وفقاً لرواية ترمب، فقد نجح في "جعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، لكن الواقع يعكس صورة مغايرة

روبرت بيرغيس: ترمب يتجه إلى مراجعة شاملة للسياسة الاقتصادية

دونالد ترمب - بلومبرغ
دونالد ترمب - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

الاستماع إلى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وهو يتحدث إلى "النادي الاقتصادي" في نيويورك قد يجعلك تظن أن الاقتصاد قد انهار بشكل كارثي منذ مغادرته منصب الرئاسة، وأن سوق الأسهم في حالة انهيار مستمر دون توقف.

لكن في الواقع، ارتفع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 64% منذ انتخابات عام 2020 حتى يوم الأربعاء الماضي، متجاوزاً ارتفاعه بنسبة 60% خلال الفترة نفسها من إدارة ترمب.

هناك مقولة شائعة تفيد بأن سوق الأسهم ليست مرآة للاقتصاد، وهذا صحيح على المدى القصير. ولكن على المدى الطويل، تعكس الأسهم حالة المؤشرات الاقتصادية الأساسية. وتشير الدلائل إلى أن المستثمرين يفضلون سياسات الرئيس جو بايدن على السياسات التي طرحها ترمب عندما شغل البيت الأبيض من عام 2017 حتى نهاية عام 2020. 

مع ذلك، عندما قدّم ترمب برنامجه الاقتصادي يوم الخميس، أعاد التأكيد على السياسات الرئيسية التي تبنتها إدارته، والتي تركز بشكل أساسي على الرسوم الجمركية وتخفيض ضرائب الشركات.

وفقاً لرواية ترمب، فقد نجح في "جعل أميركا عظيمة مرة أخرى". ولكن الواقع يعكس صورة مغايرة؛ حيث أضرت الرسوم الجمركية التي فرضها على الصين ودول أخرى بالشركات الصناعية الأميركية. كما أن الشركات الكبرى استخدمت الأموال التي وفرتها من تخفيض الضرائب ليس للاستثمار في الابتكار والتطوير، بل في إعادة شراء أسهمها وتوزيع الأرباح على المساهمين. هذا النهج حرم الولايات المتحدة من إيرادات ضرورية وزاد من عبء الدين الوطني، الذي ارتفع بنسبة 16% ليصل إلى 23.2 تريليون دولار بحلول نهاية عام 2019.   

مؤشرات التراجع الاقتصادي في نهاية ولاية ترمب

هذا يوضح السبب وراء تزايد الإجماع مع اقتراب نهاية رئاسة ترمب على أن الاقتصاد كان يعاني من مشكلات. فقد ارتفعت احتمالات حدوث ركود في غضون الاثني عشر شهراً التالية إلى 35% بحلول نهاية عام 2019، مقارنةً بـ15% في عام 2018، وذلك قبل ظهور جائحة كوفيد-19، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ".

في ذلك الوقت، قام المحللون بتخفيض توقعاتهم للنمو، خاصة بعد أن أضاف أصحاب العمل أقل من مليوني وظيفة في عام 2019، وهو أقل عدد من الوظائف الجديدة منذ عام 2010.

وبالمقارنة، أضاف الاقتصاد الأميركي 1.42 مليون وظيفة في عام 2024 حتى شهر يوليو، بالإضافة إلى 3.01 مليون وظيفة في عام 2023، أي بزيادة قدرها 703 آلاف وظيفة مقارنةً بأفضل عام شهدته فترة رئاسة ترمب.

تدهور القطاع الصناعي في ظل سياسات ترمب الجمركية

أما الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب، فلم توفر للشركات الصناعية الأميركية فرصاً أفضل. في الواقع، تدهور مؤشر "معهد إدارة العرض" للنشاط الصناعي بشكل ملحوظ ابتداءً من منتصف عام 2018 وحتى عام 2019. وازداد الوضع سوءاً لدرجة أن المؤشر أشار إلى أن القطاع الصناعي كان في حالة ركود خلال الأشهر الأربعة الأخيرة من عام 2019. ومع ذلك، يستمر ترمب في الدعوة إلى فرض رسوم جمركية شاملة بنسبة 10% على جميع الواردات و60% على البضائع الصينية إذا فاز بإعادة انتخابه، مروجاً لهذه الفكرة بوصفها "سياسة تجارية داعمة للولايات المتحدة"، تعتمد على الرسوم الجمركية لتشجيع الإنتاج المحلي.

