بعد انهيار "آركيغوس".. هل تحتاج مكاتب العائلات لتنظيم أكثر تشدداً؟

انهيار "آركيغوس" يثير نقاشات حول وضع قواعد تنظيمية أكثر لعمل مكاتب إدارة الثروات العائلية - المصدر: بلومبرغ
انهيار "آركيغوس" يثير نقاشات حول وضع قواعد تنظيمية أكثر لعمل مكاتب إدارة الثروات العائلية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

فشل مكتب العائلة "آركيغوس كابيتال مانجمينت"، الذي أداره "بيل هوانغ"، بطريقة مذهلة، في مارس، بعد أن تسببت الاستثمارات في منتجات المشتقات المعقدة - خاصة مقايضات العائد الإجمالي على أسهم بعينها - في تراكم خسائر كبيرة للغاية يتعذر على الشركة تغطيتها.

ونتيجة لتعثر "آركيغوس"، تعرضت البنوك الاستثمارية الكبيرة التي كانت أطرافاً في هذه الصفقات للومٍ كبير، وتكبدت بعض البنوك خسائر كبيرة أثناء قيامها بتصفية تلك الاستثمارات.

مبالغة في المخاطر

واستغل العديد من صناع السياسات والمعلقين حدث "آركيغوس" لإلقاء اللوم على الضمانات الحالية من المخاطر الهيكلية، والدعوة إلى مزيد من التدقيق أو حتى التنظيم المباشر للمكاتب العائلية.

ومع ذلك، كان تأثير الخسائر التي تسبب فيها "آركيغوس" على النظام المالي صفر، وفي الواقع، حتى الشركات التي وقع عليها أكبر ضرر مباشر، تمكنت بسهولة من النجاة من الواقعة.

وعلى سبيل المثال، لا يزال "مورغان ستانلي" وغولدمان ساكس"، يسجلان أرباحاً فصلية قياسية، وكان "كريدي سويس"، الذي عانى أيضاً من انهيار "غرينسل كابيتال"، هو البنك الوحيد الذي اضطر إلى جمع مبلغ صغير من خلال إصدار أسهم حقوق ملكية، وقد فعل ذلك بسلاسة وسرعة.

وإلى جانب المبالغة في المخاطر الهيكلية للواقعة، فإن هذه المعنويات تسيء فهم الأساس المنطقي الذي تقوم عليه القواعد التنظيمية لشركات الاستثمار من قبل لجنة تداول السلع الآجلة ولجنة الأوراق المالية والبورصات.

استثمار عائلي

أولاً، المكاتب العائلية هي منظمات أنشأها ويشرف عليها أفراد أثرياء لإدارة أموالهم الخاصة، بشكلٍ عام، لا يُسمح سوى لأفراد العائلة أو الموظفين الرئيسيين في مكتب العائلة بالاستثمار المشترك، ما يعني أن مستثمري الصندوق هم أيضاً من داخل المكتب.

وعادة، لا يُطلب من المكاتب العائلية، بغض النظر عن حجمها، التسجيل في لجنة الأوراق المالية والبورصات أو لجنة تداول السلع الآجلة.

ويهدف تسجيل المكاتب نفسها كمستشار استثمار، واللوائح التنظيمية إلى حماية المستثمر، مع التركيز بشكل خاص على حماية المستثمرين الخارجيين من خلال عمليات الإفصاح والالتزامات الائتمانية ومتطلبات رفع التقارير، ولكن هذه الحماية غير ضرورية عندما يكون المستثمرون جميعاً من العائلة.

أهمية إدارة المخاطر

ومع ذلك، فإن اللوائح التنظيمية التي تنظم عمل مستشار الاستثمار غير مصممة لحماية المستثمرين - خاصة المستثمرين المحنكين - من تداعيات قراراتهم الاستثمارية السيئة.

