"بيركشاير هاثاواي" لديها الأموال اللازمة لعقد الصفقة.. وشركة تصنيع الطائرات تحتاج إلى قيادة قوية

هل سيكون شراء وارن بافيت "بوينغ" ضرباً من الجنون؟

وارن بافيت في حلقة نقاشية خلال قمة للبيت الأبيض بشأن وضع النساء في 14 يونيو 2016 في العاصمة واشنطن  - المصدر: بلومبرغ
وارن بافيت في حلقة نقاشية خلال قمة للبيت الأبيض بشأن وضع النساء في 14 يونيو 2016 في العاصمة واشنطن - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

إليكم موضوعاً استهلالياً للنقاش قبل اجتماع "بيركشاير هاثاواي" السنوي اليوم السبت: يجب على وارن بافيت شراء "بوينغ".

قد تبدو الفكرة غريبة ظاهرياً لتعارضها مع طبيعة "بيركشاير" المحافظة. وهناك أيضاً النقطة الشائكة وهي أن بافيت لا يقوم بتغييرات جذرية وأنه يريد شركات ذات قيادة قوية. ومرة أخرى، يحب بافيت المراهنة على الصناعات الأميركية، ويفضل ما يتمتع منها بميزات تنافسية. ثم يدقق ويدقق. كما أن المردود الإيجابي لشركة صناعة الطائرات، إذا تمكنت من تنظيم أمورها، سيكون ضخماً.

"بيركشاير" ضحية نجاحها

سيحول المستثمرون الذين يجتمعون في أوماها بولاية نبراسكا اليوم السبت لحضور الاجتماع السنوي لشركة "بيركشاير" مناقشاتهم حتماً إلى الكيفية التي ينبغي لأسطورة الأعمال البالغة من العمر 93 عاماً أن تستثمر فيها 168 مليار دولار من النقد لدى الشركة، وهو مبلغ مستمر في الزيادة. يجرب بافيت حظه في عمليات إعادة شراء الأسهم، لكن لا تتوقعوا أن يكون ذلك حلاً.

بافيت أشار إلى أن "بيركشاير" ضحية نجاحها لأن حجم الشركة يجعل من الصعب عقد صفقات واستثمارات لتحريك عجلة النمو. فبالنسبة لحجمها –قيمتها السوقية تقارب 860 مليار دولار– كانت الصفقات متواضعة. كما شاب الضعف أداء العديد من عمليات الاستحواذ البارزة، مثل "كرافت هاينز" و"بريسيشن كاستبارتس" (Precision Castparts).

ويمكن للمرء أن يذهب إلى أن المصاعب الناجمة عن شراء "بريسيشن كاستبارتس"، وهي شركة تصنيع المكونات المتخصصة للطائرات، من شأنه أن يجعل بافيت يبتعد عن الاستثمار مرة أخرى في صناعة الطيران. دفعت "بيركشاير" 32 مليار دولار للشركة في 2016، وانتهى بها الأمر بشطب 11 مليار دولار بعد أن عطلت جائحة كورونا الرحلات الجوية التجارية، مما أدى إلى انهيار الصناعة. حتى أن بافيت اعترف في رسالته السنوية في 2021 بأنه دفع مبالغ زائدة عن اللزوم للشركة. ومما يزيد الطين بلةً إعلان بافيت في مايو 2020 أنه باع حصصه في أكبر أربع شركات طيران أميركية بخسارة كبيرة.

بدأت "بيرسيشن كاستبارتس" في الانتعاش مع زيادة الطلب على الطائرات، لتحقق أرباحاً قبل خصم الضرائب 1.5 مليار دولار العام الماضي، بزيادة 30% عن العام السابق له. ولدى "بيركشاير" استثمارات أخرى مرتبطة بالفضاء تحقق نتائج جيدة، منها شركة تشغيل الطائرات الخاصة "نت جيتس" (Netjets) و"فلايت سيفتي" (Flight Safety)، التي تدرب الطيارين.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

جرعة مخاطر إضافية

ومع ذلك، فإن "بوينغ" تجلب جرعة إضافية من المخاطر. فقد لفتت الشركة انتباه الكونغرس بعد أن انفجر باب مخرج للطوارئ بطائرة "بوينغ 737" جديدة في أثناء رحلة لشركة "ألاسكا إيرلاينز" (Alaska Airlines) في يناير. وأدى ذلك إلى عقد جلسات استماع مع الشركة في إبريل، ووعد بمزيد من عمليات الاستجواب والتدقيق العلنية في المستقبل. وتدرس وزارة العدل إلغاء اتفاق لتأجيل الملاحقة القضائية يعود ليناير 2021 والذي سوى اتهام "بوينغ" بالتآمر للاحتيال على إدارة الطيران الفيدرالية في أثناء التصديق على اعتماد طائرات "737 ماكس". وشملت الغرامة البالغة 2.5 مليار دولار دُفعت لعائلات 346 راكباً لقوا حتفهم في حادثتي تحطم طائرتين "737 ماكس" الأولى في 2018 والثانية في 2019.

كما وضعت إدارة الطيران الفيدرالية سقفاًًً لشركة "بوينغ" بإنتاج 38 من طائراتها "737 ماكس" شهرياً، بينما تعالج الشركة أوجه القصور في ثقافة السلامة وجودة الإنتاج. وفي الواقع، بوينغ ليست قريبة حتى من القدرة على إنتاج هذا العدد الكبير من طائرات "737" في سعيها لإصلاح مشكلات التصنيع الخاصة بها ودعم الموردين. أنفقت الشركة 3.9 مليار دولار من النقد في الربع الأول وستنفق المزيد لحل هذه المشكلات. وتضخمت ديون "بوينغ" إلى نحو 48 مليار دولار بعد أن عانت من الجائحة ووقف تشغيل طائرتها من طرازي "737 ماكس" و"787 دريملاينر".

اضطر الرئيس التنفيذي ديف كالهون إلى التنحي في نهاية هذا العام بعد أن التقى المديرون التنفيذيون لشركات الطيران الرئيسية -أكبر عملاء بوينغ - مع مجلس إدارة الشركة للتعبير عن فقدانهم الثقة في الإدارة. ومن المرجح أن تضطر "بوينغ" إلى دفع ثمن عدم الوفاء بالتزاماتها التعاقدية بشأن تسليم الطائرات. علاوة على ذلك، تعاني أعمال "بوينغ" في مجال الدفاع بسبب العقود ذات التكلفة الثابتة التي تجاوزت الميزانية. أما النقطة المضيئة الوحيدة فهي وحدة الخدمات العالمية.

فلماذا يريد بافيت شراء هذه الفوضى العارمة؟

أولاً، الطلب على الطائرات ضخم. فلدى "بوينغ" أعمال متراكمة حجمها 448 مليار دولار لإنتاج أكثر من 5600 طائرة تجارية. ولا يوجد سوى شركة تصنيع كبيرة أخرى لشركات الطيران التجارية، وهي "إيرباص"، والتي تجد صعوبة أيضاً في مواكبة الطلبيات. وهذه هي الميزة التنافسية التي يحبها بافيت.

تعتبر "بوينغ" أيضاً صفقةً رخيصة بالنظر إلى العوائد النقدية المحتملة إذا استعادت مكانتها. كان متوسط سعر سهم الشركة يقارب 280 دولاراً في عامي 2017 و2018 قبل تداعيات تحطم طائرة "737 ماكس"، الذي هوى به إلى 178 دولاراً، مما يمنح الشركة قيمة سوقية قدرها 109 مليارات دولار. ويحرص مستثمرو الدخل الثابت على الاستثمار في الشركة. واجتذبت "بوينغ" عروضاً تبلغ 77 مليار دولار لبيع سندات قيمتها 10 مليارات دولار الشهر الماضي، على الرغم من أن وكالة "موديز ريتينغز" للتصنيف الائتماني خفضت تصنيف الشركة إلى درجة واحدة فوق الدرجة غير الاستثمارية قبل أقل من أسبوع. وحتى مع دفع علاوة سعرية، فإن لدى "بيركشاير" الأموال النقدية، ولبافيت سابقة في جمع الأموال عن طريق تقليص ممتلكاته الأخرى من الأسهم.

رهان على الصناعة الأميركية والنمو العالمي

وأخيراً، لن تكون "بوينغ" رهاناً على الصناعة الأميركية فحسب، وإنما على النمو العالمي. ومع زيادة ثروات البلدان، يسافر الناس أكثر. وهذا الاتجاه الطويل المدى لن يتغير.

وبطبيعة الحال، سيتعين على غريغ أبيل، نائب رئيس "بيركشاير" أن يتبنى الفكرة لأنه سيكون مكلفاً بالعثور على رئيس تنفيذي بارز لإعادة "بوينغ" إلى جادة الصواب. وسوف يصاب المساهمون، الذين ينجذبون إلى ثبات "بيركشاير"، بالصدمة من مثل هذه الخطوة الجريئة. كما إن تشارلي مونغر، نائب بافيت في رئاسة الشركة لفترة طويلة ليس موجوداً للاعتراض لوفاته في نوفمبر عن عمر ناهز 99 عاماً.

وفي النهاية، قد تكون فكرة شراء بافيت لشركة "بوينغ" غريبة للغاية، لكن بالتأكيد سيكون من الممتع وضعها موضع الدراسة والبحث.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك