" الاحتياطي الفيدرالي" لا يمكنه إجبار الأمريكيين على العودة للعمل

تحسن طفيف في معدل مشاركة القوى العاملة في الولايات المتحدة  - المصدر: بلومبرغ
تحسن طفيف في معدل مشاركة القوى العاملة في الولايات المتحدة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

لماذا لم يعد العمال الأمريكيون إلى وظائفهم بعد؟ ما افترض صانعو السياسة أنها ستكون أزمة مؤقتة، بسبب مخاوف واضطرابات كوفيد 19، تبدو أكثر ديمومة، وهو تحول له آثار طويلة الأجل على الاقتصاد الأمريكي.

أظهر معدل مشاركة القوى العاملة في الولايات المتحدة تحسناً طفيفاً منذ صيف عام 2020 بعد إعادة فتح الاقتصاد من الإغلاق الناجم عن الوباء، ومن المفترض أن يشير الاحتياطي الفيدرالي للأسواق إلى أنه يخطط لتقليل الدعم للاقتصاد بعد اجتماعه الأسبوع الجاري.

بشكل خاص، ينبغي أن يشير الاحتياطي الفيدرالي إلى أنه سيتخلص من مشترياته من سندات الخزانة بحلول مارس، بدلاً من إنهائها في يونيو، كما كان مخططاً مسبقاً، ومن المفترض أن ينهي مشترياته من الأوراق المالية المدعومة برهن عقاري في وقت أقرب، وينبغي أن يشير أيضاً إلى الأسواق بأنه قلق من التضخم، ومستعد لرفع أسعار الفائدة عدة مرات بدءاً من أوائل عام 2022 إذا لم تكن زيادات الأسعار معتدلة.

مهمة مزدوجة

لدى البنك المركزي مهمة مزدوجة تتمثل في إبقاء التضخم منخفضاً ومستقراً وتعزيز العمالة المستدامة للحد الأقصى، وكانت إعادة العمال إلى وظائفهم بعد الوباء مسؤولية بنك الاحتياطي الفيدرالي، لكن كلما ظلت مشاركة القوة العاملة مكبوتة، أصبحت مهمة الكونغرس، وليس الفيدرالي، هي إبعاد العمال عن دكة الاحتياطي.

في فبراير 2020، كان 63.3% من البالغين في القوى العاملة، سواء كانوا موظفين أو يبحثون عن عمل، بعد ذلك، عندما أبقى الوباء الناس في منازلهم وقيدت الحكومات النشاط التجاري، تراجعت المشاركة خلال الشهرين التاليين، إلى 60.2% في أبريل 2020.

ثم بحلول أغسطس 2020، بعد رفع إرشادات التباعد الاجتماعي، تدافع الكثير من الناس للعودة إلى العمل، وعاد 61.7% من البالغين إلى وظائفهم، إلا أن المشاركة ظلت تدور حول هذا المستوى منذ ذلك الحين، وكانت النسبة الشهر الماضي 61.8%.

في صيف 2020، كنت سأوصي الفيدرالي بمحاولة إعادة نسبة المشاركة إلى 63.3%، لكنني غيرت رأيي منذ ذلك الحين، ويرجع ذلك بقدر كبير إلى مقاومة المشاركة في القوى العاملة العنيدة للتعافي حتى مع دعم الارتفاع السريع في الأجور الاسمية، ويحتاج الفيدرالي إلى قبول فكرة أن سوق العمل الساخن لا يكفي لإعادة العديد من هؤلاء العمال مرة أخرى، وبدلا من ذلك عليه أن يهتم بالارتفاع المقلق في تضخم أسعار المستهلكين.

مليونا حالة تقاعد مبكر

تشير الأبحاث التي أجراها الفيدرالي في سانت لويس إلى أن الوباء أدى إلى أكثر من مليوني حالة تقاعد مبكر، ووفق بيانات مكتب الإحصاءات الأمريكي، فإن ما يقرب من 5 ملايين شخص لا يعملون لأنهم يعتنون بالأطفال الذين ليسوا في المدرسة أو الرعاية النهارية، كما تأثر الكثيرون بالفصول الدراسية المغلقة بسبب كوفيد.

تُظهر إحصاءات التعداد نفسها أن أكثر من 6 ملايين شخص لم يعملوا خريف العام الجاري لأنهم يعانون من أعراض كوفيد، أو يعتنون بشخص مريض، أو قلقون بشأن الإصابة بالفيروس أو نقله.

