التحدي الأساسي أمام المستثمرين يتمثل في تحديد القطاعات التي ستحقق نمواً مستداماً

بعد انتعاش الأسواق بدعم فوز ترمب.. المستثمرون يبحثون عن الأسهم الرابحة

لوحة إلكترونية تعرض بيانات الأسهم في بورصة "ناسداك ماركت سايت"، نيويورك، أميركا - بلومبرغ
لوحة إلكترونية تعرض بيانات الأسهم في بورصة "ناسداك ماركت سايت"، نيويورك، أميركا - بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يواجه المستثمرون الذين تخطوا موجة الارتفاع الأولي بالأسهم الأميركية بعد فوز دونالد ترمب الحاسم، تحدياً جديداً.

الرئيس الجمهوري المنتخب قدّم وعوداً كثيرة خلال حملته الانتخابية، ومنها فرض تعريفات جمركية مرتفعة، وتخفيضات ضريبية، وتخفيف القيود التنظيمية بما يدعم مصلحة الشركات، وتشديد قوانين الهجرة.

في ظل اندفاع المستثمرين نحو الأسهم الأسبوع الماضي أملاً في أن تدعم سياسات ترمب الاقتصاد، يتمثل التحدي الأساسي في تحديد القطاعات التي ستحقق دعماً مستداماً.

على سبيل المثال، ربما تؤجج التعريفات الجمركية التضخم وتضرّ الشركات متعددة الجنسيات الكبرى، في حين قد تستفيد الشركات الصغيرة ذات التوجه المحلي. إلا أن تشديد قوانين الهجرة قد يؤدي إلى زيادة تكاليف العمالة، ما يضغط على الشركات الصغيرة.

من جهة أخرى، يمكن أن يعزز موقف ترمب المؤيد للطاقة التقليدية الإنتاج، ما قد يخفض أسعار النفط، بينما قد تجد الجهود الرامية لإلغاء سياسات الرئيس جو بايدن الداعمة للطاقة النظيفة والسيارات الكهربائية صعوبة في الحصول على موافقة الكونغرس.

توقع إريك كلارك، مدير محفظة في "أكيوفست غلوبال أدفيزورز" (Accuvest Global Advisors)، أن يبدأ المستثمرون النشطون باستخدام أدوات تحليل دقيقة للتمييز بين الصناعات لمعرفة الشركات والصناعات التي قد تستفيد الآن. 

أقدم كلارك بالفعل على تحركات من هذا القبيل، حيث باع بعض أسهم شركات التكنولوجيا والخدمات المالية بعد ارتفاع أسهم البنوك والصناعات والطاقة والتكنولوجيا الكبرى يوم الأربعاء، واشترى أسهماً في شركات التجزئة الفاخرة والسلع الاستهلاكية الأساسية التي كانت منخفضة وسط هذا الارتفاع.

صورة أكثر وضوحاً

شهدت أسهم الشركات الصغيرة ارتفاعاً في الأسبوع الماضي، ويبدو أنها في وضع مناسب حيث يقيّم المتداولون تأثير سياسات ترمب المحتملة. تستفيد هذه الشركات التي تعتمد على السوق المحلي من دعوات الحمائية الاقتصادية، كما أن تخفيضات الضرائب على الشركات قد تكون مفيدة لها.

اقترح ترمب فرض ضريبة تتراوح بين 10% و20% على الواردات بشكل عام، وقد تصل إلى 60% على السلع المصنعة في الصين، مما ساهم في ارتفاع مؤشر "راسل 2000" لأسهم الشركات ذات القيمة السوقية الصغيرة بنسبة 8.6% الأسبوع الماضي، حيث تضاعفت قيمة شركة "سيزل" (.Sezzle Inc)، إحدى أكبر الرابحين في المؤشر، خلال تلك الفترة.

تحظى الأسهم المالية أيضاً بوضع قوي؛ نظراً لتعهد ترمب بإجراء تغييرات على الهيئات التنظيمية التي كانت قد شددت القواعد المصرفية في عهد بايدن. يعتقد مايك مايو، المحلل المصرفي في "ويلز فارغو"، أن عصر التخفيف التنظيمي قد يعزز ربحية "وول ستريت"، حيث ارتفعت أسهم "سيتي غروب" و"غولدمان ساكس" و"جيه بي مورغان" بعد فوز ترمب.

يضيف فينو كريشنا، استراتيجي الأسهم الأميركية في "باركليز"، قائلاً: "الأسهم متحمسة لتسعير سياسات ترمب للنمو المحلي عبر الأسهم الصغيرة، مع آمال لتخفيف التشريعات التنظيمية" من خلال الرهان على الأسهم المالية والتكنولوجيا الكبرى.

