أثار عدم سداد مطوِّر عقاري صيني لسندات مستحقة يوم الثلاثاء قلق المستثمرين حول سلامة قطاع العقارات في البلاد.
تستعد السندات الصينية المقوَّمة بالدولار من الدرجة غير الاستثمارية لأكبر عمليات بيع على مدار 8 سنوات على الأقل وسط مخاوف متجددة من عدم اتخاذ الحكومة إجراءات للتخفيف من أزمة الائتمان التي تجتاح القطاع. وقد ارتفع عائد السندات لأعلى مستوياته على مدار عقد من الزمان.
تراجعت أسهم شركات التطوير العقاري مع هبوط أسهم شركتي "سوناك تشاينا هولدنغ"، و"غوانغ زو ار آند اف بروبيرتيز" بأكثر من 10%.
وأدى هذا إلى تراجع مؤشر الأسهم الصينية في "بورصة هونغ كونغ" لأدنى مستوى منذ 2016. وسط امتناع مجموعة "إيفرغراند" الصينية عن التعليق على بيع حصة في وحدة تابعة، مما أدى إلى تعليق التداول على أسهمها.
فشل السداد
أصبحت شركة "فانتازيا هولدنغ غروب" أحدث شركة عقارية تفشل في سداد سندات استُحق أجلها أمس الإثنين، وقد زاد قلق المستثمرين بعد أن تزامن امتناع سداد المطوِّر العقاري مع سلسلة من خفض التصنيفات الائتمانية من شركات تقييم المخاطر العالمية، وتراجعات الأسواق الأمريكية خلال الليل.
أرجع متداولو الائتمان أسباب الانخفاض بشكل ضئيل بالنسبة إلى حجم الأسواق المالية الصينية بسبب دخول الصين عطلة لمدة أسبوع، مما أدى إلى تعطُّل قنوات السيولة بالنسبة للأسهم الصينية المدرَجة في "بورصة هونغ كونغ"، وضخ السيولة اليومية من "بنك الشعب".
قال كريغ بوثام، كبير الاقتصاديين الصينيين في "بانثيون ماكرو إيكونوميكس ليمتد"، إنَّ عدم سداد "فانتازيا" "يقدِّم مؤشراً واضحاً على زيادة الضغوط على سوق العقارات، برغم عمليات الإنقاذ الجزئية لأصول مختارة من إيفرغراند".
تراجع عائد السندات
انخفض متوسط سعر السندات الصينية ذات العائد المرتفع المقوَّمة بالدولار بنحو 5 سنتات، في حين انخفض متوسط سعر سندات الشركات ذات التصنيف الائتماني المستقل B بقدر 10 سنتات، وفقاً لمتداولي الائتمان.
اقتربت سندات شركتي "كايسا غروب هولدنغ"، و"مودرن لاند تشاينا" المقوَّمة بالدولار من تسجيل أكبر انخفاض في عام على الأقل.
وتراجع مؤشر يتتبَّع أداء أسهم شركات التطوير العقاري الصينية بنسبة 4.1 %حتى الساعة 2:50 بعد الظهر في هونغ كونغ.
أنهت التراجعات فترةً من الهدوء الناتج عن توقُّعات بتحفيز الحكومة للقطاع من أجل الحد من التداعيات على الاقتصاد. فقد انتعشت أسهم شركات التطوير العقاري الصينية بنسبة 11% في الأيام الخمسة السابقة لتسجِّل بذلك أطول مكاسب متتالية منذ مارس الماضي، بعد أن تعهد "بنك الشعب" بحماية سوق العقارات، وحقوق مشتري المنازل. وقد استمر "بنك الشعب" الصيني في ضخِّ سيولة للنظام المصرفي لمدة 10 أيام متتالية، مما أدى إلى انخفاض تكلفة الاقتراض بين البنوك.
تستبعد شركة "نوموروا القابضة" أن تحدَّ الحكومة من قيودها على قطاع العقارات برغم التكهنات الأخيرة.
