رئيس جنوب أفريقيا السابق هو المسؤول الأول عن مشروع تبادل الكربون بين زيمبابوي وروسيا وبيلا روسيا

زيمبابوي.. البوابة الخلفية لتعويضات الكربون الروسية إلى الأسواق الغربية

أحد الباعة الجائلين يعدّ أوراقاً نقدية فئة 50 دولار زيمبابوي في منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة هراري - المصدر: بلومبرغ
أحد الباعة الجائلين يعدّ أوراقاً نقدية فئة 50 دولار زيمبابوي في منطقة الأعمال المركزية بالعاصمة هراري - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

فرضت واحدة من أكثر الزوايا المثيرة للجدل في سوق تعويضات الكربون، نفسها للتو على قائمة من القضايا الجيوسياسية الأشدّ احتداماً في العالم.

في الوقت الذي تسعى فيه إفريقيا لأن تصبح مركزاً عالمياً لتجارة تعويضات الكربون، فإن اختيارها للشركاء ربما يدفع بعض المستثمرين إلى إعادة النظر مجدداً. يعد هذا بمثابة تبادل لأرصدة الكربون المخطط لها في زيمبابوي التي تتعاون مع روسيا وبيلا روسيا من خلال برنامج لبيع تعويضات من دول الاتحاد السوفيتي السابق. يعد جاكوب زوما، رئيس جنوب أفريقيا السابق، الرجل الأول لهذا المشروع، والذي يُحاكم حالياً بتهمة الفساد المرتبط بصفقة أسلحة.

خلال خطابه الذي ألقاه في 7 يوليو في المؤتمر كشف زوما عن خطة لجمعية التجارة الخارجية الأفريقية البيلاروسية "بافتا" (BAFTA) لإدراج مليونين من أرصدة الكربون في البورصة الجديدة لتحفيز الأعمال.

أوضح مسؤولون من الوكالة الوطنية للاستثمار والخصخصة في بيلا روسيا منذ ذلك الحين أن هذه الائتمانات تأتي من برنامج غابات في سيبيريا.

يقول المحامون الذين يتابعون هذه المنظمة إن نقص التفاصيل يجعل من الصعب معرفة ما إذا كانت الصفقة قد تخضع لعقوبات، لكنهم يحذرون من أنها تثير عدداً من الأسئلة الخطيرة.

قال ألكسندر بريزانتي، الشريك في "غلوبال ديليجنس" (Global Diligence)، وهي شركة محاماة مقرها في لندن: "الحجم غير معروف. لكن هناك إمكانية أن تدرّ الملايين من العملات الأجنبية من المستثمرين الغربيين من خلال باب خلفي غير خاضع للرقابة".

ما هي تعويضات الكربون؟ وما مدى جدواها؟

علاقات وثيقة

تتمتع كل من روسيا وبيلاروسيا بعلاقات وثيقة مع زيمبابوي، ويخضع الثلاثة لشكل من أشكال العقوبات من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي. كانت لزوما علاقات وثيقة مع روسيا خلال فترة حكمه التي استمرت 9 سنوات. لم يرد فوكيل ماثابيلا، المتحدث باسم زوما، على مكالمة هاتفية أو عبر رسالة نصية، طلباً للتعقيب على الأمر.

وُصفت مسألة الكشف عن خطة "بافتا" بأنها أهم ما يميز المؤتمر الذي عُقد في منتجع شلالات فيكتوريا. كان الغرض من الاجتماع هو إطلاق سوق ائتمان الكربون الطوعية في أفريقيا ومحاولة بناء إجماع حول كيفية تنظيم صناعة تعويضات الكربون، والتي قد تصل قيمتها إلى تريليون دولار في غضون 15 عاماً، وفقاً لتقديرات "بلومبرغ إن إي إف".

قال جوستين بيغوني، الرئيس التنفيذي لـ"بورصة شلالات فيكتوريا" (Victoria Falls Securities Exchange)، التي ستشرف على "سوق ائتمان الكربون الطوعية في أفريقيا"، إن البورصة لم تحصل على اتفاق مع شركتها الفرعية بشأن إدراج هذه الائتمانات وهي مهتمة بشكل أساسي بالائتمانات أفريقية المنشأ. وأوضح أنهم سيعقدون محادثات يوم الثلاثاء.

حضرت المؤتمر وفود من دول من بينها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وألمانيا وإستونيا والتشيك، وفقاً للجهة القائمة على تنظيم المؤتمر. كما حضره ممثل من شركة "فيرا" (Verra)، التي تدير البرنامج الطوعي الرائد لأسواق الكربون في العالم، وقدم مسؤول من شركة "فولكس واجن" (Volkswagen AG) الألمانية عرضاً تقديمياً خلال المؤتمر.

زيمبابوي تفرض ضوابط على رأس المال للسيطرة على عملتها المتراجعة

تعزيز التجارة بين بيلاروسيا وأفريقيا

من جانبه، قال فيتالي زولنيروفيتش، نائب رئيس قسم خدمة المستثمرين في الوكالة البيلاروسية، عبر البريد الإلكتروني: "تدعم بيلاروسيا جميع المبادرات التي تعزز التجارة بين بيلاروسيا والدول الأفريقية"، مضيفاً: "إدراج وحدات خفض الانبعاثات هذه في جمهورية زيمبابوي هو مبادرة "بافتا" ضمن شروط الأعمال التجارية العادية". وبحسب زولنيروفيتش، تمثل "بافتا" دولاً في الاتحاد السوفيتي السابق، بما في ذلك روسيا.

تأسست الوحدات بين عامي 2008 و2012 في سوق كربون قديمة للأمم المتحدة والتي أُطلقت بموجب بروتوكول "كيوتو"، وبدأت العمل في عام 2005، وفقاً للوثائق التي اطلعت عليها "بلومبرغ نيوز".

تمثل كل وحدة طناً من ثاني أكسيد الكربون أو ما يعادله تمت إزالته أو منعه من دخول الغلاف الجوي. يمكن شراؤها من قبل الجهات المسؤولة عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري لتعويض تأثير أنشطتها.

قال مسؤول بوكالة الحكومة البيلاروسية في رسالة نصية إن الوحدات لا تزال مملوكة لشركة روسية استأجرت وسيطاً من بيلاروسيا. أشار المسؤول إلى أن زيمبابوي ستفرض ضريبة بنسبة 10% على الائتمانات، وقد تنقل أكثر من 100 مليون وحدة من خلال البورصة.

لا تزال روسيا هدفاً للعقوبات الغربية الشاملة التي فُرضت بعد غزوها لأوكرانيا، بينما تخضع بيلاروسيا أيضاً لعقوبات بسبب دعمها لروسيا. ليس من الواضح ما إذا كانت الائتمانات من روسيا ستتأثر بهذه العقوبات. وقال المسؤول في الوكالة البيلاروسية إن العقوبات لن تشملها.

ترأس زوما اجتماع اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ في عام 2011. ولكن منذ ذلك الحين تعرض لانتقادات من قبل نشطاء المناخ لدوره في التحول الأخضر في جنوب أفريقيا. في عام 2016، أوقف زوما برنامجاً ناجحاً للطاقة المتجددة، وواصل بدلاً من ذلك بناء محطة للطاقة النووية من قبل الشركات الروسية. حُظر هذا المشروع في النهاية بموجب دعوى أقامها نشطاء في مجال البيئة.

استُخدمت ابنته، دودوزيل سامبودلا-زوما، التي رافقته إلى المؤتمر، هذا العام كمحور لحملة مدعومة من روسيا عبر "تويتر" استهدفت تعزيز الدعم لغزو أوكرانيا، وذلك وفقاً لبحث أُجري بتكليف وتمويل من "مركز مرونة المعلومات" (Centre for Information Resilience).

استغل الرئيس السابق، الذي قضى فترة في السجن لرفضه الإدلاء بشهادته أمام لجنة قضائية بشأن الكسب غير المشروع ونفى ارتكاب أي مخالفات، خطابه الذي ألقاه في مؤتمر "شلالات فيكتوريا" لإثارة مخاوف بشأن ظاهرة الاحتباس الحراري. كما انتقد العقوبات المفروضة على بعض زعماء زيمبابوي.

200 تريليون دولار لوقف الاحتباس الحراري.. يا لها من صفقة!

أسوأ آلية

رجّح تحليل أجراه باحثون في معهد ستوكهولم للبيئة أن تكون حوالي 75% من التعويضات الناتجة بموجب نظام التنفيذ المشترك لبروتوكول "كيوتو" عديمة الفائدة. ربما يكون النظام قد مكّن من ظهور حوالي 600 مليون طن من انبعاثات مكافئ ثاني أكسيد الكربون الإضافية، حيث كان أكبر جزء منها قد جاء من روسيا وأوكرانيا.

من جانبه، وصف لامبرت شنايدر، مؤلف الدراسة المتوفرة حالياً في معهد "أوكو"، وهي مؤسسة بحثية بيئية غير ربحية في ألمانيا وعضو مجلس إدارة لآلية التنمية النظيفة وبرنامج شقيق لـ"وحدة التنفيذ المشترك" التابعة للأمم المتحدة، إن منظومة التنفيذ المشترك ربما تشكّل أسوأ آلية موجودة على الإطلاق من حيث النزاهة.

قال إن العديد من المشاريع لم تقدم شيئاً لإزالة أو منع دخول غازات الاحتباس الحراري الإضافية إلى الغلاف الجوي، وتم التلاعب بالبيانات، وارتكبت أخطاء حسابية، ولم يكن هناك سوى إشراف محدود من جانب المدققين.

أضاف شنايدر: "كنا نعلم دائماً أن الكثير من الأمور تسير على نحو خاطئ، لكننا فوجئنا ببعض المشكلات ومدى صدمتها".

قال المسؤول في وكالة الحكومة البيلاروسية إن قيمة كل واحد من هذه الأرصدة 27 دولاراً، على الرغم من أن البائعين سيكونون مستعدين لقبول ربع هذا المبلغ في زيمبابوي.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك