الصفقة حال إتمامها تمثل أول استحواذ على الإطلاق من قِبل بنك كويتي على حصة في بنك سعودي

ما هي أبعاد الصفقة المحتملة بين "بيتك" الكويتي و"السعودي للاستثمار"؟

بيت التمويل الكويتي - المصدر: بلومبرغ
بيت التمويل الكويتي - المصدر: بلومبرغ
عاصم بعيني
المصدر:

الشرق

جاء تأكيد بيت التمويل الكويتي "بيتك"، في إفصاح لبورصة الكويت، على "إجراء دراسات متأنية للفرص المتاحة في أكثر من بنك في السعودية"، بعد أن نقلت "بلومبرغ" أن "بيتك" يدرس شراء حصة كبيرة في "البنك السعودي للاستثمار"، لتفتح المجال أمام تساؤلات حول أهداف وأبعاد هذه الصفقة المحتملة، لكل من البنكين، وللقطاع المصرفي في البلدين الجارين.

تحمل الصفقة، حال إتمامها، في طياتها عدداً من السوابق، فهي مؤهلة لتكون أول استثمار أجنبي بالقطاع المصرفي السعودي منذ عقود. كما تمثل أول عملية استحواذ من قِبل بنك كويتي على حصة مؤثرة في بنك سعودي. وتزامن إعلان "بلومبرغ" عن الصفقة مع سابقة أُخرى تمثلت بافتتاح الهيئة العامة للاستثمار في الكويت (الصندوق السيادي) مكتباً تمثيلياً في الرياض "لتعزيز الروابط الاقتصادية والاستثمارية"، كما أعلن وزير المالية رئيس مجلس إدارة الهيئة أنور المضف.

تكريس مكانة "بيتك"

الصفقة المزمعة قد تكرس بيت التمويل الكويتي كأحد أكبر المجموعات المصرفية في المنطقة، بالإضافة إلى تعزيز خريطة انتشاره في الأسواق الإقليمية. وفقاً لبيانات نهاية 2023، حلّ "بيتك" في المرتبة الخامسة من حيث القيمة السوقية بين أكبر البنوك العربية بنحو 37.5 مليار دولار. ومع إغلاق التداولات في جلسة 20 يونيو، بلغت القيمة السوقية للبنك نحو 39.9 مليار دولار، فيما بلغت القيمة السوقية لـ"البنك السعودي للاستثمار" نحو 4.25 مليار دولار.

أما من ناحية الحضور في الأسواق، فبعد إتمامه الاستحواذ على "البنك الأهلي المتحد" البحريني، بات "بيتك" يتواجد، عبر مصارف تابعة أو زميلة، في أسواق جديدة من ضمنها مصر والعراق وليبيا، لتُضاف إلى أسواق تواجد فيها على مدى عقود مثل تركيا وماليزيا والبحرين. من هنا، تبدو السعودية بمثابة "القطعة المفقودة" على خريطة انتشار المجموعة المصرفية الكويتية.

علامة فارقة خليجياً

على مستوى الصناعة المصرفية الخليجية، فإن الصفقة المرتقبة ستكون بمثابة علامة استراتيجية فارقة باعتبارها عابرة للحدود، إذ تركزت 12 صفقة دمج واستحواذ داخل بلدان مجلس التعاون خلال السنوات الأخيرة، من أبرزها استحواذ "البنك الأهلي السعودي" على "مجموعة سامبا المالية"، وبنك "ساب" على "البنك الأول" وتكوين "البنك السعودي الأول"، واندماج بنكي "أبوظبي الوطني" و"الخليج الأول" في الإمارات لتكوين "بنك أبوظبي الأول"، واندماج بنكي "دخان" و"قطر الوطني".

ولم تخالف هذا التوجه صفقات البنوك البحرينية وسلطنة عُمان. حيث اندرجت معظم هذه العمليات في سياق جهود تعزيز الأحجام، ورفع القدرة التشغيلية للبنوك، وتعزيز تنافسيتها في أسواقها المحلية بشكلٍ أساسي.

الصفقة سعودياً

تكتسب الصفقة المحتملة خصوصية إضافية كونها تتم بالسوق السعودية تحديداً. فبالإضافة لكونها أول عملية شراء على الإطلاق من بنك كويتي لحصة في أحد مصارف المملكة، فهي تعيد حضور كيان خارجي إلى قائمة كبار المساهمين في البنك السعودي للاستثمار، بعد تخارج "جيه بي مورغان" في 2018.

كما لا يمكن فصلها عن التحولات الاستراتيجية الكبرى التي يشهدها الاقتصاد السعودي، وفق "رؤية 2030" التي تستهدف تقليص الاعتماد على النفط، وجذب الاستثمار الأجنبي، وتعزيز القطاعات غير النفطية، والتي يُعد القطاع المالي والمصرفي محوراً رئيسياً فيها.