بايدن يدفع بنهضة صناعية جديدة عبر التشريعات الاقتصادية

لكن ذلك لم يحدث في المرة الأولى، فلماذا يتوقع البعض حدوثه الآن؟ الحقيقة هي أن تشجيع الصناعيين على زيادة الإنتاج المحلي يتطلب أكثر من مجرد فرض رسوم جمركية، وهو ما أدركه الرئيس جو بايدن ونائبته كامالا هاريس. فقد أقرّا تشريعات اقتصادية مثل قانون الاستثمار في البنية التحتية والوظائف، وقانون خفض التضخم، وقانون الرقائق والعلوم. وكما ذكر كبير الاقتصاديين في شركة "أبولو جلوبال مانجمنت" تورستن سلوك، فإن هذه القوانين ساهمت في إطلاق "نهضة صناعية جديدة" حيث "تشهد الطاقة الإنتاجية للصناعة الأميركية نمواً بعد تراجعها لعقود طويلة".

وقد لاحظ المستثمرون حول العالم هذه النهضة، وليس فقط في الولايات المتحدة، ولذلك يضخون أموالهم بكثافة في الأصول الأميركية.

تحت إدارة بايدن، استقرت حصة الدولار الأميركي من احتياطي العملات العالمية بعد أن تراجعت من 65.4% عندما تولى ترمب الرئاسة إلى 58.9% عند مغادرته. كما زادت الحيازات الأجنبية من سندات الخزانة الأميركية بمقدار 1.14 تريليون دولار منذ نهاية عام 2020 حتى يونيو، وهو ما يفوق زيادتها بقيمة 1.07 تريليون دولار على مدى سنوات ترمب الأربع في السلطة.

ترمب فقد جاذبيته الاقتصادية: هل من جديد؟

وفي سوق الأسهم، التي كان ترمب يعتبرها المؤشر الأهم لأدائه الاقتصادي، فإن تقييمات المستثمرين للأسهم الأميركية الآن أعلى بكثير مما كانت عليه في عهده، ليس فقط من حيث القيم المطلقة ولكن أيضاً بالمقارنة مع بقية العالم وعلى أساس مضاعفات الربحية.

انتُخب ترمب في عام 2016 إلى حد كبير من قِبل الأميركيين المحبطين الذين أرادوا رئيساً قادراً على تغيير الوضع الراهن وتقديم أفكار جديدة إلى واشنطن. ولكن عند النظر في خططه الاقتصادية الحالية، يتضح أنها فقدت جاذبيتها وأصبحت قديمة.

المقال باختصار

يتحدث المقال عن تقييم السياسات الاقتصادية للرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مقارنة بما حققه الرئيس الحالي جو بايدن. ويرى الكاتب روبرت بيرغيس أن ترمب يصوّر الاقتصاد وكأنه في حالة انهيار بعد مغادرته، بينما الواقع يعكس زيادة في أداء سوق الأسهم والنمو الاقتصادي تحت إدارة بايدن.
رغم أن ترمب يروج لسياساته الاقتصادية السابقة، مثل الرسوم الجمركية وتخفيض الضرائب، إلا أن هذه السياسات تسببت في أضرار للصناعات الأميركية ولم تحقق النتائج المرجوة، وفق بيرغيس الذي يرى أن بايدن بالمقابل اعتمد تشريعات اقتصادية عززت النمو الصناعي واستقطبت الاستثمارات الأجنبية.
يخلص بيرغيس إلى أن خطط ترمب الاقتصادية الحالية تبدو قديمة وفقدت جاذبيتها مقارنة بنجاحات بايدن الاقتصادية.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة