أزمة العقارات في الصين تحرق الطبقة الوسطى العالقة مع قروض ضخمة

time reading iconدقائق القراءة - 17
مركز \"تشاينا ايفرغراند غروب\" في هونغ كونغ - المصدر: بلومبرغ
مركز "تشاينا ايفرغراند غروب" في هونغ كونغ - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يرسل كساد العقارات المتزايد في الصين موجات من الصدمة عبر الطبقة الوسطى التي يبلغ قوامها 400 مليون نسمة، مما يزعزع الاعتقاد بأنّ العقارات هي وسيلة مؤكّدة لتكوين الثروة.

والآن، مع توقف التطوير العقاري في جميع أنحاء البلاد وانخفاض أسعار المنازل، يخفض عديد من مالكي المنازل الصينيين الإنفاق، ويؤجلون الزواج وقرارات الحياة الأخرى، وفي عدد متزايد من الحالات يحجبون مدفوعات الرهن العقاري على المنازل غير المكتملة.

تخلّى بيتر، على سبيل المثال، عن بدء عمله الخاص وشراء سيارة "بي إم دبليو" من الفئة الخامسة بعد أن وقفت مجموعة "تشاينا أويوان" (China Aoyuan) بناء منزله الذي تبلغ تكلفته مليوني يوان (300,000 دولار) في مدينة تشنغتشو، عاصمة مقاطعة خنان. وهو الآن مثقل برهن عقاري يلتهم 90% من دخله المتاح على منزل قد لا يراه أبداً.

كما قال بيتر، طالباً عدم الكشف عن اسمه الكامل أو أي تفاصيل شخصية: "أعلم أن كل استثمار ينطوي على مخاطر، وأنك تدفع ثمن اختياراتك الخاصة، إلا أنّ مالكي المنازل ليسوا هم الملومين ولا يجب أن يتحمّلوا العواقب".

مما لا شكّ فيه أن بيتر هو واحد من مئات الآلاف من مشتري المنازل في أكثر من 90 مدينة في جميع أنحاء الصين الذين يقاطعون تريليوني يوان من الرهون العقارية المجمعة بعد أن وقفت شركات مثل "أويوان" ومجموعة "تشاينا إيفرغراند" (China Evergrande Group) مشاريعها. وينضم عدد متزايد من الطبقة الوسطى في البلاد، التي يُقدَّر أنّ نحو 70% من ثروتها الجماعية مرتبط بالسكن، إلى الإجراءات الجامحة لرفض الدفع، مما يشكّل تهديداً للاقتصاد والاستقرار الاجتماعي.

اقرأ أيضاً: الصين تستعدّ لاستقبال خطة إعادة هيكلة "إيفرغراند" بعد التغييرات الأخيرة

كما تسارع السلطات الصينية الآن إلى نزع فتيل الموقف، إذ يقترح البعض فترة سماح على مدفوعات القروض وأن تتدخل الحكومات المحلية والبنوك لإنقاذ التطورات.

قد تؤثّر عمليات وقف البناء في عقارات قيمتها 4.7 تريليون يوان بالصين، وقد تكون هناك حاجة إلى ما يصل إلى 1.4 تريليون يوان، أو نحو 1.3% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، لإكمالها، حسبما قدّرت كريستي هونغ المحللة في "بلومبرغ إنتليجنس".

سوق فريدة

تُعتبر سوق الإسكان في الصين فريدة من حيث انتشار المنازل الجديدة التي تُباع قبل بنائها، إذ تبدأ مدفوعات الرهن العقاري فور الإيداع الأوّلي. وساعد هذا النقد المسبق على تغذية طفرة الإسكان من خلال السماح للمطورين ببدء مشاريع جديدة.

وفي حين أن المشاريع العقارية المتوقفة هي ليست شيئاً جديداً في الصين، فإنّ عمق الاضطرابات الحالية غير مسبوق، إذ يأتي في الوقت الذي يتباطأ فيه الاقتصاد بعد أكثر من عامين من عمليات الإغلاق المستمرة بسبب فيروس كوفيد، والقمع الشامل للقطاع الخاص باسم "الرخاء المشترك" من قِبل الرئيس شي جين بينغ، مما دفع بطالة الشباب إلى مستويات قياسية.