وتعد مثل تلك الحوادث تذكيرا مفيدا بأهمية إدارة المخاطر في "آركيغوس" وغيره من المشاركين في السوق.

بدلاً من التطلع إلى المنظمين لإخبارهم بكيفية تجنب مثل هذه الخسائر في المستقبل، يجب على المشاركين المحنكين في السوق إلقاء نظرة متأنية على أنظمة إدارة المخاطر الخاصة بهم وثقافات شركاتهم وهياكل الحوافز لديهم.

قانون "دود-فرانك"

ثانيا، تتجاهل الدعوات إلى تنظيمات جديدة لمكاتب العائلة كذلك القواعد الاحترازية الخاصة بصفقات المقايضة والإفصاح التي يفرضها قانون "دود-فرانك" لمعالجة نفس المشكلة التي عانى منها "آركيغوس" ألا وهي الاستثمارات الكبيرة والمركزة المنتشرة عبر السوق المالية ولا يعرفها أحد سوى المنظمون الماليون.

وصممت هذه القواعد، التي تعد أساس قانون "دود-فرانك"، لتزويد المنظمين برؤية ثاقبة لأسواق المقايضات المبهمة غير المنظمة بعد الأزمة المالية التي استمرت من 2007 إلى 2009.

وبعد "دود- فرانك"، اعتمد الإشراف الفيدرالي على نشاط المشتقات في البنوك على المنتجات المتداولة، ومُنحت لجنة تداول السلع الآجلة سلطة الإشراف على نشاط المقايضات بين البنوك، والذي يتضمن أسعار الفائدة أو الائتمان الواسع أو مؤشرات الأسهم أو أسعار الصرف الأجنبية أو السلع (والتي تشكل حوالي 95% من إجمالي المقايضات المتداولة الافتراضية).

وفي عام 2012، تبنت هيئة تداول السلع الآجلة، وطبقت قواعد تسجيل تجار المقايضات وقواعد رأس المال والهوامش ورفع التقارير، والتي بموجبها تتلقى اللجنة حالياً بيانات في الوقت الفعلي عن أنشطة تداول البنوك وممتلكات محافظ عملائها في سوق المقايضات الخاضع للمقاصة، وتستطيع اللجنة جمع هذه المعلومات وحساب صافيها وفحصها عبر الأسواق المالية.

الرقابة على المقايضات

وأعطى قانون "دود-فرانك" لجنة الأوراق المالية والبورصات سلطة على أنشطة البنوك في مقايضات الأسهم الفردية مثل تلك التي انخرط فيها "آركيغوس"، لكن لم تنهِ لجنة الأوراق المالية والبورصات اشتراطاتها المتعلقة بمتطلبات الإفصاح عن المقايضات القائمة على ورقة مالية (security-based swaps) سوى في السنوات القليلة الماضية تحت رئاسة، جاي كلايتون، ومن المقرر أن تدخل حيز التنفيذ الكامل في وقت لاحق من العام الجاري.

وإذا كانت قواعد اللجنة قد استكملت في وقت سابق، لكانت جميع التداولات والمراكز الاستثمارية للبنوك العديدة المرتبطة بـ"آركيغوس" تم رصدها ومعالجتها.

ولطالما أثارت أي خسائر كبيرة للبنوك من قبل شركة استثمار واحدة جدلاً عميقا حول مدى كفاية اللوائح التنظيمية التحوطية وأنظمة الأسواق المالية الحالية، وفعالية برامج إدارة المخاطر للمشاركين في السوق.

ونظراً لعدم وجود تأثير هيكلي من خسائر "آركيغوس"، فإنه في غياب معلومات أخرى، لا تبرر قضية "آركيغوس" استحداث تنظيمات جديدة، وتشويه هياكل المكاتب العائلية من منطلق تنظيم شركات الاستثمار، وتغيير أنظمة الرقابة على المقايضات الحالية أو التي يعمل منظمو السوق على تطبيقها.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة