يتزايد القلق بشأن تأثير تخلف مجموعة "إيفرغراند" الصينية عن السداد على الأسواق المالية في البلاد.
قاد المطورون العقاريون الانخفاضات في مؤشر "هانغ سنغ تشاينا إنتربرايز"، مع هبوط سهم شركة "سوناك تشاينا هودلينغز" (Sunac China Holdings) بنسبة 11%، وتراجع سهم شركة "كانتري غاردن هودلينغز" (Country Garden Holdings) - أكبر مطور عقاري بالبلاد من حيث المبيعات - بنسبة 8%. وهذا الأسبوع وحده، انخفض السهمان بأكثر من 20%. وفي بورصة شنغهاي، تعاني أسهم البنوك من أسرع عمليات تراجع لها خلال سبعة أسابيع. كما هبطت سندات الصين الدولارية من الدرجة غير الاستثمارية بنحو 3 سنتات لكل دولار اليوم الخميس، وفقاً لمضاربين بالائتمان. وستجعل العائدات التي وصلت لأعلى مستوى خلال 18 شهراً من الصعب على جهات الإصدار إعادة تمويل ديونها.
آفاق ضيقة
ترى إليزابيث كويك، مديرة استثمار الأسهم في شركة "أبردين ستاندرد إنفستمنتس آشيان"، بمقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ" أن "الأمر لا يقتصر على قطاع العقارات فحسب، بل إن مشاعر الثقة الكلية هشة للغاية".
تضيق الآفاق بالنسبة لشركة "إيفرغراند" بشكلٍ دراماتيكي. فيوم الخميس، أوقفت وحدة "إيفرغراند" المحلية تداول جميع السندات، بعد أن وضعها تصنيف محلي بين أكثر مصدري البلاد خطورةً. كما خفّضت وكالة "ستاندرد أند بورز غلوبال" تصنيف شركة التطوير العقاري، مُعتبرةً أن عنصري السيولة والوصول إلى التمويل "يتقلصان بشدة" لديها. وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أبلغت السلطات الصينية كبار المقرضين أن الشركة لن تكون قادرة على سداد مدفوعات الفائدة على القروض المستحقة في 20 سبتمبر الحالي، بحسب مصادر مطلعة على الأمر. جاء ذلك بعد أن استعانت الشركة بمستشارين لما يمكن أن يكون أحد أكبر عمليات إعادة هيكلة الديون في الصين على الإطلاق.
أكبر الدائنين
العلامات على وجود ضغوط لدى النظام المصرفي أقل وضوحاً. إذا لا تزال معدلات الإقراض بين البنوك قريبة من المتوسطات، ما يُظهر سيولة كافية في أسواق المال. لكن يبدو أن بعض البنوك في الصين تخزن اليوان بأعلى تكلفة منذ نحو أربع سنوات، في إشارة إلى أنها ربما تستعد لما أطلق عليه خبير استراتيجي في مجموعة "ميزوهو فاينانشال" (Mizuho Financial Group) توصيف "ضغط السيولة في وضع الأزمة".
شكلت القروض المصرفية والاستدانة من الشركات، بما في ذلك الصناديق الائتمانية، حوالي 81% من ديون شركة "إيفرغراند" البالغة 335.5 مليار يوان (52 مليار دولار) المستحقة عام 2021. ويندرج ضمن كبار المقرضين "تشاينا مين شينغ بانكينغ" (China Minsheng Banking) و"أغريكلتشرال بنك أوف تشاينا" (Agricultural Bank of China) و"إنداستريال آند كوميرشيال بنك أوف تشاينا" (Industrial. & Commercial Bank of China). في وقتٍ أكّدت "إيفرغراند" في بيان صدر بوقت متأخر من يوم الاثنين أن الشائعات عن إفلاسها غير صحيحة.
سيُمثّل الأسبوع المقبل اختباراً حقيقياً للشركة، إذ يتضمن جدول مدفوعاتها تسديد الفائدة المستحقة في 23 سبتمبر بقيمة 83.5 مليون دولار لسند دولاري و232 مليون يوان لسند محلي، حسبما تظهر البيانات التي جمعتها بلومبرغ.
رياح معاكسة
يوماً بعد يوم، يصبح الضعف في سوق الإسكان- الذي يشكل حوالي 28% من اقتصاد الصين - أكثر وضوحاً. فقد أظهرت بيانات يوم الأربعاء أن مبيعات المنازل من حيث القيمة تراجعت بنسبة 20% في شهر أغسطس الماضي، مقارنة بالفترة عينها من العام السابق، وهو أكبر انخفاض منذ بدء تفشي فيروس كورونا في أوائل العام الماضي. ورداً على سؤال حول التأثير المحتمل لشركة "إيفرغراند" على الاقتصاد، أجاب فو لينغوي، المتحدث باسم المكتب الوطني للإحصاء، أن بعض الشركات العقارية الكبرى تواجه صعوبات، لكن التداعيات "لا تزال غير واضحة". فيما حذّر اقتصاديون من أن الصين تضغط سوق العقارات لديها بشدّة في سعيها لتجنب فقاعة.
تُشير الأولويات الحالية للصين، المتمثلة في تعزيز الازدهار المشترك وردع المجازفة المفرطة، إلى أنه من غير المحتمل أن يكون هناك أي تخفيف للقيود هذا العام، وفقاً لشركة "ماكوايري غروب" (Macquarie Group)، التي كتب محللوها في مذكرة يوم الأربعاء أن قطاع العقارات سيُمثّل "رياح قوية معاكسة للنمو" العام المقبل، رغم أن صانعي السياسة قد يخففون القيود لمساعدة الناتج المحلي الإجمالي على التوسع بنسبة 5%.
في المقابل، مدّد البنك المركزي يوم الأربعاء القروض المستحقة للبنوك بدلاً من إضافة المزيد من السيولة، في إشارة إلى أن السلطات الصينية لا ترى حاجة لضخ المزيد من الدعم في النظام المالي.
انخفض مؤشر "هانغ سنغ تشاينا" بنسبة 2.1% في استراحة منتصف نهار الخميس. في حين انخفض سهم شركة "إيفرغراند" بنسبة 10%. بينما سجلت أسهم شركة "غوانغ زو أر آند أف بروبرتيز" (Guangzhou R&F Properties)، وهي شركة تطوير عقاري أخرى مصنفة أنها من الدرجة غير الاستثمارية، أسوأ خسارة منذ عام 2009. وانخفض مؤشر بورصة شنغهاي بنسبة 1.8%.