في أعقاب انهيار مصرف "سيليكون فالي بنك" (SVB)، وضع المنظمون الأميركيون حزمة دعم طارئة للمؤسسات المالية. صُممت هذه الخطوات لمنع أي انهيارات أخرى، من خلال تهدئة المخاوف المتعلقة بوقوع خسائر ضخمة بين كبار المودعين غير المؤمن عليهم، حتى مع استمرار الجدل حول مدى انتشار المشكلات، في وقت كانت الإجراءات الأخرى تهدف إلى تخفيف الضغوط على الميزانيات العمومية للبنوك الناجمة عن الزيادات السريعة في أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأميركي خلال العام الماضي.
1 - ماذا فعل المنظمون؟
أعلنت وزارة الخزانة، والاحتياطي الفيدرالي، و"المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع" بشكل مشترك، عن جهود لتعزيز الثقة في النظام المصرفي:
- قالت "المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع" إنها ستغلق حسابات مصرف "سيليكون فالي بنك" بطريقة "توفر الحماية الكاملة لجميع المودعين"، وهو الوعد الذي قدمته أيضاً لمودعي "سيغنتشر بنك" (Signature Bank)، الذي أغلقه المنظمون في نيويورك يوم الأحد. أكثر من 93% من الودائع المحلية في مصرف "سيليكون فالي بنك" -ومعظمها لعملاء من الشركات- تتجاوز سقف "المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع" العادي البالغ 250 ألف دولار للحماية التأمينية على الودائع، بينما بلغ الرقم المماثل لـ"سيغنتشر بنك" نحو 90%.
- أعلن الاحتياطي الفيدرالي عن "برنامج تمويل مصرفي طويل الأجل" يقدم قروضاً لمدة عام واحد للبنوك بشروط أسهل مما يقدمه عادةً. كما أنه سيخفف شروط الإقراض من خلال نافذة الخصم، وهي تسهيلات الإقراض المباشر الرئيسية التابعة له.
2 - كيف ستعمل برامج "الاحتياطي الفيدرالي"؟
سيقدم برنامج التمويل المصرفي قروضاً تصل إلى عام واحد مقابل ضمان سيتم تقييمه بالقيمة الأصلية أو بقيمته الاسمية. سيسمح هذا للبنوك باقتراض مبالغ أكبر مما لو تم تسجيل ضماناتها بقيمتها السوقية الحالية. والآن، سيُقيّم الإقراض من خلال نافذة الخصم الضمانات بالقيمة الاسمية، بدلاً من اتباع الممارسة المعتادة لدى الاحتياطي الفيدرالي، والمتمثلة في فرض خصم أو "تخفيض" على قيمة الضمان المقدم. وستوفر وزارة الخزانة ما يصل إلى 25 مليار دولار كدعم لبرنامج التمويل المصرفي الجديد.
3 - لماذا يقوم المنظمون بذلك؟
تهدف حماية مودعي مصرف "سيليكون فالي بنك" و"سيغنتشر بنك"، للحؤول دون المزيد من عمليات التهافت على البنوك، والتي تحدث عندما يتفاعل المودعون مع الأخبار السيئة عن البنك عن طريق سحب أموالهم، ما يدفع الآخرين إلى فعل الشيء ذاته. باتت عمليات التهافت على البنوك في الغالب شيئاً من الماضي بعد إدخال نظام التأمين على الودائع في أعقاب إخفاقات البنوك التي عمّقت الكساد العظيم. لكن مزيج مصرف "سيليكون فالي بنك" المكون من قاعدة عملاء تتركز في قطاع التكنولوجيا، حيث جف تمويل رأس المال الجريء إلى حد كبير، أدى إلى زيادة عمليات السحب، وخسائر كبيرة في محفظته الاستثمارية، وقلق العملاء غير المؤمن عليهم في الغالب، وكلها عوامل اجتمعت وأشعلت أزمة نتج عنها انهيار البنك في غضون أيام.
4 - ما الهدف من تغييرات الإقراض الفيدرالي؟
إنها تهدف إلى معالجة الضغوط على البنوك التي تسببها الزيادة السريعة من جانب الاحتياطي الفيدرالي لأسعار الفائدة- إذ رفع "الفيدرالي" الفائدة بشكل أسرع من أي وقت مضى خلال الأربعين عاماً الماضية لمكافحة أعلى معدل تضخم شوهد منذ ذلك الحين. تجني البنوك الأموال جزئياً عن طريق استثمار أموال المودعين، إذ وضع كثير منهم مبالغ كبيرة في سندات الخزانة طويلة الأجل أو غيرها من السندات المدعومة من الحكومة. كانت هذه استثمارات آمنة، بمعنى أن هناك فرصاً ضئيلة للتخلف عن السداد. لكن قيمتها في السوق الثانوية تراجعت بسبب زيادات الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي- سيدفع المستثمرون ثمناً أقل للسندات التي تدفع على سبيل المثال فائدة 1%، عندما يتم إصدار سندات جديدة تدفع فائدة بمقدار 2%. اضطر "سيليكون فالي بنك" إلى بيع جزء كبير من محفظته لتلبية عمليات السحب المتزايدة، ما أدى إلى خسارة 1.8 مليار دولار أدت إلى انهياره.
5 - ما مدى انتشار هذه المشكلة؟
وفقاً لملفات "المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع"، سجلت البنوك الأميركية 620 مليار دولار من الخسائر غير المحققة على ديونها المتاحة للبيع والمحتفظ بها حتى تاريخ الاستحقاق في نهاية العام الماضي. وأشارت المؤسسة في مارس إلى أن تلك الخسائر على الورق "قللت بشكل ملموس من رأس المال الاسمي المعلن عنه للصناعة المصرفية".
بعد فشل مصرف "سيليكون فالي بنك"، حذّر مسؤول كبير في وزارة الخزانة من وجود بنوك أخرى يبدو أنها في وضع مماثل لمصرف "سيليكون فالي بنك"، و"سيغنتشر بنك".
6 - هل هذه عملية إنقاذ؟
أكد المنظمون الأميركيون أن دافعي الضرائب لن يتحمّلوا تكلفة حماية ودائع "سيليكون فالي بنك"، و"سيغنتشر بنك"، ورفض مسؤولو الخزانة، وبنك الاحتياطي الفيدرالي فكرة إنقاذ البنوك، ما يظهر الحساسيات السياسية المحتملة للإجراءات التي تم اتخاذها نهاية الأسبوع. قال المسؤولون إن الأموال ستأتي من صندوق تأمين الودائع التابع لـ"المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع"، الذي يحتوي على أكثر من 100 مليار دولار. ذكر المنظمون أيضاً أن المساهمين وبعض حاملي الديون غير المضمونة سيخسرون كل أصولهم واستثماراتهم، بينما تم فصل الإدارة. لم يكن هذا الحل مناسباً للجميع، بمن فيهم السناتور الأميركي تيم سكوت (جمهوري من ولاية ساوث كارولاينا) الذي يرى أنه يشجع على المخاطر الأخلاقية في القطاع المصرفي.