رغم تباطؤ المبيعات.. مطورون يترقبون قفزة بأسعار عقارات مصر العام المقبل

توقعات بارتفاع أسعار الوحدات من 10% إلى 30% بدعم تراجع قيمة الجنيه وزيادة كلفة الإنشاءات

time reading iconدقائق القراءة - 8
بنايات سكنية في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة، مصر - المصدر: بلومبرغ
بنايات سكنية في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة، مصر - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

الشرق

توقع مطورون عقاريون ارتفاع أسعار العقارات في مصر العام المقبل، بدعم انخفاض قيمة الجنيه، وزيادة كلفة الإنشاءات، وذلك رغم تباطؤ وتيرة المبيعات نسبياً وتراجع القدرة الشرائية لدى المصريين خلال العام الجاري.

وتشير تقديرات مطورين استطلعت "الشرق" آراءهم، إلى زيادة أسعار الوحدات العقارية بما يتراوح بين 15% و30% خلال العام المقبل، مع اتجاه المواطنين لشراء العقارات كمخزن آمن للقيمة لحماية مدخراتهم في مواجهة التضخم المرتفع، بالإضافة إلى توجه المصريين العاملين بالخارج والمشترين من الدول العربية لاقتناص الوحدات العقارية بعد خفض قيمة العملة.

يأتي ذلك رغم تباطؤ مشتريات العملاء بغرض الاستثمار "المضاربين"، مقارنة مع فورة نشاط القطاع العقاري التي شهدها العام الماضي، والتي ارتفعت خلالها الأسعار بنسب وصلت إلى 200%.

مرت البلاد بأزمة اقتصادية، وشح في العملة الأجنبية خلال العامين الماضيين، ونتج عن ذلك سماح السلطات لسعر صرف الجنيه بالانخفاض نحو 40%، ورفع أسعار الفائدة إلى مستوى قياسي في مارس الماضي، بعد الحصول على قرض موسع بقيمة 8 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي.

تراجع الجنيه يرفع أسعار العقارات

وتوقع طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصرية، ارتفاع أسعار الوحدات العقارية خلال العام المقبل، مرجعاً ذلك إلى انخفاض قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، مما يؤثر على أسعار مدخلات البناء، ويرفع كلفة المشروعات.

واستبعد مطورون على هامش معرض "سيتي سكيب" في القاهرة خلال سبتمبر الماضي، حصول فقاعة بسوق العقارات في مصر، وأوضحوا في مقابلات مع "الشرق" أن ما شهدته السوق من ارتفاع بالأسعار في 2023 وصل إلى نحو 200% كان سببه اضطرابات سعر صرف الجنيه مقابل الدولار، وهو ما لن يتكرر، متوقعين أن الزيادة في أسعار العقارات مستقبلاً ستكون "منطقية" مع استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار نسبياً، وتراوحت تقديراتهم لهذه الزيادة بين 10% و25%. 

وأضاف شكري: "نواجه زيادة في أجور العاملين بالقطاع،  في محاولة للحد من نزوح الكوادر البشرية إلى الخارج وخاصة دول الخليج".

تشير معظم التوقعات إلى استمرار تراجع الجنيه المصري إلى مستويات 54 جنيهاً للدولار خلال العام المقبل، من قرب 51 حالياً، بحسب 12 من مديري الاستثمار والمحللين الاقتصاديين الذين تحدثوا مع "الشرق".

واعتبر شكري أن تراجع العملة وارتفاع تكلفة الأجور، وزيادة أسعار الأراضي، سيدفع الأسعار النهائية للوحدات العقارية للصعود العام المقبل بما يتراوح مابين 10% إلى 20%.

في أكتوبر الماضي توقع شكري أيضاً أن أسعار العقارات في مصر ستتأثر بشكل كبير بالتوترات الجيوسياسية والضغوط التي ستولدها على سلاسل الإمداد، بالإضافة إلى تأثير ارتفاع أسعار المحروقات، ما سيرفع أسعار العقارات.

من جانبه، توقع تامر نصر الرئيس التنفيذي لشركة "سيتي إيدج" للتطوير العقاري، زيادة أسعار الوحدات العام المقبل بنسب تتراوح ما بين 15% و20%، معتبرها "معدلات طبيعية" لزيادة أسعار العقارات.