فضلاً عن ذلك، تراجعت أسعار المنازل لمدة 10 أشهُر متتالية، في حين انكمش الدخل المتاح للفرد للربع الخامس على التوالي في نهاية يونيو. ويأتي ذلك في أعقاب طفرة الديون على مدى العقد الماضي، التي شهدت صعود الرافعة المالية للأُسَر في الصين إلى 61.6% من الناتج المحلي الإجمالي في نهاية عام 2021 من 27.8% في نهاية عام 2011. ومع ذلك، فهي منخفضة نسبياً مقارنة بالاقتصادات الكبرى مثل الولايات المتحدة واليابان.

تعليقاً على الموضوع، قال هونغ هاو، الخبير الاستراتيجي الصيني السابق في شركة "بوكوم إنترناشيونال هولدينغز" (Bocom International Holdings)، إنّ رفض الرهن العقاري سيَحُدّ من أسعار المنازل والمبيعات، مما يخلق تأثيراً سلبياً للثروة من شأنه أن ينتشر في الاقتصاد.

كذلك قال هونغ عن سوق العقارات: "لا أعتقد أنه رهان جيد، فقد اعتاد كثيرون على الاعتقاد بأن أسعار المساكن لن تنخفض أبداً، ولكن في هذا المجال نقلة نوعية".

من جانبه قال آندي شي، الاقتصادي المستقل المقيم في شنغهاي، إنّ دورة الملكية الطويلة قد تحوّلت.

وأضاف شي: "كان للأسعار المرتفعة والمتزايدة ما يبررها استناداً إلى النمو، أي إنّ الدخل سيلحق بالركب في يوم من الأيام، ولكن ليست هذه هي الحال الآن".

في الصين، حيث الدخل المتاح للفرد هو مجرد جزء بسيط من الدخل في الولايات المتحدة، غالباً ما يستغرق الأمر سنوات من المدخرات لشراء شقة، عادةً ما تكلّف بضعة ملايين من اليوانات في المراكز الحضرية الرئيسية. ويعتمد الأزواج الشباب عادةً على الآباء والأجداد للمساعدة في تمويل عمليات الشراء، أو ما يسمى بـ"المحافظ الست".

كما يستخدم لي، وهو عامل في إحدى شركات التكنولوجيا انخفض راتبه بنسبة 25% هذا العام، ثلث راتبه الآن لسداد دفعة شهرية بقيمة 4,000 يوان لقرض عقاري على مشروع من تطوير "إيفرغراند" المتوقف في ووهان. وفي هذا الشهر انضم نحو 5,000 آخرين إلى عملية المقاطعة التي تهدف إلى دفع الحكومة المحلية وشركة التطوير العقاري لمعاودة البناء في المشروع، الذي من المفترض أن يضم 39 ناطحة سحاب سكنية.

ويقول الشاب البالغ من العمر 26 عاماً إنه "مرعوب" بشأن مستقبله ويخشى بدء علاقة لأنه غير متأكد من حيازته لممتلكات، يُنظر إليها على أنها شرط للزواج.

سُبل الانتصاف القانونية

يبحث مشترو المنازل أيضاً عن سُبل الانتصاف القانونية، لا سيما ضد البنوك. وقد كانت عدّة أحكام قضائية قد صدرت سابقاً لصالح المشترين، إذ ألغت عقود شراء منازلهم وأمرت المطورين العقاريين بإعادة الدفعات المقدمة وسداد الرهون العقارية المتبقية للبنوك بدلاً من ذلك.

في هذا السياق، رفع غو، وهو مشترٍ في مشروع "إيفرغراند" في خنان، دعوى قضائية ضد البنك الذي يتعامل معه بعد توقف المشروع العام الماضي وفشل البنك الذي يتعامل معه في تحويل الأموال المخصصة للبناء إلى حساب الضمان، إذ قال: "بنك الضمان والمطور العقاري هما اللذان انتهكا القوانين، فلماذا يدفع مشترو المنازل الثمن؟".

كما فشل بنك بيتر أيضاً في تحويل الأموال إلى حساب الضمان الذي كان من المفترض أن يدعم المشروع، مما أتاح للمطور حرية استخدام الأموال، وذلك حسبما ادّعى هو ومشترو منازل آخرون في خطاب مقاطعة الرهن العقاري.

ولم تستجب "إيفرغراند" و"أويوان" على الفور لطلبات الحصول على تعليق.

تجدر الإشارة إلى أنه ليس كل الناس على استعداد للاحتجاج أو الضغط على الحكومات المحلية. فليس لدى توم، الذي اشترى في عام 2021 عقاراً في مشروع "إيفرغراند" في جينغدتشن، خطط لوقف مدفوعات الرهن العقاري أو الانضمام إلى الاحتجاجات، خوفاً من أن تضرّ بتصنيفه الائتماني. وهو واثق بأن الحكومة المحلية ستضمن اكتمال المشروع.

لكنّ عديداً من المشترين، ولا سيما كبار السن، لا يملكون رفاهية الانتظار، إذ لم يستطع ليو، وهو متقاعد في جينغدتشن، التأهل للحصول على قرض مصرفي، بل استخدم مدخراته البالغة 800,000 يوان لشراء شقة ذات مصعد. وقام بزيارتين لموقع البناء ولم يجد أي مؤشر على وجود نشاط.

كما قال ليو، الذي يعيش على معاش تقاعديّ يبلغ نحو 3,500 يوان شهرياً: "أفضل ما يمكن أن نأمله هو أن تتمكّن الحكومة من إصلاح المشكلة، ولكن لنكُن صادقين، حتى هذا يبدو كأنه أمل بائس".

تصنيفات

قصص قد تهمك

مقاطعة الرهن العقاري تظهر عمق أزمة العقارات في الصين

عشرات آلاف الناس يمتنعون عن سداد أقساط القروض العقارية احتجاجاً على عدم اكتمال المشروعات

time reading iconدقائق القراءة - 20
مباني سكنية تحت الإنشاء في موقع تطوير لمجموعة إيفرغراند الصينية في بكين. - المصدر: بلومبرغ
مباني سكنية تحت الإنشاء في موقع تطوير لمجموعة إيفرغراند الصينية في بكين. - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

بدأت حركة لمقاطعة سداد أقساط الرهن العقاري كاحتجاج من مشتري شقق بأحد المشاريع السكنية في مدينة بوسط الصين بعدما فاض بهم الكيل من تأخير الإنشاءات، غير أنها امتدت لتشمل مشاريع أخرى. يمتنع حالياً عشرات آلاف الناس في جميع أنحاء البلاد عن سداد أقساط قروضهم العقارية المستحقة عن مساكن لم يكملها المطورون، بما فيهم "إيفرغراند".

تهدد المقاطعة غير المنضبطة لسداد قروض تبلغ 2 تريليون يوان (296 مليار دولار)، بتعميق الركود العقاري في الصين عبر تحويل التركيز من الشركات العقارية المحاصرة في البلاد نحو بنوكها الضخمة، فقد اعتمد المقرضون على الرهون العقارية باعتبارها المصدر الأكثر أماناً لتوليد إيرادات في ظل إعاقة إغلاقات "كوفيد" للنمو.

دفعت المقاطعة صناع السياسة للتأهب لمواجه الأزمة، فقد حضت الجهات التنظيمية المالية البنوك على زيادة الائتمانات الممنوحة لشركات العقارات لمساعدتها على إنهاء المشاريع المتوقفة. كما يدرس المسؤولون منح ملاك المساكن فترة سماح لسداد الأقساط، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. طمأنت البنوك تباعاً المستثمرين حول إمكانية ضبط المخاطر، وبأن انكشافهم على المشاريع المتأخرة ضئيل، حتى في ظل تراجع أحد مؤشرات أسهم المقرضين. كما هبطت أسهم وسندات شركات العقارات الصينية، بما فيها أسهم بعض اللاعبين الكبار الذين طالما اعتُبروا بمنأى عن مشاكل القطاع. قال تشانغ واي ليانغ، خبير التخطيط الاستراتيجي الكلي في بنك "دي بي إس": "إذا تُرك هذ التوجه ليتفاقم دونما كبح، فثمة خطر بأن يؤدي لتدهور تصنيفات ائتمان البنوك الصينية وإحباط الارتفاع الأخير في مبيعات العقارات".

سرعة مفاجئة

تفاقم الاحتجاجات من حدة الأزمة التي بدت بكين مسيطرة عليها رغم موجة التخلف عن السداد من "إيفرغراند" والمطورين الآخرين خلال الأشهر الأخيرة. كانت سوق العقارات قد بدأت تستقر، فقد قفزت المبيعات الشهر الماضي متجاوزةً ما كانت عليه في مايو. قال رئيس إحدى شركات التطوير العقاري الكبرى أن السوق بصدد النهوض عقب هبوط دام طويلاً.

في حين لم تؤثر المقاطعات إلا على جزء صغير من محافظ الرهن العقاري المجمعة للمقرضين حتى الآن، إلا أن السرعة التي ازدادت بها الاحتجاجات فاجأت كثيرين. كانت المقاطعات قد بدأت في أواخر يونيو بضجة مدوية على وسائل التواصل الاجتماعي إثر نشر وثيقة وقعها 900 مشتر في مشروع "إيفرغراند" المتوقف في جينغديشن، وهي مدينة قرب الجبل الأصفر تشتهر بإنتاج الخزف.

وجه الموقعون تحذيرات علنية إلى حكومتهم المحلية والشركة المطورة لاستئناف البناء في غضون ثلاثة أشهر، وإلا سيتوقفون عن سداد مدفوعاتهم. امتدت الحركة منذئذ إلى ما لا يقل عن 301 مشروع في قرابة 91 مدينة اعتباراً من الأحد، وفقاً لأرقام ذكرتها وثيقة التعهد الجماعي التي حملت عنوان "نحن بحاجة لمساكن".

يعد ذلك ارتفاعاً من 28 مشروعاً فقط قبل أقل من أسبوع، وفقاً لمذكرة أصدرها محللو بنك "جيفريز فاينانشيال غروب" بقيادة شوجين تشين. تقدر شركة "تشاينا ريل استيت انفورميشن" أن المشاريع المتأخرة في 24 مدينة رئيسية تغطي مساحة قدرها 24.7 مليون متر مربع (266 مليون قدم مربع)، أي ما يعادل حوالي 10% من العقارات المباعة خلال العام الماضي. برغم أن المنشور الأولي على وسائل التواصل الاجتماعي هدد بالامتناع عن سداد الأموال في غضون بضعة أشهر، إلا أن البنوك لديها تقارير بشأن مدفوعات لم تسدد بالفعل. ذكر الاقتصاديون في شركة "نومورا" برئاسة تينغ لو في مذكرة صدرت الأربعاء أن: "المخاطر كبيرة".

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

تقدم ضئيل

بات تتبع مدى انتشار الاحتجاجات صعباً بازدياد بعدما بدأت الصين في منتصف يوليو فرض رقابتها على وثائق التعهيد عبر الإنترنت، التي تحصي أعداد المشاركين في مقاطعة السداد، حيث شكلت هذه الملفات المشتركة مصدراً رئيسياً للبيانات بالنسبة للمستثمرين والباحثين العالميين على حد سواء.

اشترى غاو يانغ من شركة "سينيك هولدينغز" شقة سكنية بقيمة 900 ألف يوان في مدينة نانتشانغ المركزية في 2019. كان يانغ يسدد مدفوعات الرهن العقاري لمدة عامين، لكن وحدته لم تكتمل بعد. فقام بعشرات الرحلات مستقلاً القطار لثلاث ساعات كل مرة من منزله الحالي في هانغتشو لمناشدة الحكومة المحلية والمطورة العقارية للانتهاء من إنشاء الوحدة. يخطط يانغ للانضمام إلى حملة المقاطعة الشهر المقبل عبر الامتناع عن سداد مدفوعاته الشهرية البالغة أربعة آلاف يوان بعدما أدرك أنه لم يحرز سوى قدر ضئيل من التقدم.

يقول المصمم البالغ من العمر 32 عاماً: "يشكل القسط نصف دخلى تقريباً. هذا ضغط هائل"، مضيفاً أن راتبه انخفض بمقدار الثلث مع تباطؤ الاقتصاد. قال: "يمكنني تقليل إنفاقي طالما أن الإنشاءات قد تستأنف يوماً ما". لم ترد شركتا "سينيك" و"إيفرغراند" على طلبات التعليق على الفور.

تعكس مقاطعات سداد أقساط الرهن العقاري المخاطر الفريدة لشراء المساكن في الصين. في حين يضطر المستهلكون في عديد من البلدان لسداد دفعة مقدمة لتأمين وحدة سكنية قبل بنائها، فإنهم عموماً لا يسددون مدفوعات الرهن العقاري قبل الاستحواذ على الوحدة فعلياً. لكن في الصين، تبدأ مدفوعات القروض بهذا الإيداع الأولي ويمكن أن تستمر لسنوات عندما تتأخر المشاريع. من جهةٍ أخرى، ساعد هذا الكم الهائل من الأموال قبل البيع المطورين على تغذية طفرة الإسكان خلال العقد الماضي فسمحت لهم ببدء مشاريع جديدة قبل إكمال القديمة. كانت شركات العقارات تقترض بالأساس من مشتري المساكن أنفسهم وكانت تدين لهم بالمساكن بدل الأموال.

الحملة الحكومية

لكن الانتعاش بدأ يتلاشى في العام الماضي مع شن حملة حكومية تستهدف الشركات مفرطة الاستدانة، ما أدى لتخلف 18 شركة على الأقل عن سداد أكثر من 26 مليار دولار من السندات الدولارية خلال الأشهر الأخيرة، بما فيها "إيفرغراند" وغيرها من الشركات الكبرى مثل مثل "سوناك تشاينا" و"كايسا غروب". لذا صعّبت الضغوط النقدية على المطورين إكمال مشاريعهم برغم حثّ بكين لهم على الانتهاء من الإنشاءات باستمرار.

قال لو من "نومورا" إن المطورين الصينيين سلموا نحو 60% فقط من المساكن التي باعوها مقدماً بين 2013 و2020. تواجه "إيفرغراند" الصينية، التي شهدت احتجاجات على المشاريع المتوقفة منذ العام الماضي، معظم حملات المقاطعة، وفقاً لإحصاءات عبر الإنترنت. كما تستهدف الحملات أكثر من 10 شركات أخرى.

تمثل العقارات قرابة 78% من ثروات الأسر في الصين، أي ضعف المعدل الأميركي، حيث عادةً ما تدخر الأسر لسنوات وتقترض من الأصدقاء والعائلة لشراء منزل. فيما تكشّفت كارثة "إيفرغراند" خلال العام الماضي، قال العديد من مراقبي السوق أن العدوى المالية ستكون محدودة نظراً لأن مشتري المساكن الصينيين يسددون أقساط الرهون العقارية نقداً في كثير من الأحيان. غير أن بعضهم استغل الرهون العقارية، كما أن المقاطعة تبرز حجم المعاناة التي وقعت على كاهل الأسر الصينية.

بلغت القروض العقارية غير المسددة في الصين 38.3 تريليون يوان بنهاية 2021، وفقاً لبنك الشعب الصيني. تتوقع شركة "جي اف سيكيوريتيز" أن ما يصل إلى 2 تريليون يوان من الرهون العقارية يمكن أن تتأثر بالامتناعات الجماعية عن السداد. يشكل الرقم سالف الذكر الرصيد الإجمالي للقروض العقارية، غير أن إجمالي المبالغ التي يمكن الامتناع عن سدادها سيكون أقل.

عواقب يخشاها الساسة

تعتبر التقديرات الأخرى لتأثير مقاطعة سداد أقساط الرهون العقارية أقل خطورة. قال تشين من بنك "جيفريز فاينانشيال غروب" إنه في حال تخلف كل مشترٍ عن السداد، فإن ذلك من شأنه أن يؤدي إلى زيادة قدرها 388 مليار يوان في القروض المتعثرة. تقول البنوك إن التأثير ما يزال أقل بكثير، فيما أحصى المقرضون نحو 2.11 مليار يوان من القروض المعرضة للتأثر بالاحتجاجات، حسب إحصاء للبنوك التي كشفت عن حجم تعرضها للمخاطر.

قال تشانغ من بنك "دي بي إس" إن الاحتجاج أمر جدير بالملاحظة كون العائلات الصينية نادراً ما تتخلى عن الرهون العقارية، فضلاً عن أحقية البنوك قانوناً بأن تطالب بالسداد الكامل. قد يأمل المستهلكون مع ذلك في أن يفرض العمل الجماعي قراراً، خاصة وأن بكين تسعى للحد من الاضطرابات الاجتماعية قبل انعقاد مؤتمر الحزب الشيوعي في أكتوبر. قالت ديانا تشويليفا، كبيرة الاقتصاديين في "إينودو إيكونوميكس"، في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ": "إنه احتجاج سياسي. لن تكون أزمة مصرفية فالأمور لم تبلغ تلك النقطة. لكنها أزمة ثقة محتملة يخشاها الحزب الشيوعي الصيني بشدة".

يرى تشين أن السلطات تواجه معضلة، إذ قد يؤدي تخفيف قواعد الإقراض لصالح مشتري المساكن لتشجيع مزيد من حالات التأخر عن السداد، لكن يظل الاستقرار الاجتماعي يمثل أولوية للحكومة. قال تشانغ من "دي بي إس": "قضيتنا الأساسية هي أن تتدخل الحكومة وتحل عقدة غوردية".

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.