شهدت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا اليوم الثلاثاء تقلّبات وسط مزيد من العلامات على أنَّ زيادة أسعار الطاقة تقوّض الناتج الاقتصادي للمنطقة، وتفاقم الضغوط على السياسيين من أجل إيجاد حلّ للأزمة قبل أشهر قليلة من فصل الشتاء.
ارتفعت العقود الآجلة المعيارية بـ5.2% إلى أكثر من 290 يورو لكل ميغاواط/ ساعة، بعد أن استقرت عند مستوى قياسي أمس الإثنين. وبذلك؛ فإنَّ أسعار الغاز تجاوزت سبعة أضعاف ما كانت عليه في هذه الفترة من العام الماضي.
من المقرر أن توقف شركة "غازبروم" (Gazprom) الروسية التدفقات عبر خط أنابيب الغاز الرئيسي "نورد ستريم" إلى ألمانيا لمدة ثلاثة أيام تجري خلالها أعمال الصيانة، بدءاً من 31 أغسطس، مما يثير المخاوف مجدّداً من عدم عودتها بعد هذه الأعمال. انخفاض التدفقات من شأنه أن يهدد جهود أوروبا لملء مواقع التخزين استعداداً للأشهر الباردة.
طالع أيضاً: المخاوف من إمدادات الشتاء ترفع أسعار الغاز الأوروبية
القيود على روسيا
أدى عدم الاستقرار الناجم عن القيود المفروضة على روسيا إلى إحداث صدمة بالأسواق العالمية، مما دفع إلى ارتفاع الأسعار من آسيا إلى الولايات المتحدة. من شأن المزيد من الخفض الممتد زمنياً في أوروبا أن يفاقم الأزمة التي استمرت لأشهر، مما يؤجج التضخم، ويقلّص الإنتاج الصناعي، ويزيد مخاطر الركود.
يُتداول اليورو حالياً بالقرب من أدنى مستوياته في عقدين أمام الدولار.
اقرأ أيضاً: بسبب أزمة الطاقة.. برودة آسيا قد تحرم أوروبا من الدفء في الشتاء القادم
يمكن أن ترتفع أسعار الغاز إلى 400 يورو لكل ميغاواط/ ساعة إذا توقفت التدفقات عبر "نورد ستريم" في سبتمبر، وفقاً لما ذكره ليون إيزبيكي، محلل الغاز في شركة "إنرجي أسبكتس" (.Energy Aspects Ltd). وأضاف: "الأسعار الحالية لها تأثير كبير على الطلب على الغاز الصناعي في أوروبا، وذلك لأنَّ نماذجنا تشير إلى انخفاض سنوي في الطلب على الغاز الصناعي في أوروبا الغربية بنسبة 15% في عام 2022".
قالت شركة "غروبا أزوتي" (Grupa Azoty SA)، أكبر شركة للكيماويات في بولندا، في بيان لها اليوم الثلاثاء، إنَّها أوقفت إنتاج بعض منتجاتها الرئيسية، وقلّصت إنتاج الأمونيا بسبب أسعار الغاز القياسية.
ينكمش الإنتاج الفرنسي لأول مرة منذ عام ونصف، مما يعكس الاتجاه الذي سُجّل في ألمانيا حيث تعاني أكبر اقتصادات أوروبا من التضخم القياسي وزيادة حالة عدم اليقين جرّاء الحرب في أوكرانيا. وقد رجّح محللون استطلعت "بلومبرغ" آراءهم أن يحدث ركود الآن بمنطقة اليورو التي تضم 19 دولة.
طالع المزيد: أسعار الكهرباء في أوروبا تصل لمستويات قياسية مع تصاعد تكلفة الغاز
انكشاف ألمانيا
إنَّ ألمانيا، التي تعتمد بشكل كبير على الغاز الروسي لتشغيل مصانعها والسخانات المنزلية ومحطات الطاقة، مُعرّضة بشكل خاص لهذه الأزمة. تحاول السلطات في البلاد إبرام صفقات للاستفادة من مصادر الطاقة البديلة، فقد أبدت مخاوفها بشأن الحاجة إلى التقنين خلال الأشهر الأكثر برودة في العام.
في الوقت نفسه، تراجعت شعبية المستشار الألماني أولاف شولتس بعد ستة أشهر من توليه مقاليد منصبه، في ظل تصاعد الضغوط عليه لكبح التضخم المتفاقم.
وخلال الزيارة التي قام بها شولتس إلى كندا أمس الإثنين، قال إنَّ روسيا لم تعد شريكاً تجارياً موثوقاً به، مؤكّداً على الحاجة إلى زيادة واردات الغاز الطبيعي المُسال. ومع ذلك، تتنافس أوروبا على الغاز الطبيعي المُسال مع آسيا، حيث تسارع الدول للحصول على المزيد من الشحنات حتى نهاية العام.
طالع المزيد: "غازبروم" توقف ضخ الغاز عبر "نورد ستريم" لأوروبا نهاية الشهر
تشهد أسعار الغاز الطبيعي المُسال في آسيا ارتفاعاً إلى أعلى مستوى لها في خمسة أشهر وسط الإقبال العالمي المحموم على الغاز.
حذّر رئيس الوزراء البلجيكي ألكسندر دي كرو من أنَّ وضع الطاقة في أوروبا قد يطول، قائلاً إنَّ "فصول الشتاء الـ5 إلى الـ10 المقبلة ستكون صعبة".
ارتفاع غير طبيعي
على الرغم من عدم وجود ارتياح يلوح في الأفق بشأن العرض، إلا أنَّ الطلب في أوروبا ما يزال مرتفعاً بشكل غير طبيعي في الصيف. انعكس الطقس الحار والجاف من خلال الاستخدام المكثف لمكيفات الهواء وتوليد طاقة مائية منخفضة، وتراجع إنتاج الطاقة النووية والفحم، مع جفاف الأنهار في أوروبا.
تم تداول عقود الشهر الآجلة في هولندا، وهي المؤشر الأوروبي، منخفضةً بـ0.5% عند 275.5 يورو لكل ميغاواط/ ساعة بحلول الساعة 11:10 صباحاً بتوقيت أمستردام. وانخفض المكافئ بالمملكة المتحدة بنسبة 0.6%.
ارتفعت أسعار الطاقة بألمانيا للعام المقبل، وهو معيار قياسي لأوروبا، بنسبة 3.2% إلى 658 يورو لكل ميغاواط/ ساعة. وتم تداول العقد فوق 700 يورو للمرة الأولى على الإطلاق أمس الإثنين.