بحث الملياردير أبراموفيتش عن منزل في دبي يُظهر اتساع الشتات الروسي

time reading iconدقائق القراءة - 10
فلل على نخلة جميرا في دبي. الإمارات العربية المتحدة - المصدر: بلومبرغ
فلل على نخلة جميرا في دبي. الإمارات العربية المتحدة - المصدر: بلومبرغ
المصدر:

بلومبرغ

يقول سماسرة العقارات في أرقى أحياء دبي، إنَّ الاستفسارات من الروس الباحثين عن الفلل والشقق تتزايد بشكل هائل؛ ومن بينهم رومان أبراموفيتش، رجل الأعمال الذي يمتلك نادي تشيلسي لكرة القدم.

وعلى الرغم من أنَّ مكان وجود الملياردير الروسي غير معروف، إلا أنَّه كان يبحث في الأسابيع الأخيرة عن منزل في نخلة جميرا بدبي، وهي جزيرة اصطناعية على شكل نخلة تنتشر فيها المساكن الفاخرة، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.

كما أنَّ اهتمام رجل الأعمال بالإمارة هو أحدث علامة على تدفق المزيد والمزيد من الروس إلى دبي، في ظل رفض سلطات قضائية مفضلة أخرى حول العالم التعامل مع بعض المواطنين الروس، وفرضها عقوبات متزايدة عليهم.

على هذا الصعيد، يقول محامو رجال الأعمال الروس، إنَّ بعضهم يحاول نقل أصولهم إلى دولة الإمارات العربية المتحدة. وقد أشارت مواقع الطيران المتخصّصة إلى قدوم الطائرات النفاثة التابعة لأباطرة الأعمال الروس، بما في ذلك طائرة أبراموفيتش، إلى دبي، على الرغم من عدم معرفة مَن كان على متنها بالفعل. وفي حين فرضت المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات على أبراموفيتش، إلا أنَّ دولة الإمارات لم تتخذ خطوة مماثلة.

الجدير بالذكر أنَّ الإمارات اتخذت موقفاً سياسياً حذراً يهدف إلى الحفاظ على علاقاتها مع روسيا، وهو الأمر الذي فاجأ المسؤولين الغربيين؛ فقد امتنعت الدولة الخليجية عن التصويت على قرار بقيادة الولايات المتحدة في أواخر فبراير لإدانة الغزو الروسي لأوكرانيا في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، قائلة إنَّ نتيجة التصويت كانت متوقَّعة سلفاً.

وفي حين يتم الاستيلاء على اليخوت العملاقة والممتلكات والطائرات التي يُعتقد أنَّ لها صلات بالكرملين في جميع أنحاء أوروبا؛ ما تزال الرحلات الجوية المباشرة تهبط من موسكو في دبي، حيث لم تُفرض العقوبات.

اقرأ أيضاً: التجارة تغلب التوتر فيما تقود دبي إعادة الضبط في الخليج

ضمن إطار حديثه بشكل عام عن قدرة المدينة على تجاوز الاضطرابات العالمية من الحروب إلى السياسة إلى جائحة فيروس كورونا، قال شيراج شاه، مؤسس شركة الاستشارات "إنترناشونال فينسنتر أسوشيتس 1" (1 International FinCentre Associates)، الذي كان سابقاً الرئيس التنفيذي للاستراتيجية وتطوير الأعمال في المنطقة المالية الحرة في دبي: "هناك قول مأثور قديم في دبي: عندما تكون أحوال المنطقة جيدة؛ فإنَّنا نعمل بشكل جيد؛ ولكن عندما تكون هناك أزمة، فإنَّنا نعمل بشكل جيد جداً".

إلا أنَّ الغضب من تصرفات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يلفت الانتباه غير المرغوب فيه إلى سياسة الباب المفتوح التي تتبعها الإمارات.

وحتى قبل حرب أوكرانيا؛ كانت الإمارات في دائرة الضوء بشأن تدفقات الأموال الدولية. فقد وضعت هيئة الرقابة على الجرائم المالية العالمية، التي تحمل اسم "مجموعة العمل المالي" (Financial Action Task Force)، البلاد في وقت سابق من هذا الشهر على قائمتها الرمادية، مما يعني أنَّها من بين الولايات القضائية مثل بنما وجنوب السودان التي تقول "مجموعة العمل المالي"، إنَّها لا تفعل ما يكفي لمواجهة التدفقات المالية غير القانونية.