أما من الناحية التشغيلية، فتفتح الصفقة الأبواب لسيناريوهات متعددة، من ضمنها إمكانية ضخّ بيت التمويل الكويتي أموالاً لرفع رأسمال "السعودي للاستثمار" وتعزيز حجمه وعملياته، بما يمكّنه من الاستفادة بصورة أكبر من النشاط المصرفي في المملكة سواء في سوق التجزئة البنكية أو تمويل أعمال الشركات. ذلك، قد يُنبئ بدخول لاعب جديد إلى ميدان البنك السعودية الكبرى، خلافاً للسمة التي بات عليها القطاع لجهة الفرز بين بنوك عملاقة وأُخرى صغيرة الحجم.

المصدر: الشرق
المصدر: الشرق

في المقابل، فإن التواجد شبه المباشر لمجموعة مصرفية جديدة مثل "بيت التمويل الكويتي"، من خلال شراء حصة وازنة في "السعودي للاستثمار"، من شأنه أن يوفر موارد مالية جديدة في قطاع البنوك السعودية، في وقتٍ تشهد المملكة ورشة مشاريع عملاقة تتطلب مئات مليارات الدولارات، ولعب تمويلها دوراً في طبع بنوك البلاد بسمة تفوّق نمو القروض على الودائع.

بلغت القروض إلى الودائع لدى البنوك السعودية 99.2% بنهاية 2023، وفقاً لبيانات صادرة عن البنوك جمعتها "الشرق"، قبل أن تعكس هذه النسبة مسارها بشكلٍ طفيف وتتراجع بنحو 2.2 % إلى 97%، خلال الربع الأول من العام الحالي.

أبعادها كويتياً

لطالما اتسمت المؤسسات الكويتية، الحكومية والخاصة، بالمبادرة إلى الاستثمار في الأسواق الخارجية. فالكويت أول بلد في العالم أنشأ صندوقاً سيادياً، والذي عقد على مدى عقود صفقات استحواذ على حصص وشراء أسهم في شركات لها ثقلها في الأسواق الدولية.

وعلى مستوى القطاع المصرفي والمالي، يلعب "بيتك" دوراً أساسياً، لا سيما خلال السنوات الأخيرة، لإعادة البنوك الكويتية إلى خريطة الصفقات الخارجية، حيث كان آخر بنوك البلاد التي أتمّت عملية استحواذ خارج سوقها، من خلال صفقة شراء "البنك الأهلي المتحد" في البحرين في أكتوبر 2022.

وتُعد محدودية السوق المحلية وحجمها دافعاً أساسياً لبحث الشركات الخاصة الكويتية، بما فيها المصارف، عن فرص للنمو في الأسواق المجاورة والخارجية.

أما الأثر المرتقب لصفقة "السعودي للاستثمار" على مستوى القطاع المصرفي الكويتي، فيتمثل في انعكاسها على كيفية توزّع القوى، والمنافسة النمطية الثنائية بين "بيت التمويل الكويتي" و"بنك الكويت الوطني"، وسباق الأحجام بين البنكين الأكبر في البلاد.

وكان "بيتك" تخطى "الكويت الوطني" في مؤشرات عدة. فعلى صعيد الربحية، بلغت أرباحه 584.5 مليون دينار (نحو 1.9 مليار دولار) في نهاية 2023، مقارنة بنحو 560.6 مليون دينار (1.82 مليار دولار) لبنك الكويت الوطني. والحال نفسه ينطبق على القيمة السوقية، حيث بلغت 37.5 مليار دولار للأول، و26.3 للثاني. كذلك، فإن "بيتك" خطف من منافسه لقب قائد صفقات الاستحواذ المصرفي الكويتي في الأسواق الخارجية، إذ كانت صفقة شراء البنك الوطني المصري في 2007، آخر صفقة استحواذ ينجزها "الكويت الوطني" على بنك خارج البلاد.

تجدر الإشارة إلى أن مجموعة بيت التمويل الكويتي تتواجد في السوق السعودية من خلال شركة "بيت التمويل السعودي الكويتي" المرخصة من هيئة السوق المالية السعودية منذ 2008، والبالغ رأس مالها 320 مليون ريال (85 مليون دولار)، وتزاول نشاطات التعهد بالتغطية، وإدارة الاستثمارات، وتشغيل الصناديق، وتقديم المشورة والحفظ في البورصة السعودية.

البيانات الأساسية لبيت التمويل الكويتي والبنك السعودي للاستثمار بنهاية 2023 (مليار دولار)

بيت التمويل الكويتي البنك السعودي للاستثمار
الأصول 123.7 34.7
القروض 63.2 21.5
الودائع 71 22.2
الإيرادات 7 1.1
الأرباح 1.9 0.5
تصنيفات

قصص قد تهمك