لن تؤدي سياسة الفيدرالي المتمثلة في الإبقاء على انخفاض أسعار الفائدة إلى تغيير خطط معظم المتقاعدين المبكرين أو إعادة فتح الفصول الدراسية المغلقة، كما أن الفائدة المنخفضة - التي تهدف إلى زيادة النشاط الاقتصادي العام وتعزيز احتياج أصحاب العمل للعمال - من غير المحتمل أن تجذب الناس مرة أخرى إلى القوى العاملة أثناء رعايتهم للمرضى أو البقاء قلقين بشأن الإصابة بفيروس كوفيد.

التقاعد المبكر والفيروس ليسا السببان الوحيدان وراء ابتعاد الناس الذي يتحملون ذلك نظراً لامتلاك الأسر أكثر من تريليونيْ دولار من المدخرات التي لم تكن لتحصل عليها أبداً لولا الوباء.

فرص أقل للإنفاق

هذا الدعم المالي نتج جزئياً لأن المستهلكين كانت لديهم فرص أقل لإنفاق الأموال عندما كانت قيود التباعد الاجتماعي مفروضة، كما لعبت شيكات التحفيز وإعانات البطالة السخية التي تهدف إلى دعم الأسر والعاملين منذ مارس 2020 دورا.

تساعد هذه المدخرات الإضافية في زيادة الطلب الاستهلاكي، ما يساهم في الضغط التضخمي، كما أنها تسمح للناس بأن يكونوا أكثر انتقائية في قبول الوظائف، ويثقون في أن الوظائف ستنتظرهم، لأن طلب أرباب العمل على العمال كبير للغاية.

لكن إذا هدأ الطلب على العمالة قبل أن يصبح العمال مستعدين للعودة، فقد يجدون صعوبة أكبر في الحصول على وظيفة مما يتوقعون حالياً، علاوة على ذلك، أصبحت الشركات قادرة على إنتاج سلع وخدمات أكثر مما كانت عليه قبل الوباء رغم فقدان الاقتصاد 6 ملايين عامل، وكلما طالت فترة النقص في اليد العاملة، ستجد المزيد من الشركات طريقة للتغلب عليها بشكل دائم مع عدد أقل من العمال.

زيادة المكافأة المالي

يتعين على الكونغرس أن يبحث عن طرق لإعادة الناس إلى وظائفهم، تتضمن أجندة الرئيس جو بايدن لإعادة البناء بشكل أفضل توسعاً جديراً بالثناء في دعم الأجور الفيدرالية، من خلال زيادة المكافأة المالية على العمل، يجذب ذلك الدعم الناس إلى العمل لكن الاقتراح مؤقت، وهو محاولة لإفساح المجال لبرامج أخرى لن تفيد العمال بقدر أكبر، وينبغي على الكونغرس إعادة تركيز أجندة إعادة البناء بشكل أفضل على بعض المشكلات العاجلة، مثل مشاركة القوى العاملة، بدلاً من النهج المشتت الذي يطبقه مشروع القانون حالياً.

على سبيل المثال، ثبت أن برامج تدريب العمال التي تركز على المهارات القابلة للتحويل و"المهارات الشخصية والتي تتضمن شهادات معترفاً بها تزيد من الأجور، وتجعل التوظيف أكثر جاذبية، ويجب على الكونغرس أن يبحث عن طرق لتقليل الحواجز التي تحول دون التوظيف، مثل متطلبات الترخيص المهني المفرطة.

هذه الأفكار - إلى جانب البرامج المماثلة - ليست لها علاقة كبيرة بدورة الأعمال، ويجب تطبيقها في فترات الركود والتوسع على حد سواء، ويمكن للفيدرالي أن يرفع التوظيف خلال فترات الضعف الاقتصادي، عندما يكون الطلب ضعيفاً، لكن الاقتصاد اليوم لديه طلب أكثر من قوي، بينما يبتعد العمال لأسباب لا يمكن للسياسة النقدية الميسرة معالجتها.

تصرف الكونغرس بالأهمية المطلوبة عندما بدأت تأثيرات الوباء في الانحسار، وحان الوقت لتحمله نفس مسئولية إعادة الاقتصاد إلى المسار الصحيح.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك