الوحدات الفاخرة قاطرة سوق العقار السكني في مصر خلال 2022

زينة صوفان
المصدر:

الشرق

يُبدي الراغبون في شراء عقارات سكنية في مصر استعداداً لدفع علاوة تصل إلى 45% للحصول على وحدة في أحد التجمعات التي توفر وسائل الراحة والرفاهية، لا سيما تلك الواقعة في مناطق التطوير الجديدة. ومع أن سعر المتر المربع يتجاوز 18 ألف جنيه في مثل هذه الأماكن، مقابل متوسط 14.5 ألف على مستوى القاهرة الكبرى، فإنّ الإقبال على المساكن الفاخرة بات يشكّل علامة فارقة لسوق العقارات المصرية، لا يُتوقّع أن يخبو بريقها على المدى المنظور.

يمثل القطاع العقاري نحو خُمس الناتج المحلي المصري، ويشهد نمواً مطرداً، مدعوماً بزيادة عدد السكان البالغة مليوني نسمة سنوياً، فضلاً عن حركة الانتقال من الريف إلى المدن بنسبة 2% سنوياً.

هذه العوامل تعزز الطلب على العقارات السكنية في السوق المصرية، لا سيما العاصمة القاهرة التي تمدّدت عبر العقود الماضية.

اليوم تضم المراكز السكنية في العاصمة المصرية منطقة وسط القاهرة التقليدية، وفي شرقها القاهرة الجديدة ومدينة الشروق وصولاً إلى العاصمة الإدارية الجديدة قيد الإنشاء، كما أنها تضم منطقة غرب القاهرة القائمة ومنطقة امتداد غرب القاهرة قيد التطوير. وتعتبر المناطق الجديدة الرافد الأكبر للمعروض من الوحدات السكنية.

العرض والمخزون

تحدّد شركة الاستشارات العقارية "سافيلز" حجم سوق العقار السكني على مستوى القاهرة الكبرى عند 7.1 مليون وحدة سكنية، متوقعة أن يرتفع إلى 7.6 مليون وحدة بحلول 2025.

ويجدر التنويه بأن 20% من الوحدات الإضافية هي من الفئة الفاخرة المعروفة بـ"اللوكس"، وتحديداً في منطقتَي القاهرة الجديدة شرقاً، لا سيما التجمع الخامس، وغرب القاهرة حيث مدينة 6 أكتوبر والشيخ زايد، إذ يُتوقّع أن يرتفع عدد الوحدات هناك من 70 ألفاً حالياً إلى 170 ألفاً خلال 3 أعوام.

حسب شركة الخدمات العقارية "جي إل إل"، شهد عام 2021 إنجاز 19 ألف وحدة سكنية على مستوى القاهرة، ليرتفع المخزون السكني الى 227 ألف وحدة، على أن يجري تسليم 29 ألف وحدة إضافية في 2022 تتركز في مشاريع غرب وشرق القاهرة.

المصدر: بالم هيلز
المصدر: بالم هيلز

الأسعار والتضخم

أسعار المناطق الجديدة تعكس الطلب العالي عليها، إذ يبلغ متوسط سعر بيع المتر المربع حسب شركة الاستشارات العقارية الدولية "كولييرز" 18 ألف جنيه في شرق القاهرة، و15.5 ألف جنيه في 6 أكتوبر غرباً، بما يتجاوز المتوسط العام لسعر البيع على مستوى القاهرة الكبرى، الذي يسجل نحو 14.5 ألف جنيه للمتر المربع. وتصل نسبة العلاوة التي يُبدي المشترون استعداداً لدفعها في المناطق الجديدة إلى ما بين 25% و45% للحصول على سكن في أحد التجمعات التي توفر وسائل الراحة والأمان والرفاهية. وتمتد المزايا التي يتحيز لها "الذوق العام" الجديدة إلى توفر المدارس والنوادي الرياضية ومراكز التسوق والترفيه وخدمات الرعاية الصحية داخل المجمعات السكنية.

ترصد "جي إل إل" ارتفاع أسعار الوحدات السكنية في المتوسط بنسبة 7% في الربع الرابع من 2021، على أساس سنوي، في منطقة السادس من أكتوبر شرقاً، و8% في القاهرة الجديدة غرباً، في سنةٍ بلغت فيها مستويات التضخم 5.3% وفق مؤسسة الأبحاث "أوكسفورد إيكونومكس".

وتتوقّع "جي إل إل" بشكلٍ صريح أن "تحافظ أسعار العقارات السكنية في القاهرة على منحاها الصاعد على مدى الأشهر الاثني عشر إلى الثمانية عشر المقبلة.

الطلب متفاوت

رغم اتفاق بيوت الأبحاث على استمرار النمو في الطلب فإنها تختلف عند رصد واقع هذا الطلب مقابل العرض.

فبينما ترى "كولييرز" أن الطلب سيتفوق على العرض، مستندةً إلى تقديرها احتياج القاهرة الكبرى إلى 880 ألف وحدة سكنية بحلول 2026، تؤكّد "سافيلز" أن العرض سيتفوق على الطلب، استناداً إلى كمّ المشاريع الهائلة قيد التطوير.

الذراع البحثية لوكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني تتحدث في هذا الصدد عن عدم توافق بين العرض والطلب على مستوى السوق المصرية عموماً، يُنتِج عجزاً بنصف مليون وحدة سكنية في السنة، وتعزو ذلك إلى إمدادات محدودة على مستوى إسكان الدخل المنخفض، نتيجة ضعف المحفزات التي تحرك المطورين العقاريين بهذا الاتجاه.

كذلك تشير "فيتش" الى سوق رهن عقاري غير ناضجة، وهو ما يبعد المطورين أكثر فأكثر عن المشاريع السكنية متوسطة الأسعار أيضاً.

المصدر: موقع شركة سوديك
المصدر: موقع شركة سوديك

عودة الاستثمار الأجنبي

لكن السوق تشهد دينامية واضحة، بدأت تتضح معالمها في 2021، فخروج القطاع العقاري من نفق كورونا لم يأتِ صدفة، وإنما ترافق مع عدد من المحفزات الداعمة على المستوى الوطني، بدءاً من خفض الفائدة أواخر 2020، ومروراً بإطلاق شركات تمويل عقاري استثمارية، ووصولاً إلى مبادرة البنك المركزي المصري بمجال الإقراض السكني لفئات الدخل المتدني والمتوسط، التي ترصد 100 مليار جنيه لإقراضٍ فائدته 3% ومدّة سداده تمتد إلى 30 عاماً.

المناخ الإيجابي المحيط بالقطاع كان سبباً رئيسياً في تحرك استثمارات عربية متجددة نحو مصر، من أبرزها شراء كونسورتيوم إماراتي يضم "الدار" و"ADQ" لشركة "سوديك" المصرية.

كذلك شهدت السوق العقارية المصرية عودة "ديار" القطرية للعمل بعد حصولها على موافقاتٍ كانت متعثرة على مدى 4 سنوات، فاستأنفت الشركة العمل عل تطوير مشروعها "سيتي غيت" في القاهرة الجديدة.

الواقع الديموغرافي، والسياسات الداعمة للقطاع يسندها نمو اقتصادي يُتوقّع أن يصل إلى 5.6% في السنة المالية 2021–2022، فضلاً عن الانحياز المصري المجتمعي تقليدياً نحو الاستثمار في الأصول العقارية، كلها عوامل تُنبئ بفورة عقارية في مصر.

لكن يقابلها التضخم، الذي يقع في قلب هواجس 2022 عالمياً وسط ارتفاعات هائلة في أسعار المواد الأولية ومواد البناء، يُترجَم عادةً إلى مخاوف جدّية للقطاع، تنعكس على أداء شركات التطوير العقاري.

وكان استطلاع أجرته "الشرق" مؤخراً، وشمل نحو 12 شركة عقارية مصرية، توقّع أن تزيد أسعار العقارات بين 15 و20% خلال العام المقبل، وسط موجة تضخم عالمية، وارتفاع أسعار مواد البناء.

تصنيفات

قصص قد تهمك