أعرب مسؤولون ومصرفيون خلال كلمات لهم في "مبادرة مستقبل الاستثمار" (FII)، عن بعض التشاؤم بشأن آفاق الاقتصاد خلال العام المقبل، وسط تزايد حدة التوترات في الشرق الأوسط، وظروف سياسية ومالية مقبلة من شأنها أن تؤثر على العجلة الاقتصادية العالمية.
وانطلقت في العاصمة السعودية الرياض، اليوم الثلاثاء، "مبادرة مستقبل الاستثمار" (FII) بدورتها السابعة، تحت شعار "البوصلة الجديدة" لمقاربة التحديات والحلول لثلاثة مجالات: الطاقة، والذكاء الاصطناعي، وتحديد أولويات الاستثمار، وسط تحدّيات جيوسياسية واقتصادية متفاقمة.
الأحداث الجيوسياسية والمالية
تطرقت كلمات بعض المسؤولين إلى الأحداث الجيوسياسية الحاصلة في المنطقة والعالم، وذلك في إشارة إلى التصعيد العسكري بين إسرائيل و"حماس"، والحرب الروسية على أوكرانيا.
في هذا السياق، اعتبر أجاي بانغا رئيس البنك الدولي، أن أثر الأزمات الجيوسياسية الأخيرة على التنمية الاقتصادية، أصبح أمراً جادّاً، في حين أعرب راي داليو مؤسس شركة "بريدج ووتر للاستثمار"، أحد أكبر صناديق التحوط في العالم، عن تشاؤمه بشأن الاقتصاد العالمي العام المقبل.
وفي ما يتعلق بالظروف المالية، لفت إلى أنه "إذا نظرت إلى الأفق الزمني، فإن السياسات النقدية التي سنشهدها ستكون لها تأثيرات أكبر على العالم، ومن الصعب أن نكون متفائلين بشأن ذلك".
الرئيس التنفيذي لمصرف "جيه بي مورغان تشيس" جايمي دايمون قال إنه "إذا استمر الوضع على ما هو عليه، لن يكون المناخ أكبر مشكلة، بل الأسلحة النووية".
أما الرئيسة التنفيذية لـ"سيتي غروب" جين فريزر فاعتبرت أنه "من الصعب أن لا تكون متشائماً قليلاً" بما يتعلق بالصراع في الشرق الأوسط والأحداث الجارية منذ السابع من أكتوبر الجاري.
وقالت فريزر إن "هناك عنصراً جديداً في المعايير البيئية والاجتماعية والحوكمة وهو الأمن، سواء كان الأمن الغذائي، أو أمن الطاقة، أو الدفاع، أو الأمن المالي".
الرئيس التنفيذي لشركة "بلاك روك" لاري فينك اعتبر أن بنك الاحتياطي الفيدرالي "سيضطر إلى رفع أسعار الفائدة لفترة أطول"، مما يعني أنه بحلول عام 2025 قد يكون هناك إما هبوط ناعم أو حاد للاقتصاد الأميركي، ولكنه لا يتوقع حدوث أي من الأمرين خلال العام المقبل.
نقاط قوة
من جهته، قال وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح في ندوة إن العديد من التحدّيات التي تواجهها دول العالم هي نقاط قوة بالنسبة للسعودية، سواء من ناحية الاستقرار السياسي أو الاقتصادي أو المالي أو النقدي.
الفالح نبّه إلى أن التحديات التي تشمل أسعار الفائدة المرتفعة، وتعطل سلاسل التوريد، وندرة المواد المتعلقة بسلاسل التوريد، وآثار وباء كورونا، والتضخم، وبقايا أزمة الطاقة، تلعب دوراً في تعزيز قوة السعودية. وأشار إلى أن المملكة لديها واحدة من أقل تكاليف رأس المال، وتتمتع بقدرة تنافسية كبيرة، ولديها تصنيف ائتماني جيد، كما أن هناك ثباتاً في الاستثمارات المحددة على المدى الطويل، ولا يوجد تقلب من سنة إلى أخرى.
الذكاء الاصطناعي والبصمة الكربونية
في الجلسة الافتتاحية، حثّ محافظ الصندوق السيادي السعودي ياسر الرميان على ضرورة الموازنة بين فوائد استخدام الذكاء الاصطناعي وبصمته الكربونية العالية، مستنداً إلى بيانات تُشير إلى أن برامج الذكاء الاصطناعي والآلات ذاتية التعلُّم ستسهم بزيادة استهلاك الطاقة بشكلٍ كبير.
وأشار إلى أن السعودية تسعى للمساهمة في معالجة هذا التحدّي العالمي، عبر شركتَي "أرامكو" و"نيوم" اللتين تعملان على إطلاق منشأة وقود اصطناعي نموذجية لإنتاج نوع من البنزين سيقلل انبعاثات المحرّكات التي تستخدمه بنسبة 70% عن استخدامها الوقود التقليدي، مشدداً على ضرورة تسريع وتيرة الاستثمارات بالطاقة المتجددة عالمياً بواقع 5 تريليونات دولار سنوياً.
وأضاف: "في كل ركن من أركان العالم، تحتاج الإنسانية إلى إيجاد أرضية مشتركة وآفاق مستقبل سلمي أفضل لأطفالنا"، مشيراً إلى أن المملكة "منفتحة ومستعدة للعمل كمحفز للتغيير".