
بلومبرغ
بعد توجهها نحو الواقع المعزز والذكاء الاصطناعي، حددت شركة "ميتا بلاتفورمز" رهانها الكبير التالي: الروبوتات التي تتصرف بطريقة تشبه البشر العاملة بالذكاء الاصطناعي.
تجري الشركة استثماراً كبيراً في هذه الفئة -أي الروبوتات المستقبلية التي تتصرف بطريقة تشبه البشر والمساعدة في المهام التي تتطلب مجهوداً بدنياً- كما تعمل على تشكيل فريق جديد داخل قسم الأجهزة "رياليتي لابس" (Reality Labs) التابع لها للقيام بالعمل، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
"ميتا" تخطط للعمل على أجهزة الروبوت الخاصة بها، على أن يكون التركيز الأولي على الأعمال المنزلية. وقال الأشخاص، الذين طلبوا عدم الكشف عن هوياتهم لأنه لم يتم الإعلان عن المبادرة، إن طموحها الأكبر هو تصنيع الذكاء الاصطناعي الأساسي وأجهزة الاستشعار والبرمجيات للروبوتات التي ستصنعها وتبيعها مجموعة من الشركات.
ماسك من مبادرة مستقبل الاستثمار: عدد الروبوتات سيتخطى البشر في 2040
مفاوضات "ميتا" مع شركات الروبوتات
بدأت "ميتا" بمناقشة خطتها مع شركات الروبوتات، بما في ذلك "يوني تري روبوتيكس" (Unitree Robotics) و"فيغر إيه آي (Figer AI). وأضاف الأشخاص، أنها لا تخطط، على الأقل في بادئ الأمر، لبناء روبوت يحمل العلامة التجارية "ميتا" -وهو أمر يمكن أن ينافس بشكل مباشر "أوبتيموس" التابع لـ"تسلا"- ولكنها قد تفكر في القيام بذلك في المستقبل.
الجهود للانتقال إلى الروبوتات التي تتصرف بطريقة تشبه البشر تتوازى مع مساعي مشاريع استكشافية أجراها عمالقة التكنولوجيا الآخرون، بما في ذلك شركات "أبل"، وقسم "جوجل ديبمايند" (Google Deepmind) التابع لشركة "ألفابت". ورفض متحدث باسم "ميتا" التعليق.
مستقبل الروبوتات قادم على قدمين
وأكدت "ميتا" للموظفين، يوم الجمعة، تشكيل الفريق الجديد، وأخبرتهم أنه سيقوده مارك ويتن، الذي استقال من منصب الرئيس التنفيذي لقسم السيارات ذاتية القيادة في "جنرال موتورز" في وقت سابق من هذا الشهر. وعمل ويتن سابقاً بالإدارة التنفيذية في شركة الألعاب "يونيتي سوفتوير"، وأيضاً "أمازون".
كتب أندرو بوسورث، كبير مسؤولي التكنولوجيا في "ميتا"، في مذكرة استعرضتها بلومبرغ: "إن التقنيات الأساسية التي استثمرنا فيها بالفعل وقمنا ببنائها عبر (ريالتي لابس) و(إيه آي)، تُعتبر مكملة لتطوير التحسينات اللازمة للروبوتات". وأشار إلى التقدم الذي حققته الشركة في مجال تتبع اليدين والحوسبة عبر النطاق الترددي المنخفض وأجهزة الاستشعار ذات خاصية العمل الدائم (always-on).
تسريع عملية التطوير
يعتقد المسؤولون التنفيذيون في "ميتا" أنه بينما أحرزت الشركات المتخصصة في الروبوتات التي تتصرف بطريقة تشبه البشر تقدماً في تطوير الأجهزة، فإن التقدم الذي حققته الشركة في الذكاء الاصطناعي والبيانات التي تجمعها من أجهزة الواقع المعزز والواقع الافتراضي قد يسرع من عملية تطوير هذا القطاع الوليد. ما تزال الروبوتات الحالية غير مفيدة بما يكفي للقيام بمهام مثل طي الملابس أو حمل كوب ماء أو وضع الأطباق في رف الغسيل أو تنفيذ أعمال منزلية أخرى قد تثير اهتمام المستهلكين بهذه الفئة من المنتجات.
كتب بوسورث: "نعتقد أن توسيع محفظتنا الاستثمارية لتشمل هذا المجال سيعزز من قيمة ميتا إيه آي وبرامجنا الخاصة بالواقع المختلط والمعزز". ووفقاً لأحد المصادر، فإن ويتن، الذي سيرفع تقاريره إلى بوسورث، سيحصل على ميزانية لتوظيف نحو 100 مهندس العام الحالي.
هدف "ميتا" هو توفير ما قدمه نظام تشغيل أندرويد الخاص بـ"جوجل" ورقائق شركة "كوالكوم" لقطاع الهواتف، من خلال إنشاء قاعدة أساسية لبقية السوق.
