
بلومبرغ
سيطرت موجة جديدة من عدم الاستقرار على مؤشرات سوق الأسهم الأميركية، حيث طغت حالة عدم اليقين بشأن الآثار المحتملة للحروب التجارية، على أحدث بيانات الإسكان والوظائف التي تُظهر أن أكبر اقتصاد في العالم لا يزال صامداً.
بعد أكبر ارتفاع لمؤشر "إس آند بي 500" في يوم اجتماع الاحتياطي الفيدرالي منذ يوليو، انخفض مؤشر الأسهم الأميركية القياسي مجدداً.
لا تقتصر التحديات على هشاشة المعنويات في السوق بعد أسبوع واحد فقط من انزلاق المؤشر إلى تصحيح، بل تتجه السوق نحو اختبار كبير يوم الجمعة، عندما تنتهي عقود خيارات تُقدر قيمتها بنحو 4.5 تريليون دولار أميركي، في حدث ربع سنوي يُنذر بالسوء يُعرف باسم "السحر الثلاثي" والذي غالباً ما يُثير التقلبات.
"بينما يبدو أن قاع التصحيح الأخير قد تحقق، فمن المحتمل أننا لم نشهد نهاية التقلبات بعد" وفق ما قاله دانيال سكيلي، رئيس فريق أبحاث واستراتيجيات الأسواق في إدارة الثروات لدى "مورغان ستانلي". وأضاف: "لم تختفِ حالة عدم اليقين الناتجة عن السياسات التجارية، ولا تزال السوق حساسة لتحولات المشاعر".
تأثير السياسة النقدية والتجارية على الأسواق
بعد إبقاء أسعار الفائدة من دون تغيير هذا الأسبوع، قلل رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول من المخاوف المتزايدة بشأن النمو، والتأثيرات التي قد تنتج عن حرب تجارية. وعد الرئيس دونالد ترمب بفرض تعريفات "متبادلة" على بعض الدول، رغم أن إدارته لم تحدد أيها أو النسبة التي سيتم فرضها.
"سنشهد صعوداً وهبوطاً مع استمرار حالة عدم اليقين في السياسات"، وفق مايكل روزين، كبير مسؤولي الاستثمار في "أنجلز إنفستمنتس" في مقابلة مع "بلومبرغ" في نيويورك. وأضاف: "سيظل شعور المستثمرين متقلباً للغاية، وسيعكس السوق ذلك".
تراجع مؤشر "إس آند بي 500" بنسبة 0.2%، كما انخفض مؤشر "ناسداك 100" بنسبة 0.4%، بينما شهد مؤشر "داو جونز" الصناعي تذبذباً.
قادت شركة "أبل" الخسائر في قطاع التكنولوجيا الكبرى، في حين سجلت "إنفيديا" مكاسب. وارتفع مؤشر شركات بناء المنازل، بعد بيانات مفاجئة وقوية عن مبيعات المنازل القائمة.
تراجع عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات بمقدار نقطة أساس واحدة ليصل إلى 4.23%. وارتفع الدولار بنسبة 0.3%، فيما احتفظ الجنيه الإسترليني بخسائره بعدما صوت بنك إنجلترا على الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، وسط خلفية اقتصادية عالمية مضطربة. وتقلب سعر النحاس بالقرب من 10,000 دولار للطن.
إعادة صياغة رسائل التعريفات الجمركية
قال جيمي كوكس من مجموعة "هاريس فاينانشال" إنه "مع قليل من الحظ، ستعيد الإدارة صياغة رسائلها بشأن التعريفات الجمركية، مما سيساعد في إزالة حالة عدم اليقين التي تعصف بالأسواق حالياً".
أما في "بيسبوك إنفستمنت غروب"، فيرى الاستراتيجيون أن مؤشر "إس آند بي 500" يسعى لإيجاد نوع من الاستقرار، بعد موجة هبوط حادة.
"الاستقرار لا يعني انعكاساً فورياً وتداولاً في اتجاه صاعد مستقيم"، حسبما أضافوا، بل "يتطلب الأمر فترة من التقلبات بين الصعود والهبوط، قبل أن تتمكن السوق من جمع الزخم الكافي لبدء موجة ارتفاع".
ارتفاع التشاؤم بين المستثمرين
كما سلطت "بيسبوك" الضوء على الاستطلاع الأسبوعي الذي أجرته الجمعية الأميركية للمستثمرين الأفراد، والذي أظهر أن المشاعر التشاؤمية بلغت 58.1%، مما يمثل الأسبوع الرابع على التوالي الذي تتجاوز فيه هذه القراءة 55%، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ الاستطلاع، وفقاً للاستراتيجيين.
من جهته، اعتبر كلارك بيلين من "بيلوثير ويلث" أن "الأسهم شهدت تعافياً محترماً منذ أدنى مستويات منتصف مارس، وبينما لا يزال من غير الواضح ما إذا كان القاع قد تحقق بالفعل، فإن تحركات السوق خلال الشهر الماضي تتماشى تماماً مع التصحيح، وليس مع سوق هابطة". وأضاف: "نواصل الاستثمار، ونستغل التراجع في التقييمات عبر القطاعات لصالحنا".
أما بالنسبة إلى سوليتا مارسيللي من "يو بي إس غلوبال ويلث مانجمنت"، فإن الأولوية الاستراتيجية يجب أن تكون لتحسين حيازات النقد والسعي للحصول على دخل مستدام. وأشارت إلى أن العوائد التراكمية للأسهم الأميركية كانت أعلى بأكثر من 200 ضعف مقارنة بالنقد منذ عام 1945، مما يؤكد أن الأداء الضعيف طويل الأجل للنقد، هو ظاهرة هيكلية.
أوصت مارسيللي "بمواصلة الاستثمار في الأسهم مع التحوطات، ونعتقد أن الدخل الثابت عالي الجودة يجب أن يظل جزءاً أساسياً من محفظة استثمارية مرنة"، مضيفة: "يمكن للمستثمرين أيضاً النظر في استراتيجيات الدخل الثابت المتنوعة، والقروض المضمونة، والائتمان الخاص، واستراتيجيات دخل الأسهم، لبناء محفظة استثمارية متنوعة ومستدامة".