الخلفية الاقتصادية مواتية لتحقيق المعدن الأصفر ارتفاعات جديدة

وتيرة تسجيل الأرقام القياسية لأسعار الذهب عقلانية للغاية

سبائك ذهبية - المصدر: بلومبرغ
سبائك ذهبية - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

تجاوز الذهب بشكل نهائي وقاطع نطاق الأسعار الذي كان عالقاً فيه منذ بداية العقد الحالي بوصول سعر الأونصة إلى رقم قياسي جديد هذا الشهر بلغ 2195 دولاراً.

وفي حين يرجع السبب وراء الزيادة الأخيرة في الأسعار على الأرجح إلى ارتفاع مشتريات الذهب في الصين، فقد بدأت بعض العوامل التقليدية، التي ترفع عادة أسعار المعدن الأصفر، في الدخول على الخط. كما تدفع الأرقام القياسية الجديدة في نفس الاتجاه.

على مدى معظم سنوات العقد الماضي، قامت الصين بتنويع احتياطياتها الأجنبية عن طريق شراء الذهب على الرغم من إعلانها المتقطع وغير المكتمل عن نشاطها في هذا المجال.

أما السؤال الكبير المطروح حالياً، فيتعلق باحتمال استمرار الصين في شراء مزيد من الذهب عند هذه الأسعار القياسية من عدمه، مع أن المواطنين الأثرياء في البلاد لم يشبعوا بعد شهيتهم للشراء.

اقرأ أيضاً: المركزي الصيني يعزز احتياطاته من الذهب إلى 2257 طناً

تضاعفت صادرات الذهب الحقيقية من سويسرا إلى الصين ثلاث مرات تقريباً في شهر يناير، بحسب "إدارة الجمارك الفيدرالية السويسرية". ويشير ذلك إلى أن المواطنين الصينيين يبحثون عن ملاذ آمن في أقدم أشكال التأمين المالي، بعد فترة متقلبة وصعبة في قطاع العقارات وأسواق الأسهم بالبلاد.

مشتريات الصناديق والعقود الآجلة

هناك علامات أخرى على ارتفاع الطلب على الذهب على نطاق أوسع. فقد أعلن محللو بنك "سوسيتيه جنرال" عن استثمار شركات إدارة الصناديق في شهر فبراير الماضي مبلغاً قياسياً على أساس شهري في الذهب، بلغ 11.3 مليار دولار.

وشهدت العقود الآجلة للذهب في بورصة السلع "كومكس" خلال الأسبوعين الماضيين أكبر ارتفاع في صافي المراكز الشرائية الجديدة منذ خمسة أعوام. ومع ذلك، فإن حجم الاستثمارات لم يقترب حتى الآن من الرقم القياسي للمراكز الاستثمارية المفتوحة، التي تبلغ حالياً 426 ألف عقد مقارنة مع 550 ألفاً من العقود القائمة في نهاية 2019.

وما زال تخفيض الصناديق المتداولة في البورصة لحيازاتها من الأصول المرتبطة بالذهب مثيراً للدهشة والارتباك. فحيازة هذه الصناديق عادة تتتبع أسعار الذهب بشكل وثيق، لكن هذا الارتباط تغير بصورة درامية منذ أواخر 2022. وشهد شهر فبراير خروج الأموال للشهر التاسع على التوالي من الصناديق المتداولة بالبورصة التي تحتفظ بمعدن الذهب في محافظها، وقد وصلت قيمة المبيعات إلى 5.7 مليار دولار منذ بداية هذا العام. بيد أن هذه الأموال التي خرجت من الصناديق لا تقارن بالارتفاع الحاد في الطلب من جانب البنوك المركزية، التي تجاوزت مشترياتها ألف طن متري سنوياً على مدى عامين متتاليين.

اقرأ أيضاً: "جيه بي مورغان" يتوقع صعود سعر الذهب إلى 2500 دولار

أداء الذهب يربك المحللين

أثار أداء الذهب –أو عدمه– في الأعوام الأخيرة ارتباكاً بين المحللين. فقد كان ينبغي للمنطق التقليدي أن يتوقع ارتفاعه إلى مستويات قياسية جديدة عندما أطلق الاحتياطي الفيدرالي الأميركي برنامجه الضخم للتحفيز النقدي في مواجهة الجائحة. لكن الارتفاع اللاحق في معدل التضخم في الولايات المتحدة، مدفوعاً في جانب كبير منه بزيادة أسعار الطاقة، صاحبه انهيار علاقات الارتباط بين الذهب والأصول الأخرى. فقد كان ينبغي أن يؤثر ارتفاع أسعار الفائدة تأثيراً سلبياً على الذهب، بينما يؤثر اندلاع الحرب تأثيراً إيجابياً، لكن استجابة المعدن لهما جاءت في الحدود الدنيا.

من الناحية التاريخية، كانت العوامل الثلاثة الأعلى تأثيراً في أسعار الذهب هي الدولار الأميركي، وتوقعات التضخم، وتوقعات أسعار الفائدة، وذلك وفقاً لكريس والتينغ، مؤسس شركة استشارات الاستثمار "لونغفيو إيكونوميكس" (Longview Economics). وقد بدأت تلك العوامل متأخرة في التأكيد على دورها.

اقرأ أيضاً: الذهب يكسر سلسلة المكاسب بعد أرقام التضخم الأميركية

انخفض مؤشر الدولار بنحو 4% منذ بداية شهر نوفمبر، ما يجعل سعر المعدن رخيصاً عند الشراء. أما التضخم فهو يتباطأ باستمرار منذ فترة، ولذلك يصعب أن ننسب إليه قدراً كبيراً من التأثير في ارتفاع الذهب مؤخراً.

طريقة الخبراء في تتبع علاقة الذهب مع الجانب النقدي في الاقتصاد هي رصد عوائد السندات بعد تحييد أثر التضخم. وقد انخفض العائد على سندات الخزانة المرتبطة بالتضخم لأجل 10 سنوات 20 نقطة أساس إلى نحو 1.8% منذ منتصف فبراير، ويدعم انخفاض العائد الحقيقي صعود أسعار الذهب إذ تصبح جاذبية استثمار الأموال في السندات أضعف نسبياً. وفي الوقت نفسه، ينبغي أن يؤدي تخفيض الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة، الذي تتوقعه أسواق العقود الآجلة في النصف الثاني من هذا العام، إلى دعم زيادة أسعار الذهب.

الذهب مقارنة بالعملات

بالنسبة للمستثمرين المتفائلين بأداء الذهب، ينبع العامل الأساسي في جاذبيته من مقارنة أدائه مع أداء العملات التي لا يدعمها شيء أهم من الإنفاق المبذر للحكومات. ومثال ذلك أن العجز المالي في الولايات المتحدة في سبيله إلى الزيادة على مدى العقد القادم، وفقاً لمكتب الموازنة في الكونغرس. وسوف تصاحب هذا العجز زيادة في إصدارات الديون بلا هوادة، بما يعزز الموقف التفاؤلي للمتحمسين للمعدن النفيس. وفي حين أن الارتفاع القياسي الأخير في أسعار "بتكوين" حفزه إطلاق الصناديق المتداولة في البورصة للعملة المشفرة، فإن احتقاراً مماثلاً للعملات الورقية الرسمية هو القاطرة الأساسية لزيادة الطلب عليها.

وبدلاً من مجرد التساؤل حول شراء الصين حمولة جديدة من السبائك الذهبية من عدمه، فإن لدى المستثمرين بعض الحجج الأقل تجريداً والتي تدعم رصد مزيد من الأموال لاستثمارها في هذا المعدن. إذ ينبغي أن تمهد الطريق أمام الزيادات الأخرى في أسعار الذهب مجموعة من العوامل التي تشمل تصعيد التوترات الجيوسياسية، واحتمال ظهور مشاكل في الانتخابات عند عدد من الدول، علاوة على الخلفية الاقتصادية المواتية بشكل متزايد لارتفاع الذهب.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

فى هذا المقال