يسعى مستثمرون في "سكاي بريدج" لاستعادة مالهم بعد رهانات فاشلة على عملات مشفرة وعلاقتها مع بانكمان فريد

متاعب شركة سكاراموتشي أقدم من انهيار "FTX"

أنتوني سكاراموتشي  - المصدر: بلومبرغ
أنتوني سكاراموتشي - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

جلس أنتوني سكاراموتشي على خشبة المسرح في مؤتمر لصناديق التحوّط عُقد في ميامي في 31 يناير ليجيب على بعض الأسئلة، منها استفسارات حول شريكه التجاري السابق سام بانكمان فريد الذي كان قد تم إيقافه قبل سبعة أسابيع للاشتباه بسرقته مليارات الدولار من عملاء منصته لتداول العملات المشَّفرة "إف تي إكس" (FTX).

كان بانكمان فريد قد اشترى قبل بضعة أشهر فقط حصة 30% من شركة سكاراموتشي "سكاي بريدج كابيتال" (SkyBridge Capital) التي تكسب أرباحها من الاستثمار في صناديق التحوط والأصول الرقمية.

برغم الأحداث الأخيرة، بدا سكاراموتشي الشهير باسم إلموش مرتاح البال، حيث أطلّ مرتدياً بزّة "بريوني" وحذاء "برادا" سميك النعل، فيما ظهر استخدام حقن البوتوكس واضحاً على جبينه الخالي من التجاعيد برغم أنَّ عمره بلغ 59 عاماً.

قال سكاراموتشي: "لن أدع سام أو أي شخص آخر أو أي حدث سلبي يثنيني عن خوض مزيد من المخاطر، وانتهاز الفرص الكبرى". ثمّ عاد ليقول في حلقة جديدة من البودكاست المتخصص بالشؤون المالية "كابيتال ألوكيترز" (Capital Allocators) "أنا كالصرصار، إذا ظننت أنَّني سأنتهي بعد قنبلة نووية؛ فقد أخطأت بتقدير حجمي. أتمتع بالصلابة، سأستخدم كلّ الوسائل لأحقق مصلحة الشركة".

سكاراموتشي يستثمر في شركة أسسها الرئيس السابق لـ "إف تي إكس"

11 يوماً في إدارة ترمب

يُعرف عن سكاراموتشي حسّه الفكاهي المستهزئ وتفاخره بأصوله كابن سائق رافعة، الأمر الذي كان يشفع له حين تسوء الأمور. لعلّ أكثر ما يشتهر به هو شغله لمنصب مدير التواصل الخاص بالرئيس دونالد ترمب لـ11 يوماً فقط في يوليو 2017 ، قبل أن يُطرد عقب مقابلة مليئة بالشتائم أجراها مع مجلة "نيويوركر".

كان سكاراموتشي طُرد قبل ذلك من أول وظيفة شغلها في وحدة الاستثمارات العقارية المصرفية في مجموعة "غولدمان ساكس" قبل أن يعاد تعيينه في قسم المبيعات حيث تألّق.

وصلت "سكاي بريدج" إلى حافة الانهيار خلال الأزمة المالية، لكنَّ سكاراموتشي دعّم الشركة من خلال إطلاق مؤتمر غير رسمي لصناديق التحوّط، أطلق عليه تسمية "مؤتمر (سكاي بريدج) للبدائل" (SkyBridge Alternatives Conference SALT).

عاد الرجل مجدداً إلى "سكاي بريدج" بعدما طرده ترمب، وشارك في عدد من برامج تلفزيون الواقع، كما استضاف بودكاست مع زوجته التي كانت قد تقدّمت بدعوى طلاق، ثمّ تراجعت عنها قبيل فترة عمله في البيت الأبيض.

شارك سكاراموتشي أخيراً في برنامج تلفزيون واقع يدور حول المنافسة في معسكر تدريب يحمل اسم (Special Forces: World’s Toughest Test) من إنتاج شبكة "فوكس" وقد وصل إلى نصف المنافسة قبل أن ينسحب إثر سقوطه من على سلك مرتفع، مما دفعه للإقرار أنَّه كبير في السنّ.

