هل يفتح سباق الهيدروجين بين أمباني وأداني الطريق أمام نمو الاقتصاد الأخضر؟

موكيش أمباني إلي اليسار ، وغوتام آدان - المصدر: بلومبرغ
موكيش أمباني إلي اليسار ، وغوتام آدان - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

لا تتوقَّع أن ينقذ الاجتماع في جلاسكو الكوكب عندما يكون المشهد الحقيقي على بعد 4 آلاف ميل شرقاً.

يُعتبر مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ في المدينة الإسكتلندية آخر أفضل الفرص لنا للإبقاء على الاحترار العالمي دون 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية، لكن هذا غير واقعي بالفعل.

وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة بمقدار 1.1 درجة عما كانت عليه في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وانبعاثات الغازات الدفيئة الآخذة في التزايد؛ فإنَّ الهدف الطموح الذي تبنته 196 دولة في باريس قبل 6 سنوات، هو خطأ شبه مؤكَّد.

وبلا شك سيقود ذلك لجولة جديدة من الإشارة بأصابع الاتهام بين الدول الغنية والفقيرة، وكيف يبدو كل طرف غير منطقي وغير عادل.

وللحصول على دليل حول كيفية حل هذا المأزق المحبط، يمكن إلقاء نظرة على غوجارات على الساحل الشمالي الغربي للهند، حيث لا يوجد إحساس بالهزيمة، أو حتى ذلك السخط الصريح من قبل أولئك الذين أُجبروا على اتباع نظام منخفض الانبعاثات برغم أنَّهم كانوا من أوائل من اتجه للتصنيع.

الهيدروجين

بدلاً من ذلك، يقوم اثنان من أغنى رجال الأعمال في العالم بكتابة شيكات بمليارات الدولارات في سباقهم لتشكيل مستقبلنا المناخي.

ويدين موكيش أمباني، وغوتام أداني بثروتهما إلى الكربون. ومع ذلك؛ فإنَّ الهيدروجين - أبسط عنصر معروف - يمكن أن يكون السبب في أن تفتح المنافسة المعقدة بينهما طريقاً لنمو اقتصادي خالٍ من الكربون. أما الموقف الرسمي للهند، فهو أنَّ صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050 طلب غير عادل.

ومع ذلك؛ فإنَّ تفاؤل كبار رجال الأعمال من ولاية غوجارات يوفر مخرجاً من المأزق، وربما يتعين على رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، من خلال الرهان على نجاح أحدهما أو كليهما، أن يعد ببذل المزيد من الجهد من أجل المناخ، وبرغم أنَّ العمل الحقيقي لفريقه لن يبدأ إلا بعد عودته من لاسكو، وحينها سيريد أمباني، البالغ 64 عاماً، وأداني، البالغ 59 عاماً، سياسات داعمة.

الاستثمار في الطاقة النظيفة

يدين أمباني بمركزه الأول في قائمة الأثرياء في آسيا إلى جامناجار في ولاية غوجارات، التي تستضيف أكبر مجمع لتكرير النفط في العالم، كما تنفق النقود الفائضة للاستثمار في البيع بالتجزئة والإنترنت.

وبعيداً عن الوقود الأحفوري؛ يقوم أمباني بإنشاء أربعة مصانع جديدة في المنطقة، للألواح الشمسية، والبطاريات، والهيدروجين الأخضر، وخلايا الوقود، كما أنفقت شركة "ريلاينس إندستريز ليمتد" التي يملكها 1.2 مليار دولار حتى الآن على عمليات الاستحواذ والشراكات.

ويعتقد محللو "بيرنستاين" بالفعل أنَّ قيمة المشروع الجديد ستبلغ 36 مليار دولار، مقارنة بـ 30 مليار دولار لأعمال التكرير المستمرة منذ عقود.

من هو موكيش أمباني المتربع على عرش أثرياء آسيا؟

سباق أخضر

قبل دخول أمباني سباق الطاقة الخضراء في يونيو؛ كان أداني يفوز به. لسنوات عدة؛ كانت مجموعة أداني تستخرج الفحم، وتنتج الكهرباء باستخدام الفحم في محطات كبيرة مثل "موندرا" في ولاية غوجارات، وكانت سفن الفحم راسية في شبكته الواسعة من الموانئ، وعندما كان يتصدر أداني الأخبار التي تتعلق بالقضايا البيئية؛ فإنَّ ذلك عادة يكون نتيجة خطأ ما.