استمرار القواعد المشددة
كتب محلِّلون في "نومورا" بقيادة تينغ لو في مذكرة بحثية بتاريخ أمس الإثنين: "موقف بكين المتشدِّد تجاه قطاع العقارات ما يزال مستمراً، ونتوقَّع أن تحافظ على إجراءاتها المتشدِّدة بشأن القطاع العقاري، والتراجع السريع للقطاع، وتداعيات ذلك على معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي، والإيرادات الحكومية".
واصلت الحكومة فرض قواعد صارمة تجبر المطوِّرين العقاريين المثقلين بالديون على خفض الرافعة المالية، بالإضافة إلى إجراءات تهدف إلى منع حدوث فقاعة في أسعار المساكن.
أسفرت تلك الإجراءات عن تعقيد أكبر في عمليات إعادة تمويل الديون في القطاع، إذ قامت الشركات العقارية ذات التصنيف الائتماني من الدرجة غير الاستثمارية، أو غير المصنَّفة في بيع كمية أقل من السندات خلال الربع الثالث منذ نهاية عام 2017.
وفي الوقت نفسه، تراجعت مبيعات المنازل وفقاً لما ذكره محللو "جيفريز" في مذكرة بحثية، نقلاً عن بيانات شركة "تشاينا ريال ستيت إنفورميشن".
"فيتش" تخفض تصنيف "إيفرغراند" من جديد مع اقتراب مواعيد دفع كوبونات السندات
تعثر "فانتازيا"
فشلت "فانتازيا" في سداد 205.7 مليون دولار من السندات التي كانت تستحق السداد أمس الإثنين، وفقاً لبيان الشركة.
وعلى صعيد منفصل؛ قالت شركة "كانتري غاردن سيرفيسز هولدنغز"، إنَّ إحدى الوحدات التابعة لشركة "فانتازيا" لم تسدد 700 مليون يوان (108 ملايين دولار) قرضاً مستحقاً يوم الإثنين، كما أنَّ التخلُّف عن السداد كان محتملاً.
احتلت "فانتازيا" المرتبة 60 في قائمة حجم المبيعات التي تمَّ التعاقد عليها بالربع الأول من هذا العام، في حين احتلت "إيفرغراند" المرتبة الثالثة بالقائمة.
صفقة كبرى
لم تصدر "إيفرغراند" - التي تقع في بؤرة اهتمام المستثمرين – أي إفصاح منذ إيقاف أسهم الشركة في انتظار الإعلان عن "صفقة كبرى".
أفادت منصة أخبار "كايليان" يوم الإثنين نقلاً عن أشخاص مجهولين أنَّ الشركة وافقت على بيع حصة أغلبية في وحدتها التابعة للخدمات العقارية إلى شركة تطوير عقاري تتخذ من قوانغدونغ مقرَّاً لها.
وكانت "إيفرغراند" قد وافقت الأسبوع الماضي على بيع حصة تبلغ 20% في "تشنغينغ بنك" إلى الحكومة المحلية في صفقة قالت "ستاندرد آند بورز غلوبل للتصنيف الائتماني"، إنَّها تمثِّل خطوة أولى نحو حل أزمة السيولة لدى الشركة.
يتمُّ تداول مؤشر "بلومبرغ للأسهم العقارية الصينية" بأقل من القيمة الدفترية البالغة 0.4 مرة، وذلك في إشارة إلى أنَّ متداولي الأسهم قاموا بتسعيرها وفقاً لخصم على قيمة أصول شركات التطوير العقاري الصينية، إذ يعد الأكبر منذ عام 2005.
تستحق سندات بقيمة 2.1 مليار دولار صادرة عن 15 شركة تطوير عقاري السداد خلال الشهر الجاري، وفقاً لحسابات محللي "سيتي غروب"، إذ تتضمَّن تلك السندات قيمة التوزيعات.
وكتب المحلِّلون في مذكرة بحثية أنَّ القيمة قد تتضاعف في يناير مع استحقاق المدفوعات الرئيسية، مما يشير إلى أنَّ ضغوط السوق قد تصل إلى حدٍّ أقصى جديد في ذلك الوقت.