مطالبات باستعادة الأموال

لكنَّ سكاراموتشي يبدو في مأزق حالياً، وظهره إلى الحائط. فالضربة التي تلقتها سمعته على خلفية تحالفه مع بانكمان فريد الذي ينفي ارتكابه أي مخالفات جرمية، ما هي إلا واحدة من مشاكل كثيرة تواجهها "سكاي بريدج" بعد أن رمت بكلّ ثقلها في مجال العملات المشفَّرة قبل ثلاث سنوات.

عملاء الشركة تمردّوا عليها، فيما راحت أصولها تتضاءل، ومغادرة موظفيها، وبرغم ارتفاع قيمة الصندوق الرئيسي للشركة بحوالي 10% في الربع الأول من العام؛ لكنَّ المستثمرين، ومن بينهم عملاء إدارة الثروة لدى "مورغان ستانلي" وصندوق تقاعد شركة "وكوكا كولا"، ما يزالون بعيدين كلّ البعد عن بلوغ نقطة التعادل لاستعادة ما استثمروه، بعد أن كانوا قد خسروا حوالي 39% من أموالهم في 2022، بالأخص بسبب رهانات خاطئة على العملات المشفَّرة. كانت قيمة استثمارات العملاء قد تراجعت 30% بين بداية 2020 ومارس.

بذلت "سكاي بريدج" كلّ ما بوسعها لثني المستثمرين عن استرداد أموالهم، برغم أنَّها تستطيع بيع ثلثيّ استثماراتها الضمنية لتسديد الدفعات. في 2020، قلّصت نافذة استرداد الأموال إلى مرتين في السنة في 31 مارس و30 سبتمبر، بعدما كانت تتيح استرداد الأموال فصلياً قبل ذلك.

في فترة استرداد الأموال في سبتمبر 2022، طالب مستثمرون يمثّلون 60% من الأصول باسترداد أموالهم، ولم يحصلوا إلا على 10%. في فترة استرداد الأموال التي انتهت في 31 مارس، قالت "سكاي بريدج" إنَّها ستردّ 7.5% فقط. واكتفت في آخر تقرير صادر عنها بالإشارة إلى أنَّ المبلغ المطلوب يتجاوز هذه القيمة.

يسعى "مورغان ستانلي"، الذي يسهم عملاؤه بـ800 مليون دولار من أصل قيمة الصندوق الرئيسي البالغة 1.1 مليار دولار إلى إخراجهم من الاستثمار، بحسب أشخاص مطّلعين على هذه الجهود. (رفضت المتحدثة باسم "مورغان ستانلي" الإدلاء بأي تصريح).

مغادرة الموظفين

يرى مايكل روسين، كبير المسؤولين الاستثماريين في شركة "أنجلوس إنفستمنتس" (Angeles Investments) في سانتا مونيكا في كاليفورنيا، التي تدير أيضاً أموال مؤسسات وعملاء أثرياء، أنَّ على الصناديق الاستثمارية أن تسمح للعملاء بسحب أموالهم متى يشاؤون. قال: "يقع على عاتق المديرين مسؤولية حماية المستثمرين من الخسائر عند تعثّر الأسواق، ولكن عليهم أيضاً تأمين السيولة لهم متى يطلبونها. إذا كان هناك عدد يكفي من الأشخاص الراغبين بالمغادرة، عليك أن تغلق الصندوق، وتعيد الأصول لدى بيعها".

رداً على ذلك، قال سكاراموتشي في مقابلة مع "بلومبرغ بزنسويك": "مررنا بسنة سيئة جداً، وقد اعترفت بذلك، لكنَّني لن أقوم بأي أمر يتعارض مع مصلحة عملائي. أنا أعمل بالنيابة عن عملائي ضمن الأطر التي تتيحها لي دعوى الاكتتاب، وسنرى ما تؤول إليه الأمور خلال 6 إلى 12 شهراً".

تدير "سكاي بريدج" حالياً أصولاً قدرها مليارا دولار، بعد أن كانت قيمة أصولها وصلت إلى 9 مليارات دولار في ذروتها في 2015. لكنَّ طاقم الموظفين المشرف على الاستثمارات تقلّص إلى ستّة أشخاص فقط، بحسب موقع الشركة. وفق تحليل "بلومبرغ نيوز" لموقع "لينكدإن"؛ استقال أكثر من 40 موظفاً يعملون بدوام كامل في الشركة، أو صُرفوا من وظائفهم منذ 2020.