لكن في السنوات الثلاث الماضية، أسس أداني ثاني أغنى رجل في آسيا سريعاً محفظة قدرتها 20 غيغاوات من الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والكهرباء الهجينة، وارتفعت أسهم شركة "أداني غرين إنرجي ليمتد" بما يعادل 13 ضعفاً خلال الـ 24 شهراً الماضية، مما غذّى طموح قطب الأعمال بأن يصبح أكبر منتج للطاقة المتجددة في العالم بحلول عام 2030.

استحواذات "أمباني"

لن يكون ذلك سهلاً حالياً، إذ يتحرك أمباني بسرعة للسيطرة على 100 غيغاوات من تصنيع الطاقة الشمسية، أي ثلث السوق الهندية، بحلول نهاية العقد، واشترت "ريلاينس" شركة "رينيوابل إنرجي كوروبوريشن هولدينغز" النرويجية للألواح الشمسية مقابل 771 مليون دولار.

وتأتي الصفقة، وفقاً لشركة الوساطة "جيفريز"، مع 446 براءة اختراع وتقنية تستهلك طاقة أقل بنسبة 75% من المنافسين الصينيين، بالإضافة إلى شراء 40% من شركة "ستيرلنغ آند ويلسون سولار ليمتد"، وهي شركة مقاولات تضم فريقاً هندسياً من 3 آلاف شخص يقومون بإنشاء مزارع للطاقة المتجددة في جميع أنحاء العالم، وأنتم تعلمون أنَّ أمباني سيُصنِّع ألواح "REC" في جامناجار، ويثبِّتها في أي مكان تشرق فيه الشمس.

لكن أشعة الشمس لن تغذي المساحات الشاسعة من المناطق النائية الصناعية الهندية، وقد يحتاج التخلي عن الوقود الأحفوري إلى بديل يستغل جميع الأحوال الجوية، ويصلح لجميع الأغراض، ويستفيد من الذرات الأكثر وفرة في الكون، وليس عن طريق استخراج الهيدروجين من الميثان أو الفحم، وإنما باستخدام شكل من أشكال الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية أو الرياح، لتكسير جزيئات الماء، وهذا هو المجال الذي سيشتبك فيه العملاقان في المرحلة التالية.

وعبر الالتزامات الضخمة، يتعهد المليارديران بالاستفادة من اهتمام الهند المتجدد بالهيدروجين، الذي تم التعبير عنه في أغسطس في إطار مهمة الهيدروجين الوطنية الغامضة، ومع ذلك؛ لا يتحكم كل واحد منهما سوى في أجزاء معينة من اللغز.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

الهيدروجين الأخضر

ويريد أمباني، وهو مُنتج ضخم للهيدروجين الرمادي - النوع القذر والأرخص الذي تنتجه المصافي لتشغيل عملياتها الخاصة، والذي تستخدمه غالباً شركات صناعية أخرى - أن تصبح أعماله صديقة للبيئة، ويبحث عن شركاء لجلب تكنولوجيا قابلة للتطبيق إلى الهند، وهي مهمة مكلِّفة، إذ يتراوح سعر الهيدروجين الأخضر حالياً بين 4 دولارات، و6 دولارات للكيلوغرام.

تشمل تكلفة الإنتاج بشكل أساسي الإنفاق الرأسمالي على الكهرباء والمحللات الكهربائية - وهي مرافق على نطاق صناعي لتفكيك الماء أو الإلكتروليتات الأخرى إلى جزيئات الهيدروجين - التي تشكِّل حوالي 30% إلى 65% من التكلفة، وبشكل عام، فإنَّ الهيدروجين الأخضر أغلى من مرتين إلى سبع مرات من النوع الرمادي كثيف الكربون.

تكلفة مرتفعة

ولكي يصبح الهيدروجين خياراً حقيقياً؛ فإنَّ القدرة على تحمل التكاليف أمر أساسي، لحسن الحظ؛ فإنَّ الهند هي أرض كل شيء فيها أرخص، ويقع التسعير الأكثر تنافسية في العالم في قلب إمبراطورية بيانات الهواتف الذكية التي بناها أمباني من الصفر في ست سنوات.

