الشركات الصينية تتجه لجمع رأس المال في أوروبا وتتطلع لتوسيع قواعد الإنتاج في القارة في تحرك غاية في الذكاء

احترسوا.. القوة الصناعية الصينية تتجه نحو العالمية مرة أخرى

موظف يجري فحوصات مراقبة الجودة على سيارة "أودي كيو 4 إي ترون" الكهربائية في مصنع "فولكس واجن" في تسفيكاو، ألمانيا - المصدر: بلومبرغ
موظف يجري فحوصات مراقبة الجودة على سيارة "أودي كيو 4 إي ترون" الكهربائية في مصنع "فولكس واجن" في تسفيكاو، ألمانيا - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

تتجه الشركات الصناعية الصينية نحو العالمية مرة أخرى، وهذه المرة عبر أوروبا حيث تستفيد من الضغط المتزايد في جميع أنحاء القارة للتحول للطاقة النظيفة.

جمّعت سلسلة من الشركات الصناعية الصينية، بما في ذلك الشركة العملاقة في مجال آلات البناء "ساني هيفي اندستري" (Sany Heavy Industry Co)، وموردة قطع غيار السيارات الكهربائية "سانهوا انتلجنت كنترولز" (Sanhua Intelligent Controls Co)، ومقرها مقاطعة تشجيانغ، مليارات الدولارات من بورصة "سيكس سويس إكستشينج" (SIX Swiss Exchange) السويسرية عبر شهادات الإيداع العالمية منذ إطلاق برنامج الإدراج المزدوج في يوليو من العام الماضي.

الآن تدخل على الخط شركة "كونتيمبورري امبيركس تكنولوجي" (CATL) الصينية الضخمة، عبر سعيها لجمع ما لا يقل عن 5 مليارات دولار من خلال شهادات الإيداع العالمية، فيما يعتبر أكبر إصدار من نوعه من قبل شركة صينية.

في ظل توسيع هذه الشركات حضورها، يجب أن ينتبه صانعو السيارات الكهربائية العالميون، إذ أن السيارات وقطع الغيار والبطاريات الصينية تجد موطئ قدم لنفسها في سوق جديدة.

حاجة أوروبا للشركات الصينية

تأتي هذه الخطوة في توقيت جيد، وتستفيد إلى أقصى حد من اختمار الضغط التنظيمي الهادف لخفض الانبعاثات، فضلاً عن غليان ضغوط سلسلة التوريد. في أواخر العام الماضي، أعلنت أوروبا عن متطلبات تتضمن أن تكون جميع السيارات، والشاحنات الجديدة المسجلة في المنطقة خالية من الانبعاثات بحلول عام 2035، وأن ينخفض متوسط انبعاثات السيارات الجديدة 55% بحلول نهاية العقد.

أدى ذلك إلى تسريع الطلب على المركبات الصديقة للبيئة، لدرجة أنه من المتوقع أن يصل معدل انتشار المركبات الكهربائية في المنطقة إلى 64% بحلول عام 2030، متجاوزاً الحد التنظيمي البالغ 50%، وفقاً لمحللي "ستاندرد آند بورز غلوبال موبيليتي"، و"سيتي غروب". بالإضافة إلى ذلك، تتنافس البلدان في جميع أنحاء العالم من أجل الاكتفاء الذاتي لأن سياسات مثل "قانون خفض التضخم الأميركي" تخلق شعوراً بضغط الضرورة الملحة.

لكن بالنسبة لأوروبا، لن يكون تحقيق هذه الأهداف، وأهداف الإنتاج الصناعي، سهلاً بدون "مصنع العالم". يحاول المصنعون زيادة الإنتاج، وزيادة الإنفاق الرأسمالي للوصول إلى أهداف السيارات الكهربائية. في الوقت نفسه، يكافحون للتعامل مع ارتفاع فواتير الطاقة، وتكاليف المواد الخام. سيحتاج المصنعون إلى بطاريات، وصمامات حرارية، ومحركات، وجميع المكونات الأخرى التي تتكون منها السيارة الكهربائية.

لبناء المصانع، ستحتاج الشركات إلى الحفارات أيضاً. تستفيد الشركات الصينية من هذا الطلب الصناعي المتزايد لتوسيع أعمالها في الخارج. على سبيل المثال، زادت صادرات شركة "ساني هيفي" رغم تعثر مبيعاتها داخل الصين.

في غضون ذلك، من المرتقب أن تجمع شركة "سانهوا انتلجنت كنترولز" المغمورة - التي تصنع مجموعة متنوعة من الصمامات، وكانت مورداً رئيسياً لمصنعي السيارات الكهربائية العالمية - حوالي مليار دولار من خلال شهادات الإيداع العالمية في سويسرا. وأصبحت شركة "غوشن هاي تك" (Gotion High-Tech Co) المصنعة لبطاريات السيارات الكهربائية الآن أقرب إلى سوق أكبر مساهميها، "فولكس واجن".

تباطؤ نمو السوق المحلية

أصبح العثور على أسواق جديدة - خاصة في ظل انغلاق نوافذ الوصول للسوق الأميركية - ضرورياً بالنسبة للشركات الصينية، ورغم أن سوقها المحلية تعتبر الأكبر في العالم للسيارات الكهربائية، يتوقع المحللون الآن أن تبلغ معدلاً طبيعياً، أي تتراجع معدلات نموها المرتفعة إلى مستويات أكثر اعتدالاً تبلغ 30%.

هناك بالفعل مخاوف ناشئة تتمثل في زيادة السعة الإنتاجية للمركبات الكهربائية لمستويات مرتفعة جداً قد تتجاوز بكثير نمو الطلب. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يتواجد معظم المشترين الجدد في مدن الصين من المستويين الثالث والرابع (المدن الأقل تقدماً لكن ذات إمكانات النمو المستقبلية)، ما يعني أن المركبات الكهربائية قد تُباع بأعداد كبيرة، لكنها لن تكون من الطرازات باهظة السعر، ذات الهامش المرتفع.

في الوقت نفسه، من المتوقع أيضاً أن ينمو الطلب على السيارات الهجينة التي تعمل بالكهرباء بشكل حاد في الصين. خلاصة القول، هناك مؤشرات على أن الوقت قد حان كي تضمن هذه الشركات خياراتها الأخرى.

إدراجات رمزية كممارسة تسويقية ذكية

رغم أهمية زيادة التمويل بالعملات الأجنبية بالنسبة لهذه الشركات الصناعية التي تتطلع إلى القيام بأنشطة في الخارج، فإن المبالغ الفعلية التي تجمعها الشركات الفردية ليست ضخمة بالمقارنة مع قيمتها السوقية في الداخل: على سبيل المثال، يعتبر طرح "كونتيمبورري امبيركس تكنولوجي" المحتمل من 5 مليارات دولار إلى 6 مليارات دولار ضئيلاً بالمقارنة مع قيمتها السوقية البالغة 1.1 تريليون يوان (163 مليار دولار). لذا فإن هذه الإدراجات ذات طبيعة رمزية في هذه المرحلة. إن جمع الأموال في أوروبا - في الأسواق العامة – يساهم في تعريف المستثمرين، والمستهلكين بالشركة، وهي ممارسة تسويقية ذكية على الصعيد الدولي.

لطالما تنافس صانعو السياسات والشركات الصينية منذ فترة طويلة على الهيمنة العالمية، وكافحوا للتخلص من النظرة التي ترى أن منتجاتهم دون المستوى، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالسيارات، والآلات. خلال العقدين الماضيين، دفع المسؤولون شركاتهم للاستثمار في الخارج.

المنافسة العالمية

تشتري الشركات الكبرى، التي تمولها البنوك الحكومية، الأصول والشركات الصناعية في الخارج، مع تركيزها على الملكية. فشل بعضها، ما ألقى بظلال من الشك على ما إذا كان بإمكان الصين أن تبلغ يوما قائمة "فورتشن 500"، والتنافس جنباً إلى جنب مع الشركات العالمية متعددة الجنسيات إذ تراجعت تصنيفات الشركات الصينية مع تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والصين.

هذه المرة، تأخذ الشركات الصينية زمام المبادرة لضمان دمج سلعها الصناعية في سلاسل التوريد، وتوسيع الأعمال التجارية، وسد فجوات الإنتاج. من المتوقع أن تزيد "كونتيمبورري امبيركس تكنولوجي" من إنتاج البطاريات في ألمانيا، وكذلك ستفعل "غوشن هاي تك".

أصبحت السيارات الكهربائية التي تصنعها شركة "بي واي دي"، وغيرها أكثر شيوعاً بالفعل، ما أدى إلى بناء الثقة داخل المجتمع الصناعي، والأهم من ذلك، بين المستهلكين. سيؤدي جمع رأس المال في أوروبا إلى الدفع بذلك خطوة إلى الأمام.

مع بدء الشركات الصناعية الصينية حملتها الترويجية في أوروبا، تبدو خطتها قابلة للنجاح هذه المرة.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

الآراء الأكثر قراءة