يستند هذا المقال الذي يتناول المشاكل التي تواجهها "سكاي بريدج" إلى محادثات أجرتها "بزنسويك" مع أكثر من عشرة موظفين سابقين ومسؤولين آخرين في مجال صناديق التحوط مطّلعين على الشركة، الذين طلبوا عدم كشف هوياتهم خشية إجراءات انتقامية ضدهم.

قال أولئك الأشخاص إنَّ الشركة بدأت في التدهور مع دخول سكاراموتشي إلى البيت الأبيض، وتفاقمت في 2018 حين عيّن بعد عودته من واشنطن صديقاً من كلية الحقوق في هارفرد يقف خلف اندفاعة الشركة نحو العملات المشفَّرة التي كبّدتها الخسائر.

ضمّ وحدة "سيتي غروب"

تأسست "سكاي بريدج" في 2005، وتشتهر بمؤتمرات (SALT) التي تنظمّها، وهي اجتماعات شبيهة بمؤتمر دافوس الموجّه للناشطين في القطاع المالي، سبق أن استضاف متحدثين بارزين من طراز توني بلير، وبيل كلينتون، وآل باتشينو، وسارة بايلين.

حصل صندوق الصناديق في "سكاي بريدج"، الذي يستثمر بالنيابة عن العملاء في مديرين آخرين أمثال ستيف كوهين ودان لويب وإسرائيل إنغلاندر، على جرعة دعم في 2010 حين اشترى وحدة صناديق التحوط في "سيتي غروب".

أكسب ذلك الشركة أصولاً إضافية بقيمة 4.2 مليار دولار، وفريقاً يضمّ أكثر من 20 موظفاً. تولّى راي نولتي الذي انضمّ إلى "سكاي بريدج" من "سيتي غروب" الإشراف على الاستثمارات، في حين ركز إلموش على استمالة المؤسسات والعملاء الأثرياء. في غضون السنوات الخمس التالية؛ تضاعفت الأصول، وكسبت الشركة 1.5% من تلك الأموال (عادت لاحقاً لتخفيض رسوم إدارتها للأصول إلى 1.2%).

كان موظفو "سيتي غروب" القادمون من مصرف كبير معتادين على الجوّ المؤسساتي، لكنَّ سكاراموتشي كان يدير "سكاي بريدج" وكأنَّها شركة عائلية، حتى أنَّه تزوج ديدري بول، إحدى مساعداته، في 2014 ورقاها إلى منصب نائبة المدير لشؤون العلاقات الاستثمارية، وقد تقاضت 256250 دولاراً بين يناير 2016 ويونيو 2017، بحسب تقرير الكشوفات المالية الذي قدّمه سكاراموتشي لدى انضمامه إلى بنك التصدير والاستيراد في يونيو من ذلك العام.

غير أنَّ أشخاصاً عاملين في الشركة قالوا إنَّه بحلول ذلك الوقت، توقفت زوجته عن الحضور إلى العمل، ولم تكن تشارك في الاجتماعات مع العملاء. قال شخص آخر في الشركة إنَّها بقيت على رأس عملها حتى 2016 حين أخذت إجازة الأمومة، وعملت بعدها مستشارة. (تعذّر الاتصال مع بول للحصول على تعليق منها). وخلال فترة الـ18 شهراً عينها، حصل سكاراموتشي على راتب بقيمة 10 ملايين دولار بالإضافة إلى حصته من صافي مدخول الشركة.

طموح سياسي

مع ذلك؛ كان سكاراموتشي محبوباً في "سكاي بريدج"، إذ يتمتع بشخصية ودودة محبّبة، فالرجل الذي يتحدّر من الطبقة العاملة ذات الأصول الإيطالية في رود أيلند، دمج خلفيته هذه بشهادات رفيعة من جامعتيّ "تافتس" و"هارفرد". (سبق لسكاراموتشي أن تحدث عن ارتدائه سلاسل ذهبية وقيادة سيارة "كامارو" طراز 1979 حين كان مراهقاً).

يتباهى سكاراموتشي بصورته كرجل قوي، وقد أخبر شركاءه حين كانوا على متن طائرة خاصة في رحلة عبر البلاد عن قصة إغلاقه مدخل مغسل للسيارات إلى حين وافق المالك على دفع بدلات له عن المواقف التي كان يستخدمها، التي تعود إلى مطعم مجاور يمتلكه سكاراموتشي. قال لزملائه إنَّه حصل على مبلغ كبير من المال، بالإضافة إلى غسيل سيارات مجاني إلى الأبد لعائلته ولأصدقائه، بحسب أشخاص سمعوا عن الأمر.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

بعد نجاحات "سكاي بريدج"، بدأ سكاراموتشي يفكر بالسياسة، وحتى باحتمال الترشح لمنصب حاكم نيويورك، بحسب بعض معارفه. كما درس احتمال بيع حصة أغلبية في "سكاي بريدج"، بما فيها حصته التي تصل نسبتها إلى حوالي 45%.

في بداية 2017، فيما كان يسعى للحصول على منصب في إدارة ترمب، أبرم صفقة مع الشركة الصينية العملاقة "إتش إن أي غروب" (HNA Group) ومستثمر صغير آخر، حيث قُدّرت قيمة الشركة في حينها بـ180 مليون دولار، إلا أنَّ الصفقة انهارت بعد ذلك.

مع عزم نولتي التقاعد، استعان سكاراموتشي ببريت ميسينغ الذي يعرفه من "هارفرد"، والذي سبق أن عمل لصالح سكاراموتشي في صندوق تحوط آخر كان قد أنشأه، هو "أوسكار كابيتال مانجمنت" (Oscar Capital Management).

دفع ميسينغ حوالي 8 ملايين دولار ليصبح شريكاً في الشركة، حيث اشترى بعضاً من حصص نولتي وأحد الشركاء الآخرين، بحسب أشخاص مطّلعين على الصفقة. (يملك ميسينغ أقل من 25% من "سكاي بريدج" وفق آخر تقرير أودع لدى الجهات الناظمة).

شريك جديد

لكنَّ الشريك الجديد، وهو شقيق الممثلة ديبرا ميسينغ يفتقد إلى السحر الذي يتمتع به إلموش. قال مطلعون على الدوائر الداخلية للشركة إنَّهم شعروا بالقلق، لأنَّه سبق أن عاقبته لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في 2010، إذ دفع غرامات بقيمة 1.7 مليون دولار، وتنازل عن أرباح دون أن يقرّ أو ينفي ارتكاب أي مخالفات. كان ذلك بعد اكتشاف اللجنة أنَّه خالف قواعد البيع على المكشوف عدّة مرات في صندوق تحوط كان يديره.

في "سكاي بريدج"، كانت مهمة ميسينغ الأولى الإشراف على صندوق عقاري يستفيد من الحوافز الضريبية المقدمة لما تصنّفها الحكومة على أنَّها "مناطق فرص سانحة". توقَّع سكاراموتشي في بعض المقابلات أن تصل قيمة هذا الصندوق إلى 3 مليارات دولار، إلا أنَّ المشروع سرعان ما تعثر.

لكن في 2019، تولّى ميسينغ دوراً أكبر كمدير للصندوق الرئيسي، مما جعل كلمته مسموعة أكثر على صعيد عمليات الشركة.

في بداية تفشي الوباء، كان ميسينغ يجري اتصالاته عبر تطبيق "زووم" في الصباح الباكر من سريره في فندق "ريتز كارلتون باكارا" في سانتا باربرا في كاليفورنيا وخطيبته إلى جانبه، فيما يُمتّع نظره بإطلالة على المحيط. في مارس من ذلك العام، انخفضت قيمة محفظة "سكاي بريدج" 25% تقريباً مع تعثّر حيازاتها من الديون، وهي تشكّل جزءاً كبيراً من الصندوق الرئيسي.

انخرط ميسينغ أكثر في الجانب الاستثماري حتى بعد استدعاء نولتي من شبه التقاعد، بحسب أشخاص مطّلعين على وضع "سكاي بريدج" في ذلك الوقت. دفع ميسينغ باتجاه بيع بعض أكبر حيازات الشركة بخسارة كبيرة، برغم معارضة بعض الأعضاء في الفريق الاستثماري، لتوقُّعهم عن حقّ بأنَّها ستتعافى. في الشهر التالي، تولّى ميسينغ الذي كان في حينها رئيس الشركة وكبير مسؤولي العمليات مهمّة إدارة فريق المخاطر وفريق العناية الواجبة التشغيلية.

شراء "بتكوين"

دفع ميسينغ، مدعوماً بمسؤولين استثماريين آخرين، باتجاه انخراط الصندوق في العملات المشفَّرة، واشترى عملات "بتكوين" في نوفمبر 2020.

قال مطّلعون على الدوائر الداخلية للشركة إنَّهم لم يكونوا معارضين لمثل هذه الخطوة؛ لكنَّ بعض أعضاء الفريق الاستثماري رغبوا في تحجيم هذه الاستثمارات، بما أنَّهم كانوا يشترون العملات المشفَّرة بأسعار مرتفعة، إذ كانت قيمة "بتكوين" حينها قد تضاعفت ثلاث مرات تقريباً منذ منتصف مارس.

استمرّت الشركة بزيادة أصولها من "بتكوين" حتى تجاوزت قيمة العملة عتبة 50 ألف دولار. بعد أن أصبحت العملات المشفَّرة تشكل جزءاً أكبر من محفظة الشركة، اشتكى الموظفون للإدارة بأنَّ "سكاي بريدج" تتخطّى إرشاداتها الداخلية المتعلقة بالمخاطر.

تحدّث أحد الموظفين عن الموضوع خلال اجتماع استثماري، وردّ ميسينغ باتهام الموظف بالكذب بشأن معايير الصندوق، بحسب أشخاص كانوا في الشركة حينذاك. اكتشف الموظف بعد بضعة أشهر، من خلال رسالة الكترونية اطّلع عليها بالخطأ، أنَّ سكاراموتشي وميسينغ يريدانه أن يغادر الشركة.

رفضت "سكاي بريدج" السماح بأخذ تعليق من ميسينغ لهذا المقال، لكنَّ سكاراموتشي قال: "إنَّه شخص مندفع قليلاً، لكن لديّ ثقة كبيرة في بريت ميسينغ ، فهو ذكي جداً، وموهوب تقنياً، ويتمتع بقدرات عالية جداً... التزمت (سكاي بريدج) دائماً منذ تأسيسها بكل الإرشادات المتعلقة بالمخاطر دون استثناء، نقطة على السطر".

بتكوين تنتعش مجدداً فوق 30 ألف دولار بعد كبوة

صفقة مع بانكمان فريد

بدت رهانات "سكاي بريدج" على العملات المشفَّرة نافذة البصيرة في 2021، حين قفزت قيمة الصندوق الرئيسي للشركة 11%، وبدأت توسّع رهاناتها غبر شراء حصص أسهم خاصة في شركات متخصصة في تقنيات العملات المشفَّرة و"بلوكتشين"، من بينها "إف تي إكس".

لكن سرعان ما حلّ شتاء العملات المشفَّرة؛ فقد سجل الصندوق تراجعاً بما تجاوز 25% في النصف الأول من 2022. في مارس من ذلك العام، رفضت "سكاي بريدج" للمرّة الأولى الاستجابة لطلبات جميع العملاء الذين أرادوا استرداد أموالهم، وبحلول نهاية ذلك العام؛ انخفضت إيرادات أعمال "سكاي بريدج" في إدارة الأصول إلى 24 مليون دولار، مقارنة مع 55 مليون دولار في 2021.

اشترى صندوق "سكاي بريدج" الرئيسي مزيداً من الأسهم في "إف تي إكس" في 2 أغسطس 2022، حيث استحصل عليها من مستثمر آخر. بعد أربعة أيام، انتهز سكاراموتشي فرصة توقف سفينة "ديزني" السياحية التي كان على متنها برفقة عائلته في الباهامس ليلتقي بانكمان فريد.

اتفق الرجلان شفهياً على أن تقوم وحدة في "أف تي أكس" بشراء حصة 30% في "سكاي بريدج". برر سكاراموتشي الصفقة بالقول إنَّ "سكاي بريدج" لا تحتاج إلى المال، بل أبرمها لأنَّه رأى في بانكمان فريد صورة مشابهة لمارك زوكربيرغ، ولأنَّه يعتقد أنَّه قادر على نقل "إف تي إكس" من العملات المشفَّرة إلى أمور أوسع.

أتاحت هذه الشراكة لبانكمان فريد الاستفادة من علاقات سكاراموتشي للتقرب من السياسيين في "وول ستريت" وكبار المستثمرين. أُعلنت الصفقة الجديدة مع بانكمان فريد في بداية سبتمبر، وأصدرت "سكاي بريدج" أسهماً جديدة لتبيع 30% من الشركة إلى "إف تي إكس" مقابل 45 مليون دولار.

مؤسس "إف تي إكس": لا أملك "شيئاً تقريباً" بعد ضياع 26 مليار دولار

سقوط "إف تي إكس"

ضاعفت الصفقة رهان الشركة على العملات المشفَّرة، كما زادت الضغوط على بانكمان فريد، صديق سكاراموتشي وتلميذه. فقد أبقت "سكاي بريدج" على مبلغ 5 ملايين دولار مخصصة للتكاليف المسبقة المتعلقة بمؤتمرات (SALT)، وأنفقت الباقي على الرموز المشفَّرة، التزاماً بالاتفاق بين سكاراموتشي و"إف تي إكس"، بحسب أشخاص مطّلعين على الصفقة.

اشترت "سكاي بريدج" عملات "بتكوين" بقيمة 10 ملايين دولار، وأنفقت 10 ملايين دولار على كلّ ثلاث عملات أخرى أصغر مرتبطة بـ"إف تي إكس" وبانكمان فريد، وهي: "إف تي تي" العملة الرئيسية لمنصة التداول، فضلاً عن عملتي "سولانا" و"سيروم" اللتين روّج لهما بقوة قطب العملات المشفَّرة، وكانت تُتداول كلها بأسعار أقلّ بكثير من ذروتها في 2021.

سعى سكاراموتشي أيضاً لاستقطاب المستثمرين بالنيابة عن بانكمان فريد، فعلى الرغم من أنَّ "إف تي إكس" كانت قد جمعت 400 مليون دولار في يناير 2022؛ فإنَّ سكاراموتشي اصطحب شريكه الجديد في جولة حول الشرق الأوسط في أكتوبر بحثاً عن مستثمرين آخرين في مسعى لجمع مليار دولار. لكنَّه أخفق في إقناع أحد. بحلول نوفمبر، كانت "إف تي إكس" قد أفلست، وبعد شهر من ذلك؛ قُبض على بانكمان فريد.

قال سكاراموتشي إنَّه يعتزم إعادة شراء حصة الـ30% في "سكاي بريدج" التي اشترتها "إف تي إكس"، لكنَّ هذه العملية يجب أن تشق طريقها عبر محكمة الإفلاس.

باشر سكاراموتشي العمل أيضاً على مشاريع جديدة، فقد أبرم أخيراً صفقة للمساعدة على جمع التمويل لصالح شركة "البلوكتشين" "كاسبر لابز" (Casper Labs). كما يحاول جمع 50 مليون دولار ليؤسس صندوقاً متخصصاً بشراء الأسهم من بائعين متعثرين فيما يصل إلى 15 شركة ناشئة.

إيمان بـ"بتكوين"

برغم ذلك كله؛ ما يزال الرجل على إيمانه بـ"بتكوين"، بالأخص بعد التعافي الذي حققته العملة هذا العام. قال حديثاً في بودكاست تحت عنوان: "أون ذا إيدج" (On the Edge): "أنا أسير بعملائي نحو المستقبل من خلال هذه الاستثمارات ومجالات النمو والتقنية الرقمية.. الأذكياء منهم هم الذين سيصبرون، لأنَّهم سيُكافؤون بسخاء".

لكنَّ توقُّعات سكاراموتشي أخطأت في السابق. فقد توقَّع في 2018 أن تدير "سكاي بريدج" أصولاً بقيمة 20 مليار دولار بحلول منتصف 2023، وفي بداية 2021؛ توقَّع أن يصل سعر "بتكوين" إلى 100 ألف دولار بحلول ديسمبر من ذلك العام.

يتمسّك إلموش بنظرته الفلسفية حول سير الأمور، بالرغم من أنَّ المستثمرين قد لا يكترثون بشأن تأملاته بقدر اهتمامهم باستعادة أموالهم. سأل في البودكاست نفسه المضيف أندرو غولد سكاراموتشي عما إذا كان يعاني اضطراباً عقلياً، أجاب: "أعتقد أنَّني مضطرب عقلياً، بمعنى أنَّني لا أخشى كثيراً من الأمور. فأنا أعتقد أنَّنا في زيارة لهذا الكوكب، وسأقوم بما اعتقد أنَّه صائب، ولن أكترث لما يظنّه الآخرون".

اضغط هنا لقراءة المقال الأصلي
تصنيفات

قصص قد تهمك