ويمكن للدولة أن تجعل تكلفة الهيدروجين الأخضر منافسة للرمادي بحلول نهاية العقد الجاري، وهو أحد أسرع الجداول الزمنية على مستوى العالم، وفقاً لتحليل "بلومبرغ إن إي إف".

وتحدَّث أمباني، في خطاب ألقاه في سبتمبر، عن "ثورة خضراء جديدة"، قائلاً إنَّه متأكِّد من أنَّ الهند يمكن أن تُنتج الهيدروجين بسعر "أقل من دولار واحد لكل كيلوغرام في غضون عقد"، وأطلق عليه هدف 1-1-1.

وجهود أمباني في بناء المحلل الكهربائي ستخدم إمبراطورية "ريلاينس" محلياً، ولكن لتشغيل تلك المحللات الكهربائية، ومن أجل جعل مسار الهيدروجين أخضر؛ فإنَّ ذلك سيحتاج إلى طاقة متجددة، وإمدادات الكهرباء من المجالات التي يعد فيها أداني المنافس الأقوى.

وباعتباره من أكبر اللاعبين في مجال الطاقة الشمسية في العالم؛ سيكون لدى أداني الكثير من الكهرباء الخضراء، وعندما يحين وقت الانتقال للهيدروجين، ستبرز هيمنة أداني على قطاع وسائل النقل، وفي أواخر العام الماضي، أبرمت مجموعة "أداني" شراكة تعاون مع "سنام"، شبكة توزيع الغاز الطبيعي الإيطالية.

التركيز على الميزة التنافسية

تحدَّث أداني أيضاً عن الهيدروجين الأخضر كعامل سيغير قواعد اللعبة، ويريد بناء محللات كهربائية، ومع ذلك؛ فإنَّ أي خطط للسيطرة على سلسلة توريد الهيدروجين بأكملها ستكون خاطئة، نظراً لأنَّ إنتاج الغاز، ومعالجته، وتخزينه، وتوزيعه، ثم استخدامه بعد ذلك، هي أمور تتطلب خبرات متنوعة، كما يحتاج ذلك إلى معاملة خاصة لقابليته للاشتعال، وبدلاً من محاولة القيام بكل شيء - كما ذكر كل من أداني وأمباني بأنَّهما يريدان ذلك - سيكون من الأفضل التركيز على أجزاء مختلفة من سلسلة القيمة، إذ يتمتع كل ملياردير بميزة تنافسية.

بعد استثمار أمباني 10 مليارات دولار في مصادر الطاقة المتجددة في يونيو، رفع أداني الرهان، قائلاً إنَّه سيستثمر ضعف هذا المبلغ، ولكن كما تُظهر تجربة الهند مع الطاقة الشمسية، فإنَّ إنتاج الكهرباء بتكلفة رخيصة ليس كافياً.

وحتى مع وجود سياسة قوية من قبل الحكومة الفيدرالية؛ فإنَّه من الصعب جعل مرافق التوزيع الحكومية التي هي على وشك الإفلاس أن تحترم اتفاقيات شراء الطاقة طويلة الأجل أو الدفع في الوقت المحدد.

والمطلوب هو سياسة هيدروجين تستفيد من حرص هذين العملاقين على الاستثمار، ولكنَّها تمهد الطريق لشبكة مفتوحة ذات منافسة قوية تثير الطلب، ومع ذلك؛ فمن غير المرجح أن يكون رائدا الأعمال- وقد تجنَّبا المواجهة وجهاً لوجه- حريصين على التنسيق من خلال تجميع قطع أحجية الصور المقطوعة معاً.

وبرغم جميع استخداماته المحتملة ومزايا التكلفة؛ فإنَّ الطريقة التي يتعامل بها أمباني وأداني مع الهيدروجين ستقرر ما إذا كان ذلك البلد الفقير نسبياً، والمكتظ بالسكان يمكن أن يساهم في إنقاذ الكوكب - دون التخلي عن فرصته في تحقيق مستويات معيشية أفضل أم لا، وهو سؤال على الأغلب ستفشل جلاسكو، مثلها مثل قمم المناخ الـ25 التي سبقتها، في الإجابة عنه.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك