يواجه أكبر مشروع لتعدين البلاتين في زيمبابوي، والذي ظل يكافح على مدى عامين لبدء الإنتاج، تحدياً جديداً. فقد ذكر أشخاص مطلعون أنَّ حصة كبيرة يملكها رجل أعمال روسي في مشروع المنجم الذي تبلغ قيمته 3 مليارات دولار، تثير المخاوف لدى المموّلين المحتملين.
بدأت أعمال التطوير الأولية في منجم داروينديل في أوائل عام 2020، لكن سرعان ما توقفت بسبب نقص رأس المال، إلى أن بات الموقع مهجوراً تماماً منذ أوائل العام الماضي، وفقاً لتقرير صادر عن مركز زيمبابوي لإدارة الموارد الطبيعية. وأشار الأشخاص المطلعون، الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لأنَّ المحادثات ليست علنية، إلى أنَّ شركة "في هولدينغ" (Vi Holding) المملوكة لرجل الأعمال الروسي، فيتالي ماتشيتسكي، والتي تمتلك حصة 50% في المشروع، مترددة في مواصلة الاستثمار بعد سنوات من التأخير.
اقرأ أيضاً: زيمبابوي تسمح لمواطنيها باستيراد السلع الأساسية لكبح ارتفاع الأسعار
لكنَّ شركة "كوفيمبا ماينينغ هاوس" (Kuvimba Mining House) التي تمتلك حصة 50% المتبقية من المشروع، والتي تقول الحكومة إنَّها تسيطر عليها؛ لم تتمكّن من جذب استثمارات جديدة، لأنَّ مشتري البلاتين من الأوروبيين لا يريدون الدخول في اتفاقيات شراء مع كيان يضم مساهمين من روسيا، وذلك بحسب الأشخاص المطّلعين الذين قالوا أيضاً إنَّ المخاوف من مواجهة العقوبات الناجمة عن الغزو الروسي لأوكرانيا، تعني كذلك أنَّه من الصعب اقتراض الأموال اللازمة لتطوير المشروع.
اقرأ المزيد: صناعة الألماس العالمية تواصل شراء الأحجار الكريمة الروسية
تعليقاً على الموضوع، قال سيمبا شينيمبا، الرئيس التنفيذي لشركة "كوفيمبا"، إنَّ مشروع داروينديل "مستمر"، وتجري إعادة صياغة خطة المنجم، إلا أنَّه رفض تقديم المزيد من التفاصيل. يُشار إلى أنَّ "كوفيمبا" و"في هولدينغ" تمتلكان مناصفة شركة "غريت دايك إنفستمنتس" (Great Dyke Investments) التي تمتلك منجم داروينديل. وأضاف شينيمبا: "ما يمكنني أن أخبركم به، هو أنَّ المشروع يمضي قدماً بالفعل".
علاقات عميقة مع روسيا
ارتبط منجم داروينديل بروسيا منذ عام 2006، عندما أخذ رئيس زيمبابوي السابق، روبرت موغابي، الامتياز من وحدة محلية لشركة "إمبالا بلاتينيوم هولدينغز" (Impala Platinum Holdings) الجنوب أفريقية، وسلّمه إلى مستثمرين روس. كان اسم الشركة المشتركة الأولى التي حاولت الاستفادة من المنجم، "روسكروم ماينينغ" (Ruschrome Mining) - وشملت شركة تعدين "زمبابوي ماينينغ ديفلوبمنت" (Zimbabwe Mining Development) المملوكة للدولة، ومجموعة الدفاع الروسية "روستك" (Rostec)، و"فنشيكونومبنك" (Vnesheconombank)، و"في هولدينغ".
حملت الشركة فيما بعد اسم "غريت دايك"، حيث سُميت على اسم السمة الجيولوجية التي يوجد ضمنها المنجم، وظلت "في هولدينغ" المستثمر الوحيد من روسيا.
يذكر أنَّ ماتشيتسكي، المولود في إيركوتسك في سيبيريا، هو صديق الطفولة لسيرغي شيميزوف، الرئيس التنفيذي لشركة "روستك"، وفقاً لمجلة "فوربس". وكان ماتشيتسكي عضواً في مجلس إدارة العديد من وحدات "روستك"، في حين كان شيميزوف نفسه، حليفاً وثيقاً للرئيس فلاديمير بوتين، الذي عمل معه ذات مرة في ألمانيا. وقد فُرِضت عقوبات على شيميزوف من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة.
لم يأتِ أي رد على المكالمات الموجهة إلى وينستون شيتاندو، وزير المناجم في زيمبابوي. وقيل إنَّ أنيسيمو مويو، سكرتير الدولة لشؤون المناجم، كان في اجتماع عندما تم الاتصال بهاتفه. كذلك، لم يرد إيغور هيغر، رئيس مجلس إدارة شركة "غريت دايك" وممثل المستثمرين الروس، على أسئلة عبر البريد الإلكتروني أو المكالمات الهاتفية أو الرسائل النصية، كما لم ترد شركة "في هولدينغ" على الفور على طلب للتعليق.
الملكية المعقدة
قالت شركة "غريت دايك" إنَّ منجم داروينديل، في حال إنجازه، يمكن أن ينتج 860,000 أوقية من معادن مجموعة البلاتين سنوياً، ويمكن استغلال المنجم لمدة أربعة عقود. وكان من المتوقَّع في البداية أن يبدأ الإنتاج في عام 2021، إلا أنَّ المشروع تأخر في ظل ارتباطه بروسيا، وفي ظل نقص رأس المال، مع أنَّ هذين العاملين لم يكونا السبب وراء عملية التأخير.
تقول حكومة زيمبابوي إنَّها تسيطر على "كوفيمبا"؛ إلا أنَّ أصولها، بما في ذلك الحصة في "غريت دايك"، هي ذاتها التي كانت مملوكة حتى أواخر عام 2020 على الأقل من قبل "سوتيك إنترناشونال" (Sotic International)، وهي شركة مرتبطة بكوداكواشي تاغويري، مستشار رئيس زيمبابوي، إيمرسون منانغاغوا، الذي يخضع لعقوبات من قبل حكومتي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بشأن مزاعم فساد.
لم تذكر الحكومة كيف استحوذت على الأصول، كما لم تكشف عن هويات المساهمين من القطاع الخاص الذين يمتلكون حصة 35% في شركة "كوفيمبا"، وهي الحصة التي لا تملكها الدولة. وقال أشخاص مطلعون على الوضع في فبراير، إنَّ "إمبالا" رفضت عرضاً من شركة "غريت دايك"، لأنَّها كانت قلقة بشأن ملكيتها.
كما أدى الغموض بشأن الملكية إلى تعقيد العلاقات بين مساهمي "غريت دايك".
قال مركز حوكمة الموارد الطبيعية في تقرير له، إنَّ المشروع أُعيق أيضاً بسبب "سوء الإدارة وانعدام الثقة". وأضاف أنَّ "عمليات التعدين توقفت منذ ذلك الحين، حيث توقف المستثمر الروسي عن ضخ الأموال في المشروع".