كنت أنسق مكتبتي منذ بضعة أيام فيما أستمع لتقرير إخباري آخر حول رئاسة بوريس جونسون المتهالكة لوزارات بريطانيا حين وقعت يدي على كتاب قليل الصفحات بعنوان "كيف تكون إمبراطوراً سيئاً"، وهو إيجاز من كتاب سويتونيوس "حياة القياصرة" جعلت منه "دار نشر جامعة برنستون" كتاباً للمساعدة على بناء الذات، أو ربما في هذه الحال هدمها.
كان سويتونيوس أفضل من أرّخ لقادة الرومان من يوليوس قيصر إلى دوميتيان لأنه تجنب سير القداسة التقليدية، حيث صور محاسنهم وعيوبهم مركزاً بشكل أساسي على العيوب. ينبغي أن يكون جونسون مطلعاً على نتاجه بفضل دراسته النموذجية في كلية إيتون وجامعة أكسفورد.
أزمة أوكرانيا تختبر سحر الدبلوماسية البريطانية
تعيد نسخة "برنستون" بذكاء إنتاج منتقيات من كتابات سويتونيوس، وكلها أهل لأن تُنتقَى، تحت العديد من العناوين التي تتنافى مع بناء الذات:
- تجاهل الشؤم... وزوجتك، في إشارة لسخرية يوليوس قيصر من مقولة "اتقِ أواسط مارس" فضلاً على تجاهله نصيحة زوجته.
- اقضِ كل وقتك في المنتجع، تلميحاً لانغماس تيبيريوس في منتجعه في كابري بدرجة يندى لها جبين سيلفيو برلسكوني.
- اجعل من حصانك قنصلاً، وهي في إشارة لإغداق كاليغولا على مطيته.
- اعزف على الكمان فيما تحترق روما، وهو ما جاء في سيرة الإمبراطور نيرو.
لم تدهشني الاختلافات بين العالمين القديم والحديث فحسب حين قرأت كتابات سويتونيوس، بل أوجه التشابه أيضاً. فرضت الديمقراطية قيوداً على الأقوياء، فحملة دونالد ترمب لجعل الحزب الجمهوري صورة عنه لم تدانِ تعيين حصان في مجلس الشيوخ. لكن في الوقت نفسه، حررت التقنية القادة ليحلموا باستعمار المريخ وخلق عالم افتراضي. إن العيوب البدائية في الطبيعة البشرية وهي حب الذات والسذاجة والجشع والأنانية تجد طرقاً للتعبير عن نفسها مهما ظن العالم أنه يتقدم.
كيف قد تبدو النسخة المعاصرة من كتاب "كيف تكون إمبراطوراً سيئاً"؟
[object Promise]