شروط الحصول على الأموال المقدمة بموجب قانون الرقائق ترتبط بصورة كبيرة بتحقيق أهداف أجندة بايدن الانتخابية

منح "إنتل" 20 مليار دولار يكشف مواطن الضعف الأميركية

الرئيس الأميركي جو بايدن خلال فعالية في مجمع "إنتل أوكوتيلو" بمدينة تشاندلر بولاية أريزونا في الولايات المتحدة بتاريخ 20 مارس 2024  - المصدر: بلومبرغ
الرئيس الأميركي جو بايدن خلال فعالية في مجمع "إنتل أوكوتيلو" بمدينة تشاندلر بولاية أريزونا في الولايات المتحدة بتاريخ 20 مارس 2024 - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

من المقرر أن تحصل شركة "إنتل" على منح وقروض قيمتها 20 مليار دولار للمساعدة على تمويل زيادة سعتها الإنتاجية في الولايات المتحدة الأميركية، لتصبح أكبر مستفيد إلى حد الآن من قانون الرقائق والعلوم الصادر خلال 2022، ما يُعد العنصر الرئيسي في خطة الرئيس الأميركي جو بايدن لقلب انخفاض حصة الولايات المتحدة الأميركية من إنتاج أشباه الموصلات العالمي، وهو اتجاه استمر على مدى عقود طويلة.

يكرر البيت الأبيض بالفعل الحديث عن هذه المنح في جولات الحملة الانتخابية بوصفها دليلاً على أن سياساته تعمل لصالح أميركا. لكن الحقيقة أن الشروط المرتبطة بها تُبرز فقط العيوب التنافسية للبلاد.

وبينما يتجه الطلب العالمي على الرقائق للصعود بقوة، ويعزى ذلك بالأساس إلى تطورات مجال الذكاء الاصطناعي، فإن الولايات المتحدة لا تملك كفاءة القوى العاملة ولا المنظومة التنظيمية اللازمة لمواكبة ذلك.

أشارت جمعية تصنيع أشباه الموصلات خلال يوليو الماضي، إلى أن شركات صنع الرقائق في طريقها لإضافة نحو 115 ألف وظيفة مع حلول 2030، مستشهدة باستطلاع رأي أجرته. لكن استناداً لمعدلات إكمال الدراسة الجامعية حالياً، ربما لا تجد 58% من تلك الوظائف المتوقعة من يشغلها.

حتى وزيرة التجارة جينا ريموندو حذّرت في ديسمبر الماضي من أن جهود الولايات المتحدة الأميركية لبناء قطاع أشباه موصلات محلي ربما تتأخر لأعوام بسبب مراجعات معايير الأثر البيئي للمشاريع.

أهداف بايدن

يُشترط على المستفيدين للتأهل للحصول على المنح المرتبطة بقانون الرقائق، ليس فقط توسيع السعة الإنتاجية في الولايات المتحدة، لكن فعل بذلك بطريقة تدعم أجندة إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن الأكبر، بداية من زيادة تمثيل العمال المهمشين بقطاع التكنولوجيا، وصولاً إلى التنسيق مع العمالة التابعة للنقابات العمالية النظامية في خطط تطوير القوى العاملة.

ربما تستحق مثل هذه الأهداف الاهتمام، لكنها تفاقم تكاليف التصنيع وتجعل عملية توسيع الإنتاج محفوفة بالمخاطر.

في حالة "إنتل"، لن تحصل الشركة التي يقع مقرها بمدينة سانتا كلارا على مبلغ التمويل بالكامل فوراً، بحسب "بلومبرغ نيوز". ربما يحتاج صرف الأموال لأعوام، وسيتوقف على تحقيق "إنتل" أهداف الإنتاج وغيرها من المعايير. من الواضح أن أسهم "إنتل" لم تتغير كثيراً منذ منتصف فبراير الماضي، عندما كُشف عن أن الشركة كانت منخرطة بمحادثات حول هذه الأموال حتى مع ارتفاع أسواق الأسهم الأوسع نطاقاً.

اقرأ أيضاً: بايدن بصدد منح "إنتل" 10 مليارات دولار لاستعادة هيمنة الرقائق

أوقفت أكبر شركة لتصنيع الرقائق على مستوى العالم، شركة "تايوان سيميكوندوكتور مانوفاكتشورينغ"، بناء منشأة بقيمة 40 مليار دولار بولاية أريزونا بسبب نزاع مع نقابة عمال تركيب الأنابيب. تفاوضت "تايوان سيميكوندوكتور مانوفاكتشورينغ" مع النقابة لمدة 6 شهور قبل التوصل لتسوية سمحت بمواصلة أعمال البناء.

أخبر المسؤولون التنفيذيون في "تايوان سيميكوندوكتور مانوفاكتشورينغ" المستثمرين أن بناء المصنع سيتكلف في الولايات المتحدة الأميركية 4 أضعاف ما سيتكلفه في تايوان، سبب ذلك الأساسي هو ارتفاع تكاليف العمالة والتكاليف التنظيمية. خلال يوليو الماضي، أشار المسؤولون التنفيذيون في الشركة إلى أن نقص العمالة الماهرة كان من بين الصعوبات العديدة التي واجهتها. ذكر رئيس مجلس الإدارة مارك ليو خلال مؤتمر أرباح عبر الهاتف في ذلك التوقيت: "نعمل على تحسين هذه الأمور عن طريق إرسال عمال فنيين ماهريين من تايوان إلى الولايات المتحدة".

عار أميركا

بات جلياً أن احتمال حدوث نزاعات عمالية، وعمليات تأخير إصدار التصاريح، وتكاليف أخرى زائدة للغاية، يجعل من بناء المرافق في الولايات المتحدة الأميركية اقتراحاً أشد خطورة لشركات تصنيع الرقائق.

يعني هذا أن زيادة النفقات المثيرة للإعجاب على بناء مصانع جديدة، والتي تضاعفت خلال حقبة بايدن، ربما تتباطأ. تتدهور القدرة التنافسية من حيث التكلفة في أميركا، إن وجدت، وعندما تنفد الأموال الحكومية، قد تلجأ شركات التصنيع مرة أخرى إلى آسيا أو مناطق أخرى حيث تجد العمالة الرخيصة واللوائح الأقل صرامة لتوسيع الإنتاج. إلى حد الآن، صُنعت أغلب رقائق شركة "إنفيديا" المتطورة في تايوان.

اقرأ أيضاً: تقرير: بايدن بصدد تقديم دعم بالمليارات لشركات صناعة الرقائق

يمثل هذا عاراً على أميركا لأن هيمنتها على تطوير الذكاء الاصطناعي تعني أن أشباه الموصلات ستصبح أكثر أهمية لاقتصاد البلاد، وستتفاقم المخاطر المرتبطة بالاعتماد على الرقائق المستوردة بصورة أشد. تشكل الولايات المتحدة الأميركية 34% من الطلب العالمي على الرقائق مقابل 12% فقط من المعروض العالمي. برزت عواقب هذا القصور بصورة جلية خلال 2021 عندما أسفر نقص الرقائق عبر كافة أنحاء العالم إبان تفشي وباء كورونا، عن توقف عمليات تصنيع السيارات الأميركية.

الريادة الأميركية

قد تهدد بعض الأحداث التي قد تسفر عن نقص آخر في المستقبل، الريادة الأميركية بمجال الذكاء الاصطناعي. إذ تقع أكبر شركات الذكاء الاصطناعي في الولايات المتحدة الأميركية ومن بينها "أوبن إيه آي" و"مايكروسوفت" و"غوغل" و"أنثروبيك" (Anthropic)، علاوة على إنفيديا الشركة المهيمنة لتصنيع الرقائق المخصصة لأنظمة الذكاء الاصطناعي.

يُعد ذلك أمراً مثيراً للقلق نظراً لتقييم أجرته وزارة الخارجية يشير إلى أن تطوير الذكاء الاصطناعي من قبل خصوم الولايات المتحدة يمثل تهديداً جسيماً للأمن القومي.

لذلك، عوضاً عن خلق فرص العمل، كان يجب أن تقود مسألة الأمن القومي عملية تنفيذ إدارة بايدن والرسائل المرتبطة بقانون الرقائق. لو فعلت ذلك، يمكن للإدارة أن تمنح الأولوية للتوسع المستمر لسعة تصنيع أشباه الموصلات على حساب أهداف السياسات الاقتصادية الأخرى. في ظل الأوضاع الحالية، سيزيد قانون الرقائق على الأرجح لمرة واحدة إنتاج الولايات المتحدة من أشباه الموصلات، لكن لا يوجد تحول مستدام لتراجع حصة أميركا من الإنتاج العالمي.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك