يعكس اختيار الأشخاص لتولي مناصب مهمة السياسات المتوقعة، كما يقول الشعار السائد إبان فترة الرئيس الأميركي الراحل دونالد ريغان، وبالتالي فإن إدارة دونالد ترمب الثانية من المحتمل أن تكون غير تقليدية -إن لم تكن كارثية- على غرار ما حدث أثناء إدراته الأولى. ويقع على عاتق الجمهوريين في مجلس الشيوخ تخفيف حدة الأضرار المحتملة.
الخبر الجيد هو أن بعض الأسماء المتوقع أن يختارها ترمب هم موظفون حكوميون لديهم خبرة في الخدمة العامة وآراء قد تُعتبر طبيعية أو معتدلة. فعلى سبيل المثال، لا يحتاج المرء إلى الاتفاق كثيراً مع السيناتور ماركو روبيو ليقر بأنه مؤهل لمنصب وزير الخارجية. الأمر نفسه ينطبق على النائب مايك والتز، المرشح لمنصب مستشار الأمن القومي، وجون راتكليف، المرشح لرئاسة وكالة الاستخبارات المركزية.
يمكن القول إن أسماء مسؤولين آخرين متوقع اختيارهم، أقل ملاءمة بشكل واضح لشغل تلك المناصب. فمقدم البرامج في قناة "فوكس نيوز"، بيت هيغسيث، المرشح لتولي منصب وزير الدفاع، هو من المحاربين القدامى المتميزين، ولكن لا يوجد سبب وجيه للاعتقاد بأنه قادر على إدارة 3 ملايين موظف في "البنتاغون"، والميزانية البالغة 840 مليار دولار. كما أن النائبة السابقة تولسي غابارد، صاحبة المواقف المتعاطفة مع ديكتاتوريين أجانب، تبدو أقل ملاءمة لإدارة الاستخبارات الوطنية.
من الأفضل عدم التطرق إلى مات غايتس، الشخصية الديماغوجية المثيرة للجدل، وقد خضع للتحقيق من قبل السلطات الفيدرالية بشأن مزاعم تتعلق بجرائم جنسية، إذ يبدو أن ترمب يرغب في ترشيحه لمنصب المدعي العام.
من المتوقع أن تكون هناك ترشيحات غريبة أخرى في المستقبل. فمن المحتمل ترشيح المزيد من المخادعين والمحتالين الذين يدورون في دائرة ترمب، لتولي مناصب ذات أهمية على الصعيد الوطني.
ينبغي على أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، وخاصة زعيم الأغلبية المنتخب حديثاً جون ثون، أن يكونوا يقظين تجاه اختيار الأشخاص غير المؤهلين، ومستعدين لرفضهم. القيام بذلك سيكون واجباً وطنياً كما أنه يصب في مصلحتهم، إذ أن غياب الكفاءة في الأشخاص الذين يشغلون المناصب العليا سيعرقل تنفيذ برنامجهم.
مع حصول ترمب على تفويض قوي نسبياً في الانتخابات، فإنه -حتى الآن وبعد كل ما حدث- يستحق بعض الحرية في تشكيل فريقه. من المهم أيضاً التأكيد على أن وجود مسؤولين مؤهلين حول الرئيس يصب في مصلحة الجميع، ولا ينبغي انتقاد الموظفين العموميين الذين يسعون لمساعدته في أداء وظيفته. المصلحة العامة يجب أن تتفوق على الاعتبارات الحزبية في أداء المهام الحكومية.
مع ذلك، فمن المناسب توخي الحذر، فقد أعلن عدد كبير من المسؤولين في ولاية ترمب الأولى أنه غير مؤهل لتولي المنصب، بينهم نائب الرئيس ووزير الخارجية ووزير العدل واثنان من مستشاري الأمن القومي واثنان من وزراء الدفاع واثنان من رؤساء هيئة الأركان، وربما العشرات من كبار المسؤولين البارزين الآخرين.
لن يكون من المفاجئ إذا توصل فريقه خلال فترة ولايته الثانية إلى نفس الاستنتاج ولذات الأسباب. ومع ظهور هذه الحقيقة الجديدة، يتعين على البلاد ببساطة التكيف معها بأفضل ما يمكن.