تتجهز دول جنوب شرق آسيا لمواجهة تذبذبات حادة محتملة لاقتصاداتها بعد انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من سباق الرئاسة الأميركية، ما زاد فرص منافسه الجمهوري دونالد ترمب للعودة إلى البيت الأبيض. ففي حال فاز ترمب ونفذ سياساته التي وعد بها، قد تتعرض أسواق دول هذه المنطقة وعملاتها إلى مزيد من الضغوط. كانت هذه نقطة حوار تناولها برنامج "تقرير آسيا" الذي تم بثه على قناة "الشرق" اليوم.
حسن الحسن، الزميل الأول لسياسات الشرق الأوسط في المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية، أوضح أن توجه ترمب، في حال فاز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، يبدو واضحاً، فالرجل قد وعد بتخفيض الضرائب على الشركات الأميركية، وفرض تعرفة جمركية أكبر على الصادرات الصينية وبعض الدول الأخرى، مستهدفاً إنعاش قطاع التصنيع الأميركي.
وشرح في مقابلة مع "الشرق" أن هذه السياسات من شأنها أن تعزز مستويات التضخم في الاقتصاد الأميركي، وهو ما سيعطي الفيدرالي سبباً لإبقاء نسب الفائدة عالية، الأمر الذي سيدعم قوة الدولار مقابل عملات تلك المنطقة.
أدى خبر انسحاب الرئيس الأميركي من الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل، إلى ضربة لاقتصادات منطقة شرق آسيا، وذلك وسط تعرّض أسواق دول هناك، مثل تايلندا وفيتنام، إلى تخارج كبير للاستثمارات الأجنبية خلال الأسابيع الماضية.
ففي تايلندا، والتي يعاني اقتصادها من تكاليف اقتراض مرتفعة أثرت على الأسر والشركات الصغيرة وسط أزمة سياسية تشهدها البلاد، فإن عودة ترمب وما يتبعها من تنفيذ لرؤيته الاقتصادية ستزيد من معاناة هذه البلد، التي تواجه أزمة عقارية تتزامن مع خروج للاستثمارات الأجنبية بأسرع وتيرة هذا العام.
فيتنام، التي تعتمد بشكل كبير على تبادلها التجاري مع الصين، سيواجه اقتصادها أيضاً تحديات مع عودة ترمب إلى سدّة الحكم في واشنطن، في وقت تحذّر فيه السلطات من مخاطر ارتفاع الديون المتعثرة للشركات والأسر الفيتنامية.
هونغ كونغ أيضاً ليست بعيدة عن التأثر بسياسات ترمب التي وعد بتنفيذها فور فوزه بالانتخابات، فعملتها معرضة للضغوط، خاصة وأن الرئيس السابق كان لديه مقترح قديم بالحد من وصول الدولة الآسيوية الصغيرة إلى الدولار الأميركي.
يقول الحسن: إن "مستويات الديون لدى بعض هذه الدول عالية، وليس لديها السيولة المالية الكافية لسدادها". تابع: "مع بقاء أسعار الفائدة الأميركية مرتفعة، فإن معاناتها ستتفاقم لسداد هذه الديون".
رغم ذلك، يرى الحسن أن هذه الاعتبارات السياسية لها تأثير على المدى المتوسط والقصير فقط، لكن نمو اقتصادات تلك المنطقة على المدى البعيد يعتمد على نمو السكان والطلب الداخلي.
وأضاف أنه "رغم أن سياسات ترمب المتوقعة قد يكون لها تأثير سلبي على أسواق آسيا، إلا أن تزايد حدة المواجهة الأميركية مع الصين، قد تؤدي إلى نتائج إيجابية من حيث خروج الاستثمارات الأجنبية من الصين إلى دول آسيوية أخرى".