من المقرَّر أن تفرض إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عقوبات على الشركة التي تتخذ من سويسرا مقرّاً لها والتي تشرف على بناء خط أنابيب الغاز "نورد ستريم 2" الممتدّ من روسيا إلى ألمانيا، لكنها ستلغيها على الفور، وفقاً لعديد من المطّلعين على القرار.
في تقرير للكونغرس صدر الأربعاء، قالت وزارة الخارجية إن شركة "نورد ستريم 2 إيه جي" منخرطة في نشاط خاضع للعقوبات بموجب القانون الأمريكي، لكن إدارة بايدن قررت التنازل عن العقوبات لأسباب تتعلق بالأمن القومي، وفقاً للأشخاص الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم.
إعفاءات رئاسية
بشكلٍ منفصل، قال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس، إن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، أخبره أن التقرير يسرد عقوبات ضدّ عدد من الكيانات، ولكنه يتضمن أيضاً "إعفاءات رئاسية" لشركة "نورد ستريم 2 إيه جي" ورئيسها التنفيذي ماتياس وارنيغ، حسبما ذكرت وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية، نقلاً عن تصريحات وزير الخارجية.
وتتطلع إدارة بايدن إلى الضغط على ألمانيا لوقف خط الأنابيب شبه المكتمل، مع استبعاد إمكانية إلغاء الإعفاء وفرض العقوبات. لكن التحركات الأخيرة لن ترضي أعضاء كلا الحزبين في الكونغرس الذين يريدون وقف خط الأنابيب، بحجة أنه يجعل الدول الأوروبية أكثر اعتماداً على روسيا ويكافئ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على حساب مخاوف الأمن القومي.
اعتراض "جمهوري"
أكّد أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريون رون جونسون وجون باراسو وتيد كروز في بيان، أنه إذا كانت هذه التقارير دقيقة، فإن قرار الإدارة الأمريكية التنازل عن العقوبات يرسل إشارة مؤسفة مفادها أن الولايات المتحدة ليست مستعدة لأداء ما فوّضها إليه الكونغرس، وهو استخدام عقوبات ساحقة لوقف خطّ الأنابيب.
واعتبر البيان أن هذا النوع من الضعف يشجّع فقط عدوانية بوتين، وأنه لا يدفع ثمناً باهظاً لأنشطته "الخبيثة"، وأنه "بقرارات مثل هذه، فإن إدارة بايدن تشجّعه فقط (بوتين)" على حد قولهم.
كان موقع "أكسيوس" الإخباري كشف عن خطط الإدارة الأمريكية في وقت سابق.
ترحيب روسي
رُحّب بالتقارير التي تفيد بإلغاء العقوبات بارتياحٍ في روسيا، إذ ارتفعت أسهم شركة "غازبروم بي جيه إس سي" بنسبة تصل إلى 2.8%، قبل تقليص المكاسب وسط ضعف السوق الروسية على نطاق واسع.
وقال المحللون في شركة "بي سي إس غلوبال ماركتس" إن الموقف الأمريكي الأكثر ليونة بشأن شركة "نورد ستريم 2" إيجابي لصالح سعر السهم.
وأصبح خط أنابيب شركة "نورد ستريم 2" مصدراً رئيسياً للخلاف بين الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، بخاصة ألمانيا، خلال فترة إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
واتخذ الرئيس جو بايدن بشكل أساسي نفس موقف ترامب القائم على أن المشروع يقوّض الأمن الأوروبي، من خلال ربط القارة بموسكو ربطاً وثيقاً.
لكن بايدن حذّر أيضاً من معاقبة حلفاء مثل ألمانيا بشأن هذه القضية، كجزء من محاولة أوسع لإصلاح الطريقة التي تمارس بها الولايات المتحدة الدبلوماسية وتعالج بعض الخلافات مع الدول الأخرى التي أنشأها نهج ترامب، "أمريكا أولاً" للسياسة الخارجية.
ضغط الكونغرس
تعرضت الإدارة الأمريكية لضغوط من المشرّعين من كلا الحزبين لعرقلة مشروع شركة "غازبروم"، بعد تقرير صادر عن الكونغرس في شهر فبراير الماضي، ذكر أن سفينة واحدة فقط ("فورتونا" التي ترفع العلم الروسي) خاضعة للعقوبات.
يجادل المدافعون عن اتخاذ إجراء في الكونغرس بأن القانون الأمريكي يتطلب عقوبات ضد أي كيان أجنبي، إذا كان قد ساعد على بناء خط الأنابيب. ويشدّدون أيضاً على أنه بينما قد تسعى الولايات المتحدة لتخفيف التوترات مع ألمانيا، فإنها تخاطر بعزل الحلفاء الآخرين مثل أوكرانيا وبولندا ودول البلطيق.
سيساعد خط الأنابيب الذي يبلغ طوله 1230 كيلومترا (764 ميلاً) ألمانيا على تأمين إمدادات منخفضة التكلفة نسبياً من الغاز وسط انخفاض الإنتاج الأوروبي، كما أنه جزء من جهود شركة "غازبروم" المستمرة منذ عقود لتنويع خيارات التصدير إلى أوروبا، إذ تبتعد المنطقة عن استخدام الطاقة النووية والفحم.