقطاع التكنولوجيا العميقة بهذا المنطق، حيث قال توم فيهمايير، الشريك في"أتوميكو" (Atomico): "إن الأمر لا يتعلق بعزوف الطبقة الناشئة من المستثمرين المغامرين الأوروبيين حالياً عن الاستثمار فيها بسبب عدم شعورهم بالارتياح لتحمل المخاطر العلمية أو الهندسية".
وأضاف: "تكافح شركة التكنولوجيا العميقة الأوروبية من أجل الحصول على تمويل من قبل صناديق رأس المال المغامر، ومن المرجح أن المسألة ترتبط بالفريق أو بإمكانية التوسع أو بنموذج العمل".
وفي مقابلة، قال هيرمان هاوزر، المؤسس المشارك لشركة "آماديوس كابيتال بارتنرز"، ونائب رئيس المجلس الاستشاري التجريبي في مجلس الابتكار الأوروبي، إن نهج الاستثمار في الاتحاد الأوروبي "يعمل بشكل جيد للغاية"، ويدعم هدفه المتمثل في الوصول إلى السيادة الرقمية، التي يمكن أن تخفف من اعتماد الكتلة على مناطق أخرى في تقنيات الجيل القادم الهامة.
ووقّع صندوق مجلس الابتكار الأوروبي صفقات مع أربع شركات، بينما من المقرر أن تحصل عشرات أخرى على تمويل لزيادة رأس المال، وفقاً للاتحاد الأوروبي. وإلى جانب "كور ويف"، يشمل المستفيدون شركة أدوية بيولوجية فنلندية تعمل على تطوير العلاجات المناعية، وشركة دنماركية ناشئة تُصنّع مكوّنات بصرية للإلكترونيات الاستهلاكية.
وقال هاوزر إنه بينما تخلفت أوروبا عن الركب في الماضي، لا تزال أمامها فرصة عندما يتعلق الأمر بالجيل القادم من التقنيات، مضيفاً أن أوروبا تملك بعضاً من أفضل مجموعات البحث الكمي في العالم، و"خسارتنا ستعود علينا".