قال الخبير الاقتصادي جيم أونيل إن الأسواق ما زالت بحاجة إلى الاقتناع بخطط الاستثمار الموضوعة في أول ميزانية لوزيرة الخزانة البريطانية في حكومة حزب العمال راشيل ريفز، بعد أن ساهم التشكك في قراراتها بشأن الانفاق في رفع تكاليف الاقتراض في المملكة المتحدة الأسبوع الماضي.
ذكر أونيل في مقابلة "الهدف الأساسي هو تعزيز الإنفاق الاستثماري مع تحسينه. هل من المفترض أن نصدق فجأة أن إنفاق 20 مليار جنيه إسترليني على هيئة الخدمات الصحية الوطنية سيكون أكثر إنتاجية من الماضي؟ تُظهر السوق بعض الشكوك إزاء ذلك".
أونيل، الذي عمل وزيراً للخزانة في عهد حكومة المحافظين بقيادة ديفيد كاميرون، نائب محايد في مجلس اللوردات، ولطالما كان مناصراً لتغيير القواعد المالية لبريطانيا للسماح بمزيد من الاقتراض بهدف الاستثمار، وهو ما قدمته ريفز في ميزانيتها يوم الأربعاء.
ريبة الأسواق إزاء ميزانية بريطانيا
أشار أونيل إلى أن ريفز كان بمقدورها تخصيص المزيد من الاستثمارات لمجالات كان مكتب مسؤولية الميزانية سيرى أنها من المرجح أن تولد نمواً أعلى -مثل تعزيز خدمات رعاية الأطفال لزيادة المشاركة في القوى العاملة- أو التعهد بوضع خططها الاستثمارية من خلال تشاور مع الخبراء لتحديد ما من شأنه أن يحقق أفضل العوائد.
استطرد أونيل، الخبير المخضرم السابق لدى "مجموعة غولدمان ساكس" والذي قدم المشورة لحزب العمال أثناء وجوده في المعارضة بشأن خطته لدعم الشركات الناشئة، قائلاً "ربما كانت الأسواق ستحب ذلك. ولكن لأنهم أعلنوا عن زيادة كبيرة في المباني التعليمية والإنفاق اليومي في هيئة الخدمات الصحية الوطنية، فإن الأسواق تشعر بالريبة بعض الشيء".
قُوبلت ميزانية ريفز، التي ستجمع أكثر من 40 مليار جنيه إسترليني (51.7 مليار دولار) عبر ضرائب إضافية وأعلنت عن صافي استثمار عام بقيمة 100 مليار جنيه إسترليني على مدى السنوات الخمس المقبلة، برد فعل سلبي من الأسواق، إذ تراجع الجنيه الإسترليني والسندات والأسهم في المملكة المتحدة وسط مخاوف بشأن التأثير التضخمي للحزمة واحتمال بقاء أسعار الفائدة مرتفعة لفترة أطول.
توقعات نمو هزيلة لاقتصاد بريطانيا
أحد الجوانب المخيبة للآمال بالنسبة لريفز هو توقعات النمو الهزيلة الصادرة عن "مكتب مسؤولية الموازنة" (OBR)، الذي توقع أن ينكمش الاقتصاد 0.1% في 2029-2030 مقارنة مع توقعه السابق في مارس في عهد حكومة المحافظين السابقة. ألقى "مكتب مسؤولية الموازنة" باللوم على زيادات ريفز الضريبية، والتي تضمنت رفع ضريبة التأمين الوطني على الرواتب لأصحاب العمل، والتي انتقدتها العديد من الشركات.
كما لم يعزز "مكتب مسؤولية الموازنة" على نحو كبير توقعاته للنمو على المدى الأطول على الرغم من اعتزام الحكومة العمالية ضخ 100 مليار جنيه إسترليني في صورة إنفاق رأسمالي. وقال "مكتب مسؤولية الموازنة" إن ذلك الاستثمار لن يعزز الناتج المحلي الإجمالي سوى بنسبة 0.5% في غضون 10 سنوات.
قال أونيل عن خطط استثمار حزب العمال "إنها حقاً ليست ذات مضاعف إيجابي كبير". وأضاف أن الإنفاق على رعاية الأطفال أو الوقاية من الأمراض المعدية كان سيولد مضاعفات أكبر.
تشكل توقعات النمو الضعيفة انتكاسة لريفز ورئيس الوزراء كير ستارمر، الذي أكد على أهمية النمو الاقتصادي خلال حملته الانتخابية. وكان كل من ريفز وستارمر قالا إن الزيادات الضريبية بخلاف تلك المنصوص عليها في برنامج حزب العمال لن تكون ضرورية، لأن الإنفاق الإضافي على الخدمات العامة يمكن تمويله من خلال العائدات الضريبية الأكبر الناتجة عن النمو الأعلى.
العريان ضمن خبراء يدعمون التوسع
مع ذلك، كتب مجموعة من خبراء الاقتصاد، بما في ذلك أونيل، رسالة مشتركة في صحيفة التايمز يوم السبت عبروا فيها عن دعمهم لتحرك حزب العمال لتوسيع الاستثمار، لكنهم حذروا من ضرورة إنفاق الأموال بشكل سليم.
كتب خبراء الاقتصاد، بما في ذلك محمد العريان، النائب السابق لمدير صندوق النقد الدولي، وأنطون موسكاتيلي، رئيس الجمعية الاقتصادية الملكية: "من الضروري أن يضمن الإشراف المستقل الذي أعلنت عنه المستشارة الجديدة (ريفز) أن الاستثمار الجديد محدد الهدف وفعّال من حيث التكلفة. وستضمن حواجز الحماية هذه أن القواعد لا يتم التلاعب بها وأن الاستثمارات المشتركة مع القطاع الخاص ذات قيمة جيدة مقابل المال".
حواجز حماية للإنفاق العام
أبلغ أونيل بلومبرغ نيوز أنه يتوقع أن يكون لدى ريفز المزيد لتقوله بشأن نهج الاستثمار الحكومي في الوقت المناسب. ألمحت وزارة الخزانة بالفعل إلى كيفية تخطيطها لتحسين استراتيجية وتنفيذ مشاريع البنية التحتية من خلال إنشاء هيئة وطنية جديدة لتحويل البنية التحتية والخدمات (NISTA)، وتصر على أنها ستضع "حواجز حماية" حول كيفية إنفاق الأموال العامة.
قال أونيل "أعتقد أننا سنرى العملية الجديدة بشأن تحسين الاستثمارات في الربيع وأن الإطار الجديد سيثبت أنه إيجابي للغاية للمملكة المتحدة".
وتابع أونيل أيضاً أنه من "غير الدقيق إلى حد بعيد" مقارنة رد فعل السوق على خطة ريفز بتلك التي استقبلت الميزانية المصغرة سيئة السمعة في عام 2022. ارتفع العائد على سندات الخزانة الحكومية القياسية لأجل 10 سنوات بمقدار 21 نقطة أساس إلى 4.45% بحلول نهاية الأسبوع، وهو بعيد كل البعد عن تحرك بنحو 100 نقطة أساس خلال الأيام الثلاثة التالية للإعلان عن خطة رئيسة الوزراء السابقة ليز ترَس.