بحسب أحد الأشخاص المشاركين في المشروع، فإن البرامج وأجهزة الاستشعار وحزم الحوسبة التي تطورها ميتا حالياً لأجهزتها هي نفسها التقنيات المطلوبة لتشغيل الروبوتات التي تتصرف مثل البشر.
استثمارات بمئات المليارات
استثمرت "ميتا" مليارات الدولارات على مدى سنوات في قسم الأجهزة التابع لمختبرات "رياليتي لابس" وهو يبيع منتجات مثل نظارة الواقع الافتراضي "كويست" (Quest) والنظارات الذكية "راي بان" (Ray-Ban) التي يزداد الإقبال عليها. تخطط "ميتا" لإنفاق 65 مليار دولار العام الجاري على منتجات ذات صلة، تشمل بنية الذكاء الاصطناعي التحتية والعمل على مشروع الروبوت الجديد.
قال الرئيس التنفيذي لشركة "تسلا" إيلون ماسك، إن الروبوت "أوبتيموس" الخاص بشركته سيُطرح للبيع للمستهلكين في نهاية المطاف، وقد يبلغ سعره نحو 30 ألف دولار. بدأت تسلا إنتاجاً محدوداً لهذا الروبوت العام الحالي. أحرزت شركات أخرى تقدماً في هذا المجال، إذ طرحت "بوسطن دايناميكس" (Boston Dynamics) بالفعل منتجات للأتمتة في المستودعات. بينما تركز بعض الشركات على بيع الروبوتات للمؤسسات والمصانع، تهدف "ميتا" إلى إدخالها إلى المنازل.
تُعد الروبوتات التي تتصرف بطريقة مشابهة للبشر امتداداً للعمل الذي قامت به الشركات في تطوير المركبات ذاتية القيادة، إذ تعتمد على تقنيات أساسية متشابهة وتتطلب كميات كبيرة من البيانات ومعالجة الذكاء الاصطناعي. لكن رغم أن المخاطر في هذا المجال أقل، -يتحرك الروبوت داخل المنزل بدلاً من السير بسرعة 50 ميلاً في الساعة على الطرق المفتوحة- يعتقد المسؤولون التنفيذيون في "ميتا" أن التحدي في الروبوتات أكبر، إذ يختلف تصميم كل منزل عن الآخر، بينما تتمتع شوارع المدن بقدر من المعايير القياسية الموحدة.
بناء النماذج الأولية للروبوتات
قال أشخاص على دراية بالمشروع إن "ميتا" ستطور بعض أجهزتها الخاصة بها، كما ستستخدم مكونات جاهزة وستتعاون مع المصنعين الحاليين بمجرد أن يكون ذلك ممكناً. أضافوا أن بناء النماذج الأولية والأجهزة يُعد أمراً أساسياً لاختبار التكنولوجيا قبل بدء استخدام منصة متكاملة على نطاق واسع، حتى لو لم تصدر "ميتا" في النهاية منتجاً يحمل علامتها التجارية.
هل يجد المستثمرون كنوز الأسهم الدفينة قبل مجيء الروبوتات؟
ذكر أحد الأشخاص أن الشركة تُسوق جهودها باعتبارها المنصة المفضلة لتطوير الروبوتات، مضيفاً أن الهدف هو جعل برمجيات لاما (Llama) الخاصة بـ"ميتا" أساساً للباحثين في مجال الروبوتات حول العالم.
تسعى "ميتا" أيضاً لتطوير أدوات تضمن سلامة الروبوتات، لمعالجة المخاطر المحتملة مثل دخول يد الإنسان في محرك تشغيل أو أحد الأجزاء المتحركة للروبوت الذي يتصرف بطريقة تشبه البشر. كما تشمل التحديات مسائل متعلقة بسلامة المكونات بالمرتبطة بتوصيلات الكهرباء، مثل طريقة إيقاف الروبوت عن العمل أو تعطله أثناء تنفيذ مهمة عند نفاد الكهرباء.
بحوث تطوير الروبوتات
رغم أن دخول "ميتا" الرسمي إلى مجال الروبوتات التي تشبه البشر يُعد خطوة جديدة، فإن فريق أبحاث الذكاء الاصطناعي الأساسية التابع لها، المعروف اختصاراً باسم "فير" (FAIR)، يعمل منذ شهور على دراسة هذا المجال ونشر أبحاث متعلقة به. كما بدأت "أبل" مؤخراً في نشر أبحاث ذكاء اصطناعي مرتبطة بتطوير الروبوتات.
قال شخص مطلع على المشروع إن "ميتا" ترى أن الروبوتات التي تتصرف بطريقة تشبه البشر ما زالت بحاجة إلى بضع سنوات قبل أن تصبح متاحة للجمهور على نطاق واسع، وقد يستغرق الأمر سنوات أخرى قبل أن تصبح منصتها جاهزة لدعم منتجات من شركات أخرى. لكنه أشار إلى أن هذا المجال سيصبح محور تركيز رئيسي لـ"ميتا" وللقطاع التكنولوجي الأوسع نطاقاً.