ملاذ آمن للادخار

عبد الله سلام الرئيس التنفيذي لشركة "مدينة مصر للإسكان والتعمير" الحكومية، أرجع تقديراته بزيادة أسعار العقارات بمعدل 20% إلى ارتفاع الطلب على العقار كملاذ آمن للادخار، لا سيما في ظل توقعات خفض الفائدة خلال الفترة المقبلة، في إشارة إلى اتجاه المواطنين للاستثمار في العقار بدلاً من الادخار في القنوات المصرفية التقليدية كالشهادات البنكية.

بحسب استطلاع أجرته "الشرق" الشهر الجاري مع بنوك الاستثمار، تتجه التوقعات أن يبدأ البنك المركزي المصري نهج سياسة خفض أسعار الفائدة في الربع الأول من العام المقبل، مع تباين الآراء حول نسب الخفض المتوقعة. رجحت الغالبية خفض أسعار الفائدة بما يتراوح بين 300 و400 نقطة أساس خلال 2025 بأكمله، فيما توقعت آراء أخرى أكثر جرأة خفضها بما بين 800 و1000 نقطة أساس.

شركة الاستشارات العقارية "جيه إل إل" (JLL)، ذكرت في تقرير عن أداء سوق العقارات في مصر خلال الربع الثالث، إلى أن استقرار الاقتصاد الكلي يدعم التحول في سوق العقارات، بما يساهم في خلق أرض خصبة للاستثمار العقاري. 

وأضافت: "نشهد ظهور فرص نمو كبيرة، لا سيما في القاهرة، مدفوعة بالطلب الأساسي القوي واستراتيجيات التنمية المبتكرة. علاوة على ذلك، فإن المشاريع الجديدة ومبادرات البنية التحتية الطموحة تعمل أيضاً على إعادة تشكيل المشهد، ما يعد بنمو مستدام في مختلف جوانب المنظومة العقارية في العاصمة خلال الربع الأخير من عام 2024".

الرئيس التنفيذي المشارك في شركة "ماونتن ڤيو للتنمية والاستثمار العقاري"، وائل عز، توقع استمرار ارتفاع أسعار الوحدات العقارية تأثراً بضغوط محتملة لارتفاع التكلفة، وعدم استقرار سعر صرف الجنيه. 

واتفق معه أيضاً، هيثم عبد العظيم الرئيس التنفيذي لشركة "أورا ديفلوبرز" المملوكة للملياردير المصري نجيب ساويرس، قائلاً "الأسعار سترتفع في نطاق بين 20% و25% خلال العام المقبل، وذلك بما يتماشى مع معدل التضخم المتوقع". 

الفائدة تعزز الأسعار

تضغط أسعار الفائدة المرتفعة حالياً على المطورين وتزيد التكاليف، مما قد يرفع أسعار الوحدات بما يصل إلى 30% فى 2025، بحسب أحمد صبور، رئيس مجلس إدارة شركة "الأهلي صبور" للاستثمار العقاري.

أسعار الفائدة في مصر عند أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض. وأجمع 12 بنكاً استثمارياً، استطلعت "الشرق" آراءهم، على أن المركزي سيبقي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الأخير هذا العام المقرر بنهاية الأسبوع الجاري وسط مخاوف من تراجعات جديدة للجنيه، والتي قد ينشب عنها ضغوط تضخمية جديدة.

تتبع شركات التطوير العقاري في مصر آلية البيع على "الخريطة" للعملاء، أي بدون بناء الوحدة، على أن يسدد العميل مقدماً يبدأ من 5% حتى 20% من إجمالي القيمة، والبقية بالتقسيط.

تتوسع شركات العقارات في مد آجال السداد وتخفيض المقدم، في محاولة لجذب الزبائن في ظل ضعف آليات التمويل العقاري في البلاد التي يقع أكثر من ثلثي سكانها تحت خط الفقر، لكن هذا النهج البيعي يحمّل العملاء كلفة الفائدة المرتفعة طوال سنوات التقسيط، مما يرفع الأسعار، كما يؤدي أحياناً، لا سيما حال انخفاض قيمة العملة، إلى تأخر الشركات في تسليم الوحدات للعملاء، جراء تحملها زيادة كبيرة مفاجئة في كلفة الإنشاءات.

وفي وقت لاحق، قال طارق شكري رئيس غرفة تطوير العقار في مصر لبرنامج "شرق غرب" على قناة "الشرق"، اليوم، إن مبيعات العقارات في العام الجاري نمت بنسبة 65%، إلى 2.5 تريليون جنيه، مقابل 1.5 تريليون جنيه في 2023.

 

تصنيفات

قصص قد تهمك

المحكمة الدستورية في مصر تعيد الأمل لملاك عقارات "الإيجار القديم"

المحكمة العليا تحكم ببطلان تثبيت الإيجار للوحدات السكنية وتلزم مجلس النواب بإصدار القانون خلال شهرين

time reading iconدقائق القراءة - 7
وحدات سكنية بنظام الإيجار القديم في عقارات بوسط القاهرة - الشرق
وحدات سكنية بنظام الإيجار القديم في عقارات بوسط القاهرة - الشرق
القاهرة
المصدر:

الشرق

ورث محمد وإخوته عقاراً مكوناً من 5 طوابق في وسط العاصمة المصرية القاهرة، وعلى مدار عدة عقود كان الورثة يحصلون على قيمة إيجارية ثابتة لا تكفي لشراء ربطة خبز، ولكن يبدو أن معاناة محمد وملايين الملاك قد تنتهي قريباً مع صدور حكم تاريخي اليوم بعدم دستورية تثبيت إيجار الوحدات السكنية.

المحكمة الدستورية العليا في مصر برئاسة المستشار بولس فهمي إسكندر، أصدرت اليوم حكماً "تاريخياً" بعدم دستورية بعض الأحكام المتعلقة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، ويشمل ذلك بطلان تثبيت الأجرة السنوية للوحدات السكنية، وذلك بحسب ما أوردته وكالة أنباء الشرق الأوسط الحكومية. 

لا توجد إحصائية دقيقة عن أعداد المنازل الخاضعة لقانون الإيجار القديم، لكن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قدرها بنحو مليوني وحدة سكنية شاغرة بقيمة تقديرية تريليون جنيه (20.6 مليار دولار)، يقع أغلبها في القاهرة والإسكندرية، وتخضع العلاقة الإيجارية في هذه العقارات لقوانين استثنائية صدرت منذ عام 1952، وامتدت بموجبها الإقامة في الشقة المؤجرة حتى بعد وفاة المُستأجر الأصلي، لـ5 أجيال من بعده، إلى أن جاءت المحكمة الدستورية العليا، ففضَت الاشتباك عام 2002، بقصر التوريث لجيل واحد فقط. 

محمد عبداللاه مالك عقار إيجار قديم قال لـ"الشرق" إنه يمتلك وإخوته عمارة سكنية بها 8 شقق إيجار قديم، تبلغ قيمة الإيجار الشهري للشقة الواحدة نحو 12 جنيهاً (نحو ربع دولار فقط) في حين يتراوح إيجار الشقق بنظام "القانون الجديد" في نفس العقار مابين 10 إلى 15 ألف جنيه، معتبراً أن الوضع المستمر منذ الستينيات "ظلم كبير وكان قد فقد الأمل في تعديل القانون"، واصفاً الحكم الجديد بأنه "إعادة الحق لأصحابه".

المحكمة الدستورية العليا في مصر، هي هيئة قضائية مستقلة عن السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية، ومهمتها مراقبة تطابق القوانين مع مواد الدستور، وتقوم بإلغاء القوانين التي تخالف نصوص ومواد الدستور.  

تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر

رضا فرحات، محافظ الإسكندرية الأسبق، قال لـ"الشرق" إن الحكم الصادر اليوم سيحرر العلاقة بين المستأجر والمالك، معتبراً أن الأخير لم يكن متمتعاً بأملاكه، ومُقيداً بقوانين استثنائية جعلت المستأجر "متغولاً"، وأضاف أن الحكم سيجبر مستأجري الوحدات السكنية المغلقة، إما على إعادة استعمالها بعد التفاوض مع المالك، أو ترك الوحدة نهائياً. 

يبدأ تطبيق أثر الحكم من اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي الحالي لمجلس النواب، (خلال شهرين تقريباً) وأوضحت المحكمة أنها أعطت مهلة للمجلس التشريعي لحاجته إلى مدة زمنية كافية ليختار بين البدائل لوضع ضوابط حاكمة لتحديد أجرة الوحدات السكنية طبقاً للمناطق الجغرافية.

تحدث الرئيس المصري في وقت سابق على ضرورة إعداد قانون متكامل للإيجار القديم، مفسراً سبب ذلك أن المستأجر الأصلي للوحدات قد يكون توفي لأن القانون المنظم للعلاقة بين المستأجر والمؤجر صدر في 1962، والذي يستفيد من الوحدات في الوقت الحالي هم الورثة.

وفندت المحكمة المصرية في حكمها أسباب عدم دستورية تثبيت الإيجار الشهري قائلة: "فيما يتعلق بتحديد الأجرة، فيجب أن يستند إلى ضوابط موضوعية تهدف إلى تحقيق التوازن بين طرفي العلاقة الإيجارية، وهو ما يستوجب تدخل المشرع لضمان هذا التوازن، بحيث لا يُمكّن المؤجر من فرض قيمة إيجارية استغلالاً لحاجة المستأجر إلى مسكن، كما لا يجب أن يُهدر عائد الاستثمار في الأرض والمباني نتيجة لتثبيت الأجرة".

وشدد فرحات على أن مجلس النواب، قد أصبح مُلزماً قبل نهاية دور الانعقاد التشريعي الحالي، بإصدار قانون ينظم الحكم الصادر، وإذا انتهت المدة دون إصدار القانون، فسيكون من حق المالك اللجوء إلى المحكمة المدنية المختصة، لإقامة دعوى لرفع القيمة الإيجارية الخاصة بوحدته.

كما أن قانون الإيجار القديم، الذي وُضِع لحماية المستأجرين من الزيادة المفاجئة في الأسعار، أدى إلى تدني قيمة الإيجارات بشكل ملحوظ مقارنةً بأسعار السوق الحالية، مما منع الكثير من الملاك بعدم صيانة عقاراتهم ما أدى إلى مخاطر تتعلق بالسلامة.

اقرأ أيضاً

توترات المنطقة والوقود يفاقمان ارتفاع أسعار عقارات مصر

ستتأثر أسعار العقارات في مصر بالتوترات الجيوسياسية وبارتفاع أسعار المحروقات، ما سيؤدي لزيادة الأسعار 10% إلى 15% في 2025، بحسب طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري

إصدار تشريع جديد

قبل عامين، بدأ مجلس النواب مناقشة تعديلات تشريعية على قانون الإيجار القديم جديداً، تسمح بزيادة الإيجارات القديمة للأماكن المؤجرة للاستخدام غير السكني بنسبة 15% سنوياً لمدة 5 سنوات على أن تنتقل الوحدة بعدها إلى المالك بقوة القانون.

أكد إيهاب خليل، المحامي المتخصص في قضايا الإيجار القديم لـ"الشرق"، أن الحكم ألزم مجلس النواب بإصدار تشريع جديد في موعد أقصاه اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعي الحالي، على أن يتضمن التشريع تحديد فئات زيادة الأجرة سنوياً، مع مراعاة قيمة الإيجارات الواقعية حالياً وذلك خلال فترة انتقالية، بحيث ينتهي الأمر بحرية المالك في تحديد القيمة الإيجارية، طبقا لقانون العرض والطلب.

أضاف خليل أن الحكم جاء متوافقاً، مع مشروع تعديل قانون إيجار الأماكن المعروض حالياً على مجلس النواب، وذلك بغرض الانتهاء من أزمة استدامة وتوريث عقود الإيجار، بحيث تتحرر العلاقة فيما بين المالك والمستأجر.

وقال نجيب ساويرس، رئيس مجلس الإدارة التنفيذي لشركة أوراسكوم للاستثمار القابضة، في تصريح لـ"الشرق" اليوم تعليقاً على حكم المحكمة الدستورية العليا، إن "الأساس في القانون هو العدل، وبالتالى قرار المحكمة الدستورية العليا يرفع الظلم عن الملاك، ويعمل حساب التضخم وغلاء الخدمات"، مضيفاً أن "هذا الحكم يلغي قرار ثبات الإيجار الظالم"، بحد وصفه. 

من جانبه، رأى محافظ القليوبية أيمن عطية، في حديث لـ"الشرق"، أن "القوانين في مصر باتت تستهدف فرض السلم العام بين شرائح المجتمع في كل المجالات من ضمنها الإيجارات"، مشيراً إلى أنه "تم تأجيل العمل على قانون الإيجارات لفترة طويلة، لكن اليوم بات من الضروري أن نعمل عليه". 

تعديل قانون الإيجار القديم يمثل حلاً طال انتظاره لمالكي العقارات القديمة، لكنه قد يؤدي إلى أزمة جديدة تفاقم التكاليف على كاهل شريحة عريضة من المستأجرين، وهو ما حدا بالمحكمة الدستورية للإشارة إلى حاجة مجلس النواب إلى مهلة زمنية لوضع البدائل والضوابط المناسبة. 

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.