شركات الصناعات والآلات، مثل "كاتربيلر" (Caterpillar Inc) تبدو مستعدة للاستفادة من التركيز على الإنتاج المحلي للطاقة وسلع التعدين.

أكد المحلل ستيفن فولكمان من شركة "جيفيريز" (Jefferies) على اختيار "كاتربيلر" كأفضل شركة في القطاع، مشيراً جزئياً إلى محدودية انكشافها على السوق الصينية. أضاف أن شركات توزيع المستلزمات الصناعية، مثل "فاستينال" (Fastenal Co) و"دبليو دبليو غرينجر" (WW Grainger Inc)، لديها سجل قوي في تمرير زيادات التكاليف، مثل التي تنتج عن التعريفات المرتفعة.

إلا أن احتمال تشديد قوانين الهجرة يمثل تحدياً محتملاً يراقبه المستثمرون عن كثب. مع ذلك، توجد شركات قد تستفيد من هذا التوجه، مثل مشغلي السجون الخاصة، مثل "كور سيفيك" (CoreCivic Inc) و"جيو غروب" (GEO Group Inc).

تحركات أكثر غموضاً

في الوقت نفسه، يبدي بعض المستثمرين في "وول ستريت" شكوكهم حول بعض تحركات السوق التي تلت الانتخابات.

ارتفعت أسهم قطاع الطاقة التقليدية، بما في ذلك شركات النفط والغاز، إثر انتخاب ترمب نظراً لموقفه المؤيد لصناعة النفط. إلا أن بعض مراقبي الصناعة يحذرون من أن جهود تخفيف القيود للسماح باستخراج المزيد من الوقود الأحفوري على الأراضي المملوكة للحكومة قد تخلق فائضاً في العرض، ما قد يؤدي إلى انخفاض الأسعار.

شهدت أسهم شركات التجزئة التي تعتمد بشكل كبير على الصين في سلسلة التوريد، انخفاضاً في الأسبوع الماضي، إذ يرجح أن تبقى تحت المراقبة مع تصاعد الحديث عن فرض التعريفات. يشير المحلل سيث سيغمان في "باركليز" إلى أن سلاسل الخصومات وشركات الأثاث المنزلي قد تتأثر بشكل كبير، مشيراً إلى شركات مثل "فايف بيلو" (Five Below Inc) و"دولار تري" (Dollar Tree Inc) ومتاجر الإلكترونيات "بيست باي" (Best Buy Co).

جاذبية أسهم الشركات الاستهلاكية

من جهة أخرى، يرى كلارك، مدير محفظة في "أكيوفست"، أن بعض شركات المنتجات الاستهلاكية تبدو جذابة، لأن أي زيادة في التعريفات لن تُطبق بالتساوي. يقول: "أشعر بقلق أقل بشأن فرض تعريفات مجحفة على العلامات الفاخرة الأوروبية مثل لويس فيتون (LVMH Moet Hennessy Louis Vuitton) وهيرميس (Hermes International) ولوريال وفيراري، مقارنةً بتلك المتوقعة على الصين".

الصورة تبدو معقدة بالقدر نفسه بالنسبة لقطاع آخر تلقى ضربة الأسبوع الماضي، وهو قطاع الطاقة النظيفة والمتجددة. إذ مرَّ صندوق "آي شيرز غلوبال كلين إنرجي" (iShares Global Clean Energy ETF) المتداول بأسوأ أسبوع له منذ مارس.

مع ذلك، قد لا تكون النظرة المستقبلية بهذا السوء. فقد أعلن ترمب عن نيته إلغاء قانون خفض التضخم، الذي يهدف إلى تعزيز استخدام الطاقة النظيفة، بما في ذلك السيارات الكهربائية، لكن المحللين يرون أن احتمال إلغاء القانون بالكامل ضئيل. السبب الرئيسي لذلك هو أن القانون أسفر عن موجة من الاستثمارات في المناطق ذات الأغلبية الجمهورية.

يرى كريستوفر ديندرينوس، المحلل في "آر بي سي كابيتال ماركتس" (RBC Capital Markets)، أن التوقعات بتغيير السياسات ستكون عبئاً على القطاع بينما ينتظر المستثمرون مزيداً من الوضوح.

يضيف ديندرينوس: "من جهة أخرى، فإن توقع أن يستغرق إقرار تغييرات السياسات وتنفيذها وقتاً طويلاً يقلل التأثير العام، وقد تتغير هذه السياسات مجدداً في ظل إدارة أخرى".

يشير ديندرينوس إلى أن بعض عناصر سياسات ترمب قد تساعد بعض الأسهم. يتوقع أن تتفوق شركتا "فيرست سولار" (.First Solar Inc) و"فلوينس إنرجي" (.Fluence Energy Inc) على نظيراتها في الأداء، بالنظر إلى توقعات تزايد السياسات الحمائية وارتفاع الطلب المحلي القوي.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك