صفقات استحواذ ضخمة من "إكسون موبيل" و"شيفرون" تبرز احتمال لجوء شركات النفط الصخري الأميركية للاندماج

كبرى صفقات الاستحواذ بقطاع النفط تعود لكن بلا علاوات

لافتة لعرض أسعار الوقود في محطة وقود لشركة "شيفرون"  - AFP
لافتة لعرض أسعار الوقود في محطة وقود لشركة "شيفرون" - AFP
المصدر:

بلومبرغ

- مقال رأي

لكل صفقة دمج واستحواذ طرفان، ولكل منهما دوافع تتساوى قوةً. في صناعة النفط، شركتا "إكسون موبيل" و"شيفرون"، اللتان أعلنتا عن صفقات يفوق إجماليها 100 مليار دولار هذا الشهر، حافزهما واضح: إنهما تودان أن تضمنا استمرارية نشاطهما مستقبلاً. لكن ما هو بداهةً بفارق كبير هو الأسباب التي تدفع شركة ما لتتجه للبيع، كذلك توقيت قرارها وسبب البيع بالأسعار الراهنة.

بالتأكيد الشركات التي للبيع تقبل صفقات بيع مقابل أسهم وذلك حين تكون أسهمها متداولة عند مستوى قياسي. وبذلك تثبّت تقييماً مرتفعاً، كما تتاح لها إمكانية المشاركة في أي زيادة مستقبلية في سعر سهم الشركة الشارية.

لكن ذلك يأتي مصحوباً بتكلفة كبيرة، إذ توافق هذه الشركات على علاوة سعرية ضئيلة فوق تقييم أسهمها. وافقت "بايونير ناتشورال ريسورسز" على علاوة قدرها 9% فقط حين اشترتها "إكسون" في 11 أكتوبر. كما وافقت شركة "هيس" على علاوة 10% من "شيفرون" يوم الاثنين الماضي.

تعكس الصفقتان توجهاً أوسع نطاقاً. لقد شهد قطاع الطاقة في أميركا الشمالية منذ بداية العام حتى الآن صفقات دمج واستحواذ إجماليها 270 مليار دولار، كما أن متوسط العلاوة السعرية للأسهم الآن في أدنى مستوياته خلال 25 عاماً عند أكثر بقليل من 9%، وفقاً لبيانات جمعتها "بلومبرغ". فيما كان متوسط العلاوة السعرية نحو 26.5% بين 1998 و2022.

تقييمات مرتفعة

قبل 10 أيام، سألتُ سكوت شيفلد، رئيس "بايونير"، عن سبب بيعه الشركة. تفادى شيفلد الرد على سؤالي، قائلاً إنه لم يبع الشركة بل انضم إلى "إكسون". كان كلام جون هيس، رئيس "هيس" التنفيذي ، مشابهاً خلال مكالمة عبر الهاتف مع المستثمرين يوم الاثنين، فقد قال: "ارتفعت أسهمنا إلى حد ما. لقد ثبّتنا القيمة التي حققناها وبإمكاننا أن نشارك في المكاسب".

إن هيس، وهو ابن مؤسس الشركة ليون هيس، ليس مخطئاً. كما أن ارتفاع الأسهم "إلى حد ما" فيه تهوين من الزيادة، إذ ارتفعت أسهم "هيس" 161% على مدى السنوات الخمس الماضية، ويتداولها المستثمرون عند مضاعف ربحية يبلغ نحو 20 مرة، أي ضعفي مضاعف ربحية سهم "شيفرون".

لكن هناك مزيد: يبدو أن كلاً من "بايونير" و"هيس" تدركان القيود التي يفرضها الإبقاء على نموذج الاستكشاف وإنتاج النفط الخاص بهما في السوق العامة.

على مدى سنوات، كان النمو محوراً رئيسياً لشركات الاستكشاف والإنتاج، وكثيراً ما كان ذلك على حساب الأرباح. كانت تقييمات هذه الشركات ما تزال مرتفعة، إذ كان المستثمرون يأملون في تحقيق طفرة في الأرباح من التنقيب عن النفط، مثلما حدث مع "هيس" في غيانا ومع "بايونير" في حوض برميان.

لكن على مدى السنوات الخمس الماضية، تحولت اهتمامات المستثمرين من النمو إلى الأرباح. تخلت شركات الاستكشاف والإنتاج عن نموذجها القديم وأعادت ابتكار نفسها كوسيلة لتحقيق عائد، إذ كانت تعد بتوزيعات الأرباح وعمليات إعادة الشراء. ربما يكون ذلك التحول قد أسعد بعض المستثمرين، لكنه لم يحسّن تقييم القطاع إجمالاً بشكل ملموس.

في نهاية الأمر، حين لم يفلح التركيز على كل من النمو والعوائد بإرضاء المستثمرين، سلك شيفلد وهيس طريقاً ثالثاً، وهو بيع نشاطهما والاندماج في شركة طاقة أكبر ذات أنشطة متنوعة ومتكاملة.

تراجع في المستقبل

هذا أمر منطقي. يمكن أن تكون "إكسون" و"شيفرون" جذابتين لمزيد من المستثمرين طويلي الأجل، وذلك بفضل نشاطهما في أماكن جغرافية متعددة ونموذجهما المتكامل الذي يشمل كل المراحل من آبار النفط إلى محطات الوقود، بما في ذلك المصافي ومصانع الكيماويات والتجارة. إن القوائم المالية للشركتين، التي تتيح الاقتراض بشكل كبير، توفر حماية من تقلبات أسعار النفط، ما يضمن توزيعات أرباح ضخمة.

المشكلة التي تواجهها الشركات الأخرى في قطاع الاستكشاف والإنتاج، وبخاصة قطاع النفط الصخري الأميركي، هي أنه لم يتبق سوى قلة من كبرى الشركات المستعدة للشراء. تنشغل "إكسون" و"شيفرون" الآن باستيعاب "بايونير" و"هيس". ربما يكون رئيس "شل" التنفيذي وائل صوان شارياً مرجحاً، لكنه أبلغ المساهمين الأسبوع الماضي أنه لا يعتزم اتخاذ أي قرارات مثيرة فيما يتعلق بالصفقات في 2024.

كما قد تكون "بي بي" (BP) شارياً في أحوال أخرى، لكن الشركة البريطانية الكبرى تفتقر لرئيس تنفيذي دائم. لا يتبقى بين كبرى شركات النفط سوى "توتال إنرجيز" كشارٍ قد يهتم بعمليات استحواذ في المستقبل القريب. أشك أن شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط ستغامر بدخول مجال شركات الاستكشاف والإنتاج على نطاق واسع.

في قطاع يشهد اندماجات، تود الشركات أن تبيع في وقت مبكر قبل أن تكتفي أفضل الشركات المهتمة بالشراء بما استحوذت عليه. بعد استحواذات "إكسون" و"شيفرون"، يواجه كثير من شركات النفط الصخري الأميركية احتمال الاضطرار إلى عمليات دمج فيما بينها لتأسيس شركات بإمكانها أن تجتذب استثمارات طويلة الأجل. ستتبع ذلك عمليات دمج واستحواذ فيما بين شركات النفط الصخري. لكن حين يحدث ذلك لا تتوقعوا علاوات سعرية أخرى من النوع الذي يحقق صفقات.

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
هذا المقال لا يعكس موقف أو رأي "الشرق للأخبار"وهو منشور نقلا عن Bloomberg Mediaولا يعكس بالضرورة آراء مجلس تحرير Bloomberg أو ملاكها
تصنيفات

قصص قد تهمك

Javier Blas

Javier Blas

Energy and commodities columnist at Bloomberg.
للإتصال بكاتب هذا المقال:@JavierBlas