أما الآن، فقد تركت الأموال المتدفقة من موسكو بعض مسؤولي وزارة الخزانة الأمريكية قلقين من أنَّ نظام "سيبس" (CIPS) -نظام الدفع الصيني عبر الحدود باليوان الذي يُنظر إليه على أنَّه منافس محتمل لنظام رسائل معاملات "سويفت" (SWIFT) العالمي- قد يتحول إلى وسيلة رئيسية للروس لتوجيه أموالهم إلى الإمارات باستخدام اليوان الصيني الخارجي للالتفاف على العقوبات الأمريكية، بحسب ما قال أشخاص مطلعون على الأمر. ولم يستجب التنفيذيون والمتحدثون الرسميون في "سيبس" ومقره شنغهاي، ووزارة الخزانة الأمريكية لطلبات التعليق.

كما لم يستجب ممثلو حكومتي دبي والإمارات العربية المتحدة لطلبات التعليق. والجدير بالذكر أنَّ الحكومة الإماراتية قالت إنَّها أحرزت تقدّماً كبيراً في تعزيز تنظيم التدفقات المالية.

كذلك لم تنجح الجهود المتكررة للوصول إلى أبراموفيتش؛ فقد رفضت إحدى المساعدات التي عملت كحلقة وصل مع وسائل الإعلام في الماضي الرد على الأسئلة، واكتفت بالقول إنَّها ليست متحدثة باسمه، كما أنَّ مكتبه الصحفي سيكون على اتصال إذا كان لديه أي تعليق. ولم يتم الرد على المكالمات والرسائل النصية إلى رقم في لندن والذي قدّمته على أنَّه تابع لمكتبه الصحفي.

وقال متحدث باسم أبراموفيتش في بيان صدر في 28 فبراير، إنَّ الملياردير كان يحاول المساعدة في التوسط لإنهاء الحرب. فقد ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" هذا الأسبوع -نقلاً عن أشخاص مطلعين لم تكشف هوياتهم- أنَّ الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نصح الرئيس جو بايدن بتأجيل معاقبة أبراموفيتش لأنَّه قد يُثبت أنَّه وسيط مفيد في جهود التفاوض على السلام.

أين أثرياء روسيا الآن؟

كانت إحدى طائرات أبراموفيتش الخاصة في دبي في مارس، وفقاً لبيانات من "إيه دي إس-بي إكستشينج" (ADS-B Exchange)، وهو موقع لتتبع الطائرات.

يُشار إلى أنَّ دبي تعد بالفعل وجهة مفضلة للعديد من الروس، إذ تجذب عشرات الآلاف من السياح الروس شهرياً؛ كما تُباع المثلجات الروسية في مشروع التطوير العمراني الشهير "لا مير" بجانب الشاطئ في المدينة، وتتوفر الأطباق الشهية مثل الكريمة الحامضة على الطريقة الروسية والجبن القريش في بعض متاجر البقالة.

في هذا الصدد، قالت داريا نيفسكايا، الشريكة في شركة "إف تي إل أدفايزرز" (FTL Advisers) القانونية التي تتخذ من موسكو مقراً لها، والتي تقدّم خدماتها للروس الأثرياء، إنَّه حتى الروس الذين لديهم مصادر دخل شفافة، وليست لديهم صلات بسلطات الدولة؛ يخشون أن يتم جمعهم مع رجال الأعمال الخاضعين للعقوبات أو أن يتم نزع ممتلكاتهم. وقالت، إنَّ بعض الأثرياء الروس يحاولون إعادة هيكلة ملكية أصولهم "حتى لا يتعرّضوا للمطاردة العمياء".

طائرات المليارديرات الروس ويخوتهم ما زالت تجوب العالم

وقد وصلت نيفسكايا مؤخراً إلى دبي لأنَّ الشركة شهدت زيادة في الطلب من الروس لتسجيل الشركات في دولة الإمارات للاحتفاظ بأصولهم، بما في ذلك الأصول المالية، على حد قولها.

هل ساعد "كوفيد" دبي على النمو؟

منذ الغزو الأوكراني، جعل موقع دبي الجغرافي بين الشرق والغرب، وتأشيرات العمل السريعة والبنية التحتية المتطورة، المدينة جذابة ليس لرجال الأعمال الروس الأثرياء فقط؛ وإنما لأصحاب العمل العالميين البارزين أيضاً. وفي الأسابيع الأخيرة؛ نقل مصرف "غولدمان ساكس" موظفيه إلى الإمارة من موسكو رداً على الغزو، بحسب ما قال أشخاص مطلعون على الأمر. كما قال الرئيس التنفيذي لشركة "فيزا"يوم الثلاثاء، إنَّ الشركة نقلت أكثر من 100 موظف وعائلاتهم من روسيا إلى دبي.

تأتي هذه التحركات بعد أن حقق مركز الشرق الأوسط (دبي) مكاسب كبيرة، وجذب رجال أعمال ومستثمرين جدد من خلال استجابته لجائحة كوفيد. وفي الأشهر القليلة الماضية؛ كانت الإمارات العربية المتحدة من بين المراكز الثلاثة الأولى في تصنيف "بلومبرغ" لمقاومة كوفيد بفضل معدل التطعيم المرتفع، وطرق السفر المفتوحة، واحتواء تفشي الفيروس نسبياً. كما أعلنت دبي عن سلسلة من الإصلاحات خلال الجائحة لتحسين اعتمادها كمركز مالي، ومنحت آلاف التأشيرات طويلة الأجل للمديرين التنفيذيين في محاولة لربطهم بالإمارة لفترة أطول.

ساعد ذلك المنطقة المالية الحرة للإمارة (مركز دبي المالي العالمي) على جذب ما يقرب من ألف شركة جديدة مسجلة في عام 2021، وهو رقم قياسي. كما سجلت أعلى إيرادات وأرباح تشغيلية على الإطلاق.

يُشار إلى أنَّ المستثمر المخضرم في الأسواق الناشئة مارك موبيوس نقل قاعدته بشكل دائم إلى المدينة الواقعة على الخليج العربي من سنغافورة، وذلك بعد أن فرضت الدولة الآسيوية قيوداً صارمة على السفر أثناء الجائحة.

وقال موبيوس عن زيارته لمكتب شركة "فرانكلين تمبلتون" (Franklin Templeton) وعن شرائه لعقارين يُطلان على أعلى برج في العالم منذ أكثر من عقد: "لم أفكر مطلقاً في العيش هنا، فقد كان استثماراً". وأضاف من بهو مقر إقامته في دبي المطل على البحر وأكبر عجلة فيريس في العالم: "نرى الآن أنَّها أصبحت مركزاً عالمياً".

لماذا تواجه دبي التدقيق المتزايد

ما من شكٍّ في أنَّ جاذبية دبي المتزايدة للأثرياء الروس واضحة؛ فقد أفادت صحيفة "كوميرسانت" الروسية نقلاً عن مجموعة "غولدن براون" (Golden Brown Group) العقارية أنَّ الطلب على العقارات في دبي من جانب الروس ارتفع بنسبة 40% حتى الآن في مارس مقارنة بشهر فبراير.

أما المحامية نيفسكايا؛ فقالت إنَّ الطريقة الشائعة للروس للحصول على تأشيرة إقامة في الإمارة هي شراء عقارات بقيمة 5 ملايين درهم (1.5 مليون دولار)، في حين أنَّ الخيار الأرخص هو الحصول على تأشيرة إقامة عن طريق فتح شركة.

كذلك قالت بولينا كوليشوفا من شركة استشارات الإقامة والجنسية "هنلي أند بارتنرز" (Henley & Partners): "إذا تحدّثنا بالأرقام المطلقة عن الإقامة في دولة الإمارات؛ فقد زاد الطلب بنسبة 100%" من الروس.

فضلاً عن ذلك، قال أشخاص مطلعون على الأمر، إنَّ التدفق الروسي سيعزز ثقل دبي، لكنَّه أيضاً قد يُعقّد العلاقات مع الحلفاء القدامى مثل الولايات المتحدة. فقد أرسلت وزارة الخزانة الأمريكية وفدين كبيرين إلى دولة الإمارات في أواخر العام الماضي لتوجيه تحذير للبلاد، قائلة إنَّها تُضعف برامج العقوبات العالمية لواشنطن.

في الوقت نفسه، تجذب الوجهات الأخرى أيضاً المواطنين الروس. ففي إسرائيل؛ قال سماسرة العقارات ومحامو الهجرة، إنَّهم يتلقون استفسارات من آلاف الروس الذين لديهم أصول يهودية.

في غضون ذلك، يُنظر إلى المركز المالي لدولة قطر المجاورة على أنَّه وجهة بديلة للشركات الروسية غير الخاضعة للعقوبات لفتح مكاتب للممثلين، وتحويل الأموال من الخارج، وفقاً لما ذكره شخص مطلع على الأمر. وقال المصدر، إنَّ المنطقة الحرة في قطر تلقت العديد من الطلبات من أصحاب الأعمال الروس في الأسابيع القليلة الماضية. لم يرد ممثل عن المركز المالي على طلب للتعليق.

لكن في الوقت الحالي، يدعم تدفق اللاجئين الروس الازدهار الراقي الموجود في دبي؛ إذ تُردد ردهات الفنادق صدى أصوات روسية، كما يعكف تاجر سيارات –طلب عدم الكشف عن هويته وهو يناقش الأمر– على توظيف المزيد من المتحدثين بالروسية بعد الزيادة الكبيرة في الطلب على السيارات الفاخرة من مهاجري موسكو.

تصنيفات

قصص قد تهمك

نفاد الملاذات يعرّض ثروات المليارديرات الروس للخطر

time reading iconدقائق القراءة - 9
أشخاص يقفون أمام العلم الوطني لجمهورية قبرص - AFP
أشخاص يقفون أمام العلم الوطني لجمهورية قبرص - AFP
المصدر:

بلومبرغ

إذا ألقينا نظرة خاطفة على خريطة العالم، سنجد أن قبرص بالكاد تشكل نقطة صغيرة مقارنة بالامتداد الروسي الشاسع عبر الخريطة، حيث تبلغ مساحة الجزيرة المتوسطية 0.05% فقط من حجم الدولة الأكبر في العالم، غير أنها تشكل أهمية بالغة بالـنسبة لـ0.05% من المواطنين الروس-وهم قوام النخبة في السلطة والمليارديرات. لسنوات عديدة، احتضنت قبرص نصيباً كبيراً من ثروات هؤلاء، وفي بعض الأحيان كان ما يحتفظون به في وطنهم لا يشكّل شيئاً بالمقارنة مع ثرواتهم المودعة في الجزيرة. أو على الأقل، هكذا كان الحال قبل عسكرة القوات الروسية على حدود أوكرانيا.

في الأسابيع الأخيرة، وتم نقل بعض أكبر الأصول المملوكة لأثرى أثرياء الروس من قبرص، تحت ضغط من الجهات التنظيمية التابعة للاتحاد الأوروبي التي فرضت عليهم عقوبات من جهة، ومطالب الرئيس فلاديمير بوتين بإعادة ثرواتهم إلى الوطن من جهة أخرى.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

قبل أسبوعين من فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات عليه، نقل الملياردير الروسي فيكتور راشنيكوف حصة بقيمة 4 مليارات دولار في واحدة من أكبر شركات صناعة الصلب في روسيا من شركة وهمية في قبرص إلى بلاده خلال الشهر الماضي.

كما اتخذ قطب الصلب، أليكسي مورداشوف، خطوة مماثلة في 28 فبراير، في نفس اليوم الذي شهد فرض العقوبات عليه من قبل الاتحاد الأوروبي. غيّر مورداشوف الترتيبات الخاصة بنقل جزء من حصة بقيمة 1.5 مليار دولار في شركة " توي إية جي" (TUI AG) الألمانية للرحلات السياحية من شركة قبرصية إلى أخرى في جزر فيرجن البريطانية.

حتى قبل الحرب، كان فلاديمير بوتانين- أغنى شخص في روسيا بثروة تصل إلى 24.7 مليار دولار- ينقل أصوله من قبرص، فقد غادرت شركته القابضة الجزيرة أواخر العام الماضي لصالح منطقة اقتصادية خاصة في فلاديفوستوك، والتي كان بوتين قد أنشأها لتشجيع الأثرياء على إعادة أموالهم إلى الوطن. يذكر أن بوتانين لم تُفرض عليه أية عقوبات.

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

وفي حين أصبحت روسيا منبوذة بصورة متزايدة داخل النظام المالي العالمي، انحسرت خيارات المليارديرات -الذين سعوا حثيثاً إلى حماية ثرواتهم في الخارج- بشأن أماكن الاحتفاظ بأموالهم بشكل مفاجئ. تُعدّ إعادة الأصول إلى بلد يتجه صوب الانهيار الاقتصادي، ووضعها في متناول الرئيس بوتين بمثابة اقتراح مخيف. لكن إبقاءها في الولايات المتحدة، أو المملكة المتحدة، أو في الولايات القضائية التابعة للاتحاد الأوروبي، مثل قبرص أو منطقة البحر الكاريبي، يُعدّ أمراً مخيفاً كذلك، حيث تواجه الأصول الروسية مخاطر التجميد أو الحصار أو ربما المصادرة.

اقرأ أيضاً: أثرى أثرياء روسيا يحصون خسائر بلغت 83 مليار دولار

في هذا الشأن قال رونين بالان الأستاذ والخبير في الملاذات الضريبية في جامعة "سيتي" بلندن، إن أفضل رهان للأثرياء الروس يتمثل في اختيار مكان محايد نسبياً. وبالفعل عزّزت الحرب في أوكرانيا حجم الأموال الروسية المتدفقة إلى دبي، والتي حثت حكومتها على إيجاد حل "سلمي" للصراع بين الجارتين. أيضاً، تشكل هونغ كونغ ملاذاً محتملاً آخر، على الرغم من أن التأثير الممتد للرئيس شي جين بينغ في الصين يمثل تهديداً محتملاً للهدف الأساسي وراء نقل الروس أموالهم إلى الخارج. كما تشمل المواقع المحايدة الأخرى موريشيوس وجزر المالديف.

وبحسب بالان يكمن "السبب الرئيسي وراء قيام الأثرياء في روسيا بسحب الأموال هو حماية أصولهم. الأمر لا يتعلق بالتهرب الضريبي كما نعتقد في الغرب".

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

يُصنّف حوالي 20 روسياً من بين أغنى 500 شخص في العالم، حيث تبلغ قيمة ثرواتهم مجتمعةً 261 مليار دولار، وقد استغل أكثر من نصفهم الشركات القابضة القبرصية للاحتفاظ بأصولهم الرئيسية، وفقاً لتقارير تنظيمية.

لعقود، ربطت روسيا نفسها بثقافة الجزيرة واقتصادها منذ دعمها للأغلبية القبرصية اليونانية في البلاد أثناء انقسامها. وازدهرت الجزيرة المتوسطية كملاذ بفضل عوامل اقتصادية وسياسية من بينها الضرائب المنخفضة، وعضوية الاتحاد الأوروبي، والنظام القانوني القائم على القانون العام الإنجليزي.

من جهةٍ أخرى، يتمتع عدد قليل من المليارديرات بحيازات في جزر فيرجن البريطانية، أو في مكان آخر في منطقة البحر الكاريبي، والتي تشتهر بالسرية الصارمة.

يستغل ما لا يقل عن ثلاثة مليارديرات آخرين شركات أخرى في أوروبا، إذ يستخدم ميخائيل فريدمان وبيتر أفين وجيرمان خان-الذين يخضعون جميعاً لعقوبات مفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة- شركات لوكسمبورغ للسيطرة على مجموعة "ليتر ون" (LetterOne) للاستثمار، والتي تمتد حيازاتها عبر قطاعات الطاقة وتجارة التجزئة والاتصالات.

في الشهر الماضي، تولى رومان أبراموفيتش زمام السيطرة على حصته البالغة 445 مليون دولار في شركة "إيفراز" (Evraz) لصناعة الصلب، ومقرها في لندن، ونقل أسهم شركة قابضة في جزر فيرجن البريطانية إلى حيازته بشكل مباشر، لكن المملكة المتحدة فرضت عقوبات على أبراموفيتش في 10 مارس.

المملكة المتحدة تجمد أصول أبراموفيتش.. وتضع مستقبل "تشيلسي" على المحك

للحرب ميادين أخرى.. كيف حوّل الغرب الفن والرياضة سلاحاً ضد روسيا؟

قد تواجه تلك الخطوات من قبل الأثرياء الروس بعض التحديات مع تصاعد وتيرة العقوبات، حيث قالت السلطات الألمانية، يوم الجمعة، إنها منعت موردشوف من نقل بعض أصوله إلى جزر فيرجن البريطانية أثناء التحقيق في الصفقة. من جانبه، وصف مورداشوف حرب أوكرانيا بأنها "مأساة"، وقال، إنه لا يفهم سبب خضوعه للعقوبات.

رفض المتحدثون باسم موردشوف وأبراموفيتش التعليق على الأمر، كما لم يرد ممثل عن راشنيكوف على طلبات التعليق. ففي الوقت الذي نقل فيه حصته في "ماغنيتوغورسك أيرون أآد ستيل وركس" (Magnitogorsk Iron & Steel Works)، قالت الشركة، إن قبرص أصبحت "أقل جاذبية" للاستثمارات الروسية، وأن راشنيكوف يريد الاستفادة من المزايا القانونية والتنظيمية في وطنه.

أضافت الشركة في بيان أصدرته يوم 18 مارس، أن العقوبات المفروضة على راشنيكوف "غير عادلة ولا تستند إلى أي أساس".

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ

بالتأكيد، تدعم العقوبات مطالبة بوتين للأثرياء بإعادة ثرواتهم المترامية إلى الوطن بطريقة ما. يعود إنذار الرئيس الروسي الأخير إلى غزو القرم في عام 2014، عندما ساعدت جولة أولية من العقوبات على الأثرياء الروس المتنفّذين والمليارديرات في دفع تشريعات القوانين المتعلقة بما يسمى بمكافحة نقل رأس المال أو المصالح التجارية إلى حسابات خارجية في البلدان الأجنبية المعروفة بأنها ملاذات ضريبية.

وفي هذا الإطار، استخدم غينادي تيموشينكو، الذي عاقبته الولايات المتحدة في عام 2014 على خلفية ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، شركة من لوكسمبورغ لضمان مصالحه في شركة "نوفاتك" (Novatek) الروسية المنتجة للغاز قبل أكثر من عقد، غير أن منتجة الغاز الروسية وضعت قيد التصفية في عام 2017- قبل فترة وجيزة من فرض الولايات المتحدة عقوبات على المليارديرات الروس الآخرين، بمن فيهم أوليغ ديريباسكا- والآن، يدير تيمشينكو ثروته إلى حد كبير من خلال الشركات الروسية، وفقاً لملفات الإيداعات. لكن المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي فرضا عقوبات على الملياردير الروسي في الشهر الماضي.

قالت بايفي كارهونين، الأستاذ في جامعة "آلتو" في مدينة إسبو، فنلندا، والتي تدرس استخدام روسيا للكيانات الخارجية، إنه حتى مع نضوب خيارات إخفاء الأموال، فإن المبلغ الذي يوجهه الروس إلى المراكز الخارجية إجمالاً يمكن أن يرتفع بشكل كبير؛ فاقتصاد البلاد ليس في حالة سقوط حر فحسب، بل إن الاستثمار في شركة خارجية يمكّن المستثمر من تنظيف آثاره الروسية بشكل فعال. أضافت: "إذا تمكنوا من إخفاء أصلهم الروسي بطريقة ما، فيمكنهم الاستثمار في شركات أخرى".

أما بالان من جامعة "سيتي"، فقال، إن الدول التي انضوت تحت لواء الاتحاد السوفييتي سابقاً في آسيا الوسطى، مثل كازاخستان-وإن لم تكن ملاذات خارجية بشكل رسمي- إلا أنها يمكن أن تصبح قنوات غير رسمية لتمرير الأموال التي تغادر روسيا. لقد سارع الروس من الطبقة الوسطى، بالفعل، إلى فتح حسابات مصرفية في البنوك الصربية بغية الحفاظ على قدرتهم على نقل أموالهم إلى الخارج.

أيضاً، قد تنتهي الأموال الروسية بالوصول إلى أمريكا. وتعتقد لاكشمي كومار، مديرة السياسات في مؤسسة "النزاهة المالية العالمية" غير الربحية، أن هياكل الشركات القابضة يمكن أن تحجب هوية أو جنسية المستفيد، وأنها تسمح للمالكين بتجنب القواعد المتعلقة بالعقوبات على الملاك المستفيدين كذلك. وتقول كومار ،إن الحد الأدنى من متطلبات الإفصاح حول ملكية الشركات الخاصة والممتلكات في الولايات المتحدة، على سبيل المثال، يزيد من احتمالية تمكّن الأموال الملوثة من "إعادة تسويق نفسها تحت أسماء جديدة، بشكل أساسي، واستغلال الثغرات".

وتلفت كومار إلى أنه لكي تنفذ الولايات المتحدة والدول الأخرى العقوبات بشكل فعّال، فلا يمكنها أن تصبح "عن غير قصد ملاذاً آمناً".

تصنيفات

قصص قد تهمك

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.