الخسائر المالية والإنفاق المفرط يجعلان الدوري الأشهر في العالم أقل جاذبية

الدوري الإنجليزي يفقد بريقه في عيون المستثمرين الأميركيين

ماتيو كوفاسيتش لاعب مانشستر سيتي يسجل هدفاً في مرمى ناديه السابق تشيلسي على ملعب ستامفورد بريدج في لندن - المصدر: بلومبرغ
ماتيو كوفاسيتش لاعب مانشستر سيتي يسجل هدفاً في مرمى ناديه السابق تشيلسي على ملعب ستامفورد بريدج في لندن - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يثير تراجع أداء نادي تشيلسي قلق بعض المستثمرين المحتملين في الأندية، إذ يبدو أن الرياضة الأميركية أصبحت خياراً أفضل مرة أخرى.

كان الدوري الإنجليزي الممتاز بمثابة أرض خصبة للأميركيين على مدى العقدين الماضيين، إذ كان ما يقرب من نصف الأندية العشرين تحت سيطرتهم عند بدء الموسم الجديد. وازداد الاهتمام بشكل كبير عندما اشترت مجموعة بقيادة الملياردير تود بويلي نادي تشيلسي منذ عامين.

لكنهم الآن يشعرون بالنفور من كرة القدم الإنجليزية، وفقاً لسبعة أشخاص مشاركين في شراء وبيع الفرق. أشار بعض المطلعين على السوق إلى أن الاهتمام تضاءل بشكل خاص وسط تراجع أداء تشيلسي. يأتي ذلك على الرغم من إنفاق أكثر من مليار جنيه إسترليني (1.3 مليار دولار) على اللاعبين.

أفادت المجموعة - وهي مزيج من المستشارين والمستثمرين في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة - بأن الخسائر المالية والتقدم الضئيل في الحد من الإنفاق المفرط على الفرق أديا إلى إبعاد المستثمرين الأميركيين عما يُعتبر غالباً الدوري الرياضي الأكثر شعبية في العالم. هناك أيضاً خطر عدم التأهل للمسابقات الأوروبية المربحة أو الأسوأ من ذلك، وهو الهبوط إلى الدرجة الثانية.

الإنفاق المفرط

أضاف الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم، أن استثمار الأموال في الرياضة الأميركية أصبح أكثر جاذبية.

روجر ميتشل، الذي يدير "ألباشيارا"، وهي شركة استشارية تركز على الاستثمار الرياضي، اعتبر أنه "لا يوجد تحكم في التكاليف، ولديك منافسون غير عقلانيين مثل تود بوهلي يشوهون السوق". ورأى أن الدوري الإنجليزي الممتاز لديه "منتج رائع، لكنه ليس عملاً تجارياً".

"بوهلي" اعتبر أنه "لا يوجد شيء غير عقلاني" في نهج تشيلسي، والذي وصفه بأنه "وضع أساس طويل الأجل، وإنشاء فريق قيادي عظيم". وقال إن قوة العلامة التجارية للأندية الكبرى، مثل تشيلسي، لا يمكن تكرارها أيضاً، ما يمنحها القدرة على النمو عالمياً.

وقعت أندية تاريخية مثل أرسنال وليفربول تحت الملكية الأميركية أيضاً مع ازدياد تدفق المستثمرين إلى إنجلترا. ولا يقتصر الأمر على الفرق الكبيرة فقط؛ فهناك أكثر من 30 فريقاً، وصولاً إلى كارلايل يونايتد في الدرجة الرابعة من نظام الدوري الإنجليزي لكرة القدم، مملوكة لكيانات أميركية.

أندية معروضة للبيع

بالتأكيد، هدأت الضجة المثارة. كانت فرق الدوري الإنجليزي الممتاز مثل توتنهام هوتسبير، وبرينتفورد، وكريستال بالاس، وولفرهامبتون واندرز، وويست هام يونايتد، تحاول بيع حصص أقلية منذ عدة أشهر حتى الآن دون أن تنجح. ولا يزال فريق شيفيلد يونايتد، الذي ذكرت "بلومبرغ" أنه كان معروضاً للبيع قبل عام، يبحث عن مالك جديد. كذلك فإن فريق إفرتون معروض للبيع منذ يناير 2023 على الأقل.

بحسب آدم سومرفيلد من شركة "سيرتوس كابيتال" (Certus Capital)، الذي يقدم استشارات للأفراد ذوي الثروات العالية بشأن الاستثمار في الرياضة، فإن العديد من هذه الأصول تم الترويج لها بشكل مفرط وتم تسعيرها بشكل مبالغ فيه. هذا الأمر يدفع المزيد من العملاء نحو فرق النساء والرياضات المتخصصة مثل رياضة البادل. ومن المتوقع أيضاً أن يسمح الدوري الوطني لكرة القدم الأميركية قريباً بالاستثمار عبر شركات الأسهم الخاصة.

أضاف "سومرفيلد" أن "المستثمرين الأميركيين الذين نتعامل معهم يحبون أن تُعرض عليهم فرصة فريدة من نوعها. ورأى أنهم يريدون "إمكانية تحقيق تأثير في المدى القصير باستثمار ذي حجم مشابه".

إيرادات الدوري

صرّح ممثل صندوق رياضي أميركي كبير بأن الدوري الإنجليزي الممتاز أصبح تنافسياً للغاية لدرجة أنه كان من الصعب احتواء التكاليف. بالإضافة إلى ذلك، فإن هناك علامات على انخفاض المنافسة على حقوق الإعلام، ما أدى إلى تراجع بعض الصفقات الأخيرة مع شركات البث.

قال أحد المسؤولين التنفيذيين لمجموعة رياضية أميركية إنه يعتقد أن معظم فرق الدوري الإنجليزي الممتاز ستستمر في خسارة الأموال ما لم يحالفها الحظ في بيع اللاعبين. وتابع أنه من الصعب رؤية قيود صارمة على إنفاق اللاعبين، مثل سقف الرواتب الصارم.

بشكل جماعي، قفزت إيرادات الدوري الإنجليزي الممتاز، التي تعززت بالملاعب المزدحمة وأكثر الصفقات التلفزيونية ربحية في أوروبا، إلى ما يقرب من 7 مليارات جنيه إسترليني سنوياً. ومع ذلك، أظهرت أحدث مجموعة من المستندات المقدمة أن 4 فقط من أصل 20 فريقاً حققوا ربحاً تشغيلياً في موسم 2022-2023.

استثمارات محدودة

بالتأكيد، لا تزال بعض صناديق الاستثمار الرياضية في الولايات المتحدة تقيّم الدوري بمرتبة عالية كاستثمار. وتشهد شركة "إيريز مانجمنت" (Ares Management) على جاذبية الأندية التاريخية، وقواعد الجماهير الوفية، والطلب المتزايد على المحتوى الرياضي، حسبما ذكر مارك أفولتر، الشريك والرئيس المشارك لاستراتيجيتها في الرياضة والإعلام والترفيه.

"نحن نؤمن بالقيمة طويلة الأجل وإمكانات النمو التي يتمتع بها الدوري الإنجليزي الممتاز"، حسبما قال "أفولتر"، الذي تدعم شركته نادي كريستال بالاس عبر شركة "إيغل فوتبول" كما أنها مُقرضة لتشيلسي، وفقاً لما ذكرته "بلومبرغ" العام الماضي.

لكن على المدى القصير، تبيّن أن عمليات البيع أصعب. في وقت سابق من هذا الشهر، اشترى المستثمر الرياضي الأميركي مارك لاسري حصة في نادي إيبسويتش تاون، الذي تمت ترقيته حديثاً، وذلك إلى جانب الموسيقي الإنجليزي إد شيران. وقبل ذلك، كان آخر فريق جذب مستثمراً خارجياً في ديسمبر الماضي عندما اشترت شركة الاستثمار "أتيروس" (Atairos) حصة في "في سبورتس"، وهو مشروع مشترك يملكه أصحاب فريق أستون فيلا.

عوامل نقدية وسياسية

كذلك فإن أسعار الصرف خفضت من هذا الاهتمام، وفقاً لكريستينا فيليبو، وهي أستاذة محاضرة في المحاسبة والاقتصاد والتمويل في جامعة بورتسموث. تراجع الدولار مقابل الجنيه الإسترليني، بعد أن اقترب من التكافؤ في عام 2022.

قالت "فيليبو": "قبل بضع سنوات، كانت التقييمات أكثر ملاءمة للمستثمرين الأميركيين. لكن الناس يصرون على أسعار مرتفعة، وهناك عدد أقل وأقل من المستثمرين المستعدين لدفع ثمن أصل يتزايد تكبده للخسائر".

استحوذ بوهلي و"كليارليك كابيتال" (Clearlake Capital)، وهي شركة استثمارية خاصة مقرها كاليفورنيا، على نادي تشيلسي في صفقة بلغت قيمتها 4.25 مليار جنيه إسترليني في 2022. وكان النادي واحداً من أفضل الأندية في العالم لسنوات عديدة بفضل الإنفاق السخي للملياردير الروسي والمالك السابق رومان أبراموفيتش على اللاعبين.

في العام الذي سبق اضطرار "أبراموفيتش" لبيع النادي بسبب حرب روسيا في أوكرانيا، فاز تشيلسي على مانشستر سيتي ليتوج بلقب دوري أبطال أوروبا، وهو أقصى نجاح يمكن الوصول إليه في كرة القدم للأندية الأوروبية.

الاستثمار الإماراتي

لكن مانشستر سيتي استمر منذ ذلك الحين في الظهور كالفريق الذي يجب التغلب عليه، وفي الوقت نفسه أصبح مثالاً آخر على النموذج المعيب للدوري. لم يتمتع النادي بأي أهمية إلى أن تم الاستحواذ عليه في 2008 من قبل شركة تابعة لنائب رئيس مجلس وزراء دولة الإمارات الشيخ منصور بن زايد آل نهيان.

أطلقت تلك الموارد المالية الضخمة موجة إنفاق كبيرة سرعان ما غيرت مسار مانشستر سيتي. وفاز النادي بالدوري الإنجليزي الممتاز 6 مرات في السنوات السبع الأخيرة. لكن البطولة الأخيرة جاءت بينما يخضع النادي لتحقيق بشأن أكثر من 100 انتهاك لقواعد المالية تمتد لأكثر من عقد، فيما ينفي النادي من جانبه ارتكاب أي مخالفات.

عندما استضاف تشيلسي فريق مانشستر سيتي يوم الأحد الماضي، كشف النادي اللندني عن مجموعة أخرى من اللاعبين الجدد. وفاز يومها مانشستر سيتي بالمباراة.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك